الصحافيون السودانيون يدفعون ثمناً باهظاً لكشف الحقيقة

قتلى وجرحى واحتجاز العشرات منهم مع تهديدات بالقتل

صور من المعارك الأخيرة في الخرطوم (آ ف ب)
صور من المعارك الأخيرة في الخرطوم (آ ف ب)
TT

الصحافيون السودانيون يدفعون ثمناً باهظاً لكشف الحقيقة

صور من المعارك الأخيرة في الخرطوم (آ ف ب)
صور من المعارك الأخيرة في الخرطوم (آ ف ب)

قُتل وجُرح عددٌ من الصحافيين السودانيين أثناء الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع» المستمرة منذ أكثر من 6 أشهر. وكان طرفا القتال قد استهدفا خلال هذه الفترة الصحافيين ووجّها لهم اتهامات «التخوين والعمالة والموالاة» لأحد طرفي القتال، في حين عانى أفراد الجسم الصحافي الاحتجاز والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، والمنع من العمل ووضع العراقيل أمام حريتهم وعملهم. كذلك توقف أكثر من 90 في المائة من المؤسسات الصحافية الخاصة؛ ما أفقد النسبة الغالبة من العاملين فيها مصادر دخلهم.

نقيب الصحافيين عبد المنعم أبو إدريس، أوضح خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن «90 في المائة من المؤسسات الصحافية في البلاد توقفت عن العمل، ولم تعد تعمل سوى محطات الإذاعة والتلفزيون الرسمية من خارج مقارها الرسمية الواقعة في منطقة لا يمكن الوصول إليها». وتابع أن «الصحف الورقية وإذاعات إف إم (FM) كانت قد توقفت عن العمل منذ اندلاع الحرب 15 أبريل (نيسان) الماضي». ومن جهتها، كشفت نقابة الصحافيين السودانيين، في تقرير عن أوضاع عضويتها للفترة من بداية القتال حتى الثلث الثاني من سبتمبر (أيلول) الماضي، أن 4 صحافيين قُتلوا بإصابات بمقذوفات أو بالرصاص في الخرطوم والولايات التي تشهد مواجهات بين الجيش و«الدعم السريع»، في حين أُصيب 3 آخرون في العاصمة الخرطوم ومدينة نيالا (غرب البلاد)، وتعرّض العشرات من الصحافيين للضرب والتعذيب والاحتجاز والتهديد بشكل أساسي من قبل قوات «الدعم السريع» واستخبارات الجيش.

صحف سودانية (رويترز)

وفقاً لنقيب الصحافيين، فإن 46 صحافياً تعرّضوا للاعتقال، معظمهم من قبل قوات «الدعم السريع» واستخبارات الجيش، وأن اثنين من الصحافيين محتجزان من قبل قوات «الدعم السريع» في القصر الجمهوري، أحدهما منذ بداية الحرب، والثاني منذ 3 أشهر. وحقاً، توقفت المؤسسات الصحافية الخاصة - وتحديداً، الصحافة الورقية وإذاعات إف إم (FM) - عن العمل منذ اندلاع القتال؛ لأن مكاتبها تقع في وسط الخرطوم، وهي المنطقة التي لم يستطع أحد الوصول إليها منذ منتصف أبريل، وتسيطر عليها قوات «الدعم السريع». ومما قاله أبو إدريس: «لا يستطيع أحد التأكد من أوضاع المؤسسات الصحافية وسط الخرطوم، بما في ذلك مقر نقابة الصحافيين، وإن مؤسستين صحافيتين على الأقل نُهبت مكاتبهما، وتعرّضتا للقصف أثناء القتال».

أيضاً، كشف أبو إدريس عن نزوح أعداد كبيرة من الصحافيين داخل البلاد، ولجوء أعداد أخرى لدول الجوار. وأشار إلى أن بعضهم يعيش اليوم في معسكرات النزوح. وفي مدينة ود مدني - على سبيل المثال - خُصّصت مدرسة معسكرَ نزوحٍ للصحافيين يعيش فيها عشرات الصحافيين، بعيداً عن أسرهم وذويهم.

عبد المنعم ابو إدريس، نقيب الصحافيين السودانيين

تهديدات بالقتل

من جهة أخرى، بحسب تقرير النقابة، فإن عشرات الصحافيين تلقوا تهديدات مباشرة بالقتل، هم وأسرهم، من جهات مجهولة عبر الهاتف أو الرسائل النصية، أو من قبل الاستخبارات العسكرية أو قوات «الدعم السريع»، أو التعرض المباشر للتهديد والتخويف للصحافيين داخل المؤسسات الإعلامية، مع توجيه أسئلة تخوينية لهم، بل وملاحقة بعضهم حتى في منازلهم. وتناول التقرير مسألة انتشار «بوسترات» (ملصقات) ترويجية تتهم الصحافيين بالخيانة العظمى، وبصورهم الشخصية وأرقام جوالاتهم، وبين هؤلاء وزير الإعلام السابق فيصل محمد صالح، والكاتب الصحافي زهير السراج، إلى جانب نقيب الصحافيين عبد المنعم أبو إدريس وصحافيين آخرين. وهذا أمر عدّته النقابة، وفقاً لتقريرها «تهديداً صريحاً لحيواتهم عن طريق نشر الشائعات والأخبار المفبركة، والترويج للخطابات العنصرية التي تغذّي نار الحرب».

وشرح النقيب كيف فقد مئات الصحافيين مصادر دخلهم؛ نتيجة توقف المؤسسات الصحافية التي يعملون فيها، وباتوا يعيشون وأسرهم أوضاعاً إنسانية في غاية السوء، لا سيما إثر تعرّض مساكنهم للنهب والتخريب، وسقوط المقذوفات على بعضها. ووفقاً لـ«مراسل الصحفية»، فإن العشرات من الصحافيين شوهدوا وهم يمارسون أعمالاً «هامشية»، مثل نقل الأمتعة، وأعمال البناء، والعمل سائقين لعربات النقل العام في مدينتي ود مدني (وسط البلاد) وعطبرة في الشمال. هذا، وكانت «شبكة الصحافيين الدوليين» قد نقلت في وقت سابق عن أبو إدريس نفسه مخاوفه من «اختفاء مهنة الصحافة» من السودان تماماً، وأن نحو 250 صحافياً انتقلوا للعمل في مهن أخرى، بينما تحوّل المئات إلى عاطلين عن العمل.

في سياق موازٍ، استنكر عبد المنعم أبو إدريس إجبار مؤسسات إعلامية إقليمية ودولية 27 من مراسليها على البقاء في الخرطوم للعمل وسط القصف والقتال، والتعرّض لمخاطر ومضايقات كبيرة، من دون الاهتمام بتأمين حياتهم، أو توفير مستلزمات السلامة لهم. وعلّق بالقول: «للأسف هذه المؤسسات لا تهتم بسلامة صحافييها، وهي تعرّضهم للمخاطر، من دون التأمين على حياتهم، ولا توفر مستلزمات سلامة لهم». واستطراداً، تمارس السلطات الأمنية في الولايات التي نزح إليها الصحافيين في بورتسودان، حيث المقر المؤقت للحكومة، وفي عاصمة ولاية الجزيرة مدينة ود مدني، وبقية الولايات، تقييداً لحرية الحركة والوصول، وتشترط حصولهم على إذن مؤقت لمدة أسبوعين يجدد أو لا يجدد حسب رضا السلطات الأمنية عن أداء الصحافي. وعن هذا الجانب، قال نقيب الصحافيين: «لكي يعمل الصحافي عليه أخذ الإذن من الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن معاً، وقد يوافق أحدهما ويتلكأ الثاني، فإذا وافقا قد يستغرق التصديق أسبوعين، خصوصاً للتصوير والكاميرات». وقطع نقيب الصحافيين بأن البيئة التي تعمل فيها الصحافة السودانية، ظلت تشهد تراجعاً مستمراً في الحريات الصحافية، منذ انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وأوضح: «البيئة التي يعمل فيها الصحافيون، تشهد تراجعاً مطّرداً في مستوى الحريات الصحافية».

حالات معاناة شخصية

ومن الحالات الشخصية، تقول الصحافية صباح أحمد إنها وزوجها الصحافي وأطفالهما، كانوا يعيشون حياة بسيطة، لكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين لـ«النزوح»، ومواجهة مصاعبه، بما في ذلك إيجار مسكن، وتوفير مستلزمات العيش من أكل وشرب. وأردفت: «أصبحنا نعيش حالة عدم استقرار نفسي تقارب الاختلال».

الصحافية أحمد، التي نزحت إلى مدينة الحصاحيصا فراراً بأطفالها من الحرب، وفقدت بيتها الذي تعرض للنهب بعد مغادرتها له، تقول: «كان لدينا أمل بعودة قريبة، لكن محن الحرب والخراب والنهب استمرت دون توقف، فنهبت بيوتنا ومقتنياتنا، ما قد يضطرنا للبداية من تحت الصفر إذا حدث وعدنا». وأضافت: «بصفتنا صحافيين لا توجد جهة تهتم بمشكلاتنا، فأنا وزوجي أصبحنا عاطلَين عن العمل، وعلينا دفع إيجار المسكن. كنت قبل الحرب أدفع إيجاراً قدره 20 ألفاً، واضطررت لدفع 300 ألف، إلى جانب توفير احتياجات العيش لنا ولأطفالنا، فمن أين لنا؟... أنا أكاد أصاب بمرض نفسي؛ بسبب عجزي عن إجابة مطالب أطفالي، فهم لا يفهمون هذه المستجدات، حتى الملابس نزحنا من دونها، ونضطر لغسل ما لدينا يومياً».

نزوح أعداد كبيرة من الصحافيين داخل البلاد ولجوء أعداد أخرى لدول الجوار... بعضهم يعيش في معسكرات نزوح

وفي الواقع، يواجه الصحافيون في ولايات دارفور وكردفان، خصوصاً، خطراً كبيراً يهدد حياتهم، جراء الاشتباكات التي تشهدها حواضر هذه الولايات من اشتباكات مستمرة بين الجيش و«الدعم السريع»، وعلى وجه الخصوص مدينتا الأبيّض ونيالا. وعن هذا البُعد، قال أبو إدريس: «فرّ عبر الحدود الغربية إلى دولة تشاد المجاورة 35 صحافياً هرباً من القتال، ليعيشوا في معسكرات النزوح في تشاد ودولة جنوب السودان، كما أن عشرة صحافيين في نيالا يواجهون أخطاراً كبيرة تهدد حياتهم، إلى جانب الخطر الماحق الذي يواجهه الصحافيون في مدينة الأبيض بكردفان، جراء القتال وتوجس الطرفين المتقاتلين من الصحافة». أيضاً، يواجه الصحافيون في مدينتي القضارف وكسلا، بشرق البلاد، مخاطر وباءي «حمى الضنك والكوليرا، ما يشكّل خطراً على حياتهم وعلى عملهم»، ولكن، حسب كلام أبو إدريس «الحمد لله لم تسجل حالة وفاة بسبب الأوبئة بين الصحافيين، مع أن بعضهم وأسرهم أُصيبوا بحمى الضنك».

أخيراً، على صعيد الوضع الميداني، تسيطر قوات «الدعم السريع» على مباني هيئة الإذاعة والتلفزيون القومية، منذ الساعات الأولى لاندلاع القتال، ما اضطر السلطات للبث من مدن بورتسودان (في أقصى شرق البلاد)، حيث يبث التلفزيون برامجه من هناك، بينما تعمل إذاعة «بلادي» الرسمية من مدينة ود مدني، في حين توقف البث التلفزيوني المحلي في معظم ولايات البلاد. ووفقاً لنقيب الصحافيين فإن نقابته، وسط معاناة الصحافيين السودانيين من الظروف الاقتصادية القاسية، «تحاول مع منظمات الصحافيين الإقليمية والدولية تقديم مساعدات لأعضائها، ولقد حصلنا بالفعل على مساعدات شهرية محدودة لنحو 100 صحافي من قبل منظمات صحافية، وعلى تمويل علاج ذوي الأمراض المزمنة. لكن على الدوام نشهد حالات صعبة يعيشها صحافيونا وصحافياتنا».


مقالات ذات صلة

«امسك مزيّف»... استنفار مصري لمواجهة «الشائعات»

العالم العربي ندوة «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر

«امسك مزيّف»... استنفار مصري لمواجهة «الشائعات»

حالة استنفار تشهدها مصر أخيراً لمواجهة انتشار «الشائعات»، تصاعدت مع إعلان «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، الثلاثاء، عزمه إطلاق موقع «امسك مزيف».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
إعلام إدمون ساسين (إنستغرام)

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

تلعب وسائل الإعلام المرئية المحلية دورها في تغطية الحرب الدائرة اليوم على لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق وزير الإعلام سلمان الدوسري التقى رئيسة الإدارة الوطنية للإذاعة والتلفزيون الصينية كاو شومين (واس)

شراكة إعلامية سعودية صينية تطلق برامج تنفيذية مع القطاعين العام والخاص

اختتم وزير الإعلام السعودي، اليوم، أعمال برنامج الشراكة الإعلامية السعودية الصينية، وشهدت الزيارة إبرام اتفاقيات وبرامج تنفيذية وورش عمل بين الجانبين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
إعلام توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين منصة سعوديبيديا وجامعة بكين للغات والثقافة (الخارجية السعودية)

مباحثات سعودية - صينية في بكين لتطوير التعاون الإعلامي

التقى سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، في بكين، اليوم الخميس، مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني مو قاو يي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
إعلام ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية

إيلي يوسف (واشنطن)

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
TT

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)

شدد تميم فارس، رئيس «ديزني+» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، على أن منصة «ديزني+» مهتمة بالعمل على «تقديم محتوى يلائم ويحترم ويراعي الثقافة المحلية للجمهور» في المنطقة. وأشار إلى أن «ديزني+» ماضية قدماً ليس فقط في تقديم أفلام ومسلسلات مشهورة مع ضمان ملاءمتها واحترامها للثقافة المحلية، بل إن «جميع المحتوى الموجه إلى الجمهور تجري مراجعته بدقة لتحقيق هذه الغاية».

تميم استهلّ اللقاء بقوله «أولاً وقبل كل شيء، يسعدني أننا أطلقنا منصة هنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهذه المنطقة غنية بالثقافة والتراث والتقاليد. ولقد كان بمثابة حلم يتحقق أن نقدّم هذا المحتوى المميز إلى الجمهور المحلي العاشق للسينما والترفيه».

وتابع، من ثم، ليتطرّق إلى مواجهة بعض التحديات خلال هذه الرحلة فيقول: «ونحن بعد سنتين تقريباً على إطلاق (ديزني+)، نواصل - مثلاً - التعلّم من جمهورنا، وتنقيح محتوى المنصة؛ كي يراعي الثقافة المحلية للمشاهدين في المملكة العربية السعودية. ويشمل هذا نهجنا المحلي للمحتوى، وهذه أولوية كبيرة بالنسبة لنا».

إطلاق «ديزني+»

تميم فارس شرح أن «ديزني+» منصة توفّر خدمة عرض المحتوى الترفيهي حول العالم، منذ إطلاقها في عام 2022 في 16 سوقاً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنها «تعرض مجموعة واسعة من أشهر القصص من إنتاج شركة (والت ديزني)، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والأفلام الوثائقية والأعمال الأصلية الحصرية من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) وغيرها الكثير».

ثم ذكر أن كثيرين اعتادوا مشاهدة الأفلام الكلاسيكية من «ديزني» بدءاً بـ«الأسد الملك» و«علاء الدين»، ووصولاً إلى «موانا» و«إنكانتو». بالإضافة إلى عرض هذه الأفلام العائلية المفضلة على «ديزني+»، فهي متوافرة كذلك للمشاهدة بخياري الدبلجة باللهجة المصرية أو اللغة العربية الفصحى المعاصرة.

وبعدها علّق من واقع تجربته الشخصية: «أنا مثلاً، نشأت على مشاهدة الكثير منها مدبلجاً بصوت أشهر الممثلين والممثلات مثل محمد هنيدي ومنى زكي وعبلة كامل وخالد صالح، والآن أُتيحت لي فرصة مشاهدتها مرة أخرى مع ابني زين على المنصة».

ثم لفت إلى أن «ديزني+» تقدّم محتوى جديداً باستمرار، بما في ذلك الإصدارات السينمائية الحديثة والضخمة الصيفية، وكان آخرها فيلم «قلباً وقالباً 2» من إنتاج «ديزني» و«بيكسار» على «ديزني+» في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأفاد بأن «هذا الفيلم تصدّر قائمة أفلام الأنيميشن الأعلى تحقيقاً للإيرادات على الإطلاق، وجارٍ الآن عرضه حصرياً على (ديزني+)... وفي الواقع، يجري عرض أعمال (ديزني) السينمائية كافّة على منصة (ديزني+) في نهاية المطاف».

تميم فارس، رئيس "ديزني+" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (ديزني)

التكيّف مع المشهد التنظيمي الإقليمي

من جانب آخر، بالنسبة إلى الامتثال للقوانين المحلية للبث، أكد تميم فارس أن «فريقنا الإقليمي في (ديزني+) يقدّر الثقافة العربية تماماً، وأنا بصفتي أباً عربياً، أشارك تجربة شخصية مع ابني زين البالغ من العمر 7 سنوات؛ إذ نشاهد المحتوى معاً أو يشاهده بمفرده أحياناً. لذلك، أحرص على أن يكون ما يشاهده آمناً ومناسباً لثقافتنا العربية، ويتماشى مع قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا».

وأردف: «وكما ذكرت سابقاً... المحتوى هو الركيزة الأساسية لكل ما نقدّمه. ومنذ إطلاق المنصة، أنشأنا فريق امتثال متخصصاً على المستوى المحلي، وهو الفريق المسؤول عن مشاهدة المحتوى المعروض ومراجعته وفحصه بدقة. ولا يُجاز شيء إلا بعد تأكد هذا الفريق من أن كل كلمة تُنطق أو تُترجم أو تُدبلج تتوافق أو يتوافق مع قيمنا العربية وتقاليدنا. ولا بد أن يتوافق المحتوى الموجه إلى الجمهور الأصغر سناً مع هذه الإرشادات ليصار إلى عرضه على (ديزني+)».

وفي الاتجاه نفسه ركّز تميم على أنه «بالإضافة إلى فريقنا، ونظراً إلى أنني أب عربي لابن صغير، أدرك أن ابني يستطيع مشاهدة مسلسلاته وأفلامه المفضلة ضمن بيئة آمنة ومناسبة لكل أفراد العائلة من دون استثناء، وذلك من خلال تمكين الوالدين من ضبط إعدادات المشاهدة بسهولة مطلقة لمراقبة المحتوى الذي يشاهده الأطفال، بما في ذلك خيار إعداد حسابات خاصة بهم وحمايتها من خلال رمز سري».

وأضاف شارحاً: «وحقاً، نحن نولي أهمية قصوى للحفاظ على صدقنا وأصالتنا تجاه جمهورنا العربي، ونلتزم بتقديم محتوى عالي الجودة يتماشى مع قيمنا العربية الأصيلة. وبصفتي أباً، أشعر بالطمأنينة لمعرفة أن أطفالي يستمتعون بمحتوى آمن ومناسب لأعمارهم».

استراتيجيات «ديزني+» في المنطقة

وحول استراتيجيات «ديزني+» في منطقة الشرق الأوسط، أوضح أن المحتوى الذي تقدمه المنصة كفيلٌ بالتأكيد على مدى نجاحها، وقال: «منصة (ديزني+) تعرض ثمانية من أفضل عشرة أفلام تحقق أعلى مستوى مبيعات حول العالم التي تُعرض تقريباً معظمها بشكل حصري على (ديزني+)، ويمكن لمشاهدي المنصة مشاهدة آلاف المسلسلات والأفلام من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) والمحتوى الترفيهي للبالغين من (ستار). إننا نقدم حقاً المحتوى الذي يناسب تفضيلات الجميع من الفئات العمرية كافّة ومختلف شرائح المجتمع».

وزاد: «إننا نحرص دوماً على عرض الأعمال الجديدة على منصتنا، لكننا ندرك في الوقت نفسه أن خيارات مشاهدينا المفضلة تتغيّر وتتوسع لتشمل رغبتهم في مشاهدة المحتوى العالمي أيضاً». وتابع: «لقد بادرنا مثلاً إلى تنظيم مجموعات متخصصة في الكثير من المدن السعودية، للتفاعل مع المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي والوقوف على المحتوى الذي يشاهدونه عبر المنصة. وفي الوقت نفسه، نحرص دوماً على الاستفادة من عملائنا المحليين والارتقاء بإمكاناتنا والمحتوى الذي نقدمه إليهم؛ كي ننجح في توفير خدمات تلبي احتياجات المنطقة».

المحتوى المحلي

تميم فارس قال إن «ديزني+» تتطلع لمزيد من الأعمال والإنتاجات التي تعزّز مكانتها في المنطقة، وبالتحديد على المستوى المحلي، «على سبيل المثال، أعلنا شعارنا الجديد الذي يضم للمرة الأولى على الإطلاق كلمة (ديزني) باللغة العربية. وبادرنا إلى إطلاق أول حملة إعلانية ننتجها محلياً على الإطلاق، ويشارك فيها فريق عمل سعودي بامتياز يضم أشهر صناع المحتوى المحليين، لتعزيز شعور المشاهدين على مستوى المنطقة بالشمولية والانتماء».

ثم أضاف: «وثانياً هناك المحتوى الذي تقدّمه المنصة؛ حيث نؤكد مواصلة التزامنا بتقديم محتوى جديد ومتنوع والحفاظ على مكانتنا الحالية، من خلال إضافة أعمال جديدة إلى مكتبتنا الضخمة من المحتوى الذي نعرضه للمشاهدين كل يوم... ونحرص على تقديم المحتوى الترفيهي الذي يرتقي إلى مستوى تطلعات المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتفضيلاتهم، بدءاً من الأعمال العالمية التي تحقق نجاحاً كبيراً وصولاً إلى المحتوى المحلي المدبلج باللغة العربية».

ومع تشديده على أن جميع الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تُعرض على «ديزني+» تتوافق بالكامل مع المتطلبات التنظيمية المحلية السعودية، أوضح تميم أن المنصة تسعى باستمرار إلى عقد مزيد من الشراكات مع أبرز الشركات المزودة لخدمات الاتصالات، مثل شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة «دو»، وشركة اتصالات «زين» في الكويت، لتوفير مجموعة من خيارات الاشتراك، وتتطلّع إلى مواصلة عقد مزيد من الشراكات خصوصاً في السعودية في المستقبل القريب.

واختتم بتسليط الضوء على عروض الأفلام الوثائقية المرتبطة بالمنطقة، فقال: «نعرض حالياً فيلم (كنوز الجزيرة العربية المنسية) على منصة (ناشيونال جيوغرافيك)، لتمكين المشاهدين من رؤية ثقافتهم الغنية وتراثهم العريق من زاوية مختلفة، وننظر أيضاً في فرص توسيع نطاق المحتوى الذي نقدمه إلى المشاهدين، من خلال بناء شراكات واتفاقيات تعاون مع مجموعة محلية من صناع المحتوى وشركات الإنتاج».