شاشة الناقد: وراء الجبال **

مشهد من فيلم «وراء الجبال» (نوماديس إيميجيز)
مشهد من فيلم «وراء الجبال» (نوماديس إيميجيز)
TT

شاشة الناقد: وراء الجبال **

مشهد من فيلم «وراء الجبال» (نوماديس إيميجيز)
مشهد من فيلم «وراء الجبال» (نوماديس إيميجيز)

شاشة الناقد

وراء الجبال **

إخراج: ‪محمد بن عطية‬ | دراما | تونس | 2023

«الإنسان الأول» يقول الرجل الطائر لعائلة من المستمعين كان يمشي محدودب الظهر وعلى أطرافه الأربعة، ومن ثم استقام أحدهم وتبعه الآخرون. «كل منا يستطيع الطيران».

ليس هذا صحيحاً ولا هو ثابت علمياً، لكن المشكلة في هذا القول، إن رفيق (ماجد مستورة) لا يجيد الطيران. هو، في أفضل الحالات مثل صقر صغير أراد تقليد والده قبل أن يعرف الطيران فسقط أرضاً في كل محاولة.

في «وراء الجبال» تتمثّل هذه الحالة في رجل نراه يقفز من على مرتفعات (أدوار عليا، جبال) ويحلّق لفترة، لكنه حين يريد أن يعود إلى الأرض لا يملك الطريقة التي تعفيه من الاصطدام بها. يفقد الوعي (ماذا عن فقدانه العظام؟)، وفي ذلك يثبت من حيث لا يدري عدم صحة كلامه. على ذلك، بنى المخرج محمد بن عطيّة مضمون فيلمه كله على حكاية هذا الرجل الطائر وكان يستطيع، بتغيير طفيف، أن يترك وقعاً أفضل لو أن بطله كان يعرف كيف يعود إلى الأرض سالماً.

في فصول الفيلم، ينطلق ماجد وابنه وراعي غنم ما زال مدهوشاً من قدرة الأول على الطيران هرباً من حاجز أمني على طريق ريفية. ليس واضحاً تماماً سبب هروبه، ولكن نستطيع تجاوز هذا المنعطف لأنه ضروري في سياق اقتحام ماجد وصاحبيه منزل رجل وزوجته وولديهما، النائي في منطقة جبلية بعيدة. الوقت ليل، والعائلة التي تسكن البيت تمر بلحظات خوف وتوتر عندما تصبح رهينة الغزاة ثم تمسك بالموقف عندما يأوي ماجد وصحبه إلى النوم. في مطلع اليوم التالي، يطلب ماجد من العائلة إطلاق سراحه فهو لم يتعرّض لأحد بالأذى. تفعل الزوجة ذلك ويتابع طيرانه في السماء. حينها تصدّق ما ادعاه من قدرة على التحليق.

كان يمكن للفيلم أن يحلّق معه لكن الكتابة، وليس التنفيذ الفعلي، موّه تلك الإمكانية. وفّر الحبكة (بعد بداية مضطربة) ولم يوفّر الغطاء لجعل هذا المضمون مهمّاً. إذا كان القصد هو الترميز لشيء، فإن هذا الترميز يبقى غامضاً. إذا كان القصد مجرد سرد حكاية فانتازية، فإن اعتماد وتيرة تشويقية تقع في إطار اقتحام منزل وأخذ أفراده رهينة، لا يعمل جيداً مع الآخر. ليس من شروط الفانتازيا أن تكون قابلة للتصديق (لذلك هي فانتازيا)، لكن من شروطها أن تعني أكثر مما تعرض.

هذا ما لم يقدم عليه محمد بن عطية، الذي أصاب الهدف على نحو أفضل حين حقق قبل أربع سنوات فيلماً بعنوان «ولدي»، عن الرجل الذي يلحق بابنه إلى الحدود التركية - السورية لاستعادته من المتطرفين ويفشل.

يُسجَّل للمخرج رغبته في تحقيق موضوع مختلف، وفي إدارة الأحداث داخل البيت على نحو جيد كوتيرة وإيقاع، مولّداً قدراً من التشويق، لكن الفيلم بكامله كان بحاجة إلى دفع إضافي وقدرة ماديّة تجعل مشاهد الطيران احتفالية.

عروض مهرجان فينيسيا

BREAKING NEWS : OFF***

Outlaw Johnny Black

إخراج: ‪مايكل جاي وايت‬ | وسترن | الولايات المتحدة | 2023

بعد أقل من ربع ساعة من بداية هذا الفيلم، يقول جوني لعنصري أبيض كان يضرب «هندياً» مسكيناً: «سأرفع قدمي هذه وأضرب بها وجهك»، وأشار إلى منتصف جبهة ذلك الرجل وهو يفي بوعده. المشهد مأخوذ من فيلم «بيلي جاك» لتي سي فرانك (1971) بتفاصيله، بما في ذلك إشارة اليد لموقع الضربة المقبلة ثم ضربة القدم في الموقع نفسه.

«الخارج عن القانون جوني بلاك» (جايغانتك ستديوز)

هذا ليس الاستيحاء الوحيد من أفلام الغرب. «الخارج عن القانون جوني بلاك» يحمل عنوانه شبيهاً بفيلم كلينت إيستوود «الخارج عن القانون جوزي وَلز (1976) والمعالجة التي تجمع بين الكوميديا والأكشن مستوحاة من أفلام الوسترن سباغيتي» في الستينات. والحكاية كلها (رجل أسود يجابه كل من هو أبيض في بلدة تقع في الغرب الأميركي) تحمل في طيّاتها كل كليشيه كان من الممكن التذكير به خلال كتابة السيناريو. هناك بيض عنصريون، بطل أسود لا يمكن قهره. نساء جميلات وراغبات، هنود حمر يرقصون على إيقاع طبولهم ويهاجمون البيض. أحدهم يطلق سهماً صوب بطل الفيلم المتنكر في زي راهب، لكن الكتاب المقدّس الذي وضعه جوني بلاك في جيب صدره الداخلي يحميه.

هو فيلم سخيف يركض وراء الفكاهة وبعض الغرابة، لكنه بلا بطانة تماثل أياً من النماذج المذكورة أعلاه. لا يحتّم على المرء مشاهدته لكن إذا ما اختار المُشاهد هذا الفعل فمن المتحمل أن يضحك معه وينساه فيما بعد.

عروض في صالات السينما.

The Movie Teller***

إخراج: ‪لون شرفِغ‬ | دراما عائلية | تشيلي/ إسبانيا | 2023

بعد سلسلة من الأفلام التي تناولت علاقة مخرجيها بالسينما أو دارت حول السينما في حياة أبطال الفيلم، يأتي «قاصّة الفيلم» كإضافة لما سبق.

كنا شاهدنا في هذا الاتجاه أربعة أفلام في العام الماضي تدور حول هذه العلاقة هي «زمن القيامة» (Armageddon Time) لجيمس غراي، و«ذا فابلمانز» لستيفن سبيلبرغ، وفيلم كنيث براناه «بلفاست»، وفيلم سام مندز «إمبراطورية الضوء»، ومن ثَمّ فيلم داميَن شازيل «بابل». كلٌ غنّى على ليلاه حول رؤيته أو علاقته بالسينما في نوع من التحيات المرحّب بها في هذا المجال.

«قاصّة الفيلم» (سيلنيوم فيلمز)

الآن يأتي دور المخرجة الدنماركية لون شرفِغ، التي تسلمت مهمّة كان عاينها المخرج البرازيلي وولتر سايِلس ثم ولّى عنها. تسلمت الإسبانية إيزابل كواشت المشروع لحين، ثم مضت عنه. كل من المخرجين السابقين مذكور في بطاقة الفيلم وعند شريط النهاية، مما يعني أنهما شاركا في كتابة السيناريو، لكن أي نسخة لا أحد يعرف. ما يهم هنا أن معالجة شرفِغ لهذا الموضوع جديدة في نواحٍ عدّة. مثلاً العلاقة المرسومة بين الإنسان والشاشة تتولاها فتاة صغيرة تستطيع أن تحفظ تفاصيل كل فيلم تراه. وهذه الفتاة تنتمي إلى عائلة من الشغوفين بحضور الأفلام، تجمع أفرادها وتؤم صالة السينما كل يوم أحد لترى فيلم الأسبوع. وهذه العائلة بدورها تعيش في قرية تكمن في ركن قصي وبعيد عن جمهورية تشيلي اسمها أتاكاما: 1600 كيلومتر من الصحراء الجافة. سبب وجود القرية هناك يتعلّق بوجود منجم للفوسفات، وسبب وجود الصالة مرتبط بالقرية في أحداث تقع في الستينات التي كانت تشهد تقلّبات سياسية في الصراع على البلاد بين اليسار واليمين.

لا يتحدّث الفيلم كثيراً في السياسة، لكنه يستخدم دلالاتها عبر ترحيب أهل القرية بانتخاب سلفادور أليندي رئيساً، على أمل تعزيز مصالح الطبقة العاملة. عمال المنجم يعانون من شغف المكان وقسوته، لكن النساء لديهن فرصة حضور أفلام مثل «مظلات شربورغ»، و«الرجل الذي قتل ليبرتي فالانس» وسواهما. عندما يُصاب رب الأسرة في حادثة خلال عمله بالمنجم تشحّ الإمكانات المادية وتفرض انتخاب ابنة واحدة كل أسبوع لدخول الصالة بمفردها ومشاهدة الفيلم الوحيد المعروض. هنّ أربعة بنات، مما يعني أنّ بطلة الفيلم ستشاهد فيلماً واحداً في الشهر (إلا في بعض الاستثناءات) تعود به إلى شقيقاتها وتقص الحكاية. وهي الأكثر دقة وتركيزاً.

هذه الذكريات تواجهها مشاكل الكبار. الزوج المصاب، والزوجة التي لم تعد تتحمّل المكان وقسوته فتتركه وتغادر.

«قاصّة الفيلم» فيه بذور من فيلم جيسيبي تورناتوري الشهير «سينما باراديزو»، لكن هذه البذور لا تنبت عملاً مستوحى من ذاك أو شبيهاً به إلا من حيث أن البطولة هي لصبي (في الفيلم الإيطالي) وفتاة (في هذا الفيلم) في عمرين متقاربين.

في مجمله يتمتع «قاصّة الفيلم» بميزة تناوله وضعاً اجتماعياً معقّداً بسهولة سردية عامّة. إذ تغادر الأم تلك البقعة (وهي التي كانت تحلم أساساً بحياة أفضل وأن تصبح ممثلة)، تبقى ابنتها مع شقيقاتها على أمل أن تمنحها الأفلام التي تراها كل ما تحتاجه من حب للحياة رغم صعوبتها. لا يقرر الفيلم عنها، لكنه ينتهي بتوجيه تحية ضمنية كبيرة لها.

عروض مهرجان تورنتو.

ضعيف* | وسط**| جيد ***| ممتاز**** | تحفة*****


مقالات ذات صلة

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

يوميات الشرق فيصل الأحمري يرى أن التمثيل في السينما أكثر صعوبة من المنصات (الشرق الأوسط)

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

أكد الممثل السعودي فيصل الأحمري أنه لا يضع لنفسه قيوداً في الأدوار التي يسعى لتقديمها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وإجراء حواراتٍ مُلهمة تتناول حاضر ومستقبل صناعة السينما العربية والأفريقية والآسيوية والعالمية (واس)

«البحر الأحمر السينمائي» يربط 142 عارضاً بصناع الأفلام حول العالم

يربط مهرجان البحر الأحمر 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة.

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

عد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك.

محمد رُضا (نيويورك)
يوميات الشرق من كواليس فيلم «المستريحة» (إنستغرام ليلى علوي)

أفلام مصرية جديدة تراهن على موسم «رأس السنة»

تُراهن أفلام مصرية جديدة على موسم «رأس السنة»، من خلال بدء طرحها في دور العرض قبيل نهاية العام الحالي (2024)، وأبرزها «الهنا اللي أنا فيه»، و«الحريفة 2».

داليا ماهر (القاهرة)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
TT

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

بعد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك. «لا يهم»، تقول: «على الأفلام التي تعني لنا شيئاً أن تشقّ طريقاً للعروض ولو على مدى سنة أو أكثر».

فيلمها الأخير «حدود خضراء» نال 24 جائزة صغيرة وكبيرة واجتاز حدود نحو 30 دولة حول العالم. ترك تأثيراً قوياً منذ افتتاحه في المهرجان الإيطالي، حيث نال جائزةَ لجنة التحكيم الخاصة وفوقها 8 جوائز فرعية.

مردّ ذلك التأثير يعود إلى أن الفيلم (بالأبيض والأسود) تحدّث عن مهاجرين سوريين (ومهاجرة من أفغانستان) علِقوا على الحدود بين بروسيا وبولندا، وكلّ حرس حدود كان يسلبهم شيئاً ومن ثمّ يعيدهم إلى حيث أتوا. الحالة لفتت نظر جمعية بولندية أرادت مساعدة هؤلاء الذين تناقص عددهم بعدما اختفى بعضهم وسُجن آخرون. الدراما كما قدّمتها هولاند (75 سنة حالياً) نابعة من مواقف ونماذج حقيقية وأحداثٍ وقعت عالجتها المخرجة بأسلوب تقريري غير محايد.

نقطة حياة: «حدود خضراء» (مترو فيلمز)

لحظات إنسانية

> حال مشاهدتي لفيلم «حدود خضراء» في «مهرجان ڤينيسيا» خطر لي أنه يلتقي مع أفلام سابقة لكِ تناولت قضايا مهمّة وحادّة مثل «يوروبا، يوروبا» و«الحديقة السّرية» و«أثر» (Spoor) الذي عُرض في «برلين». كيف تُصنّفين أفلامك؟ وكيف تختارين قضاياها؟

- أفلامي السابقة تنوّعت كثيراً في موضوعاتها باستثناء أنني قصدت دوماً تناول ما اعتقدت أنه أجدى للمعالجة. والأفلام التي ذكرتها هي بالنسبة لي من بين أهم ما أخرجته. اخترتها لجانبها الإنساني أو، أُصحّح، لقضاياها الإنسانية. اخترتها لأن الأحداث وقعت في لحظات تاريخية ليست فقط مهمّة، بل هي لحظاتٌ بدت فيها الإنسانية بمنحدرٍ. هناك كثيرٌ ممّا يحدث في هذا العالم، وما حدث سابقاً يشكّل صدمة لي ولملايين الناس والفيلم هو صلتي مع هذه الأحداث. رأيي فيها.

«حدود خضراء» الفرار صوب المجهول (مترو فيلمز)

> «حدودٌ خضراء» هو واحد من أفلام أوروبية تناولت موضوع المهاجرين، لكن القليل منها انتقد السّلطات على النحو الذي ورد في فيلمك.

- أنا لست في وارد تجميل الأحداث. ولا أريد الكذب على المشاهد وأقول له إن ما تعرّض له مهاجرون مساكين على الحدود التي لجأوا إليها بحثاً عن الأمان غير صحيح، أو أنه حدث في شكل محصور. ومهنتي هذه استخدمها لقول الحقيقة، ولأفيد المشاهد بما أصوّره ولا يمكنني الكذّب عليه أو خداعه. ما شاهدته أنتَ على الشّاشة حصل وربما لا يزال يحصل في دول أوروبية أخرى.

نحو المجهول

> كيف كان رد فعل الجمهور البولندي حيال فيلمك؟

- إنها تجربة مهمّة جداً بالنسبة لي. سابقاً كان هناك حذرٌ من قبول ما أقدّمه لهم من حكايات. كثيرون قالوا إن هذا لا يمكن أن يحدث. نحن في أوروبا والعالم تغيّر عمّا كان عليه. والآن، مع هذا الفيلم، وجدتُ أن غالبية النّقاد وقراء «السوشيال ميديا» يوافقون على أن هذا يحدث. هناك من يأسف وهناك من يستنكر.

> نقدُك لحرس الحدود البولندي والبروسي في هذا الفيلم يؤكّد أن المعاملة العنصرية لا تزال حاضرة وربما نشطة. اليمين في أوروبا يجد أن طرد اللاجئين الشرعيين أو غير الشرعيين بات أولوية. صحيح؟

- نعم صحيح، لكن الاكتفاء بالقول إنه موقف عنصريّ ليس دقيقاً. نعم العنصرية موجودة ولطالما كانت، وعانت منها شعوب كثيرة في كل مكان، ولكن العنصرية هنا هي نتاج رفض بعضهم لقاء غريبٍ على أرض واحدة، هذا رفض للإنسانية التي تجمعنا. للأسف معظمنا لا يستطيع أن يمدّ يده إلى الآخر في معاملة متساوية. الحروب تقع وتزيد من انفصال البشر عن بعضهم بعضاً. ثم لديك هذا العالم الذي يسير بخطوات سريعة نحو المجهول في كل مجالاته.

> هل تقصدين بذلك التقدم العلمي؟

- بالتأكيد، لكني لست واثقة من أنه تقدّمَ حقاً. الذكاء الاصطناعي؟ هذا وحده قد يذهب بما بقي من ضوابط أخلاقية ومجتمعية. أعتقد أن التأثير الأول لذلك أننا نعيش في زمن نعجِز عن فهم تغيّراته، والنتيجة أننا بتنا نهرب إلى حيث نعتقده ملجأً آمناً لنا. نهرب من التّحديات ونصبح أكثر تقوقعاً معتقدين أن ذلك خير وسيلة للدفاع عن مجتمعاتنا.

ضحايا

> عمَدتِ في «حدود خضراء» إلى تقسيم الفيلم إلى فصول. هذا ليس جديداً لكنه يطرح هنا وضعاً مختلفاً لأننا ننتقل من وضع ماثلٍ ومن ثَمّ نعود إليه لنجده ما زال على حاله. ما الذي حاولتِ تحقيقه من خلال ذلك؟

- هذه ملاحظة مهمّة. في الواقع هناك قصصٌ عدة في هذا الفيلم، وكل شخصية تقريباً هي قصّة قابلة للتطوّر أو التوقف. وهناك 3 فرقاء هم الضحايا والمسعفون ورجال السُّلطة. بعضُ هذا الأسلوب المطروح في الفيلم مشتقٌ من العمل الذي مارسته للتلفزيون وهو يختلف عن أسلوب السّرد السينمائي، وقد اعتمدت عليه هنا لأنني وجدته مناسباً لفيلمٍ يريد تقديم الأحداث في شكلٍ ليس بعيداً عن التقريرية.

> هناك أيضاً حربٌ أوروبية دائرة على حدود بولندا في أوكرانيا. هل يختلف الوضع فيما لو كان أبطال فيلمك أوكرانيين هاربين؟

- نعم. يختلف لأنّ الرموز السياسية للوضع مختلفة. البولنديون يشعرون بالعاطفة حيال الأوكرانيين. السلطات لديها أوامر بحسن المعاملة. لكن هذا لم يكن متوفراً وليس متوفراً الآن للاجئين غير أوروبيين.