«أولاد حريم كريم»... رهانُ زوجَيْن على الوجوه الصاعدة

أبطال الفيلم احتفلوا بعرضه الافتتاحي في القاهرة

رنا رئيس بين تيام قمر ويوسف عمر (الشركة المنتجة)
رنا رئيس بين تيام قمر ويوسف عمر (الشركة المنتجة)
TT

«أولاد حريم كريم»... رهانُ زوجَيْن على الوجوه الصاعدة

رنا رئيس بين تيام قمر ويوسف عمر (الشركة المنتجة)
رنا رئيس بين تيام قمر ويوسف عمر (الشركة المنتجة)

تثير الأجزاء الثانية من الأفلام المصرية عادة مخاوف الجمهور من عدم تحقيقها نجاحاً يوازي النسخ الأولى، لكن فيلم «أولاد حريم كريم»، الصادر بعد 18 عاماً من الجزء الأول «حريم كريم»، يكاد يتفوّق على ما سبقه، لذا ارتأى صنّاعه عدم وضع رقم 2 للإشارة إلى الجزء الثاني، بل عدّوه فيلماً جديداً، إذ لا يعتمد على صراع بطلاته المتواصل للفوز بقلب «كريم الحسيني»، زميل الدراسة الجامعية فحسب، بل يفسح مجالاً لجيل جديد من الأبناء، بصراعاتهم المتشابكة وعلاقات الحب والزواج، ليمزج القضايا الاجتماعية بقالب كوميدي يثير الضحك ويبعث على البهجة، عبر مَشاهد الغناء والاستعراض من تقديم الفنان مصطفى قمر مع أبطال العمل.

بشرى ممثلة ومنتجة في الفيلم (الشركة المنتجة)

أتاح المخرج علي إدريس فرصاً متساوية لأبطاله القدامى، ويمثّلهم مصطفى قمر وداليا البحيري وبسمة وعلا غانم، وخالد سرحان؛ وكذلك للجيل الجديد من المواهب الصاعدة، من بينهم رنا رئيس، وتيام قمر، وهنا داود، ويوسف عمر، وكريم كريم، وفؤاد محسن.

وشهد العرض الافتتاحي حضور جميع الأبطال، كما حضره عدد من السينمائيين، من بينهم المنتج عصام إمام، والمخرجان هاني لاشين، وعمر عبد العزيز الذي كتب على صفحته في «فيسبوك»: «فيلم مبهج في زمن غير مبهج»، موجّهاً التهنئة للمخرج علي إدريس وزوجته السيناريست زينب عزيز. كما حضره من أبطال الجزء الأول الفنان إدوارد.

المخرج علي إدريس والمؤلِّفة زينب عزيز بين أبطال الفيلم (الشركة المنتجة)

وعبر حبكة درامية متماسكة، تتصارع كل من «مها شكري» (داليا البحيري) و«دينا مندور» (بسمة)، لارتباط ابنها بابنة مصطفى قمر (رنا رئيس)، وينحاز الأب لنجل بسمة (يوسف عمر)، ويرفض العلاقة بزميلها الجامعي، بينما توضع «هالة» (علا غانم) بمواجهة قرار ابنها الوحيد الذي يتقدّم للزواج من فتاة عبر الإنترنت.

تجمع قصة حب رومانسية «كريم» و«سارة» (بشرى)، صاحبة متجر للحلوى، مع تأكيد براعة عمرو عبد الجليل وخالد سرحان في إثارة الضحك عبر مواقف كوميدية.

أُهدي العمل إلى المخرج الكبير محمد عبد العزيز، فعلّق علي إدريس لـ«الشرق الأوسط»: «أردتُ شكره لحمله عبء الكوميديا منذ السبعينات. كان مجدِّداً في رؤيته، وتعلّمنا الكثير من أفلامه».

بدورها، أكدت المؤلِّفة زينب عزيز لـ«الشرق الأوسط»، أنها تعاملت مع الفيلم كأنه عمل جديد لتناوله قصص الأبناء: «أتحنا فرصة ملائمة لكل شخصية منهم، فلم نقدّمهم بأدوار هامشية، بل عبر أدوار مهمة»، مشيرة إلى فضل مصطفى قمر في ولادة الفيلم، «فقد كان الأكثر حماسة للفكرة منذ البداية، وكذلك الفنانة بشرى عبر دورها الإنتاجي، إذ خاضت رحلة بحث عن التمويل والتوزيع الخارجي».

أما علي إدريس فكتب رقم 7 بجانب اسمه في شارة الفيلم، إشارة إلى أنه سابع عمل يجمعه بزوجته السيناريست زينب عزيز بعد أفلامهما، «بابا»، و«كلام في الحب»، و«عصابة الدكتور عمر»، و«جدو حبيبي»، و«البر التاني»، و«حريم كريم»، واصفة العمل مع زوجها بأنه «صعب للغاية، إذ (لا يعجبه شيء)، مما يخلق تحدياً في داخلي، لكن بعد الأفلام التي جمعتنا أصبح الواحد منّا يفهم الآخر ويدرك كيف يفكر».

من جهته، قال الفنان خالد سرحان لـ«الشرق الأوسط»، إنّ السيناريو الجيد هو ما حمّسه للفيلم، مؤكداً أنّ «للنجاح مؤشرات، وعلي إدريس مخرج قوي، قدّم أفلاماً ناجحة، كما أنّ المجموعة نضجت فنياً، والشباب يشبهون أولادنا في الواقع»، مشدداً على أنّ الكوميديا هي الأهم بالنسبة إليه، وأن شخصية «حسين» التي جسّدها انفعالية، ولكل فنان كوميدي لمسته الخاصة، متوقِّعاً أن ينافس الفيلم بقوة في موسم الصيف.

ويرى الناقد محمد عبد الرحمن، أنّ مستوى الفيلم فاق التوقعات، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «السيناريست زينب عزيز والمخرج علي إدريس استطاعا الحفاظ على القوام الأساسي للفيلم، وقدّما تبريراً مقنعاً لكل المتغيّرات التي حدثت، منها اختفاء شخصيات؛ وبالتالي لم نتأثر بغياب ياسمين عبد العزيز وطلعت زكريا وإدوارد، لأن عمرو عبد الجليل وبشرى استطاعا التعويض بنسبة كبيرة. وفي الوقت عينه، صيغت العلاقات المتشابكة بين جيلَي الآباء والأبناء بشكل مقبول درامياً، ونالت كل شخصية حقها من الجيلين، مما أرخى جواً من التناغم».

لقطة جماعية لأبطال فيلم «أولاد حريم كريم» (الشركة المنتجة)

وتوقّع عبد الرحمن أن ينال الفيلم استحسان مَن ارتبطوا بالعمل الأول، والجيل الجديد المُرتبط بالممثلين الشباب أيضاً، مشيراً إلى أنّ «أداء الممثلين جاء جيداً في مجمله، خصوصاً تيام قمر وكمال كمال ويوسف عمر، أما مصطفى قمر فمقنع في شخصية (كريم الحسيني) رغم السنوات؛ فيما داليا البحيري وبسمة وعلا غانم نجحن بإمساك الشخصيات، وهو ما يحسب للسيناريو. كما أضاف عمرو عبد الجليل وخالد سرحان الكثير لكوميديا الفيلم، ومعهما بشرى».


مقالات ذات صلة

حكيم جمعة لـ«الشرق الأوسط»: مسلسل «طراد» يثير تساؤلات عميقة

يوميات الشرق المخرج حكيم جمعة أثناء تصوير مسلسل طراد (الشرق الأوسط)

حكيم جمعة لـ«الشرق الأوسط»: مسلسل «طراد» يثير تساؤلات عميقة

هل هناك لصوص أبطال؟ سؤال عميق يطرحه المسلسل السعودي «طراد» المقتبس عن قصة الأسطورة الإنجليزية «روبن هود» الذي أخذ على عاتقه سرقة أموال الأغنياء وتقديمها للفقراء

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)

كتاب مصري جديد يحتفي بشكري سرحان في مئوية ميلاده

في ظل الجدل الذي أثير أخيراً حول «موهبته» احتفى مهرجان الأقصر السينمائي في دورته الـ14 بذكرى مئوية ميلاد الفنان المصري الكبير شكري سرحان.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الأميركي براد بيت (رويترز)

باستخدام الذكاء الاصطناعي... محتال يوهم سيدة بأنه «براد بيت» ويسرق أموالها

تعرضت امرأة فرنسية للاحتيال من قبل رجل أوهمها بأنه الممثل الأميركي الشهير براد بيت، باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وحصل منها على مبلغ 830 ألف يورو.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مريم شريف ونهال المهدي شقيقتها بالفيلم (الشركة المنتجة)

«سنووايت» يستهل عروضه التجارية ويعوّل على حبكته الإنسانية

تنطلق، الأربعاء، العروض التجارية للفيلم المصري «سنووايت» الذي شهد عرضه العالمي الأول في الدورة الرابعة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان شكري سرحان قدم أدواراً مهمة في السينما المصرية (أرشيفية)

تصاعد الجدل حول انتقاد رموز الفن المصري بعد أزمة «شكري سرحان»

تصاعد الجدل خلال الأيام القليلة الماضية حول أزمة انتقاد رموز الفن المصري على خلفية انتقاد موهبة الفنان الراحل شكري سرحان بعد مرور 27 عاماً على رحيله.

داليا ماهر (القاهرة )

بشير الديك كتب للسينما البديلة والسائدة معاً

أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»
أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»
TT

بشير الديك كتب للسينما البديلة والسائدة معاً

أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»
أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»

بشير الديك، كاتب القصّة والسيناريو لعدد كبير من الأفلام المصرية طوال العقود الأربعين الماضية، الذي توفي في اليوم الأخير من العام الراحل، 2024، كان أحد السينمائيين الخارجين عن قوانين السينما التقليدية في النصف الأول من سنوات مهنته. لكن على الرغم من أنه في النصف الثاني وقّع على أعمال كثيرة من التي يمكن وصفها بالتقليدية، ومن بينها 6 أفلام من بطولة نادية الجندي، فإنه واظب على معالجة نصوصه باحتراف يجمع بين حكايات تحمل مضامين تنتمي إلى نزعة جادة وتنشد ميزانيات كبيرة.

لعل حقيقة أن نادية الجندي كانت تصبو دوماً إلى أدوار تخلّدها وأفلام تحافظ عبرها على مكانتها لعب بشير الديك دوراً في تلبية هذه الرغبات عبر حكايات تشويقية في المقام الأول، وشخصية رئيسية مضخّمة وذلك في أفضل نصوص ممكنة ضمن التوليفة التجارية.

بدأ هذا التعاون على نحوٍ ثلاثي: بشير الديك يكتب، ونادر جلال يُخرِج ونادية الجندي تلعب دور البطولة. هذه الأفلام هي «الإرهاب» (1989)، و«شبكة الموت» (1990)، و«عصر القوّة» (1991)، ومن ثَمّ «مهمّة في تل أبيب» (1992)، و«الشطّار» (1993)، ولاحقاً «امرأة هزّت عرش مصر» (1995).

كمال الشناوي ونادية الجندي في «مهمّة في تل أبيب»

‫اتجاهان‬

بعد بدايات متفاوتة الأهمية من بينها «مع سبق الإصرار» لأشرف فهمي (1979)، و«دعوني أنتقم» لتيسير عبّود (1979)، و«الأبالسة» لعلي عبد الخالق (1980) التحق الديك ببدايات المخرج الراحل محمد خان عبر 6 أفلام هي «الرغبة» (1980)، و«موعد على العشاء» (1981)، و«طائر على الطريق» (1981)، و«نص أرنب» (1983)، و«يوسف وزينب» (1984) و«الحرّيف» (1984) وكلها من أفضل ما حققه خان.

تعامُل الديك مع الموضوعات الجادة التي عرفتها تلك الأفلام سمح له بكتابة واحد من أفضل أعماله وهو «سواق الأتوبيس»، الذي حققه الراحل عاطف الطيب سنة 1982، وكلاهما لاحقاً تعاونا على تحقيق فيلم مهم (أكثر مما كان جيداً) آخر هو «ناجي العلي» (1992). لجانبهما فيلم ثالث هو «ضد الحكومة» (1992) من بطولة أحمد زكي ولبلبة.

في تقييم كتابات بشير الديك تتداخل بعض العناصر التي يمكن إيجاز هذا التقييم عبرها.

من ناحية، حاول دوماً التطرّق صوب قضايا مهمّة تطرح قصصاً ذات جانبٍ وطني مثل «مهمّة في تل أبيب»، الذي دار حول جاسوسة مصرية تعمل لصالح إسرائيل، ومن ثَمّ تندم فتطلب منها الاستخبارات المصرية (ممثلة بكمال الشناوي)، العمل لحساب مصر وتنجح. «ناجي العلي» ينضم إلى هذا النحو من الأعمال.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

في ناحية أخرى، لم يتأخر عن كتابة ما كان سائداً في الثمانينات والتسعينات من اتجاه صوب الحديث عن مراكز قوى في الشارع المصري والصراع بين الأخيار والأشرار. هذه الموجة لم تعرف بداية ونهاية محدودتين فتاريخها عريق يعود لعقود سابقة، لكنها عرفت في تلك الفترة تدافعاً بين المخرجين للحديث عن تلك المراكز في حارات القاهرة (في مقابل الكثير من صراع الخير والشر على ساحلَي بور سعيد والإسكندرية في أفلام الخمسينات والستينات) في أجواء ليست بعيدة عن الخط الذي وضعه نجيب محفوظ وشخصياته.

مخرجون عديدون حقّقوا هذه الأفلام التي شُكّلت حكاياتها من صراع القوى في الشارع المصري مثل أشرف فهمي («الأقوياء»، 1982)، وأحمد السبعاوي («السلخانة» 1982 و«برج المدابغ» 1983) وكمال صلاح الدين («جدعان باب الشعرية» 1983). لكن من مزايا ما كتبه بشير الديك في هذه الأعمال التي لاقت رواجاً جماهيرياً إنه كتب ما هو أعمق في دلالاته من قصص المعلّم الشرير ضد سكان منطقته وأزلامه الذين يتصدّون للأبرياء إلى أن يخرج من رحم تلك الحارة من يواجههم جميعاً.

بداية من «نصف أرنب» توّجه الديك إلى حكاية تشويقية ذات طابع بوليسي، وفي «سوّاق الأتوبيس» وقف مع ابن المدينة في موضوع حول تفتت المجتمع مادياً. أما في «الحرّيف» فنقل اهتمامه إلى الوسط المهمّش من سكان القاهرة وأحلامهم ومتاعبهم الشخصية.

‫هموم المجتمع‬

ما يجمع بين هذه الأعمال هموم تسلّلت إلى عدد كبير من كتابات بشير الديك السينمائية.

في مقابلة تمّت بين المخرج عاطف الطيب وبيني بعد مشاهدة فيلمه النيّر «سواق الأوتوبيس»، سألت المخرج عن كيف بدأ التفكير في تحقيق «سوّاق الأتوبيس». أجاب: «بدأت الفكرة في جلسة صداقة مع بشير الديك ومحمد خان. وكنا نتحدث بشأن همومنا وطموحنا الخاص لصنع سينما أخرى مختلفة، وكانت الظروف الحياتية نفسها تجمعنا كلنا تقريباً. فقد كنت أشعر في ذلك الوقت بالذنب إزاء فيلمي الأول (يقصد «الغيرة القاتلة»، 1982)، الذي اضطُرِرت فيه إلى الاعتماد على سيناريو مأخوذ عن أصل أدبي (أجنبي) رغم إيماني الدائم بضرورة الكتابة المباشرة للسينما. اقترح محمد خان وبشير الديك فكرة وُضع لها عنوان: (حطمت قيودي)، تدور حول عائلة مهدّدة بالضياع نتيجة فقدان الأب للورشة التي أسسها وبحْثُ الابن، سائق الأتوبيس، عن مخرج من الأزمة بلا جدوى وأعجبتني الفكرة، خصوصاً أنني أميل كثيراً إلى الدراما التي تدور في نطاق عائلة. وبدأنا بالفعل في تطوير الفكرة خلال الكتابة وتبادل الآراء. وكنا كلما نتعمق في الموضوع تتضح لنا أهمية الفكرة التي نريد التعبير عنها. في الكتابة الثانية للسيناريو، وصل الفيلم إلى ما أصبح عليه».

كتب بشير الديك نحو 60 فيلماً ومسلسلاً تلفزيونياً، معظمها جمع هذه الصفات المجتمعية على نحو سائد أو مخفف. هذا ما جعله أحد أبرز كتاب السيناريو في مصر في حقبة كان للسينما البديلة والمستقلة عن السائد دور فاعل في نهضة الفيلم المصري عموماً.

مع الطيّب وخان ورضوان الكاشف ورؤوف توفيق وخيري بشارة ورأفت الميهي وسواهم، ساهم بشير الديك في منح تلك الفترة مكانتها الساطعة التي لا تغيب.