استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى الإعلامي يُثير جدلاً مهنياً

روبوت يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (آ. ف. ب.)
روبوت يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (آ. ف. ب.)
TT

استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى الإعلامي يُثير جدلاً مهنياً

روبوت يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (آ. ف. ب.)
روبوت يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (آ. ف. ب.)

أثار استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج محتوى إعلامي بالولايات المتحدة، جدلاً مهنياً بشأن تبِعات ذلك المستقبليةِ، ولا سيما بعد «الاستيلاء» على هويات كُتاب حقيقيين ونشر محتوى بأسمائهم. وعدَّ خبراء، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، ما حدث اعتداء على حقوق الملكية الفكرية، وأشاروا إلى ضرورة سن تشريعات ووضع قواعد لحوكمة الذكاء الاصطناعي.

الجدل بدأ عقب الكشف عن إعادة نشر مقالات على مدوّنة قديمة متخصصة في التكنولوجيا، تابعة لشركة «أبل»، تحمل اسم «تواو (TUAW)»، مع أنها مغلقة منذ عام 2011، وفق ما نشره موقع «ذي فيرج» الأميركي. وأضاف الموقع أن «المقالات الجديدة المنشورة على المدوّنة أُنتجت بواسطة الذكاء الاصطناعي، ونُشرت بأسماء كُتاب وصحافيي المدوّنة السابقين، وذلك بعد استيلاء مالك جديد على المدوّنة المغلقة. ثم إن الصحافية الأميركية كريستينا وارين نشرت، عبر حسابها على (ثريدز)، صوراً من صفحتها على المدوّنة، تتضمن مقالات جديدة تحمل اسمها، نُشرت في يوليو (تموز) الحالي، على الرغم من أنها تركت المدوّنة عام 2009، كما أنها لم تعد تكتب في الصحافة التكنولوجية منذ انضمامها إلى (مايكروسوفت)».

وقد أعربت وارين عن «صدمتها»، قائلة: «كنت أعتقد أن أسوأ ما يمكن أن يحدث للصحافي هو فقدان أرشيفه؛ لكن اتضح أن هناك ما هو أسوأ؛ وهو ظهور هذه النسخة المشوّهة التي تبدو حقيقية لكنها ليست كذلك». من جهته، أفاد موقع «ذي فيرج» بأن «وارين ليست الصحافية الوحيدة التي انتُحلت شخصيتها على المدوّنة، بل كان هناك صحافيون آخرون نُسبت إليهم كتابة تقارير مولَّدة بالذكاء الاصطناعي».

الدكتورة مي عبد الغني، أستاذ الإعلام في جامعة بنغازي بليبيا، والباحثة المتخصصة في الإعلام الرقمي، عدَّت هذه الواقعة «دليلاً على زيادة وتيرة السرقات الأدبية، والاعتداء على حقوق الملكية الفكرية بواسطة الذكاء الاصطناعي، وهي شملت أيضاً شركات صناعية وتجارية وبنوكاً كبرى، إضافة إلى انتحال بعض الأصوات في الاستعمال السيئ لهذه التقنية». وأردفت عبد الغني، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن «التقنيات المتطورة لن تكون بديلاً، بأي حال من الأحوال، عن استخدام العقل البشري في الإبداع والابتكار؛ لأن قدراتها في هذا الاعتماد عليها بشكل كامل يوقِع المستخدم تحت طائلة القانون؛ لأنه قد يتضمن سرقة لمجهود الآخرين. ووضعت بضعة مقترحات للحد من مخاطر التقنية؛ أولها الاستثمار في تطبيقات وأدوات كشف أصالة المحتوى، وتحديد المحتوى المولَّد بتقنيات الذكاء الاصطناعي، لافتة إلى وجود عدد من هذه الأدوات والبرامج بالفعل.

أما الاقتراح الثاني، وفقاً لعبد الغني، «فيتمثل في سَن تشريعات وقوانين لمواجهة السرقات الأدبية، ومتابعة الجرائم الإلكترونية». وهنا نوّهت بتجربة الولايات المتحدة في هذا المجال، إذ «أسّست عام 2019 مختبراً كجزء من وحدة العلوم وتقييم التكنولوجيا يُصار فيه إلى إجراء تجارب علمية متطورة مدعومة بأدوات الذكاء الاصطناعي لكشف الانتحال والسرقات الإلكترونية وتتبُّع مرتكبيها».

كذلك، شدّدت الدكتورة عبد الغني على «أهمية تعزيز وتشجيع الابتكار وتنمية المهارات البشرية، ودعمها بالأدوات والتطبيقات التقنية بشكل مقنن، بما يكفل تحقيق الاستفادة المثلى منها من التكنولوجيا». ومع الإشارة إلى استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي باتت هناك مخاوف عدة بشأن انتشار «المعلومات المضللة»، و«انتهاك الخصوصية»، لذا تتجه دول عدة إلى حوكمته، ووضع ضوابط لاستخدامه. وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، توصّل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن تنظيم التكنولوجيا وُصف بأنه «خطوة غير مسبوقة».

من جهة أخرى، قالت سالي حمود، الباحثة الإعلامية اللبنانية في شؤون الإعلام المعاصر والذكاء الاصطناعي، وأستاذ الإعلام والتواصل، في لقاء مع «الشرق الأوسط»، إن «الذكاء الاصطناعي أثار جدلاً كبيراً فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية... الأمر الذي ينطوي على خطورة نظراً لصعوبة ضبط أطر إنتاج المحتوى المنتَج بالتقنية».

وضربت حمود مثلاً على ذلك بمحاولات وسائل إعلام عدة وضْع أوصاف تشير إلى محتوى أو صورة ما «جرى توليدها بالذكاء الاصطناعي»، وذكرت أن «مواجهة التقنية لن تتحقق إلا بتقنية مثلها، ومن هنا تظهر بين الحين والآخر برامج وتطبيقات لكشف السرقات والانتحال». وفي حين لفتت الباحثة اللبنانية إلى «خطورة واقعة انتحال أسماء صحافيين مثل وارين»، فإنها عدَّت المسألة قابلة للاحتواء. أما التحدي الأكبر فيكمن في وضع قواعد وأطر لحوكمة الذكاء الاصطناعي، والعمل على التثقيف الإعلامي عبر التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص معاً.

وهنا نشير إلى أن الصحافية كريستينا وارين سعت بالفعل إلى منع انتحال اسمها، وأرسلت رسالة، عبر البريد الإلكتروني، إلى المدوّنة الجديدة، «مهدِّدة باتخاذ الإجراءات القانونية ضدها»، لكن المدوّنة اكتفت بحذف اسمها من المنشورات ووضعت اسماً آخر، وقد تكرّر الأمر نفسه مع صحافيين آخرين، وفق «ذي فيرج».



«إعلام الحج»... نقل الرسالة بـ711 ساعة بث عبر 150 وسيلة إعلام دولية

كثير من القصص الملهمة استفادت من البيئة المهيأة للإنجاز ونقلها إلى ملايين المتابعين (واس)
كثير من القصص الملهمة استفادت من البيئة المهيأة للإنجاز ونقلها إلى ملايين المتابعين (واس)
TT

«إعلام الحج»... نقل الرسالة بـ711 ساعة بث عبر 150 وسيلة إعلام دولية

كثير من القصص الملهمة استفادت من البيئة المهيأة للإنجاز ونقلها إلى ملايين المتابعين (واس)
كثير من القصص الملهمة استفادت من البيئة المهيأة للإنجاز ونقلها إلى ملايين المتابعين (واس)

من قلب مكة المكرمة، التي يؤمها الملايين، ويفد إليها المسلمون من كل فج عميق، توصل النوافذ الإعلامية بمختلف أشكالها تفاصيل شعيرة الحج ومشاعر المؤمنين التي تفيض في البقاع المقدسة، للعالم أجمع، صوتاً وصورةً، في نقل حيّ ومباشر ومتزامن مع رحلة الحجاج منذ وصولهم وحتى إتمامهم النُّسك، وقد تهيأت لهم الإمكانات، وذُللت لهم التحديات، لمساعدتهم في مهمة التغطية الإعلامية الرصينة من قلب الحدث، نجحت خلال موسم حج هذا العام في بثّ أكثر من 700 ساعة مباشرة إلى العالم، بمشاركة أكثر من 150 وسيلة إعلامية من 35 دولة حول العالم.

كثير من القصص الملهمة، استفادت من البيئة المهيأة للإنجاز، ووظفت التقنيات المبتكرة، لنقلها من هذه البقاع المقدسة ومهوى أفئدة الناس، إلى ملايين المتابعين والمتتبعين لما يبث ويحكى على صعيد عرفة، أو أمام الكعبة، إذ يحيط بها المؤمنون بثيابهم البيضاء، وقلوبهم المنقطعة للعبادة، في قصة نجاح سعودية إعلامية، تضاهي نجاحات تنظيم الأجهزة السعودية الأخرى لهذه الشعيرة الدينية التي يرتبط بها الملايين، ويحرصون على متابعة رحلة الحجاج عبر العالم، وما ينتجه الإعلاميون من تغطيات فريدة على مستوى الحدث.

أكثر من 700 ساعة بث مباشرة إلى العالم بمشاركة أكثر من 150 وسيلة إعلامية من 35 دولة حول العالم (وزارة الإعلام)

711 ساعة بث مباشر

وفود إعلامية مختلفة شاركت في تغطية حدث الحج وتفاصيله الإيمانية، قدِمت من 35 دولة حول العالم، وصلت إلى السعودية ونقلت نحو 711 ساعة بث على شاشات التلفزيون من أرض الحدث.

وكشفت الهيئة العامة لتنظيم الإعلام عن بعض ملامح النجاح في موسم حج 1445، وعن دورها في تسهيل عمل الوفود الإعلامية، التي اصطحبت نحو 2137 جهازاً للعمل على مستوى المناسبة، إضافة إلى تصاريح مركبات الربط العلوي بالأقمار الاصطناعية وعربات الاستوديوهات التلفزيونية والإذاعية، متجاوزاً المستهدف بما يحقق نسبة إنجاز فاقت 100 في المائة عن العام الماضي.

كثير من القصص الملهمة استفادت من البيئة المهيأة للإنجاز ونقلها إلى ملايين المتابعين (واس)

وعززت هيئة تنظيم الإعلام السعودية دورها الحيوي في دعم التغطية الإعلامية لشعائر الحج وتوفيرها لأعلى معايير الجودة، ونجحت في تسهيل تسجيل رقم قياسي لبث 711 ساعة إلى العالم، توزعت بين عدد ساعات بث لمركبات الربط العلوي التي بلغت 690 ساعة، و21 ساعة من ملتقى إعلام الحج، الذي نظمته وزارة الإعلام السعودية لخدمة جهود الإعلاميين، ليصل إجمالي عدد ساعات البث التلفزيوني المباشر إلى 711 ساعة.

في حين بلغ إجمالي عدد الإذاعات التي تم رصدها في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة 22 إذاعة، قدمت برامجها بـ12 لغة، وبلغ عدد إشارات البث الرسمي للوصلات الصاعدة عبر الأقمار الاصطناعية باستخدام أنظمة مؤسسة «عرب سات 10 إشارات».

وأكد الدكتور عبد اللطيف العبد اللطيف، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لتنظيم الإعلام، التزام الهيئة بتقديم أفضل الخدمات الإعلامية؛ لضمان وصول صورة واضحة وشاملة لما يجري في الحرم المكي والمشاعر المقدسة إلى العالم أجمع، منوهاً بما يجده الإعلام من دعم وتمكين من القيادة السعودية، منحته القدرة والجاهزية لتغطية مناسبة مهمة وعالمية بكل المقاييس مثل موسم الحج.

وأكد العبد اللطيف أن هذه الجهود تأتي في إطار حرص منظومة وزارة الإعلام، بدعم وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري، على دعم التغطية الإعلامية لشعائر الحج بكل احترافية ومهنية؛ لتكون تغطية مُنظّمة، وتحقق أعلى معايير الجودة، وتعكس استراتيجيتها الجديدة، لقيادة القطاع الإعلامي في المملكة نحو الريادة على المستويين الإقليمي والدولي بكفاءة كوادره الوطنية.

أكثر من 150 وسيلة استفادت من الملتقى الذي نظمته وزارة الإعلام السعودية ضمن فعاليات عام التحوُّل الإعلامي (وزارة الإعلام)

ملتقى إعلام الحج... مواكبة دائبة

قدمت النسخة الأولى من مبادرة «ملتقى إعلام الحج»، فرصة ثمينة لمواكبة إعلامية دائبة لموسم حج هذا العام، وتدفق أكثر من 2000 إعلامي وصحافي وزائر، للاطلاع على ما يُشبه خلية نحل عاملة على إنتاج وتصدير القصص الملهمة والفريدة، إذ تنتشر عدسات المصورين وأقلام المحررين، ويُسمع لأزرار الآلات الكاتبة دوي لملاحقة التفاصيل وإعادة صفّها في منتج إعلامي يجد طريقه إلى وجدان الجماهير.

أكثر من 150 وسيلة إعلامية، محلية وعربية ودولية، استفادت من الخدمات الإعلامية والتقنية للملتقى الذي نظمته وزارة الإعلام السعودية، ضمن فعاليات عام التحوُّل الإعلامي، خلال الفترة من 4 إلى 10 من ذي الحجة، على مساحة تقدر بـ6 آلاف متر مربع بمركز «مكة المكرمة للمعارض والفعاليات» التابع لغرفة مكة المكرمة.

وبالتزامن مع أجنحة الملتقى الذي لم تهدأ فيه الحركة على هامش موسم الحج، استفاد من منصة المركز الإعلامي الافتراضي (VPC)، أكثر من 1450 إعلامياً مسجلاً من مختلف دول العالم، وبلغت الملفات المرفوعة أكثر من 2920، كما وصل إجمالي الأخبار المنشورة على المنصة أكثر من 1005 تغطيات إخبارية.

متحدثون من الأجهزة السعودية المتصلة بخدمة ضيوف الرحمن يبثّون رسائل الطمأنينة والالتزام (تصوير: عدنان مهدلي)

وقدمت وسائل الإعلام المحلية والدولية، من أرض الملتقى، تغطيات متنوعة من مقر الملتقى بوجود المساحات المخصصة، وعربات النقل المباشر واستديوهات البث، للقيام بتغطيتها على الوجه المطلوب، وكان الملتقى نافذة لنقل أمين من قلب العاصمة المقدسة، في حين كان المؤتمر الصحافي اليومي لحج 1445هـ، الذي شارك فيه متحدثون من الأجهزة السعودية المتصلة بخدمة ضيوف الرحمن، نافذة مهمة لبثّ رسائل الطمأنينة، وتجديد الالتزام السعودي التاريخي لخدمة الحجاج، والتواصل مع كل ذي حاجة وسؤال.