هل تحد منصات التواصل من «تلاعب» الذكاء الاصطناعي خلال الانتخابات؟

ترند

شعار «ميتا» (أ.ب)
شعار «ميتا» (أ.ب)
TT

هل تحد منصات التواصل من «تلاعب» الذكاء الاصطناعي خلال الانتخابات؟

شعار «ميتا» (أ.ب)
شعار «ميتا» (أ.ب)

أثار إعلان منصات التكنولوجيا الكبرى عزمها اتخاذ «تدابير» للحد مما اعتبرته «تلاعب الذكاء الاصطناعي خلال الانتخابات»، تساؤلات حول جدية القرار وتأثيراته، ففي حين عدّ بعض الخبراء الاتجاه «جيداً»، رأى آخرون أنه «غير ملزم»، ولا سيما وسط استعداد أكثر من نصف سكان العالم للتصويت في الانتخابات التي ستشهدها عدة دول، وعلى رأسها الولايات المتحدة.

وقّعت 12 شركة تشارك في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، في 16 فبراير (شباط) الماضي، خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، اتفاقاً للعمل معاً لاكتشاف ومكافحة محتوى الذكاء الاصطناعي الضار في الانتخابات، ولا سيما المحتوى المُصمم بتقنية التزييف العميق للمرشحين السياسيين، التي تخدع الناخبين بشكل متعمد.

وشملت الشركات الموقعة؛ «أوبن إيه آي»، «غوغل»، «ميتا»، «مايكروسوفت»، «تيك توك»، «أدوبي» وغيرها، وفق ما أوردت وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية. وتعهدت كبريات شركات التكنولوجيا، التي تمتلك منصات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث، وفقاً للاتفاقية، بـ«التصدي لنشر (المعلومات المضللة) المولدة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي فيما يخص أي انتخابات سياسية على مستوى العالم»، وتضمنت الاتفاقية اعترافاً من الشركات الموقعة بأن «الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسبب الارتباك والفوضى للناخبين».

شعار «غوغل» على مدخل بنايتها في مدينة نيويورك الأميركية (أ.ب)

وتضمنت الاتفاقية، التي تسمى «الاتفاق الفني لمكافحة الاستخدام الخادع للذكاء الاصطناعي في انتخابات 2024»، التزامات «طوعية» بالتعاون للكشف عن «المحتوى المضلل» الناتج عن الذكاء الاصطناعي وتمييزه للمستخدم، كما دعت الاتفاقية الشركات إلى التحلي بالشفافية مع الجمهور بشأن الجهود المبذولة لمعالجة محتوى الذكاء الاصطناعي الذي قد يكون ضاراً.

الصحافية اللبنانية، هيفاء البنا، مدربة في الإعلام ومواقع التواصل، مديرة تسويق رقمي، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الشركات لديها الإمكانات لدرء أضرار الذكاء الاصطناعي ووضع الأطر التنظيمية منذ البداية، وبالفعل اتجهت بعض المنصات الإخبارية العملاقة لتزويد نظامها بأدوات الكشف عن المحتوى المضلل». وعدّت هيفاء أن «الاتفاقية هي بمثابة اعتراف بانحرافات الذكاء الاصطناعي، فهي آلة لا تحتكم للأخلاقيات البشرية، ومن ثم نحن أمام فرصة لوضع الأطر التنظيمية التي تفادي العالم لاحقاً تبعات مثيرة للقلق بشأن تحكم الذكاء الاصطناعي في المستقبل والتلاعب السياسي».

وكان رجل الأعمال الأميركي، إيلون ماسك، مالك «إكس»، قد وجّه اتهامات بـ«العنصرية لشركة (غوغل)»، تعقيباً على نشر صور لجنود نازيين وكأنهم كانوا من ذوات البشرة الداكنة، الأسبوع الماضي، ما اعتبره ماسك «تلاعباً بالتاريخ» و«سقطة عنصرية». من جانبها، كشفت «غوغل» عن أن الصور تم توليدها بنظام الذكاء الاصطناعي الخاص بالشركة «جيميني»، وعليه خرجت الشركة وأعلنت أنها «ستتوقف مؤقتاً عن استخدام البرنامج الخاص بتوليد الصور حتى تتمكن من تصحيح التنوع».

وتشير هيفاء إلى أن «أدوات الذكاء الاصطناعي قائمة على التغذية بالمعلومات التي قد تكون عرضة للخطأ بشكل كبير، ومن ثم أمام الشركات العملاقة وقت وتجارب قبل أن تطلق مشروعاتها للذكاء الاصطناعي حتى تضمن تحقيق أسس أخلاقية مثل الدقة والمصداقية، وهذا الأمر شديد الحساسية في أوقات الانتخابات والقرارات السياسية»، لافتة إلى أن «(غوغل) تحديداً أطلقت مشروع (جيميني) مسرعة للحاق بالركب، فكانت تستهدف منافسة (تشات جي بي تي)، غير أنها لم تكن جاهزة بعد».

فيما ثمّنت هيفاء الاتفاقية المبرمة بين شركات التكنولوجيا، ولفتت أيضاً إلى أن الاتفاق غير ملزم للمنصات و«لا يفرض إزالة المنشور إذا ثبت أنه مصنوع بأدوات الذكاء الاصطناعي ويشوبه التضليل»، قائلة: «لم نصل إلى إلزام المنصات بحذف المنشورات المزيفة وهو محبط، لكن مجرد الإشارة لأنه محتوى موّلد بالذكاء الاصطناعي من شأنه تنبيه المستخدم للتأكد من صحة المعلومات».

وتبنت هيفاء منظور «غير متفائل» لمستقبل أدوات الذكاء الاصطناعي، وخاصة على منصات التواصل الاجتماعي، وقالت إن «استبدال البشر بالآلة له تبعات تثير القلق بشأن التحليل والأخلاقيات، صحيح أن أدوات الذكاء الاصطناعي توفر السرعة، لكن إذا أصبحت المعلومة تصدر وتنتشر دون تدخل بشري يحتكم إلى الأخلاقيات، فإن كثيراً من التلاعب والتضليل في انتظارنا».

ويأتي الإعلان عن الاتفاقية بعد أن كشفت «أوبن إيه آي» في فبراير الماضي، عن أداة جديدة تحاكي الواقع على نحو مذهل من خلال تحويل النص إلى فيديو، تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتسمى «Sora»، ليشدد الخبراء على «أهمية الإجراءات التنظيمية لمشروعات الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن، خصوصاً مع تسارع ظهور مجموعة متنامية من أدوات الذكاء الاصطناعي لها القدرة على توليد نصوص وصور واقعية مُقنعة بسرعة وسهولة»، وأشاروا إلى خطورة توليد مقاطع الصوت والفيديو التي يمكن استخدامها لنشر معلومات كاذبة لتضليل الناخبين.

وقالت كبيرة المستشارين ومديرة العدالة الرقمية والحقوق المدنية في منظمة «فري برس لمراقبة التكنولوجيا والإعلام»، نورا بينافيديز، في وقت سابق، إن «الوعود الطوعية التي نصت عليها الاتفاقية ليست مجدية بالشكل الكافي لمواجهة التحديات العالمية التي تهدد الديمقراطية». وأشارت بحسب ما أوردت «سي إن إن» الأميركية، إلى أنه «في كل دورة انتخابية، تتعهد شركات التكنولوجيا بمجموعة غامضة من المعايير الديمقراطية، ثم تفشل في الوفاء بهذه الوعود بشكل كامل». ورهنت معالجة الأضرار الحقيقية التي يشكلها الذكاء الاصطناعي في عام انتخابي مزدحم، بـ«ضرورة تحقيق إشراف قوي على المحتوى يتضمن المراجعة البشرية ووضع العلامات والتنفيذ».

من جانبه، يرى الصحافي والمدرب المصري المتخصص في الإعلام الرقمي، خالد البرماوي، أن «الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على (التزييف باحترافية)، ويصعب على المستخدم العادي اكتشافه، مثلاً تقنية (التزييف العميق) باتت أكثر يسراً من السابق، حتى غدا بإمكان أي شخص (فبركة) حدث بالكامل، ومن ثم ترك المجال لهذه الأدوات من شأنه إحداث فوضى سياسية».

وعدّ خالد توقيت الاتفاقية «هاماً للغاية»، غير أن وصفها بـ«الطوعية أمر يتطلب مزيداً من الصرامة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ألزمت قمة ميونيخ للأمن منصات التواصل الاجتماعي بأن تتحمل مسؤوليتها وأن تخضع للمراقبة، لكن لن تأتي هذه الخطوة بثمارها إلا إذا شارك المجتمع الدولي بجدية في خروج الأطر التنظيمية المقننة لاستخدام التكنولوجيا، ولا سيما أن المنصات ربما تجيد التقنيات، غير أنها ليست بالضرورة مؤهلة لإدارتها».

ولفت خالد إلى أن «شبكات التواصل الاجتماعي ليست ناضجة بما يكفي لتدخل لاعباً في المجتمع السياسي»، موضحاً: «بينما تحتضن منصات التواصل منظومة المعلومات في العالم، فإنها ليس على هذا القدر من المسؤولية، والاتفاقية التي أبرمت غير كافية، ولا سيما أن هذه الشركات تخضع للقانون الأميركي الذي يتعامل معها باعتبارها شركات اتصالات». وحسب المادة 230 من قانون الاتصالات الأميركي، «لا تُحاسب الشركات حال أي مخالفة وقعت على شبكاتهم، وهو المعمول به في منصات التواصل أيضاً». وطالب خالد بضرورة تغيير هذه المادة التي تعيق محاسبة منصات التواصل الاجتماعي، وقال إن «العالم يواجه خطر (المعلومات المضللة)، ومع تعقد المشهد السياسي العالمي بات الأمر أكثر خطورة، ومن ثم لا مجال للطوعية، بينما حان الوقت لقوانين مُلزمة».


مقالات ذات صلة

جيه دي فانس وإيلون ماسك... تنافس بين نائبَي الرئيس ترمب

الولايات المتحدة​ جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي يتحدث في البيت الأبيض بواشنطن 21 يناير 2025 (أ.ب)

جيه دي فانس وإيلون ماسك... تنافس بين نائبَي الرئيس ترمب

بين جيه دي فانس، نائب الرئيس الأميركي، وإيلون ماسك، الملياردير الذي لا يهدأ، يتطور تنافس فعلي، حتى في أروقة البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا أوليفيه فور سكرتير عام الحزب «الاشتراكي» ملقياً كلمته في مجلس النواب ومبرراً الامتناع عن التصويت لإسقاط حكومة بايرو (أ.ف.ب)

رئيس الحكومة الفرنسية نجا من السقوط في أول اختبار له بالبرلمان

رئيس الحكومة الفرنسية يجتاز اختبار سحب الثقة منه في البرلمان، ويبقى في منصبه بفضل الحزب «الاشتراكي» الرافض إسقاطه.

ميشال أبونجم (باريس)
الاقتصاد ميدان في توبنغن بألمانيا (رويترز)

الاقتصاد الألماني ينكمش للعام الثاني على التوالي في 2024

انكمش الاقتصاد الألماني، أكبر اقتصاد في أوروبا، للعام الثاني على التوالي في عام 2024، وفقاً للأرقام الأولية الرسمية الصادرة يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم الملياردير الأميركي إيلون ماسك (د.ب.أ)

ماسك يصف المفوض الأوروبي السابق بروتون بأنه «طاغية أوروبا»

وصف إيلون ماسك، السبت، المفوض الأوروبي السابق للشؤون الرقمية بأنه «طاغية أوروبا»، في رسائل متوترة جديدة بين الرجلين بشأن دعم ماسك لليمين المتطرف في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أميركا اللاتينية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يحيّي أنصاره لدى وصوله إلى الجمعية الوطنية لأداء اليمين الدستورية لولاية ثالثة في كاراكاس 10 يناير 2025 (رويترز)

أميركا تندد بتنصيب مادورو رئيساً... وتفرض عقوبات جديدة على فنزويلا

ندّدت الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، بـ«مهزلة» تنصيب نيكولاس مادورو رئيساً لفنزويلا لولاية ثالثة، وفرضت عقوبات جديدة على كاراكاس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

سليمان: نوّعنا شراكاتنا دولياً للحد من التضليل والتزييف الإعلامي

من مشاهد المعاناة في السودان (رويترز)
من مشاهد المعاناة في السودان (رويترز)
TT

سليمان: نوّعنا شراكاتنا دولياً للحد من التضليل والتزييف الإعلامي

من مشاهد المعاناة في السودان (رويترز)
من مشاهد المعاناة في السودان (رويترز)

أعلن المهندس عبد الرحيم سليمان، مدير عام اتحاد إذاعات الدول العربية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤتمر الرابع للإعلام العربي» سيُعقد في العاصمة العراقية، بغداد، خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل، وستعنى فعالياته بقضايا الساعة، وبينها ملفات التنمية، والبيئة، وموضوعية وسائل الإعلام في تغطية العدوان على الشعبين الفلسطيني واللبناني، والمنطقة العربية.

سليمان نوّه بدعم هيئة الإعلام العراقية ورئيسها الوزير كريم حمادي لمشروع تنظيم المؤتمر المقبل في العراق، وسط تعقيدات الأوضاع الطبيعية والبيئية في العراق والمنطقة، خلال العقود الماضية لأسباب عدة، من بينها إلقاء مئات آلاف الأطنان من القنابل على مناطق عمرانية وسكنية وزراعية. وأوضح المهندس سليمان أنها المرة الأولى التي تستضيف فيها الجمهورية العراقية مؤتمراً إعلامياً عربياً دولياً بهذا الحجم، بدعم من مؤسسات جامعة الدول العربية، ومن مسؤولي هيئة الإعلام العراقية والقائمين عليها وخبرائها.

الإعلام... والعدوان على فلسطين ولبنان

المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية كشف من ناحية ثانية، في كلامه لـ«الشرق الأوسط»، عن أن هذا المؤتمر العربي الكبير سينظَّم بالشراكة مع «شبكة الإعلام العراقي» بعد أسابيع قليلة من تنظيم الاتحاد مؤتمرات إعلامية وسياسية عربية كبيرة في تونس حول الحاجة إلى تطوير دعم «الإعلام المهني» لقضايا الشعبين الفلسطيني واللبناني، وللسلام في المنطقة، إلى جانب مواكبة التحديات الأمنية والجيو-استراتيجية الخطيرة التي تواجه كثيراً من الدول والشعوب العربية، وبينها الحرب المدمّرة الطويلة في السودان. وأوضح أن هذه الحرب تسببت حتى الآن في سقوط نحو 150 ألف قتيل ومئات الآلاف من الجرحى، وتشريد ملايين المواطنين وتهجيرهم.

المهندس عبد الرحيم سليمان (الشرق الأوسط)

حرب منسية

وأردف سليمان أن «انشغال الإعلام، سواء العربي أو الدولي، نسبياً بالحرب العدوانية على كل من فلسطين ولبنان همَّش إعلامياً ملفات خطيرة أخرى، من بينها معضلات التلوث، والبيئة، والتنمية، وحروب ونزاعات مسلحة خطيرة في المنطقة، بينها الحرب في السودان».

وتابع قائلاً: «الإعلام الدولي لا يواكب بالقدر الكافي محنة الشعب السوداني» حتى عدّ كثيرون الحرب المدمِّرة الحالية ضده «الحرب المنسية رغم الصبغة الجيو-استراتيجية المهمة جداً لهذا البلد العربي والأفريقي والإسلامي الكبير، الذي يتميّز بثروات بشرية ومادية هائلة، لكنه يعاني منذ عقود من التدخل الأجنبي، ومن أجندات محلية وإقليمية ودولية غير بريئة».

وعلى صعيد موازٍ، نفى سليمان أن تكون الأمانة العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية «أهملت التحديات الأمنية الخطيرة جداً التي تواجه المنطقة؛ بسبب انحياز الإعلام الغربي إلى الروايات الإسرائيلية للتطورات في فلسطين ولبنان والمنطقة». وأفاد بأن مقر الاتحاد استضاف أخيراً في تونس تظاهرات إعلامية وعلمية، قدَّم خلالها مهنيون وخبراء دراسات وتقارير علمية حول قضايا التحرّر الوطني العربية، وعلى رأسها قضايا إنهاء الاحتلال في فلسطين ولبنان، والتعريف بتوظيف أطراف غربية الإعلام الغربي والدولي لتشويه صورة العرب والمسلمين والأفارقة، ومطالبهم المشروعة في التحرّر الوطني والتنمية والتقدم، والشراكة مع كبار الفاعلين دولياً بما في ذلك في قطاعات حوكمة الإدارة والاقتصاد والبحث العلمي والتكنولوجيا والبيئة والمحيط.

العراق استعاد مجده

من جانب آخر، ورداً على سؤالنا عن خلفيات قرار عقد «المؤتمر الرابع للإعلام العربي» في بغداد في هذه الظروف تحديداً؟ وهل لم تكن هناك تخوّفات من الاضطرابات التي تشهدها المنطقة؟ أوضح سليمان أن الأمانة العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية «تتطلع إلى مؤتمر عربي ناجح ينظَّم الربيع المقبل في بغداد»، مضيفاً أن بغداد «عاصمة الحضارة والعروبة التي استردّت مجدها وألقها، واستحقت استضافة المؤتمر المقبل بعد نجاح مئات الخبراء خلال المؤتمرات الثلاثة الماضية في تونس في تقديم دراسات وتوصيات ومقررات مهنية نوعية بمشاركة خبراء من العالم أجمع». ومن ثم، أثنى على التطور الكبير الذي سُجِّل في قطاع الإعلام في العراق، وأورد أن «القفزات الإعلامية التي يشهدها العراق مكَّنته من حصد الجوائز الأوفر في المهرجانات والمسابقات الإذاعية والتلفزيونية التي ننظمها سنوياً».

استقلالية مالية

أيضاً، نوه المدير العام بانعقاد «الجمعية العامة» للاتحاد يومَي 15 و16 يناير (كانون الثاني) الحالي في المنطقة السياحية بالحمّامات، (60 كيلومتراً جنوب العاصمة تونس). وكان قد حضر هذه الفعالية إعلاميون ومسؤولون رسميون، ومشرفون على مراكز الأبحاث وتدريب الصحافيين وعن جامعات الأخبار والاتصال، ووسائل إعلام عربية ودولية، بجانب الاتحادات الإذاعية والتلفزيونية العربية والإسلامية والأوروبية والآسيوية والصينية والأفريقية، كما كان حاضراً الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية المكلف الإعلام، السفير المغربي أحمد رشيد الخطابي.

وقد انتظم على هامش هذا المؤتمر الإعلامي الكبير موكب رسمي تمَّ خلاله التوقيع على اتفاقية شراكة بين اتحاد إذاعات الدول العربية ومنظمة التحالف الإعلامي لدول أميركا اللاتينية.

وفي هذا الصدد، ثمَّن المهندس عبد الرحيم سليمان كون اتحاد إذاعات الدول العربية «نجح، بفضل شراكاته الدولية في القارات الخمس، والخدمات الاتصالية والتغطيات التلفزية والإذاعية عبر الأقمار الاصطناعية، في تلبية طلبات غالبية الدول ووسائل الإعلام العربية، وفي البلدان الشريكة للاتحاد في أوروبا وآسيا وأميركا، ما أسهم في مضاعفة موارده المالية». وذكر أن هذا «أسهم في الحد من تقديم إعلام عربي بديل عن مضامين إخبارية مكتوبة ومصوّرة عُرفت بالتزييف والتضليل».

وهنا يشار إلى أن الاتحاد هو المنظمة العربية الوحيدة التي تغطي، بفضل استثماراتها، حاجياتها المالية كلها، ولا تحتاج إلى دعم مالي من الدول العربية ومن مؤسسات الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

الإعلام في مواجهة التزييف والتضليل

وعلى صعيد متّصل، عدّ جامعيون من كليات الإعلام التونسية والعربية والغربية شاركوا في الجلسات العلمية للمؤتمر أن من بين أولويات المرحلة المقبلة بعد تطورات في المشرق العربي «التصدي إعلامياً بأساليب مهنية» لما وصفه عدد من الخبراء العرب والأجانب بأنه «استفحال ظاهرة التزييف والتضليل» في نشر الأخبار والتقارير المصورة والتوثيقية عن النزاعات والحروب، وبينها الحرب في أوكرانيا، وفي فلسطين ولبنان خلال الفترة الماضية، وفي بلدان عربية وأفريقية وإسلامية عدة تفاقمت فيها معاناة الشعوب وملايين الفارين من القتال، من بينها السودان واليمن وسوريا وليبيا.

ولقد نُظّم على هامش هذا الحدث كذلك، ملتقى حواري حول «مستقبل الإذاعة والتلفزيون في عهد التقارب الرقمي والبث متعدد المنصات»، بمشاركة خبراء من فلسطين، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والصين، وفرنسا، وإسبانيا.