أثار تصريح رئيس الشراكات الإعلامية في «أوبن إيه آي»، فارون شيتي، بأن الشركة لا تعتزم الآن تقاسُم أرباح محرك البحث الخاص بـ«تشات جي بي تي» مع الناشرين، جدلاً حول «حقوق الملكية الفكرية»، وهو ما عدّه خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» اتجاهاً «غير عادل» في حق الناشرين.
وقال شيتي خلال «قمة النمو الرقمي»، (تويب)، التي عُقدت في بروكسل، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، إن محرك البحث التجريبي الخاص بـ«تشات جي بي تي» سيعوّض الناشرين بشكل «عادل» من خلال «زيادة كبيرة في حركة المرور من جماهير جديدة».
على الشاكلة عينها، أكد الرئيس التنفيذي لـ«غوغل»، سوندار بيتشاي، أن محرك «غوغل» الجديد المعزز بالذكاء الاصطناعي لن يتقاسم العوائد المالية مع الناشرين، بينما يكتفي بتعزيز «معدلات النقر». ويرى مراقبون أن محرك بحث «غوغل» الجديد يحرم الناشرين من الوصول إلى الروابط الأصلية للأخبار.
في المقابل، أعلنت شركة «بربلكستي» التي تدير محرك بحث يعتمد على الذكاء الاصطناعي، أنها بالفعل أبرمت اتفاقات مع ناشرين بارزين مثل «تايم» الأميركية بشأن تقاسم الإيرادات. وكانت «مايكروسوفت»، المالكة لأداة «كوبايلوت» المعزَّزة بالذكاء الاصطناعي، قد قالت أيضاً إنها ستبدأ بدفع مبالغ للناشرين الذين يتم عرض محتوياتهم بواسطة «كوبايلوت».
الدكتور لخضر شادلي، وهو أستاذ مشارك في علوم الاتصال والإعلام الرقمي التطبيقي في الجامعة الكندية بدبي، رأى أن عدم تقاسم الإيرادات بين محركات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل تلك الخاصة بـ(تشات جي بي تي) والناشرين، يمثل انتهاكاً للحقوق الفكرية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يشعر الناشرون بأن استثماراتهم الكبيرة في إنتاج المحتوى تُستغَل بشكل غير عادل، حيث يعتمد الذكاء الاصطناعي على المحتوى المنشور دون تقديم تعويض مناسب». وأشار كذلك إلى التحديات المالية التي يواجهها الناشرون قائلاً: «مع تراجع العوائد المالية من الإعلانات الرقمية، قد يزيد هذا القرار من الصعوبات المالية التي يواجهها الناشرون، خصوصاً مع تقليل حركة المرور إلى مواقعهم نتيجة تقديم الذكاء الاصطناعي الأجوبة المباشرة دون الحاجة إلى إحالة المستخدم إلى المصدر الأصلي».
وتتفق دعاء مدحت عمار، وهي صحافية مصرية متخصصة في الذكاء الاصطناعي وصناعة المحتوى، مع الرأي القائل بأن الاتجاه الذي تسلكه شركات الذكاء الاصطناعي يمثل «استغلالاً غير منصف لحقوق الناشرين». وعدَّت في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الخطوة «تجاهلت الحقوق الأدبية والفكرية والأخلاقية للناشرين». وأوضحت أن «الذكاء الاصطناعي يعتمد بشكل كبير على البيانات والمعلومات التي يجمعها من الإنترنت، بما في ذلك المحتوى الذي يقدمه الناشرون على المواقع الإخبارية، من ثم من الطبيعي أن يستفيد أصحاب هذا المحتوى من استخدامه».
ودحضت عمار «فرضية أن القيمة المضافة للناشرين تكمن في تعزيز حركة المرور إلى مواقعهم». وقالت: «هذا غير دقيق؛ لسببين رئيسيين: الأول هو أن المواقع الإخبارية تعاني الأمرّين من انخفاض الزيارات بسبب اعتماد المستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي. أما السبب الآخر فيعود إلى أن الأنظمة الذكية غالباً ما تقدم إجابات فورية دون توجيه المستخدم إلى المصدر الأساسي للمعلومة».
وعن الحلول، أشارت عمار إلى أنه «في ظل هذا الانفتاح، يجب وضع سياسات واضحة تضمن تعويض الناشرين عن استخدام محتواهم من شركات الذكاء الاصطناعي من خلال اتفاقيات مالية واضحة تضمن للناشرين نسبة محددة من العوائد». وعززت كذلك من أهمية وضع أطر تنظيمية وقانونية، وقالت: «فرض تشريعات قوية من شأنه توفير حماية لحقوق الملكية الفكرية على الإنترنت».