هل يواجه «تلغرام» خطر «الحظر» مجدداً؟

ترند

شعار تطبيق «تلغرام» بين اثنين من المستخدمين (رويترز)
شعار تطبيق «تلغرام» بين اثنين من المستخدمين (رويترز)
TT

هل يواجه «تلغرام» خطر «الحظر» مجدداً؟

شعار تطبيق «تلغرام» بين اثنين من المستخدمين (رويترز)
شعار تطبيق «تلغرام» بين اثنين من المستخدمين (رويترز)

جددت اتهامات وجهتها شركات إعلامية لتطبيق «تلغرام» في إسبانيا، عقب تداول التطبيق «محتوى محمياً بموجب القانون من دون إذن مسبق»، تساؤلات حول مستقبل التطبيق في الدول، وإمكانية حظره مجدداً، لا سيما بعد قرار قاضٍ إسباني بحظر «تلغرام» مؤقتاً.

ومع أن القاضي الإسباني تراجع عن قرار حظر التطبيق بعد ذلك، لحين انتظار تقرير من الشرطة حول التطبيق؛ رأى خبراء أن «تلغرام» في حاجة إلى تعزيز حقوق النشر، وإعادة النظر في تداول «المحتوى العنيف والمضلل» كي يتفادى إجراءات الحظر مجدداً.

ما حصل أن المحكمة الوطنية في إسبانيا (المكلفة بالقضايا الحساسة) قرّرت بنهاية مارس (آذار) الماضي، التعليق «المؤقت» لمنصة «تلغرام»، في ضوء شكاوى عدة قدمتها شركات إعلامية إسبانية كبرى مثل «آرتيس ميديا»، و«ميدياست»، و«تيليفونيكا»، و«موفيستار»، و«إيغيدا»، بحجة «انتهاك حقوق الملكية الفكرية». وكان السبب أن «تلغرام» يسمح - في رأي المحكمة - للمستخدمين بـ«تحميل محتواهم من دون إذن». غير أن القاضي سانتياغو بيدراز، من المحكمة الوطنية، تراجع عن قراره بعد أيام، ووصفه بأنه «إجراء مفرط وغير متناسب»، بحسب بيان للمحكمة الوطنية.

وهنا نشير إلى أن إسبانيا ليست أول دولة تدرس خطوة حظر هذا التطبيق، بل تحظره أيضاً كل من الصين وتايلاند وكوبا وباكستان والبرازيل وإيران، لأسباب سياسية تتعلق بكل دولة على حدة.

«تلغرام» يُعد رابع أكثر تطبيقات المراسلة شيوعاً على مستوى العالم بعد «واتساب» و«وي تشات» و«ماسنجر فيسبوك»، بإجمالي مستخدمين يقدر بـ1.562 مليار و800 مليون مستخدم نشط شهرياً في عام 2024، كما يضم التطبيق نحو 196 مليون مستخدم نشط يومياً، حسب بيانات نشرها الموقع الأميركي «بنك ماي سيل»، وهو موقع رائد لمقارنة الأسعار في سوق الاتصالات والرقمنة، خلال مارس الماضي. في حين أشارت توقعات «بنك ماي سيل» إلى استمرار صعود قاعدة مستخدمي «تلغرام» في النمو، إذ ينضم 1.5 مليون مستخدم جديد إلى التطبيق يومياً. غير أن آخرين يحذرون من تبعات دعوات الحظر التي تلاحق التطبيق.

محمد السويعي، الخبير السعودي المتخصص في إدارة تقنية المعلومات والأمن السيبراني والباحث في أنظمة الذكاء الاصطناعي، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «ملاحقات الحظر لـ(تلغرام) جاءت انعكاساً لتأثير التطبيق في سوق التواصل والمراسلات». وأردف: «لقد تمكّنت منصة (تلغرام) من تحقيق شعبية كبيرة، ومنافسة منصات مثل (واتساب) وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي، بسبب سياستها الأقل صرامة فيما يخص حرية التعبير والخصوصية». ثم أوضح أن «البعض من المستخدمين يثمّنون الميزات الأمنية مثل تشفير المحادثات والمجموعات والقنوات ذات العدد غير المحدود من الأعضاء، الأمر الذي يجعل (تلغرام) خياراً لمن يبحثون عن بدائل توفر مزيداً من حرية التعبير من دون ضوابط فعلية».

وبالمناسبة، حظي تطبيق «تلغرام» باهتمام كبير منذ اندلاع «حرب غزة» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ويدلل على ذلك منشور يعود لمؤسس التطبيق، رائد الأعمال الروسي بافيل دوروف، عبر قناته على التطبيق في اليوم التالي لاندلاع الحرب، أشار فيه إلى أن «مئات الآلاف سجّلوا في (تلغرام) من إسرائيل والأراضي الفلسطينية»، وعليه قرّر التطبيق دعم اللغتين العبرية والعربية. وقال في حينه إنه «يجب أن يحظى كل شخص متضرر من الحرب بإمكانية الوصول إلى الأخبار والاتصالات».

من جهة ثانية، عدّ الإعلام الإسرائيلي «تلغرام» عاملاً فعالاً في الحرب، وذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، في فبراير (شباط) الماضي، أن الضربات التي تعرّضت لها إسرائيل منذ اندلاع الحرب تزامنت مع صعود النشاط على «تلغرام»، لا سيما أن التطبيق عدّه خبراء «متنفساً» لحركة «حماس» ما أسهم في مزيد من التفاعلات مع منشورات «حماس».

السويعي رأى أن «حرب غزة» جاءت فرصة ذهبية للتطبيق، فمنذ اندلاع الحرب حظي «تلغرام» بشهرة بين المستخدمين، بسبب اعتماد الكثير عليه في الاتصال ومتابعة الأخبار. وتابع الخبير السعودي أن «نشر أي محتوى عن أزمات الحروب والأحداث السياسية على منصات التواصل الاجتماعي، يمكن أن نأخذه من منظورين: الأول هو تعزيز الحريات الإعلامية وحرية التعبير، عندما توفر المنصات فرصة للأفراد أو للوسائل الإعلامية لنشر المعلومات والأخبار سواء كانت صحيحة أو مغلوطة من دون تقييد كبير. والثاني قد يرى البعض أنها استراتيجية تتبعها هذه المنصات لجذب الجمهور وزيادة عدد المستخدمين، خاصة في ظل أزمات الحروب والأحداث السياسية الساخنة... مع اعتبار القضية متعددة الأبعاد وتعتمد على كيفية نظر المتلقي للخبر وثقته بناقل الخبر».

السويعي قال أيضاً إن استخدام منصات التواصل الاجتماعي للنشر يطرح تساؤلات حول التوازن بين حرية التعبير وحماية حقوق النشر. وأضاف: «من جهة، يمكن عدّ نشر المحتوى تحت مظلة حرية التعبير ميزة للمنصة. ومن جهة أخرى، قد يرى البعض أنه يتعارض مع سياسات منع نشر المحتوى الذي يحتوي على العنف أو الكراهية أو التحريض أو تأجيج الصراعات بين المجتمعات»، وبالتالي، فإن «الأمر يعتمد على المعايير الأخلاقية والتشريعات الدولية التي تلتزم بها المنصة وكيفية تطبيقها على ما ينشر من محتوى على منصتها».

أيضاً أشار السويعي إلى أن «(تلغرام) يواجه الكثير من الجدل والتحديات المتعلقة بالخصوصية واستخدامه في الأنشطة غير المشروعة، فضلاً عن الاتهامات التي تواجه التطبيق من قبل شركات إعلامية رئيسية في إسبانيا، ما قد يتبعه حظر التطبيق في إسبانيا، وفي بعض دول الاتحاد الأوروبي... وهو ما يؤثر سلباً على قاعدة مستخدمي التطبيق وسمعته في الاتحاد الأوروبي، كون هذه الدول ملزمة باللوائح العامة لحماية البيانات (GDPR)، وقد يدفع المستخدمين والجهات الإعلامية في الاتحاد الأوروبي للبحث عن بدائل أخرى». الجدير بالذكر أن صحيفة «فايننشال تايمز» وجهت اتهامات لمنصة «تلغرام» بعدما نشرت تحقيقاً أخيراً عن قنوات تعرض عبر التطبيق سلعاً «غير مشروعة»، وذكرت أنها تشمل «أسلحة ومواد مخدرة». كذلك أفادت الصحيفة بأن «(تلغرام) تحوّل من تطبيق مراسلة متخصص إلى مصدر إخباري غير موثوق، ارتبط بالأزمات الجيوسياسية والإنسانية مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا أو الصراع بين إسرائيل و(حماس)».

في هذه الثناء، رأى أكرم فرج، خبير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإعلام في مصر، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن سياسات التضييق وازدواجية المعايير التي تتبعها المنصات التابعة لشركات التكنولوجيا العملاقة مثل «ميتا» و«غوغل»، دفعت البعض إلى «تلغرام» على أنه متنفس للحرية وتداول الأخبار «من دون تهديدات الحجب التي بات المستخدم يتحايل عليها بخداع الخوارزميات». ثم أضاف أن «حماية الأمن العام حق للدول، غير أن إجراءات حظر التطبيق لن تؤتي ثمارها وليست الحل السحري كما يعتقد بعض السياسيين... وثمة مشاكل أصيلة يجب التصدي لها أولاً؛ أهمها احتكار الشركات العملاقة في مجالات التكنولوجيا وتبعات ذلك من التأثير على المستخدمين لصالح اتجاهات سياسية بعينها».

فرج أشار إلى أن «التلويح بحظر (تلغرام) بشكل متجدد، هو قرار من الحكومات لحفظ ماء الوجه... فالحكومات تعلم أن هذه القرارات ليس لها أثر بالغ، لأن أدوات التكنولوجيا توفر الحلول مثل خدمات (في بي إن) التي تسمح بتغيير الدول ومن ثم فتح الروابط المحظورة بسهولة». لكنه قال إن للدول حقاً أصيلاً في سن القوانين بهدف «التصدي لنشر أي محتوى يمكن وصفه بالعنيف أو المؤجج للصراعات الدولية».

وبالتالي، دعا إلى «وضع قوانين ملزمة لجميع المنصات بعيداً عن أي اتجاهات سياسية أو أغراض تنافسية»، مضيفاً أنه «حان الوقت ألا تتقيد الدول بتطبيقات حيكت لتخدم مصالح مجتمعات أخرى، فالتطورات الحثيثة خلقت فرصاً لإطلاق تطبيقات تواصل محلية وإقليمية تحترم خصوصية كل مجتمع».

هذا، وبينما عدّ خبير تكنولوجيا المعلومات المصري تجربة «تلغرام» جيدة فيما يخص مساحات الحرية، فإنه وجه انتقادات لاستراتيجيات التطبيق في جذب المستخدمين، قائلاً إن «(تلغرام) لم يكن واضحاً منذ البداية في الإفصاح عن استراتيجياته، بينما اعتمد على سياسة جذب المستخدم وتوفير خدمات تنافسية من دون قيود، وأهمل المسؤولية المجتمعية ومعايير حماية نشر المحتوى الملزمة بموجب قانون كل دولة». ومن ثم، توقع «ألا تسمح الدول للتطبيق بالاستمرار على هذا النحو، إذ يجب إعادة النظر في سياسة (تلغرام)، حتى إن لم يكن الحظر كبير الأثر، ذلك أن السوق تفرض على مؤسسي التطبيق مسايرة الاتجاهات العامة واحترام الحقوق».


مقالات ذات صلة

خلال موسم الحج... «اعتدال» و«تلغرام» يُزيلان أكثر من مليونَي محتوى متطرف

الخليج «اعتدال» و«تلغرام» يتعاونان منذ عام 2022 على الوقاية ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف (الشرق الأوسط)

خلال موسم الحج... «اعتدال» و«تلغرام» يُزيلان أكثر من مليونَي محتوى متطرف

نجحت شراكة «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)»، ومنصة «تلغرام» خلال موسم الحج للعام الحالي، في إزالة أكثر من مليونَي محتوى متطرف.

غازي الحارثي (الرياض)
تكنولوجيا الملياردير بافيل دوروف مؤسس تطبيق «تلغرام» خلال خطاب في برشلونة فبراير 2016 (أرشيفية - رويترز)

مؤسس «تلغرام»: التطبيق ينتشر كالنار في الهشيم

قال الملياردير بافيل دوروف مؤسس تطبيق «تلغرام» للمراسلة إنه من المرجح أن يتجاوز عدد مستخدمي التطبيق النشِطين شهرياً المليار مستخدم في غضون عام

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا المحكمة العليا الإسبانية أمرت بتعليق برنامج المراسلة «تليغرام» في البلاد (رويترز)

إسبانيا تعلق استخدام «تلغرام» مؤقتاً

أعلن مصدر بالمحكمة العليا الإسبانية أن المحكمة أمرت بتعليق برنامج المراسلة «تلغرام» في البلاد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
شؤون إقليمية الرئيس الإسرائيلي يتسحق هرتسوغ (أرشيفية - رويترز)

اختراق حساب «تلغرام» الخاص بالرئيس الإسرائيلي

تعرّض حساب الرئيس الإسرائيلي يتسحق هرتسوغ، على تطبيق المراسلة المشفرة «تلغرام»، للاختراق، وفق ما أعلن متحدث باسمه.

«الشرق الأوسط» (القدس)
أوروبا قاض في المحكمة العليا الروسية يقرأ حكماً (رويترز)

السجن ثماني سنوات ونصف سنة لمدوّن روسي انتقد غزو أوكرانيا

قضت محكمة روسية، الجمعة، بسجن مدوِّن ثماني سنوات ونصف سنة على خلفية منشور ينتقد الهجوم على أوكرانيا، في قضية تعكس قمع معارضي النزاع.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

قنوات «واتساب» للأخبار... بين تعزيز التفاعل وضعف الأرباح

نجح الناشرون الكبار في الوصول إلى ملايين الأشخاص عبر قنوات «واتساب» (ميتا)
نجح الناشرون الكبار في الوصول إلى ملايين الأشخاص عبر قنوات «واتساب» (ميتا)
TT

قنوات «واتساب» للأخبار... بين تعزيز التفاعل وضعف الأرباح

نجح الناشرون الكبار في الوصول إلى ملايين الأشخاص عبر قنوات «واتساب» (ميتا)
نجح الناشرون الكبار في الوصول إلى ملايين الأشخاص عبر قنوات «واتساب» (ميتا)

بعد مرور أكثر من سنة على خدمة القنوات الإخبارية بـ«واتساب»، أثيرت تساؤلات أخيراً حول مدى تحقيق المستهدف من الخدمة. وأشار متخصصون التقتهم «الشرق الأوسط» إلى أهمية التفاعل وتعزيز العلاقة المباشرة بين الناشر والمُستخدمين، غير أن الفشل في تحقيق أرباح لمنصات الأخبار يجعل «واتساب» بديلاً محدوداً لـ«فيسبوك».

شركة «ميتا» كانت قد أطلقت خدمة «القنوات» على «واتساب» يوم 8 يونيو (حزيران) 2023؛ وهي عبارة عن نظام توزيع محتوى أحادي الاتجاه - أي لا يسمح بالنشر إلا من مالك القناة (الناشر) - مدمج في تطبيق «واتساب» الرئيسي، بعكس خدمة «مجتمعات واتساب» التي يمكن أن تضم 2000 عضو حداً أقصى.

وكان لدى الناشرين توقعات كبيرة عند إطلاق القنوات الإخبارية على «واتساب» آملين في زيادة تفاعل الجمهور والتكيف مع المشهد المتغير لاستهلاك الأخبار على منصات التواصل الاجتماعي. وعزز هذا الاتجاه استطلاع أجراه «معهد رويترز للصحافة» في نهاية عام 2023، وذهب إلى تحليل إجابات واردة من 314 ناشراً للأخبار في 56 دولة. وأشارت نتائج الاستطلاع إلى أن 61 في المائة من عينة الاستطلاع بصدد بذل مزيد من الجهد لتحسين خدمة قنوات الأخبار على «واتساب»، أملاً في زيادة التفاعل المباشر مع المُستخدمين وتعويض الخسائر.

ويشار إلى أنه على مدار العام الماضي، نجح الناشرون الكبار في الوصول إلى ملايين الأشخاص عبر قنوات «واتساب» (التطبيق الذي يستخدمه نحو ملياري شخص حول العالم وفقاً لأحدث تقديرات عام 2024)، مثلاً صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قائمة الأكثر متابعة بأكثر من 12 مليون مشترك، ما يعد بنتائج واعدة بالنسبة للناشرين الذين يتطلعون إلى بناء زيادة القاعدة الجماهيرية وتحسين سبل التفاعل المباشر.

الدكتور السر علي سعد، الأستاذ المشارك في تخصّص الإعلام الجديد بجامعة أم القيوين في دولة الإمارات العربية المتحدة، قال: «إنه على الرغم من التوقعات الإيجابية التي استقبل بها الناشرون خدمة قنوات (واتساب)، فإنهم واجهوا تحديات في الاستفادة الكاملة من إمكانات (واتساب) بسبب قيود مثل العمل اليدوي المطلوب، وإهمال استراتيجيات إشراك الجمهور، ما حال دون حدوث تحوّل في العلاقة بالقراء». وأشار كذلك إلى «صعوبة تكييف اللغة الصحافية مع الخصائص الفريدة لـ(واتساب) بوصفه أداة تواصل عبر الهاتف المحمول والتواصل بين الأشخاص، ما خفّض توقعات الوصول بنجاح إلى الجمهور الأصغر سناً وإقامة علاقات ذات مغزى بالقراء».

من ناحية أخرى، رأى سعد في خدمة القنوات الإخبارية على «واتساب» عدة مزايا لصناعة الأخبار، بينها «زيادة تفاعل الجمهور، والتواصل الفوري مع القراء، بجانب أن العرض على (واتساب) لا يتطلب تنسيق الأخبار بطريقة محددة ما سمح بالتنوع، وجميعها قرائن تُدلل على خدمة صُناع الأخبار». وأردف: «أظهرت الأبحاث أن (واتساب) بوصفه تطبيقاً يسمح للمؤسسات الإعلامية بتعزيز جودة مصادر أخبارها وزيادة عدد الزيارات وبناء علاقة أوثق بقرائها».

وأضاف سعد: «علاوة على ذلك، تتيح إمكانات الوسائط المتعددة التي تتمتع بها المنصة نشر صيغ مختلفة من المحتوى مثل النصوص والصور ومقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية، مما يساهم في نمو تطبيقها بوصفها قناة لتوزيع الأخبار». وعدّ قنوات «واتساب» أداة قيّمة للصحافيين خلال أوقات الأزمات، مشيراً إلى أن «(واتساب) بات يوفر مساحة جديدة للوساطة الإعلامية والتعليق والظهور، ومن ثم توسيع نطاق وصول وتأثير التقارير الإخبارية».

وفي السياق نفسه، أوضح سعد أن مستقبل خدمة قنوات الأخبار على «واتساب» يبدو واعداً، موضحاً أن «التطور المستمر في استخدام واتساب أداة للتواصل الاجتماعي وتوزيع المحتوى ينعكس على أداء الناشرين من خلال تطوير محتوى مخصص لقنوات الخدمة يتناسب مع طبيعة التطبيق وتفضيلات المستخدمين».

في المقابل، يرى مراقبون أن أحد عيوب قنوات «واتساب» بالنسبة للناشرين هو أنها «لا ترسل الإشعارات تلقائياً عند نشر محتوى جديد»، بينما «يضطر المُستخدم إلى القيام بذلك يدوياً لكل قناة يشترك فيها». كذلك تفتقر «قنوات واتساب» إلى فرص الربح المباشر، بينما تقتصر الفوائد الربحية على توجيه الزوار إلى المواقع الإلكترونية، ومن ثم تحقيق زيارات أو الاكتفاء بميزة التفاعل. وهنا قال معتز نادي، الصحافي والمدرب المتخصص في الإعلام الرقمي: «إن الربح المباشر لم يكن الهدف الأهم لدى الناشرين من البداية». وأضاف أن «هناك عدة مكاسب تحققت من قنوات الأخبار على (واتساب) أهمها تطبيق مبدأ الخصوصية؛ حيث يُمكن لأي مستخدم الدخول دون الإفصاح عن هويته، كما أن سهولة الوصول للخبر ساهمت في انتشار الأخبار، فضلاً عن التفاعل بالتعليق برموز تعبيرية أو إعادة النشر، ومن ثم الوصول لقاعدة جماهيرية كبيرة ربما خارج نطاق المشاركين في القناة».

وحسب نادي، فإن الناشرين يستطيعون تحقيق أرباح من «واتساب» على نحو غير مباشر، ذلك أن «نشر الأخبار بأشكالها المتعددة، هو طريقة لجذب المستخدم إلى قنوات أخرى، مثل الموقع الإلكتروني أو القناة على (يوتيوب)، ومن ثم تحقيق مشاهدات وزيارات تدر عائداً مادياً من منصات أخرى، وهنا يتحقق ربح يُمكن قياسه على نحو أكثر دقة من خلال الناشرين».