شاشة الناقد: «أسترويد سيتي»... الصراع على الأرض والمجرّات

تنقسم أفلام المخرج و.س أندرسن قسمين: نوع تحبه ونوع تكرهه، لكن كلا النوعين يرتدي شكلاً واحداً. الفارق أن بعض أفلامه يثير الإعجاب والبعض الآخر يُثير الامتعاض.

«أسترويد سيتي»، هو من النوع الثاني: حكاية «إذا صح التعبير» تدور في رحى صحراء أميركية في منتصف الخمسينات، عدد سكانها 87 نفراً. تكمن البلدة فوق أرض ذات تربة حمراء في الجنوب الغربي للولايات المتحدة. يحتوي المكان على مبانٍ سكنية قليلة ومحطة بنزين وهاتف عمومي واحد وجراج وعدد من الشخصيات التي تلتقي هناك. تصل إحداها مع عائلتها في سيارة لم تعد تصلح للسفر.

على مقربة هناك محطة تجارب نووية اعتاد سكان البلدة عليها. لا أحد يسأل عن الإشعاعات أو المخاطر، فالبال منصرف لمتابعة مسائل تعني لهم شيئاً ولا تعني للمشاهد أي شيء.

هناك زائر من الفضاء يهبط ويرحل سريعاً؛ ما يحوّل البلدة حَجْراً صحياً بعدما طوّقها الجيش، مما يجعل مغادرتها أو دخولها ضمن الممنوعات.

يبني المخرج فيلمه على أساسين متماثلين: يأتي بفكرة غريبة أولاً ثم يجعلها أكثر غرابة حين تنفيذها واختيار ما يتحدث فيه خلالها. أحياناً ما ينجح كثيراً كما الحال في فيلمه الجيد «ذا غراند بودابست هوتل» (2014) و «مونرايز كينغدوم» (2017). هذا الفيلم من تلك، التي لا تنجح؛ نظراً لأنها تبدو محدودة المعالم. لا شيء مثيراً في بناء وحدة سكنية فوق صحراء منبسطة وشخصيات تتحدّث كثيراً ولا شيء كثيراً يحدث.

فيلم أندرسن يحتوي على سمات محببة إليه. على سبيل المثال لا يحبّذ بطولة منفردة ويجمع هنا عدداً كبيراً من الممثلين الذين هم طاقم مخلص له يستعين به في كل فيلم له تقريباً. هنات تيلدا سوينتن وإدوارد نورتن وأدريان برودي وتوم هانكس، بالإضافة إلى سكارلت جوهانسن وجاسون شوارتزمان. في جانب آخر، وفي هذا الفيلم أكثر من سواه، يتعامل مع التأطير المحدد وبفورمات تقنية متعددة. هناك الأبيض والأسود والألوان والصورة المنقسمة إلى نصفين كما الانتقال من الفيلم إلى المسرح لا عبر الأحداث فقط، بل عبر المعالجة الكلية بحيث يبدو الفيلم كما لو كان نتاجاً مسرحي النَفَس والمصدر، إنما مع حرية الشغل على تكوينات المشهد المنفتح على المكان الشاسع وحجم اللقطات.

كذلك مشهود له تعامله مع مكان صحراوي تتساءل فيه إذا ما كانت الجبال البعيدة موجودة فعلاً أو نتيجة تأسيس الاستوديو لها. فالفيلم، من هذه الناحية يبدو بمجمله كما لو أنه صوّر فوق أرض الاستوديو. واللعبة هنا هي التغلّب على لون الطبيعة الصحراوية بابتكار لون زهري يشبه اللون الذي تعكسه الصحراء الفعلية عند الغروب. في مشاهد أخرى هو لون باهت.

«أسترويد سيتي» هو، بالنتيجة ورغم جهد التأطير والديكورات وبث الألوان ينتهي بدوره إلى نتيجة باهتة أقل شأناً مما هدف المخرج إليه.