«بيت الروبي»: رحلة سينمائية ترصد تأثيرات العالم الافتراضي

«فارايتي» قالت إنه أحدث مفاجأة في شباك التذاكر السعودي

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)
لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)
TT

«بيت الروبي»: رحلة سينمائية ترصد تأثيرات العالم الافتراضي

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)
لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

تصدّر فيلم «بيت الروبي» قائمة الأعلى إيراداً في مصر، محققاً 21 مليون جنيه مصري (الدولار يوازي 30.90 جنيه مصري) خلال أسبوع عرضه الأول، كما تصدّر أعلى الإيرادات في السعودية ودول الخليج.

وأشارت مجلة «فارايتي» الأميركية إلى أنّ الفيلم استطاع إحداث مفاجأة في شباك التذاكر السعودي، محققاً خامس أعلى افتتاحية لفيلم عربي بمبلغ 1.1 مليون دولار أميركي في أسبوع عرضه الأول، ليطيح بفيلم «The Flash» من المركز الأول ويحتل مكانه حتى الآن.

محمد عبدالرحمن أضفى أجواء كوميدية على العمل (الشركة المنتجة)

هذه الأرقام توافقت وتوقعات مُشجِّعة، لا سيما أنّ الفيلم (تأليف وسيناريو محمد الدباح وريم القماش، إخراج بيتر ميمي)، يجمع للمرة الأولى ما بين نجمين يتمتعان بجماهيرية واسعة، هما كريم عبد العزيز وكريم محمود عبد العزيز.

ينتمي «بيت الروبي» إلى صنف أفلام الرحلة، إذ يخوض بطله مساراً يبدّل مواقفه وقناعاته. فبعد سنوات من عزلة الأستاذ الجامعي «إبراهيم الروبي» (كريم عبد العزيز) في مدينة طابا (بسيناء) مع زوجته (اللبنانية نور) وطفليه؛ يزوره بشكل فجائي شقيقه «إيهاب» (كريم محمود عبد العزيز) وزوجته (تارا عماد) المفتونة بعالم مواقع التواصل، ويطالبه بالذهاب معه إلى القاهرة في مَهمّة لتوقيع أوراق تتعلق بميراث أبيهما.

كريم عبد العزيز وكريم محمود عبد العزيز (الشركة المنتجة)

يصطحب «إبراهيم» زوجته التي بدأت تضيق ذرعاً بهذا المنفى الاختياري؛ لكن الرحلة تكشف، شيئاً فشيئاً، أبعاداً جديدة لأزمة تعانيها الزوجة.

يستعرض الفيلم المناظر الطبيعية الخلابة عبر البحر وسلاسل الجبال والهواء اللطيف والحياة الهادئة البسيطة، ليُظهر التناقض الحاد بين ما تركه البطل وما هو مُقدم عليه، حيث شوارع القاهرة بزحامها وفوضويتها. إضافة إلى دعابات يُضفيها البطلان، فيما يطلق «توتا» (محمد عبد الرحمن) مواقف كوميدية صارخة.

ويثير محامٍ (حاتم صلاح) إشكالية فورة مواقع التواصل، إذ يؤدّي «إبراهيم الروبي»، في موقف درامي، أغنية سرعان ما تتصدر «الترند» فتطارده الكاميرات ويتحول إلى نجم شهير لتنقلب حياته وحياة أسرته، مما يدفع زوجته الطبيبة إلى نبش قضيتها السابقة سعياً وراء «ترند» مشابه. بذلك يرصد الفيلم تغوّل مواقع التواصل في حياة الإنسان وتأجيجها كثيراً من الأزمات.

ويرى الناقد السعودي أحمد العياد، أنّ فيلم «بيت الروبي» نجح لأسباب عدّة، من بينها أنه جمع بين نجمين لهما حضورهما لدى الجمهور السعودي، بينهما كريم عبد العزيز صاحب أكبر رصيد من الأفلام التي عُرضت في المملكة وحققت إيرادات عالية.

لقطة جماعية لأبطال الفيلم (الشركة المنتجة)

يضيف لـ«الشرق الأوسط»: «حقق كريم محمود عبد العزيز كذلك نجاحاً كبيراً عند عرض فيلم (من أجل زيكو). كذلك يُعدّ (بيت الروبي) فيلماً عائلياً يناقش موضوعاً راهناً»، منوّهاً بحضور السينما في المملكة، وإقبال العائلات على الأفلام الكوميدية، مما أتاح للفيلم تحقيق رقم غير مسبوق، وفق مجلة «فارايتي» الأميركية.

ورغم تأكيده أنّ الفيلم يطرح قضية معاصرة نعيش فصولها يومياً، وهو أمر يُحسب لصنّاعه، إلا أنّ الناقد السينمائي طارق الشناوي، يرصد خللاً في السيناريو، فيقول لـ«الشرق الأوسط»: «أراه يفقد الصدقية، ويقوم على الافتعال، كما أنّ المواقف الضاحكة فقيرة، ربما أنقذها محمد عبد الرحمن بحضوره المُبهج. ورغم وجود كاتبين للسيناريو، كان على المخرج بيتر ميمي التدخّل ومنح الصدقية للحدث، فلا جريمة تستحق هذه العزلة».

ويفسر الشناوي أسباب نجاح الفيلم وتصدّره أعلى الإيرادات، بالقول: «هو عموماً أكثر جاذبية من أفلام أخرى في موسم عيد الأضحى. عناصره الفنية كالتصوير والموسيقى والديكور مميزة، لكن صموده في شباك التذاكر يأتي بسبب ضعف المنافسة، وإيراداته ترتبط هنا بجاذبية بطليه وليس لتميّز الشريط السينمائي».

ويقيّم أداء الممثلين: «كريم عبد العزيز يضيف كثيراً من لمساته على الشخصية، لكن دور كريم محمود عبد العزيز كان يحتاج إلى كتابة بإطار أقوى، فيما قدّمت نور دوراً محورياً وعميقاً، لكن كالعادة لا تحصل البطلة على فرصتها كاملة لصالح نجوم الشباك».


مقالات ذات صلة

«الأفلام التجارية» تُصعّب مهمة اختيار ممثل مصر بـ«الأوسكار»

يوميات الشرق منى زكي وعارفة عبد الرسول في أحد مشاهد فيلم «رحلة 404» (الشركة المنتجة)

«الأفلام التجارية» تُصعّب مهمة اختيار ممثل مصر بـ«الأوسكار»

من بين قائمة تضم 37 فيلماً مصرياً لاختيار العمل الذي يمثل مصر في ترشيحات الأوسكار لعام 2025، وجدت اللجنة المعنية بالاختيار صعوبة في وضع قائم تضم 5 أفلام للتصويت

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق المخرجة أناستاسيا تروفيموڤا خلال تصوير «روس في الحرب» (تورنتو)

مهرجان تورنتو يشهد عروضاً ناجحة واحتجاجات أوكرانية

يعتبر اختتام مهرجان تورنتو السينمائي التاسع والأربعين في الخامس عشر من هذا الشهر، الخطوة الأولى نحو سباق الأوسكار

محمد رُضا (تورنتو)
يوميات الشرق صبا مبارك وهنا شيحة مع منظّمي الملتقى (إدارة الملتقى)

«ميدفست مصر»... ملتقى للأفلام يجمع صُنّاع السينما والأطباء

في تجربة سينمائية نوعية، انطلق ملتقى «ميدفست مصر» في دورته السادسة، بقاعة إيوارت في الجامعة الأميركية بالقاهرة، الذي يجمع بين صُنّاع السينما والأطباء.

انتصار دردير (القاهرة )
ثقافة وفنون الممثلة البريطانية كيت وينسلت في ميونيخ (د.ب.أ)

كيت وينسلت: نجاح «تايتانيك» لم يكن أمراً إيجابياً تماماً

قالت الممثلة البريطانية كيت وينسلت إن النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الدرامي الرومانسي «تايتانيك» لم تكن له جوانب جميلة بحتة.

«الشرق الأوسط» (ميونخ )
ثقافة وفنون الفنانة المصرية ناهد رشدي (فيسبوك)

وفاة الفنانة المصرية ناهد رشدي بعد صراع مع المرض

غيب الموت الفنانة المصرية ناهد رشدي، بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز الـ68 عاماً.

يسرا سلامة (القاهرة)

قراءة في موجة «سينما الأمس» الفرنسية البوليسية

إيڤ مونتان وآلان ديلون في «الدائرة الحمراء» (ريالتو بيكتشرز)
إيڤ مونتان وآلان ديلون في «الدائرة الحمراء» (ريالتو بيكتشرز)
TT

قراءة في موجة «سينما الأمس» الفرنسية البوليسية

إيڤ مونتان وآلان ديلون في «الدائرة الحمراء» (ريالتو بيكتشرز)
إيڤ مونتان وآلان ديلون في «الدائرة الحمراء» (ريالتو بيكتشرز)

تفتح وفاة الممثل ألان ديلون نافذة على حقبة معيّنة من الأفلام لعب دوراً أساسياً فيها مع عدد كبير من الممثلين الذين، في وقت ما، كانوا أيضاً من عماد الشاشة الفرنسية والنوع البوليسي تحديداً. المجال نفسه يوفر استعراض بعض تلك الأفلام التي لمعت (وبعضها لا يزال) ما بين مطلع الستينات ونهاية السبعينات. الحقبة التي كانت (بدورها) أهم إنجازات السينما العالمية في كثير من الدول.

أحزان ورغبات

ألان ديلون كان شريكاً في هذه الورشة التي عمد إليها بعض أفضل مخرجي السينما الفرنسية من كلود سوتيه، وألان كورنو، إلى جان - بيير ملڤيل، وجاك ديراي، وهنرى ڤرنووَل، وبيير - غارنييه، وفيليب د بروكا، وجوزيه جيوڤياني... من بين آخرين.

السّمة المشتركة بين هذه الأفلام لا تنحصر في معالجات جادة تختلف 180 درجة عمّا نشاهده اليوم من أفلام تدمج الحكاية البوليسية بالكوميديا أو تنتحي بها صوب مدارات فانتازية؛ بل تشمل كذلك فعل الإخراج المدروس واللون المنتمي إلى الواقع قدر الإمكان، كما أن ممثلي هذا النوع كانوا من جهابذة الفنانين الفرنسيين: جان غابان، ولينو ڤنتورا، وميشال بوكيه، وإيڤ مونتان، وجان - لوي ترتنيان، وميشال كونستانتين، وميشال سيرو، وطبعاً ألان ديلون.

أفلام هؤلاء لم تحتفِ بالمجرمين كأبطال يفرضون على المشاهدين سوء أفعالهم، كما تفعل أفلام التسعينات وما بعد. ليس هناك ذلك التلذّذ حول كيف تكون مجرماً دون عقاب. على العكس، كثير منها، استمد من تلك الشخصيات متاعبها وأحزانها ورغباتها المتوجة بالإخفاق.

كلود شابرول وستيفن أودران في «قبل منتصف الليل» (ليبرا فيلمز)

خذ مثلاً نهاية فيلم «الدائرة الحمراء (Le cercle rouge)» لجان - بيير ملڤيل (1970)، تصوّر مقتل الأشقياء الثلاثة ألان ديلون، وإيف مونتان، وجيان - ماريا ڤولونتي بعد نجاحهم في سرقة محل مجوهرات خَصّص له المخرج نحو ربع ساعة مفصّلة ومشوّقة. الشعور المكتسب لدى المشاهد هو أن حياة هؤلاء مصير لا يتوقف من المعاناة الفردية الصامتة (لا يشي بها أي حوار) بحيث يتركك المشهد وفي الحلق غصّة وشعور بذنب الاصطفاف معهم.

مثل شخصيات أخرى في أفلام بوليسية أميركية وفرنسية كثيرة هم ليسوا أشراراً، لذلك يقع المشاهد في حبّهم. كذلك الحال في فيلم ملڤيل الآخر «الساموراي» (1967) حيث يحاول ألان ديلون إبعاد شبح الوشاية والهزيمة عنه حتى آخر نفس.

هذه أيضاً نهاية لينو ڤنتورا في «المخاطرة الكبرى (The Big Risk)» لكلود سوتيه. ڤنتورا المطارد من قِبل البوليس عليه أن يجد مكاناً يؤمن فيه حماية زوجته (ساندرا ميلو) وابنهما، يساعده جان - بول بلموندو ويشي به مارسيل داليو وينتهي بمقتله.

لينو فنتورا وجان-بول بلموندو: «المخاطرة الكبيرة» (نيووِن برودكشنز)

شابرول المختلف

ألان ديلون متورّط في سرقة مجوهرات، مثلما فعل في «الدائرة الحمراء»، في فيلم هنري ڤرنووَل «العصبة الصقلية (Le Clan des Siciliens)» الذي يدور كذلك حول خطة محكمة لسرقة مجوهرات تنتهي على عكس ما يرغب المشاركون فيها. لينو ڤنتورا هنا ينتقل إلى دور المحقق وجان غابان رئيس العصابة.

وهناك رغبة انتقام في فيلم جان بكَر (Becker) «رجل اسمه روكا (Un Nommé la Rocca)» (1961)، من بطولة جان - بول بلموندو الذي كان قبل عامين لعب بطولة فيلم بوليسي لجان-لوك غودار هو (À bout de souffle) «بلا نفس» مؤدياً شخصية شاب قتل شرطياً لكن عوض أن يهرب عاد إلى باريس ليلتقي المرأة الأميركية التي يحب (جين سيبرغ). هذه تشي به وتشهد نهايته وهو الذي كان قال لها خلال اللقاء: «الرجل تقتله المرأة التي يحب».

كتب هذا الفيلم زميل غودار حين كانا من نقاد مجلة «كاييه دو سينما» فرنسوا تروفو الذي داعب الفيلم البوليسي في عام 1960 بتحقيق فيلم بوليسي من صنف مختلف (كما حال فيلم غودار ومعظم أفلام زميلهما الثالث من صفحات تلك المجلة كلود شابرول) هو «أقتل لاعب البيانو» (Shoot the Piano Player) مع شارل أزناڤور في البطولة.

بالنسبة لكلود شابرول نراه عمد إلى أسلوب تشويقي خاص به في مختلف أفلامه في تلك الفترة وما بعدها، فقدّم سنة 1969 «زوجة غير مخلصة» (La femme infidèle) حول زوج (ميشال بوكيه) يرتاب بزوجته (ستيفاني أودران) ويكتشف أن شكوكه في مكانها فيقتل عشيقها.

في العام التالي أخرج شابرول «الجزّار» (The Butcher)، حيث ذلك اللحّام (جان يان) الذي قد يكون المجرم الذي ينقل مهارته في الذبح إلى البشر.

أحد أفضل أفلامه على نحو مطلق هو «قبل حلول الليل» (Juste avant la nuit) الذي سلّم قيادته أيضاً إلى ميشال بوكيه في دور رجل يقتل عشيقته التي هي زوجة أقرب أصدقائه وينفد من العقاب بعدما قررت زوجته غض النظر عن فعلته.

يقترب فيليب لابرو من منوال شابرول في «من دون دافع واضح» (sans mobile apparent)، الفيلم الذي أخرجه ببراعة سنة 1971 عن جرائم قتل مجهولة الدوافع من بطولة جان- لوي ترتنيان. أحد أفلامه الملائمة في هذا النطاق (L'Alpagueur) الذي عُرض عالمياً بعنوان «الصياد سيصل إليك» (The Hunter Will Get you)، من بطولة جان- بول بلموندو مازجاً البوليسي بالأكشن كما غالبية أعماله.

بلموندو أيضاً ظهر في فيلم جوزي جيوڤاني La Scoumoune. إنتاج من عام 1972 عرضته صالات لندن سنة 1974 تحت عنوان Hit Man، وهو عن رواية كتبها جيوڤاني، وهي ذاتها التي كان جان بكَر حققها سنة 1961 بعنوان «رجل اسمه روكا» كما تقدّم.

كل ما سبق طمح (وكثيراً ما حقق) الرغبة في تصوير عالم داكن من الحكايات البوليسية التي تصوّر حياة المجرمين، وقد أحيطت بدائرة من النوازع الشخصية والمصائر القدرية. وإذا كان لا بد من جملة أفلام تلخّص هذا الجانب بوضوح ومهارة فلتكن تلك التي حققها جان-بيير ملڤيل مما تم ذكره هنا لجوانب أخرى لم يتسع المجال لها.

عاجل «حزب الله» يحمل إسرائيل مسؤولية انفجار أجهزة الاتصالات في لبنان ويقول إن «المجرم» سينال بالتأكيد قصاصه العادل