«منتدى مصر للإعلام» يحذر من الانزلاق نحو «عالم بلا صحافة مؤسسية»

رئيسته قالت لـ «الشرق الأوسط» إن حرب غزة «جلبت الكابوس»

نهى النحاس أثناء إلقاء كلمتها بالجلسة الافتتاحية للمنتدى (الشرق الأوسط)
نهى النحاس أثناء إلقاء كلمتها بالجلسة الافتتاحية للمنتدى (الشرق الأوسط)
TT

«منتدى مصر للإعلام» يحذر من الانزلاق نحو «عالم بلا صحافة مؤسسية»

نهى النحاس أثناء إلقاء كلمتها بالجلسة الافتتاحية للمنتدى (الشرق الأوسط)
نهى النحاس أثناء إلقاء كلمتها بالجلسة الافتتاحية للمنتدى (الشرق الأوسط)

النحاس: لكل منتدى عربي نكهته الخاصة لا سيما أن المنتدى الإعلامي انعكاس للمجتمع الذي يقام فيه ومرآة لقضاياه

جاء «منتدى مصر للإعلام»، الذي عُقد في القاهرة أخيراً، ليدق ناقوس الخطر، ويثير تساؤلات حول مستقبل العالم «حال تُرك بلا إعلام». ويصدق هذا الواقع مع تصاعد الانتقادات لأداء الإعلام المؤسسي في تغطية الحرب على غزة، بالتوازي مع اتساع مساحة دور منصات التواصل بوصفها مصادر للمعلومات، لا سيما وقت الحروب والأزمات.

في حوار مع «الشرق الأوسط» حذّرت نهى النحاس، رئيسة «منتدى مصر للإعلام»، من «خطورة الانزلاق نحو عالم بلا إعلام وصحافة مؤسسية». وقالت: «لا يمكن تحمل نتائج وجود مثل هذا العالم»، إلا أنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن «هذا الاحتمال يتعزّز كلما فقدت صناعة الإعلام اتجاهها على الصَعود المهني، أو أخفقت في تطوير نماذج أعمال قادرة على تحقيق الاستدامة».

كان هذا هو الدافع الرئيسي في اختيار عنوان النسخة الثانية من «منتدى مصر للإعلام»، ليكون «عالم بلا إعلام». ووفق النحاس: «وُلدت الفكرة قبل حرب غزة، بهدف مناقشة سؤال مركزي مفاده: ماذا لو تُرك الجمهور بلا إعلام مؤسسي يعتمد معايير التحقق وتدقيق المعلومات؟ ماذا لو تُرك الجمهور لمنصات التواصل ومنشورات غير موثوقة؟».

وحقاً، جاءت حرب غزة «لتعزز هذه الأسئلة، وتزيد حضورها مع ما شهده العالم من تراجع في الأداء المهني لمؤسسات إعلامية كبرى»، حسب النحاس التي ترى أن «حرب غزة جلبت كابوس سقوط الإعلام المؤسسي في فخ اللامهنية، تاركاً الساحة لمنصات التواصل ولمصادر غير موثوقة لتُشكّل الوعي الجمعي».

وأضافت رئيسة «منتدى مصر للإعلام» أنه «بينما تزداد حدة الحروب والنزاعات والجوائح والكوارث الطبيعية، تتعاظم الضغوط على الممارسات الإعلامية الاحترافية الجادة. ومع تزعزع ثقة قطاعات واسعة من الجمهور العالمي في أداء الإعلام المؤسسي، تخفق وسائط التواصل الاجتماعي، رغم ما تشهده من رواج وتأثير، في التمتع بقدر مناسب من المصداقية».

النحاس تنبّه إلى «ازدياد المخاطر بشأن مستقبل الإعلام ووجوده؛ بسبب تراجع الثقة المُطرد»، لافتة إلى معضلة أخرى تكشفها دراسات عدة صدرت أخيراً تتحدث عن «زيادة مؤشرات تجنب الأخبار منذ (كوفيد-19)». وحقاً، رصد تقرير معهد «رويترز» السنوي حول الإعلام الرقمي، الصادر في يونيو (حزيران) الماضي، «انخفاضاً مستمراً في التفاعل النشط مع الأخبار على منصات التواصل». وأكد ما سبق أنْ رصدَه في تقرير سابق من أن «أربعة من كل عشرة أشخاص صاروا يتجنبون الأخبار؛ لأنها تؤثر سلباً في مزاجهم»، كما أكدت تقارير عدة «تراجع معدلات الثقة في الإعلام».

ولذا، على مدار يومين بحث «منتدى مصر للإعلام» هذه المخاطر، في محاولة للتوصل إلى السبل التي يمكن من خلالها استعادة الثقة في وسائل الإعلام المهنية، وضمان استدامة أدائها، عبر الابتكار والحوكمة ومبادرات توليد العوائد.

جانب من فعاليات "منتدى مصر للإعلام" (الشرق الأوسط)

حلم سنوات عدة

حلم عقد منتدى عن الإعلام في مصر راود النحاس سنوات عدة تجاوزت العشر سنوات، لا سيما أنها كانت «تحرص» على حضور المنتديات الإعلامية في دول عدة حول العالم، تشارك في مناقشاتها، وتحضر جلساتها وورشها التدريبية. وهنا قالت: «كانت المنتديات الإعلامية تثري تكوينها المعرفي، وتدفعها للتساؤل عن سبب عدم وجود منتدى إعلامي في مصر، بتاريخها الكبير والممتد في مجال الإعلام والصحافة».

النحاس أكدت «أهمية» منتديات الإعلام العربية والأجنبية في تكوين المعارف المهنية، وتطوير العمل الصحافي والصحافيين أنفسهم. وقالت إنها «فرصة للاحتكاك والتعرف على الجديد في عالم الإعلام»، لا سيما لأولئك الذين لم تتح أمامهم فرصة السفر، للاطلاع على الجديد في المهنة، ولذلك سعت لإنشاء نسخة مصرية تناقش قضايا الإعلام الحالية، وتسهم في تدريب الشباب.

من ناحية ثانية، أشادت النحاس بالمنتديات العربية التي تصفها بـ«الناجحة»، وتقول إن «لكل منتدى عربي نكهته الخاصة، لا سيما أن المنتدى الإعلامي هو انعكاس للمجتمع الذي يقام فيه ومرآة لقضاياه ورؤيته لحلها، وإن تشابهت المهنة ومعاييرها وقواعدها، ما يضفي أهمية على وجود منتديات متعدّدة، لكلٍ شخصيته وهويته ودوره في إثراء المهنة وتطوير أداء العاملين بها».

من هذا المنطلق، لا تعتقد النحاس بوجود «فجوة» بين المنتديات العربية ونظيرتها الأجنبية، وإنْ أشارت إلى «زيادة مساحة المناقشات الحرة في المنتديات الغربية التي عادة ما تعكس الواقع السياسي لمجتمعاتها». وحقاً، فإن قضايا المهنة هي الهَمُّ الشاغل للنحاس ولـ«منتدى مصر للإعلام»، الذي يحرص على تقديم جرعات متنوعة من المناقشات وورش العمل بهدف «إنشاء جسر يجمع إعلام الشرق والغرب».

غير أن تركيز نهى النحاس على المهنة وقضاياها لا يعني الابتعاد عن الواقع السياسي في المنطقة، حيث فرضت الحرب الإسرائيلية على غزة حضورها في أجندة النسخة الثانية من «منتدى مصر للإعلام»، وأكدت أنه «حتى عند التطرق لقضية سياسية مثل الحرب على غزة، فالمناقشات كانت تتعلق بالمهنة وانعكاسات الحرب عليها». ومن ثم، قالت إن الحرب على غزة حدث مهم أثر في الجميع وألقى بظلاله على المهنة، وفرض تحديات وإشكاليات وقع فيها الإعلام وكان لا بد من مناقشتها، لا سيما أن «وسائل إعلام تموضعت، بوصفها نماذج ومدارس مهنية، سقطت في اختبار تغطية الحرب على غزة، وظهرت بوصفها وسائل غير مهنية».

حول تغطية غزة

هنا لا ترى النحاس أن المشكلة تكمن في انحياز مؤسسة أو وسيلة إعلام لطرف من طرفَي الصراع على حساب الآخر، بل في «عدم إعلانها لهذا الانحياز، وتقديمها أنماطاً غير مهنية ورؤية مشوّشة لما يحدث في غزة، وصلت حد تبرير انتهاكات حقوق الإنسان في بعض الأحيان»، محذرة من «اندماج الانتماءات السياسية في العمل الإعلامي لما لذلك من تأثير على مصداقية الوسيلة وثقة الجمهور فيها».

وحسب النحاس، لا يعني هذا «حظر وجود إعلام يعبّر عن آيديولوجية أو حزب سياسي معين»، فهذا «أمر مقبول ووارد»، لكن شريطة أن «تعلن المؤسسة انحيازاتها وانتماءاتها السياسية، لا أن تقدم نفسها نموذجاً مهنياً، ثم تعمد للدفاع عن طرف ضد آخر، وتشويه طرف لصالح آخر».

وبالفعل، شهدت الفترة الأخيرة انتقادات لمؤسسات إعلامية كبرى اتُّهمت بتخليها عن المعايير المهنية. إذ وصفت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) متظاهرين داعمين لفلسطين في لندن بأنهم «داعمون لحماس»، ثم ما لبثت أن اعتذرت عن ذلك. كذلك روجت وسائل إعلام غربية بينها «سي إن إن» شائعات «إقدام حركة حماس على ذبح أطفال»، وهذا الادّعاء كرره الرئيس الأميركي جو بايدن نفسه، ما دفع البيت الأبيض لإصدار بيان أشار فيه لـ«تلك المعلومة غير دقيقة».

من هنا، ترى نهى النحاس أن المهنية هي السبيل لاستعادة الثقة، وتؤكد دوماً أن «كل شيء يبدأ وينتهي عند الجمهور»، الذي تعدّ أنه لا بد من دراسته وتحليل أنماطه الاستهلاكية وتفضيلاته لوضع استراتيجية عمل مهنية قادرة على جذبه واستعادة ثقته.

وتطرقت نهى النحاس إلى التاريخ الممتد للإعلام العربي. وهنا تتساءل عن سبب قلة فعاليته في التأثير على نطاق عالمي، بالقول: «للأسف هناك فراغ يتيح للإعلام الغربي أن يكون ساحة لعرض ومناقشة قضايا المنطقة»، إلا أنها لا تزال مؤمنة بأن الإعلام العربي «قادر على وضع معاييره الخاصة وتأسيس مدرسته المهنية اعتماداً على تاريخه الطويل، والأهم التزامه بالمعايير المهنية».

الإعداد للنسخة الثالثة

ومع إعلان نهاية النسخة الثانية من «منتدى مصر للإعلام» بدأت النحاس على الفور الإعداد للنسخة الثالثة، التي تعد بأن «تكون مختلفة شكلاً وموضوعاً، وتضم أنشطة ذات طابع خاص، مع إتاحة الفرصة لمشاركة طلبة من المنطقة العربية وأفريقيا».

أيضاً يسعى المنتدى لإطلاق جائزة باسمه في الدورة المقبلة، تقول النحاس «إن التخطيط لها بدأ في 2023، لكن رغبتها في الإعداد لها بشكل مبدع لابتكار اتجاهات جديدة، أجّلت الإعلان عنها». مع هذا وعدت بأن يشهد عام 2024 إطلاق جائزة «منتدى مصر للإعلام».

التدريب أيضاً يعدّ شاغلاً أساسياً للمنتدى، حيث تُقام ضمن فعالياته ورش تدريبية في مجالات عدة. وتوضح النحاس أن ما «قدمه المنتدى مجرد نبذة سريعة عن أهم التطورات في صناعة الإعلام تفتح آفاق الصحافيين للتبحر في المزيد». وأن «فلسفة التدريب أكثر عمقاً، ويجب أن تُبنى على استراتيجيات واضحة قائمة على فهم احتياجات السوق والجمهور وتحديد أهداف المؤسسات الإعلامية من التدريب». وتلفت النحاس إلى أنه في «إطار المنتدى تُعقد دورات تدريبية على مدار العام في مصر ودول عربية عدة، بالتعاون مع مؤسسات الإعلام بتلك الدول».

النحاس تتوخى أن «يكون منتدى مصر للإعلام نقطة تلاقٍ حقيقية بين إعلام الشرق والغرب، لعرض تجارب الجانبين وفتح حوار حقيقي بين الصحافيين». وتوضح أن «جزءاً من هذا الهدف تَحقَّق بالفعل في النسخة الثانية، حين تحاور الضيوف في أروقة المنتدى حول الحرب في غزة، فاتفقوا على بعض الأشياء واختلفوا على الآخر... لكن يبقى هدف المنتدى أن يتوسع في استضافة أفكار وتوجهات مختلفة، ويتسع للجميع ليكون بحق جسر تواصل بين صحافيي مصر والمنطقة والعالم، يرسخ أسس المهنية، ويرفع شأن الإعلام المؤسسي».


مقالات ذات صلة

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

شمال افريقيا السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه، الخميس، مع قادة القوات المسلحة المصرية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
TT

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)

شدد تميم فارس، رئيس «ديزني+» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، على أن منصة «ديزني+» مهتمة بالعمل على «تقديم محتوى يلائم ويحترم ويراعي الثقافة المحلية للجمهور» في المنطقة. وأشار إلى أن «ديزني+» ماضية قدماً ليس فقط في تقديم أفلام ومسلسلات مشهورة مع ضمان ملاءمتها واحترامها للثقافة المحلية، بل إن «جميع المحتوى الموجه إلى الجمهور تجري مراجعته بدقة لتحقيق هذه الغاية».

تميم استهلّ اللقاء بقوله «أولاً وقبل كل شيء، يسعدني أننا أطلقنا منصة هنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهذه المنطقة غنية بالثقافة والتراث والتقاليد. ولقد كان بمثابة حلم يتحقق أن نقدّم هذا المحتوى المميز إلى الجمهور المحلي العاشق للسينما والترفيه».

وتابع، من ثم، ليتطرّق إلى مواجهة بعض التحديات خلال هذه الرحلة فيقول: «ونحن بعد سنتين تقريباً على إطلاق (ديزني+)، نواصل - مثلاً - التعلّم من جمهورنا، وتنقيح محتوى المنصة؛ كي يراعي الثقافة المحلية للمشاهدين في المملكة العربية السعودية. ويشمل هذا نهجنا المحلي للمحتوى، وهذه أولوية كبيرة بالنسبة لنا».

إطلاق «ديزني+»

تميم فارس شرح أن «ديزني+» منصة توفّر خدمة عرض المحتوى الترفيهي حول العالم، منذ إطلاقها في عام 2022 في 16 سوقاً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنها «تعرض مجموعة واسعة من أشهر القصص من إنتاج شركة (والت ديزني)، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والأفلام الوثائقية والأعمال الأصلية الحصرية من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) وغيرها الكثير».

ثم ذكر أن كثيرين اعتادوا مشاهدة الأفلام الكلاسيكية من «ديزني» بدءاً بـ«الأسد الملك» و«علاء الدين»، ووصولاً إلى «موانا» و«إنكانتو». بالإضافة إلى عرض هذه الأفلام العائلية المفضلة على «ديزني+»، فهي متوافرة كذلك للمشاهدة بخياري الدبلجة باللهجة المصرية أو اللغة العربية الفصحى المعاصرة.

وبعدها علّق من واقع تجربته الشخصية: «أنا مثلاً، نشأت على مشاهدة الكثير منها مدبلجاً بصوت أشهر الممثلين والممثلات مثل محمد هنيدي ومنى زكي وعبلة كامل وخالد صالح، والآن أُتيحت لي فرصة مشاهدتها مرة أخرى مع ابني زين على المنصة».

ثم لفت إلى أن «ديزني+» تقدّم محتوى جديداً باستمرار، بما في ذلك الإصدارات السينمائية الحديثة والضخمة الصيفية، وكان آخرها فيلم «قلباً وقالباً 2» من إنتاج «ديزني» و«بيكسار» على «ديزني+» في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأفاد بأن «هذا الفيلم تصدّر قائمة أفلام الأنيميشن الأعلى تحقيقاً للإيرادات على الإطلاق، وجارٍ الآن عرضه حصرياً على (ديزني+)... وفي الواقع، يجري عرض أعمال (ديزني) السينمائية كافّة على منصة (ديزني+) في نهاية المطاف».

تميم فارس، رئيس "ديزني+" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (ديزني)

التكيّف مع المشهد التنظيمي الإقليمي

من جانب آخر، بالنسبة إلى الامتثال للقوانين المحلية للبث، أكد تميم فارس أن «فريقنا الإقليمي في (ديزني+) يقدّر الثقافة العربية تماماً، وأنا بصفتي أباً عربياً، أشارك تجربة شخصية مع ابني زين البالغ من العمر 7 سنوات؛ إذ نشاهد المحتوى معاً أو يشاهده بمفرده أحياناً. لذلك، أحرص على أن يكون ما يشاهده آمناً ومناسباً لثقافتنا العربية، ويتماشى مع قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا».

وأردف: «وكما ذكرت سابقاً... المحتوى هو الركيزة الأساسية لكل ما نقدّمه. ومنذ إطلاق المنصة، أنشأنا فريق امتثال متخصصاً على المستوى المحلي، وهو الفريق المسؤول عن مشاهدة المحتوى المعروض ومراجعته وفحصه بدقة. ولا يُجاز شيء إلا بعد تأكد هذا الفريق من أن كل كلمة تُنطق أو تُترجم أو تُدبلج تتوافق أو يتوافق مع قيمنا العربية وتقاليدنا. ولا بد أن يتوافق المحتوى الموجه إلى الجمهور الأصغر سناً مع هذه الإرشادات ليصار إلى عرضه على (ديزني+)».

وفي الاتجاه نفسه ركّز تميم على أنه «بالإضافة إلى فريقنا، ونظراً إلى أنني أب عربي لابن صغير، أدرك أن ابني يستطيع مشاهدة مسلسلاته وأفلامه المفضلة ضمن بيئة آمنة ومناسبة لكل أفراد العائلة من دون استثناء، وذلك من خلال تمكين الوالدين من ضبط إعدادات المشاهدة بسهولة مطلقة لمراقبة المحتوى الذي يشاهده الأطفال، بما في ذلك خيار إعداد حسابات خاصة بهم وحمايتها من خلال رمز سري».

وأضاف شارحاً: «وحقاً، نحن نولي أهمية قصوى للحفاظ على صدقنا وأصالتنا تجاه جمهورنا العربي، ونلتزم بتقديم محتوى عالي الجودة يتماشى مع قيمنا العربية الأصيلة. وبصفتي أباً، أشعر بالطمأنينة لمعرفة أن أطفالي يستمتعون بمحتوى آمن ومناسب لأعمارهم».

استراتيجيات «ديزني+» في المنطقة

وحول استراتيجيات «ديزني+» في منطقة الشرق الأوسط، أوضح أن المحتوى الذي تقدمه المنصة كفيلٌ بالتأكيد على مدى نجاحها، وقال: «منصة (ديزني+) تعرض ثمانية من أفضل عشرة أفلام تحقق أعلى مستوى مبيعات حول العالم التي تُعرض تقريباً معظمها بشكل حصري على (ديزني+)، ويمكن لمشاهدي المنصة مشاهدة آلاف المسلسلات والأفلام من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) والمحتوى الترفيهي للبالغين من (ستار). إننا نقدم حقاً المحتوى الذي يناسب تفضيلات الجميع من الفئات العمرية كافّة ومختلف شرائح المجتمع».

وزاد: «إننا نحرص دوماً على عرض الأعمال الجديدة على منصتنا، لكننا ندرك في الوقت نفسه أن خيارات مشاهدينا المفضلة تتغيّر وتتوسع لتشمل رغبتهم في مشاهدة المحتوى العالمي أيضاً». وتابع: «لقد بادرنا مثلاً إلى تنظيم مجموعات متخصصة في الكثير من المدن السعودية، للتفاعل مع المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي والوقوف على المحتوى الذي يشاهدونه عبر المنصة. وفي الوقت نفسه، نحرص دوماً على الاستفادة من عملائنا المحليين والارتقاء بإمكاناتنا والمحتوى الذي نقدمه إليهم؛ كي ننجح في توفير خدمات تلبي احتياجات المنطقة».

المحتوى المحلي

تميم فارس قال إن «ديزني+» تتطلع لمزيد من الأعمال والإنتاجات التي تعزّز مكانتها في المنطقة، وبالتحديد على المستوى المحلي، «على سبيل المثال، أعلنا شعارنا الجديد الذي يضم للمرة الأولى على الإطلاق كلمة (ديزني) باللغة العربية. وبادرنا إلى إطلاق أول حملة إعلانية ننتجها محلياً على الإطلاق، ويشارك فيها فريق عمل سعودي بامتياز يضم أشهر صناع المحتوى المحليين، لتعزيز شعور المشاهدين على مستوى المنطقة بالشمولية والانتماء».

ثم أضاف: «وثانياً هناك المحتوى الذي تقدّمه المنصة؛ حيث نؤكد مواصلة التزامنا بتقديم محتوى جديد ومتنوع والحفاظ على مكانتنا الحالية، من خلال إضافة أعمال جديدة إلى مكتبتنا الضخمة من المحتوى الذي نعرضه للمشاهدين كل يوم... ونحرص على تقديم المحتوى الترفيهي الذي يرتقي إلى مستوى تطلعات المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتفضيلاتهم، بدءاً من الأعمال العالمية التي تحقق نجاحاً كبيراً وصولاً إلى المحتوى المحلي المدبلج باللغة العربية».

ومع تشديده على أن جميع الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تُعرض على «ديزني+» تتوافق بالكامل مع المتطلبات التنظيمية المحلية السعودية، أوضح تميم أن المنصة تسعى باستمرار إلى عقد مزيد من الشراكات مع أبرز الشركات المزودة لخدمات الاتصالات، مثل شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة «دو»، وشركة اتصالات «زين» في الكويت، لتوفير مجموعة من خيارات الاشتراك، وتتطلّع إلى مواصلة عقد مزيد من الشراكات خصوصاً في السعودية في المستقبل القريب.

واختتم بتسليط الضوء على عروض الأفلام الوثائقية المرتبطة بالمنطقة، فقال: «نعرض حالياً فيلم (كنوز الجزيرة العربية المنسية) على منصة (ناشيونال جيوغرافيك)، لتمكين المشاهدين من رؤية ثقافتهم الغنية وتراثهم العريق من زاوية مختلفة، وننظر أيضاً في فرص توسيع نطاق المحتوى الذي نقدمه إلى المشاهدين، من خلال بناء شراكات واتفاقيات تعاون مع مجموعة محلية من صناع المحتوى وشركات الإنتاج».