انتقادات أميركية لـ«تيك توك» بسبب ارتفاع وسوم مؤيدة للفلسطينيين

تقرير صحافي يكشف أن نسبة المشاهدة لا تقل في تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

انتقادات أميركية لـ«تيك توك» بسبب ارتفاع وسوم مؤيدة للفلسطينيين
TT

انتقادات أميركية لـ«تيك توك» بسبب ارتفاع وسوم مؤيدة للفلسطينيين

انتقادات أميركية لـ«تيك توك» بسبب ارتفاع وسوم مؤيدة للفلسطينيين

قال تقرير صحافي إن تطبيق «تيك توك» في مرمى الانتقاد الأميركي، بسبب انتشار مقاطع فيديو تحمل وسوماً (هاشتاغات) مؤيدة للفلسطينيين بشكل أكبر من تلك المؤيدة لإسرائيل، محيلة الأمر كون التطبيق ملك جهة صينية.

لكن «تيك توك» ليس التطبيق الوحيد الذي يظهر فيه المحتوى المؤيد لفلسطين بشكل أكبر، إذ إن تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام» تظهر فيهما وجهات نظر واسعة مؤيدة للفلسطينيين.

وقال التقرير المنشور في «واشنطن بوست»، إنه عندما كرر الجمهوريون في الكونغرس، هذا الشهر، دعواتهم المستمرة لفرض حظر على استخدام «تيك توك» على مستوى الولايات المتحدة، أشاروا إلى أن عدد مقاطع الفيديو التي تحتوي على هاشتاغ #freepalestine أعلى بشكل كبير من تلك التي تحتوي على الوسم #standwithisrael.

وقال المنتقدون إن الفجوة بين عدد مقاطع الفيديو التي تعبر عن وجهتي النظر «تقدم دليلاً على أن التطبيق المملوك لشركة التكنولوجيا الصينية العملاقة (ByteDance)، يُستخدم لتعزيز الدعاية وغسل أدمغة المشاهدين الأميركيين».

لقطة من «إنستغرام» لوسوم مؤيدة للفلسطينيين

ولكن «فيسبوك» و«إنستغرام»، منافسي «تيك توك» في الولايات المتحدة، يظهران فجوة مماثلة أيضاً بشكل ملحوظ، وفق ما تظهر بياناتهما، إذ على «فيسبوك»، تم العثور على الوسم الفلسطيني في أكثر من 11 مليون مشاركة، أي أكثر بـ39 مرة من تلك المشاركات التي تحتوي على وسم إسرائيلي. وعلى «إنستغرام» ظهر الهاشتاغ المؤيد للفلسطينيين في 6 ملايين مشاركة، أي أكثر 26 مرة من المشاركات التي تحمل هاشتاغاً مؤيداً لإسرائيل.

وعدّ التقرير، أن آلية انتشار المحتوى المؤيد للفلسطينيين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، سواء المملوكة للصين أو الشبكات الأميركية، تضعف الحجة التي أصبحت محورية في أحدث موجة من الغضب المناهض لـ«تيك توك» في واشنطن، والتي تتمثل في أن الحكومة الصينية تتلاعب بخوارزمية التطبيق لحشد وجهات النظر المؤيدة للفلسطينيين، وأن التطبيق، الذي يستخدمه 150 مليون شخص في الولايات المتحدة يجب حظره على مستوى البلاد.

صورة تخيلية لعلم أميركا على منصة «تيك توك» (أ.ف.ب)

من جانبها، قالت الشركة المالكة للتطبيق، مراراً، إن خوارزمية التوصية بمشاهدة المحتوى وقواعد المحتوى الخاصة بها، لا تخضع للحكومة الصينية، كما لم يقدم منتقدو «تيك توك» أي دليل على اتهاماتهم، سوى الإشارة إلى أن الهاشتاغ المؤيد للفلسطينيين موجود في مقاطع فيديو أكثر من المؤيد لإسرائيل، استناداً إلى بيانات التطبيق نفسه.

وفي منشور نُشر على المدونة الخاصة بالتطبيق، الاثنين الماضي، أعلن «تيك توك» أنه تم انتقاده بشكل غير عادل على أساس «معلومات خاطئة وتوصيف خاطئ»، مشيراً إلى أن إجراء المقارنة لأعداد الوسوم الخاصة بمقاطع الفيديو بهذه الطريقة تبدو «معيبة للغاية» لتقييم محتوى التطبيق، وأضاف في البيان «خوارزمية التوصية الخاصة بنا لا تنحاز إلى أحد الجانبين».

وعادةً ما توفر الوسوم طريقة محدودة للغاية لتحليل حجم المحادثات التي تتم على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لأن المستخدمين غالباً ما يضيفونها إلى مقاطع فيديو لا علاقة لها بالقضية التي يتحدثون عنها في منشورهم، وفي بعض الأحيان يتم إضافتها من أجل انتقاد النقطة التي يتم ذكرها في الوسم.

متظاهرون في طوكيو يحتجون على القصف الإسرائيلي على غزة وينادون بالسلام الأحد (إ.ب.أ)

كما أن مقارنة وجهات النظر المتعلقة بالوسوم المؤيدة لإسرائيل وتلك المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم، كما فعل منتقدو «تيك توك»، لا تأخذ في الاعتبار أن كثيراً من مقاطع الفيديو تأتي من دول ذات أغلبية مسلمة، وتتمتع بمستويات عالية من الدعم للفلسطينيين، أو كما جادل «تيك توك» بأن وسم #standwithisrael أحدث من وسم #freepalestine وبالتالي كان لديه وقت أقل لإضافته إلى منشورات المستخدمين.

ولفت تقرير واشنطن بوست، إلى أن المقارنة لا تأخذ في الاعتبار الفجوة القائمة بين الأجيال حول الموقف من النزاع بين إسرائيل وقطاع غزة، إذ أظهر الشباب الأميركي باستمرار دعمهم للفلسطينيين في استطلاعات مركز «بيو» للأبحاث، بما في ذلك استطلاع للرأي أُجري عام 2014، أي قبل أربع سنوات من إطلاق تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة. وقال 52 في المائة من المستطلعين، الذين تراوحت أعمارهم بين 18 و34 عاماً، وهي الفئة العمرية الأكثر استخداماً للتطبيق، في استطلاع أجرته جامعة «كوينبياك»، هذا الشهر، إنهم لا يوافقون على رد فعل إسرائيل على هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وفي منشور آخر على مدونتها، قالت الشركة المالكة للتطبيق إن مقاطع الفيديو التي حملت وسم مساندة إسرائيل، حصلت على عدد مشاهدات في الولايات المتحدة أكثر من مقاطع الفيديو التي حملت الوسم المساند لفلسطين.

وتحظر كل من «تيك توك» و«ميتا»، المالكة لـ«فيسبوك» و«إنستغرام»، المحتوى الذي يروج لحركة «حماس»، وتقول «تيك توك» إنها أزالت أكثر من 925 ألف مقطع فيديو لترويجها للحركة أو انتهاكها سياسات التطبيق بشأن العنف وخطاب الكراهية والمعلومات المضللة والإرهاب، في الفترة بين هجوم 7 أكتوبر ونهاية الشهر الماضي.

من ناحية أخرى، تم اتهام الشركتين من قبل المؤيدين للفلسطينيين بتحريف محتواهما لصالح إسرائيل، وأكدت الشركة الصينية المالكة للتطبيق أن لديها «إجراءات معمول بها لمنع التلاعب بالخوارزميات وحتى لا يتم الترويج لجانب واحد من قضية ما على حساب الآخر»، كما قالت «ميتا» مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام»، في بيان الشهر الماضي: «لا صحة للقول بأننا نتعمد قمع الأصوات».

الحاكم الجمهوري غريغ غيانفورتي يوقع قانوناً لحظر «تيك توك» في ولاية مونتانا مايو الماضي (أ.ب)

عندما طُلب منهم التعليق على حقيقة أن المحتوى المؤيد للفلسطينيين يبدو منتشراً على معظم شبكات التواصل الاجتماعي الكبرى، وليس فقط «تيك توك»، قال منتقدو التطبيق في الكونغرس إنهم ما زالوا يعدونه منصة محفوفة بالمخاطر بشكل خاص بسبب كونها «ذات أصول أجنبية».

وقال السيناتور الجمهوري من فلوريدا ماركو روبيو، الذي استشهد بالمنشورات المؤيدة للفلسطينيين على «تيك توك» للادعاء بأن «التطبيق هو أداة تستخدمها الصين للتقليل من أهمية إرهاب (حماس)»، في بيان أمس الاثنين، إن «مسؤولي الأمن القومي في الولايات المتحدة ينظرون إلى (تيك توك) باعتباره أداة تهديد فريدة».

لافتة «فالنسيا مع فلسطين» في مظاهرة لدعم الشعب الفلسطيني بإسبانيا (أ.ف.ب)

لكن جميع الإدانات لم تقدم دليلا على اتهاماتها. وعلى الرغم من الأخطاء التي تشوب المقارنة بين الوسمين، فقد أشار السناتور الجمهوري من ولاية ميسوري، جوش هاولي، مؤخرا، إلى هذه الفجوة بين الوسمين في قاعة مجلس الشيوخ الأميركي، عندما طلب الموافقة بالإجماع على حظر «تيك توك» في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وأشار هاولي إلى الاحتجاجات التي تندلع في الكليات والمدارس الثانوية الأميركية منذ هجوم «حماس» الشهر الماضي، وقال: «أين يتم تغذية عقولهم بهذه الدعاية؟ لقد وجدوها على (تيك توك)».

ويرى السناتور الجمهوري من ولاية كنتاكي راند بول أن اقتراح الحظر الذي قدمه هاولي يمثل «جنون عظمة مكارثية»، قائلاً إنه «سيؤدي إلى نشر الهستيريا والخوف من التخريب الشيوعي الخفي من جمهورية الصين الشعبية».


مقالات ذات صلة

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟
TT

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

تزامناً مع انتشار الصراعات والأزمات والأحداث السياسية، تزايدت الشكاوى من حذف منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي بحجة «تعارضها مع أو انتهاكها لمعايير النشر على تلك المنصات»، الأمر الذي جدّد الجدل حيال مدى تأثر المواقع الإخبارية بقيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي، وكيف يتفادى الناشرون الخوارزميات لعدم حذف تقاريرهم عن النزاعات والحروب.

وحقاً، طوال السنة تصاعدت شكاوى ناشرين وصُناع محتوى من القيود المفروضة على نشر المحتوى السياسي، لا سيما في فترات الأحداث الكبرى خلال «حرب غزة»، من بينها أخيراً قتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» يحيى السنوار، ولقد شكا صحافيون ومنصات إخبارية من «حذف» منشوراتهم و«تقييد» صفحاتهم بسبب نشرهم محتوى عن مقتل السنوار. خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أكدوا أن منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما تلك التابعة لشركة «ميتا»، زادت من قيودها على نشر المحتوى السياسي، واقترحوا وسائل عدة للالتفاف حول تلك القيود: أبرزها الالتزام بالمعايير المهنية، وبناء استراتيجيات جديدة للترويج للمحتوى لا تعتمد بشكل كلي على وسائل التواصل الاجتماعي.

الدكتورة مي عبد الغني، أستاذة الإعلام في جامعة بنغازي والباحثة في الإعلام الرقمي، أرجعت استمرار منصات التواصل الاجتماعي في حذف بعض المنشورات والحسابات إلى «تعارض تلك المنشورات مع المصالح السياسية للشركات المالكة للمنصات». وأردفت أن «تحكم المنصات في المحتوى المنشور يزداد في أوقات الحروب والأزمات وفترات التوتر العالمي، على غرار الحرب الدائرة منذ أكثر من سنة في غزة».

وأوضحت مي عبد الغني أنه «على مدار العام الماضي تعرض المحتوى العربي لأشكال عدة من التقييد ومنع وصول المحتوى وإيقاف البث المباشر، وحذف وحظر المنشورات وحتى إيقاف الحسابات... من الطبيعي أن ينعكس ذلك على حسابات المواقع الإخبارية العربية، لكونها معنية بنقل ما يحدث في المنطقة من زاوية قد تتعارض مع مصالح وتوجهات الجهات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي».

لمواجهة هذه القيود اقترحت الباحثة والأكاديمية «استخدام أساليب عدة من بينها تقطيع الكلمات، أو استخدام أحرف لاتينية في الكتابة أو صور، مع محاولة اختيار الألفاظ بشكل دقيق للتحايل على خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي».

في المقابل، يرى الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، خالد البرماوي، أن «كُل طُرق التحايل لتفادي قيود منصات التواصل على نشر المحتوى، ليست إلا حلولاً مؤقتة... وهذه الطرق عادةً ما تُكتَشف بعد فترة، ما يجعلها عديمة الفاعلية في منع الحذف».

وأضاف البرماوي: «على المواقع الإخبارية أن تبني استراتيجيتها الترويجية بعيداً عن منصات التواصل الاجتماعي بحيث تكون لها وسائلها الخاصة للترويج، مهما تطلب ذلك من وقت ومجهود». ولذا اقترح أن «تلجأ المواقع الإخبارية إلى تنويع حساباتها على المنصات، بعمل حسابات مختلفة للأخبار والمنوعات والرياضة، إضافة إلى ممارسة الضغط على وسائل التواصل الاجتماعي لتقليل القيود المفروضة على نشر المحتوى الإخباري».

ويوضح محمد فتحي، الصحافي المتخصّص في الإعلام الرقمي، أنه منذ بدء «حرب غزة» أدخلت منصات التواصل الاجتماعي سياسات وقيوداً تؤثر على ظهور المحتوى المتعلق بالحرب، وهو ما «عرّض تلك المنصات لانتقادات عدة واتهامات بالتضليل».

وأكد فتحي أنه «إذا أراد الناشر الاستفادة من المنصات، فيجب عليه مراعاة معاييرها وسياستها... بينما على ناشري المحتوى الموازنة بين المنصات المختلفة، فلكل منصة سياسة خاصة بها، وما يصلح للنشر على (يوتيوب) قد لا يناسب (فيسبوك)». واختتم بالتشديد على «ضرورة مراعاة المعايير المهنية وتدقيق المعلومات عند النشر كوسيلة لتفادي الحذف... فالالتزام بالمهنية غالباً ما يكون الحل الأمثل لمواجهة أي قيود».