حسابات مزيفة لمشاهير على «إكس» تُثير جدلاً

"إكس" فوق أحد مقراتها في سان فرانسيسكو (رويترز)
"إكس" فوق أحد مقراتها في سان فرانسيسكو (رويترز)
TT

حسابات مزيفة لمشاهير على «إكس» تُثير جدلاً

"إكس" فوق أحد مقراتها في سان فرانسيسكو (رويترز)
"إكس" فوق أحد مقراتها في سان فرانسيسكو (رويترز)

أثارت «حسابات مزيفة» لمشاهير على منصات التواصل الاجتماعي جدلاً في الآونة الأخيرة، لا سيما أنها تحمل شارة التوثيق الزرقاء، بعضها حمل شارة منصة «إكس»، ما قد يضفي عليها قدراً من المصداقية لدى بعض المستخدمين، ويؤدي بحسب بعض المراقبين إلى انتشار المعلومات الزائفة.

بعض الخبراء قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن حسابات مثل هذه موجودة منذ انطلاق منصات التواصل الاجتماعي، وإن اكتسبت زخماً إضافياً أخيراً. وأوضحوا أنها عادة ما تحمل إشارة واضحة لكونها حسابات ساخرة، لكن هذا لا يحدّ من تأثيرها السلبي أحياناً على المستخدمين.

الجدل الأخير، كان في مصر عقب ظهور حساب «مزيف» باسم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على منصة «إكس»، يحمل شارة التوثيق الزرقاء. وكان هذا الحساب يبث منشورات «غير دقيقة» باسم الرئيس، ما دفع الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، للتحذير منه. إذ كتب بكري عبر حسابه على «إكس»، عن وجود «حساب كاذب وساخر للأسف باسم الرئيس السيسي، من صناعة أهل الشر، حصل على العلامة الزرقاء مقابل 300 جنيه شهرياً (الدولار بـ30.9 جنيه)». وأضاف بكري: «هذا الحساب ينشر مجموعة من الأكاذيب على لسان الرئيس السيسي، وعندما تحتج وتشكو، يقال لك هذا حساب ساخر». غير أن السياسي المصري يعدّ الحساب «أداة للتضليل تتحمل مسؤوليتها إدارة منصة (إكس) التي سمحت بتوثيقه بالعلامة الزرقاء».

وحقاً، فإن حساب الرئيس المصري ليس الوحيد من هذا النوع، إذ توجد حسابات عدة لمشاهير على منصات التواصل، تحت مسمى «حسابات ساخرة (Parody)»، بينها حساب لمالك منصة «إكس» نفسه رجل الأعمال العالمي إيلون ماسك، إضافة إلى حسابات باسم الرئيس السوري بشار الأسد، والرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وغيرهم.

ويرى محمود غزيل، الصحافي اللبناني المدرّب في مجال التحقق من المعلومات، أن «الحسابات الساخرة موجودة منذ أن انطلقت منصات التواصل الاجتماعي، وعادة ما تحاول تقليد حسابات هيئات أو شخصيات عامة معروفة لدى شريحة واسعة من الناس ولكن بطريقة ساخرة». وأضاف خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» أن الفارق «الأبرز» بين الحسابات «المزيفة والساخرة»، هو أن «الأخيرة لا تحاول التخفي خلف مصداقية صاحب الحساب أو الظهور بشكل مطابق كما منشورات الحساب الأصلي على منصات التواصل من أجل إحداث القلقلة»، وتابع أن «الحسابات الساخرة يغلب على منشوراتها طابع السخرية، ويعمد عديد من أصحابها إلى إضافة كلمة ساخر أو (parody) في تفاصيل الحساب، ليس من أجل توضيح ذلك للناس فحسب، بل أيضاً التزاماً بقوانين منصات التواصل التي تفرض إضافة تلك العبارة».

ويلفت غزيل إلى أنه على سبيل المثال، تقول منصة «إكس» إن الحسابات «التي تقلّد شخصاً آخر أو مجموعة أو منظمة، لا تنتهك السياسة العامة للمنصة، لكن يجب أن تشمل صفحتها لغة أو مؤشرات أخرى تُعلم المستخدمين أن الحساب غير مرتبط بالشخصية الأساسية، وذلك لتجنب الالتباس».

أما بالنسبة لـ«فيسبوك»، فيشير غزيل إلى أن شركة «ميتا» تؤكد أيضاً «ضرورة أن يوضح الحساب الساخر ذلك للجمهور»، لافتاً إلى أنه من بين أشهر نماذج الحسابات الساخرة على «فيسبوك» حساب يحمل اسم «الصورة نفسها يومياً لراغب علامة»، وتوجد أيضاً على منصة «إكس» حسابات «ساخرة للأخبار»، بينها حساب باسم وكالة «رويترز»، وآخر باسم وكالة «سبوتنيك».

وفق المراقبين والمتخصصين فإنه رغم أن هذا النوع من «الحسابات الساخرة» متوافر في جميع منصات التواصل الاجتماعي، فإنه كما يقول غزيل: «شهد اندفاعة قوية على منصة (إكس) منذ عمد ماسك إلى تغيير قيمة علامة التوثيق الزرقاء، من خلال إتاحتها لكل من يريد مقابل اشتراك شهري... وباقي منصات التواصل اتبعت السياسة نفسها لاحقاً». ويضيف الصحافي والمدرب اللبناني أنه «أصبح بمقدور أي شخص الحصول على علامة التوثيق الزرقاء وجميع ميزاتها، من بينها، انتشار أقوى مقارنة بالحسابات الأخرى، ما أتاح للبعض استغلال تلك الخدمة من أجل نشر المعلومات الزائفة والمضللة، لا سيما أن عديداً من مستخدمي منصات التواصل يعدّون العلامة الزرقاء دليلاً على مصداقية الحساب».

يذكر أن منصة «إكس» فرضت نهاية العام الماضي رسوماً لتوثيق الحسابات تبلغ نحو 8 دولارات شهرياً، في حين «امتلأت المنصة بحسابات تنتحل أسماء شخصيات عامة؛ ما سبب ارتباكاً للمستخدمين»، حسب تقرير نشره موقع «فوربس» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي. وعدّ رامي الطراونة، رئيس وحدة المنصات الرقمية في صحيفة «الاتحاد» الإماراتية، حسابات «إكس»، التي تنتحل أسماء شخصيات شهيرة «من أبرز ظواهر منصات التواصل الاجتماعي السلبية... وعلى الرغم من تطور أدوات وأساليب التحقق من الحسابات الحقيقية ذات الموثوقية، فإن الزيادة المتنامية في أعداد المستخدمين الجدد ممن لا يمتلكون الخبرة الكافية في منصات التواصل، تجعل من محتوى تلك الحسابات أكثر قابلية للرواج، الأمر الذي يسهّل توظيفها في أغراض الاحتيال أو التشهير أو نشر المعلومات الزائفة، بل ونشر الفتن والكراهية بين المجتمعات».

في حوار مع «الشرق الأوسط»، يميّز الطراونة بين الحسابات المنتحلة للشخصية والحسابات الساخرة، إذ إن «الأولى تبدو وكأنها حسابات حقيقية، بينما الأخيرة تعلن صراحة أنها حسابات ساخرة لا تعبّر عن آراء أو أفكار الشخصية التي تنتحل اسمها؛ بل تنقل صورة يمكن وصفها بالكاريكاتيرية عن الشخص الأصلي». ويرجع الطراونة انتشار هذا النوع من الحسابات أخيراً إلى «سهولة إنشاء الحسابات الجديدة، لا سيما على (إكس)، من دون الحاجة إلى تقديم أي معلومات شخصية أو وثائق رسمية، إضافة إلى تبسيط إجراءات التوثيق وتغيير معاييرها وفق منظور تجاري بحت، حيث لم تعد عملية المراجعة والتدقيق يدوية وفقاً لما كانت عليه سابقاً».

سبب آخر، يوضحه الطراونة هو «ازدياد الاهتمام بالشخصيات المشهورة، سواء كانوا من الفنانين أو الرياضيين أو السياسيين... ومع حدث أو أزمة كبيرة تنشأ حول العالم تظهر حسابات جديدة وهمية مرتبطة ببعض الشخصيات».

وتابع أن انتشار تلك الحسابات «دفع منصات التواصل لوضع قواعد للحسابات الساخرة، لا سيما بعد مساهمتها في نشر معلومات مضللة»، إذ فرضت منصة «إكس» في نوفمبر من العام الماضي على الحسابات الساخرة، أن تكتب ذلك صراحة في توصيفها، وكذلك فعلت «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك» و«إنستغرام». وقالت «ميتا» إن أسماء مستخدمي الحسابات على منصاتها «لا بد أن تطابق أوراقاً حكومية ترسل للشركة مقابل الحصول على العلامة الزرقاء». وأضاف أن هذا «لم يقلل من خطورة الحسابات الساخرة الموثقة، لا سيما أن عدداً من المستخدمين يتداولون ما تنشره اعتماداً على كونها تحمل الشارة الزرقاء»، حسب المراقبين.


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء الأسترالي ينتقد ماسك بعد اتهامه حكومته بـ«الفاشية»

آسيا رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (أ.ب)

رئيس الوزراء الأسترالي ينتقد ماسك بعد اتهامه حكومته بـ«الفاشية»

ردّ رئيس الوزراء الأسترالي، السبت، على اتهام الملياردير الأميركي إيلون ماسك لحكومته بـ«الفاشية» على خلفية طرحها مشاريع قوانين تتيح تغريم منصات التواصل الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (كانبيرا)
العالم الملياردير إيلون ماسك مالك شركتي «إكس» و«ستارلينك» (رويترز)

البرازيل تصادر أموالاً من «إكس» و«ستارلينك» خلال نزاع مع إيلون ماسك

تصاعد النزاع بين البرازيل والملياردير إيلون ماسك بعد أن أمر قاضٍ فيدرالي بفرض غرامة على شركتين من شركاته، وسحب قيمتها من حساباتهما.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
العالم أشهر شعارات شبكات التواصل الاجتماعي المستخدمة (رويترز)

أستراليا تعتزم منع الأطفال دون الـ16 عاماً من استخدام شبكات التواصل

أعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي أنّ حكومته أعدت مشروع قانون يمنع الأطفال دون 16 عاماً من استخدام شبكات التواصل الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (كانبرا)
أميركا اللاتينية تظاهرة ضمت عشرات الآلاف من أنصار بولسونارو في ساو باولو (إ.ب.أ)

عشرات الآلاف يتظاهرون في البرازيل ضد حجب «إكس»

وصف الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو قاضي المحكمة العليا الذي أمر بحجب منصة «إكس» بـ«الديكتاتور»، وذلك خلال تظاهرة أمس (السبت) في ساو باولو.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)
أميركا اللاتينية شعار شركة «ستارلينك» (أرشيفية)

ماسك يتحدى البرازيل... و«ستارلينك» ترفض الامتثال لقرار تعليق «إكس»

قالت شركة «ستارلينك» المتخصصة في توفير خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية التابعة لإيلون ماسك إنها لن تمتثل لأمر المحكمة بحظر منصة «إكس» في البرازيل.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)

الإعلام ووسائل التواصل تحاصر السلطات الثلاث في العراق

ميكروفونات القنوات العراقية حاضرة بكثافة في الظهور المدوي لرئيس «هيئة النزاهة»
ميكروفونات القنوات العراقية حاضرة بكثافة في الظهور المدوي لرئيس «هيئة النزاهة»
TT

الإعلام ووسائل التواصل تحاصر السلطات الثلاث في العراق

ميكروفونات القنوات العراقية حاضرة بكثافة في الظهور المدوي لرئيس «هيئة النزاهة»
ميكروفونات القنوات العراقية حاضرة بكثافة في الظهور المدوي لرئيس «هيئة النزاهة»

للمرة الأولى في العراق، منذ تغيير النظام عام 2003 بواسطة الدبابة الأميركية، تتمكّن وسائل الإعلام العادية ووسائل التواصل الاجتماعي من محاصرة السلطات الثلاث في البلاد، أي التشريعية والتنفيذية والقضائية.

إذ لا يكاد يمر يوم واحد من دون أن تتناول وسائل الإعلام إحدى السلطات الثلاث أو كلها مجتمعة، إلى الحد الذي دفع أحد أبرز قيادات النظام السياسي وأحد آبائه المؤسسين، وهو نوري المالكي - ثالث رئيس وزراء عراقي بعد التغيير - إلى التحذير في كلمة متلفزة من نقل كل ما يدور في أروقة هذه السلطات إلى الإعلام.

جاءت كلمة المالكي المتلفزة في خضم تفجر تبعات تضارب المصالح والسياسات وتراكم حالات الفساد التي وصلت إلى ما بات يُوصف في وسائل الإعلام بـ«سرقة القرن».

وسعى المالكي في كلمته، إلى دغدغة مشاعر الجماهير، وبالذات، جماهير الأحزاب السياسية التي هي في الوقت نفسها مادتها في الانتخابات. لكن، في حين يعترف المالكي بأنه ليس هناك شيء يهدد الدولة مثل «اضطراب العلاقة بين السلطات الثلاث»، حذّر من حصول سوء تفاهم، وقال بضرورة أن «تسير الأمور وفق الاتصالات والتفاهمات بينها حتى تستقر العملية السياسية». كذلك نبّه في الوقت نفسه إلى ضرورة منع نقل اختلال العلاقة واضطرابها والمشاكل المترتبة عليها إلى «وسائل الإعلام».

تخمة إعلامية

غير أن العراق اليوم حافل بوسائل الإعلام المختلفة والمتعددة، كون غالبية الأحزاب والقوى السياسية باتت تملك وسائل إعلامها الخاصة بها (من صحف وفضائيات وإذاعات بل حتى وكالات). وبالتالي، فإن «الحرب» التي تشنّها وسائل الإعلام ضد هذا الطرف أو ذاك من داخل الطبقة السياسية، وإن كانت تبقى محصورة في نطاق التنافس والابتزاز أحياناً عبر التهديد بالكشف عن ملفّات معينة، تكمن خطورتها أحياناً في أنها تخرج عن السيطرة وتتحول إلى أزمة تهدّد النظام السياسي بكامله.

أيضاً، يرى العراقيون أن المكسب الوحيد الذي حصلوا عليه بعد عام 2003 هو الديمقراطية، وهذا على الرغم من أن حرية التعبير المنصوص عليها في الدستور لم تُنظّم بقانون حتى الآن. فواقع الحال أن وسائل الإعلام، سواءً كانت «ميديا» أو «سوشيال ميديا»، لعبت خلال الفترة الأخيرة دوراً مهماً على صعيد الكشف والمحاسبة ومحاصرة السلطات في عديد من الملفات والقضايا، التي باتت ساحتها وسائل الإعلام، لتتحوّل من ثمّ إلى قضايا رأي عام.

من ناحية ثانية، على الرغم من امتلاك معظم القوى السياسية وسائل إعلامها الخاصة، فإن صراع الأقطاب السياسيين بشأن الملفات المطروحة وتصادمها وتناقضها، يجعل من الحرب الناجمة عن ذلك عرضة للتشظي السريع. وبالتالي، تتحوّل إلى مادة؛ إما يسخر منها الجمهور وإما يتفاعل معها بطرق في الغالب سلبية. ومعلومٌ أن القوى السياسية بدأت منذ الآن «اللعب على وتر» الشعبوية لاستثارة الجمهور العاطفي تمهيداً للانتخابات المبكرة. إذ إن قضايا، مثل قانون العفو العام، سرعان ما تتحول إلى مادة للسخرية والتهجّم على عديد من القيادات السنّية. والأمر نفسه ينطبق على محاولات تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي تتبنّاه قوى شيعية فاعلة، في محاولة منها لاستمالة أعلى نسبة من الجمهور الشيعي... الذي يعيش انقساماً بيّناً داخل المكون الشيعي.

ذكاء اصطناعي بالمقلوب

على صعيد آخر، تنشط وسائل الإعلام ووسائطه المختلفة، بما في ذلك ما يُسمى «الجيوش الإلكترونية». وهذه في الغالب اختصاص الأحزاب والقوى السياسية في متابعة الأحداث، وبخاصة قضايا الفساد، كونها المادة الأكثر إثارة عاطفية للجمهور العراقي.

إلا أن التحوّل الأخطر اليوم هو دخول الذكاء الاصطناعي على الخط. ففي حين يسعى كثير من الدول إلى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي بكل ما هو إيجابي، فطبقاً لما جرى تداوله أخيراً في العراق على نطاق واسع، تسريبات صوتية تخصّ رئيس «هيئة النزاهة» حيدر حنون، وتتهمه بتلقي رشى لقاء تسهيلات معينة في «الهيئة».

الجديد في الأمر أن وسائل الإعلام حاولت اللعب على وتيرة ما قيل إن هذه التسريبات ليست حقيقية بل هي عملية مفبركة من خلال الذكاء الاصطناعي. ولكن بصرف النظر، عما إذا كانت التسريبات حقيقية أم لا - خصوصاً أن القضاء الذي يحقّق بالأمر لم يقل كلمته بعد - فإن الأحكام في الغالب بدأت تصدر من خلال التناول المكثّف لمثل هذه القضايا عبر وسائل الإعلام. وطبعاً، بقدر ما يؤثّر مثل هذا الضغط الإعلامي الواسع في تغيير وجهات نظر الناس، والتأثير فيهم، فإنه في النهاية يؤدي إلى مزيد من الإرباك وزيادة الغموض بين ما هو صحيح وما هو مفبرك.

تضارب الآراء هذا لا يعني أن قضية التسريب هي الأولى من نوعها في العراق، لكن الناس، في مطلق الأحوال، صاروا يشكّكون في التوقيت والسبب وراء نشر أمور كهذه أمام الجميع وتحت متناول وسائل الإعلام... كي تنتج منها ظاهرة خطيرة قد تُشعل الأجواء أو تغيّر النظام. وعلى الرغم من أن أزمات من هذا العيار قد تكون مدوّية وفاضحة للنظام السياسي، فإنها حتماً ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ذلك أنه سبق أن انتشرت تسريبات صوتية لنوري المالكي، نفسه، قبل سنتين، وأحدثت ضجة كبيرة في الأوساط العراقية، لكن الأزمة سرعان ما انتهت من دون ترك أثر سياسي خطير يُذكر.

طبيعة النظام وأزمات الإعلام

في النهاية، يقول مراقبون إن طبيعة النظام السياسي في العراق أصبحت جزءاً من عملية «صنع الأزمة الإعلامية» والتلاعب عليها... سواءً كانت عبر التنافس بين القوى السياسية أو عبر التسقيط والابتزاز وفضح الآخرين. كذلك بات المواطن العراقي يفهم جيداً طريقة التلاعب والابتزاز في صفحات التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية. والحال، أن الخبر في العراق قد يمتد صداه إلى ثلاثة أيام فقط وبعدها ينتهي، والسبب أن المواطن اعتاد على أزمات سياسية بين القوى والأحزاب... على هذا المستوى أو حتى أعلى. وأيضاً، فإن وسائل «السوشيال ميديا» ساعدت في تسطيح الأزمات السياسية الخطيرة في العراق، إما عبر التهكّم بجعلها مادة للسخرية والتنمّر الاجتماعي، وإما عبر التذمّر والامتعاض الذي يؤدي إلى رفض كامل للواقع السياسي.