نجمات زمن الإعلام المرئي الجميل اللبنانيات يتذكّرن شغف المهنة

لا تزال إطلالاتهن محفورة في قلوب جمهور التلفزيون

شارلوت وازن ... في بدايتها مع الشاشة الصغيرة (الشرق الأوسط)
شارلوت وازن ... في بدايتها مع الشاشة الصغيرة (الشرق الأوسط)
TT

نجمات زمن الإعلام المرئي الجميل اللبنانيات يتذكّرن شغف المهنة

شارلوت وازن ... في بدايتها مع الشاشة الصغيرة (الشرق الأوسط)
شارلوت وازن ... في بدايتها مع الشاشة الصغيرة (الشرق الأوسط)

لا يزال بريقهن محفوراً في قلوب اللبنانيين، على الرغم من مرور سنوات على تألقهن عبر شاشة «تلفزيون لبنان».

يومها كانت تلك المحطة هي الوحيدة على الساحة الإعلامية المرئية، ومن خلالها عُرفت تلك الحقبة بـ«زمن الإعلام الجميل»، إذ كانت نجماته أيقونات إعلامية، خصوصاً أن حضورهن على الشاشة أعطى اللبنانيين فسحة أمل مرّات، وكان بلسم جروحهم أيام الحرب مرّات أخرى. وحقاً، في كل مرة أطلّت فيها سعاد قاروط العشي، أو شارلوت وازن الخوري، أوغابي لطيف، أو جان دارك أبو زيد فياض، وغيرهن في مناسبة معينة، يردد اللبناني بعفوية، عبارة: «رزق الله». وهذا الحنين لحقبة تلفزيونية ذهبية ما زال يراوده حتى اليوم.

إعلاميون كثيرون من العصر الحالي يتباهون ويفتخرون بإجراء حوارات مع تلك النخبة من الإعلاميات، فهن -من دون استثناء- يقطرن احترافية وبلاغة ولطفاً، فيفضن بحواراتهن بما يمتع الأذن والعين، ويغني الذهن. إنهن نجمات من نوع آخر، لا الوقت ولا الزمن استطاع أن يسرق منهن وهجهن.

شارلوت وازن الخوري...

غابي لطيف (الشرق الأوسط)

وشغف المهنة

يطالعك صوت شارلوت وازن الخوري برُقيِّه ونبرته الرزينة في اتصال معها، لتختلط الصور في رأسك حولها. يعود بك الزمن إلى وجه تلفزيوني لم يمر مرور الكرام، فجمالها الذي كان يطغى على إطلالتها تواكبه ثقافة عالية، وحرفية وأناقة بالغة. نادرة هي حواراتها وإطلالاتها الإعلامية؛ لأن الأضواء لم تجذبها يوماً. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» قالت: «أنا بعيدة عن الأضواء منذ أيام ممارستي هذه المهنة، حتى عندما كنا نخرج في الماضي ويسألني أحدهم: هل أنا المذيعة التلفزيونية شارلوت وازن الخوري؟ كنت أرد: لا، أنا شقيقتها... لست هاوية أضواء ونجومية، بينما اليوم مَن يدخلن هذا المجال هن نجمات أكثر منهن إعلاميات وموظفات».

لا تهمها وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تطّلع عليها، بينما في المقابل تتابع تلفزيونات اليوم، وتقول: «شغفي للمهنة لم ينطفئ يوماً، وأتابع دائماً قنوات عربية ولبنانية وأجنبية. أشاهد نشرات الأخبار، وليست عندي تعليقات سلبية تُذكر بهذا الشأن، إلا أنني أتأسف؛ لأنه لا أحد يقرأ نشرة الأخبار من دون ارتكاب أخطاء لغوية».

سعاد قاروط العشي...

سعاد قاروط العشي (الشرق الأوسط)

سيدة «الزمن الجميل»

بالنسبة لكثيرين، سعاد قاروط العشي هي سيدة الإعلام المرئي في «زمنه الجميل»؛ فقد بقيت لفترة طويلة في ذاكرة اللبنانيين بصفتها مذيعة نشرات الأخبار، ومعدة، ومقدمة، ومحاورة لبرامج مختلفة. كانت سعاد من أولى مذيعات «تلفزيون لبنان»؛ حيث عملت ضمن فريق رئيس المذيعين -يومذاك- شفيق جدايل. وتروي لـ«الشرق الأوسط» عن رحلتها: «لم أدرس الإعلام، بل كانت تجربتي محض عفوية. عشقت العمل الإعلامي منذ صغري، وكنت أسأل نفسي دائماً: متى يحين الوقت وأدخل هذا الصندوق الزجاجي؟».

تأثرت سعاد بالمدرسة الإعلامية المصرية، فكانت تُصغي باهتمام إلى فاروق شوشة وهو يلقي الشعر، وإلى همّت مصطفى تقرأ نشرة الأخبار، وتعلق: «في تلك الفترة، كنت أيضاً أشاهد مذيعات (تلفزيون لبنان) من قبلي، كالراحلة مي منسّى، وكنت معجبة أيضاً بشارلوت وازن الخوري، وجان دارك أبو زيد فياض، وهذا العشق للشاشة كان يغلي في أعماقي».

والحقيقة، أن نجم سعاد قاروط العشي سطع في برامج تلفزيونية مختلفة، فتألقت في نشرات الأخبار وفي «استوديو الفن»، و«المتفوّقون» و«صالون الخميس» وغيرها. وأكملت مسيرتها إلى ما بعد انتهاء الحرب اللبنانية، وقدّمت «مباشر على الهواء» و«شاهد على العصر». ثم تتذكر بحنين: «تخيلي أن الإعلامية همت مصطفى عندما التقت زوجي أحمد العشي في مصر، لم تتوانَ عن إبداء إعجابها بي... يومها شعرت بفرح كبير؛ لا سيما أنها قالت له إنني أذكّرها بشبابها الإعلامي».

جان دارك أبو زيد فياض:

كنا عائلة حقيقية

ذكريات المشاهد اللبناني مع جان دارك أبو زيد فياض محفورة في القلب؛ لأنها كانت «ماما جنان» لجيل بأكمله من اللبنانيين؛ إذ إن حبّها للأطفال دفعها إلى تقديم برنامج خاص بهم على مدى 14 سنة، كانت تخاطبهم فيه بحب، وتحكي لهم القصص، وتقدم لهم الجوائز، وكانوا عندما يتابعونها أو يحضرون معها مباشرة في استوديو «قناة 11» في «تلفزيون لبنان» يشعرون كأنهم في جنة الأطفال. ثم إنها قدمت نشرات الأخبار، وتألقت في برامج مختلفة «مجالس الأدب» و«السجل الذهبي» وغيرهما.

بداياتها في العمل الإعلامي حصلت بالمصادفة، بعدما ذكر اسمها شقيقها أمام مدير عام «تلفزيون لبنان» في تلك الفترة لوسيان دحداح. «كان أخي بصدد حضور حفل تخرّجي في قسم الأدب العربي بجامعة (بي سي دبليو) -التي أصبحت الجامعة اللبنانية الأميركية (إل آي يو) اليوم- فطلب منه دحداح أن أتقدم للعمل التلفزيوني. وهكذا انطلقتُ في مشوار الإعلام من دون سابق تصور وتصميم». من زميلاتها في تلك الآونة: الراحلة نهى الخطيب سعادة، وغابي لطيف، وإلسي فرنيني، وماري بدين أبو سمح. وعنهن تقول: «كنا نشكّل عائلة حقيقية محبة وعطوفة، يساند بعضها بعضاً. قلة من الجيل الجديد يعلمون أن نحو 12 زواجاً حصل بين هذه العائلة الواحدة».

غابي لطيف...

«ذهبية الشاشة»

كسرت غابي لطيف التقاليد في إطلالة المذيعة التلفزيونية في عقد السبعينات، فقد حملت كل نبض الشباب معها، من رأسها حتى أخمص قدميها. وبشعرها الأشقر وحضورها الأخَّاذ استطاعت أن تؤسس لها مكانة لا تُنسى من ذكريات اللبنانيين، فكانت المذيعة المشاغبة والرزينة في آن، وبصوتها الدافئ ذي النبرة التي لا يُمل منها، وحوارات ذكية تزينت بسرعة البديهة، شكَّلت غابي جسر التواصل بين جيلين؛ المرئي الكلاسيكي، والمعاصر.

روت لـ«الشرق الأوسط»: «بداياتي كانت مع الراحل رياض شرارة، عندما اختارتني إدارة (تلفزيون لبنان) لمشاركته برنامجه التلفزيوني (ناس ونغم). لقد كانت فترة جميلة جداً، ويكفي أنني أمضيتها إلى جانب أحد أهم الإعلاميين المتألقين في لبنان، وجاء اختياري هذا لإضافة لمسة جيل شبابي جديد على البرنامج، فهذا التمازج والتناغم بين جيلين أحبَّه المشاهد وتابعه بحماس».

وفي زمن الأبيض والأسود، ومن بعده الألوان الطبيعية «سيكام»، وصولاً إلى شاشة «الديجيتال» اليوم، مستجدات كثيرة حصلت على الساحة المرئية، وإضافة إلى التطور التكنولوجي، وانتشار «السوشيال ميديا» تألقت وجوه جديدة، وغابت أخرى. وهنا نسأل نجمات زمن الشاشة الجميل عن الفرق بين التلفزيون في الماضي واليوم؟ وكيف يقيِّمن هذه الساحة حالياً؟ وماذا يفتقدن؟ وماذا يلفتهن؟

سعاد قاروط العشي تجيب: «قد يكون زمن الإعلام اليوم أهم مما سبقه؛ حيث سرعة الانتشار والتكنولوجيا المتطورة. ولا يمكننا غض النظر عن كل هذه التغيرات التي طالته بالطبع، ولكن الرونق والألفة والبساطة عناصر اختفت، وما عاد لها وجود. في الماضي كان أرباب هذه المهنة يمارسونها بالروح والقلب والحب الكبير، أما اليوم فكل شيء بات مصطنعاً، لا بركة ولا بساطة فيه».

أما شارلوت وازن الخوري، فتثني على التطور التكنولوجي الذي أسهم في تسريع العمل الإعلامي، قائلة: «كنا في الماضي نقرأ نشرة الأخبار من الورق، ونحاول أن نحفظ قدر الإمكان محتواها؛ كي لا نزعج المشاهد بالتفاتنا إلى الورق. واليوم أحسد العاملين في هذا المجال؛ لأنهم يعيشونه بشكل أسهل، فغالبيتهم يقرأ ولا يحرّر. بينما كنا نقوم بتحرير أخبار النشرة وتقطيعها، ونبحث في الوكالات، ومن ثم نذيع مضمونها». وتتابع شارلوت وازن الخوري: «بالتأكيد لم نشهد ولا واحد في المائة من نسبة الانتشار الذي يشهده إعلاميو اليوم، فالتكنولوجيا تطورت بشكل هائل، وتركت أثرها على الساحة الإعلامية بوضوح، والأخبار باتت تصل إلينا في ثوانٍ؛ بينما في الماضي كنا نترقب وصولها بالطائرة... ولذا لا مجال للمقارنة بمتعلقات المهنة بين اليوم والأمس، ولكن، مع هذا، هناك أمور أوافق عليها، وأخرى تبدو لي كارثية».


مقالات ذات صلة

«فاينانشيال تايمز» و«ذي إيكونوميست» تعلنان دعمهما حزب العمال البريطاني

أوروبا غلاف صحيفة «فاينانشيال تايمز» يظهر مع صحف أخرى في كشك لبيع الصحف في نيويورك (رويترز)

«فاينانشيال تايمز» و«ذي إيكونوميست» تعلنان دعمهما حزب العمال البريطاني

أعلنت صحيفة «فاينانشيال تايمز» ومجلّة «ذي إيكونوميست»، الاثنين، دعمهما حزب العمال البريطاني قبل الانتخابات العامة المقررة، الخميس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مارين لوبان، مرشحة حزب "التجمع الوطني" القومي، تتفاعل في نهاية يوم الانتخابات الفرنسية في باريس، فرنسا، 1 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

ردود فعل متباينة على فوز اليمين القومي بالانتخابات التشريعية الفرنسية

تصدّر فوز اليمين الفرنسي بقيادة حزب «التجمّع الوطني» بالجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الصفحات الرئيسية للصحف العالمية وبدأت تخرج ردود الساسة الأوروبيين.

شادي عبد الساتر (بيروت)
يوميات الشرق السفير السعودي في بريطانيا الأمير خالد بن بندر بن سلطان مفتتحاً الندوة

«حكايا عربي أنغلوفوني» في رابطة المؤلفين البريطانية

شهدت رابطة المؤلفين البريطانية في لندن، ندوة حول العلاقات العربية - البريطانية، خلال إطلاق كتاب «حكايا عربي أنغلوفوني» للزميل فيصل عباس.

يوميات الشرق أطلقت «الاقتصادية» محتوى رقمياً جديداً وموقعاً إلكترونياً مطوّراً بتحديثات وتغطيات مباشرة لتواكب فضاء الإعلام المتغيّر (الشرق الأوسط)

«الاقتصادية» تطلق موقعها المطور بمحتوى رقمي وتغطيات مباشرة

أعلنت «الاقتصادية» الصحيفة المتخصصة في الأخبار والتطورات الاقتصادية والتحليلات المالية العميقة وقطاع الأعمال إطلاقها محتوى رقمياً جديداً وموقعاً إلكترونياً

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق جانب من مشاركة الهيئة باجتماعات الاتحاد الدولي في لندن (هيئة الصحفيين)

«هيئة الصحفيين السعوديين» تشارك في اجتماع اتحاد الصحافة الدولي

شاركت «هيئة الصحفيين السعوديين»، الأربعاء، في اجتماعات اتحاد الصحفيين الدوليين بالعاصمة البريطانية لندن، بصفة "مراقب".

«الشرق الأوسط» (لندن)

صراع «فيسبوك» والناشرين يُجدد المخاوف بشأن انتشار «الأخبار الزائفة»

مهران كيالي (حسابه على منصة إكس)
مهران كيالي (حسابه على منصة إكس)
TT

صراع «فيسبوك» والناشرين يُجدد المخاوف بشأن انتشار «الأخبار الزائفة»

مهران كيالي (حسابه على منصة إكس)
مهران كيالي (حسابه على منصة إكس)

تجدّدت المخاوف من انتشار «الأخبار الزائفة» و«المعلومات المضلّلة» على منصة «فيسبوك» بعد تراجع دور الأخبار موثوقة المصدر على المنصة منذ منتصف العام الماضي، أمام خلفية عزوف «ميتا» - الشركة المالكة لـ«فيسبوك» - عن دعم الناشرين، بحجة أن الأخبار لا تشغل إلا حيزاً محدوداً من اهتمام المستخدمين، الأمر الذي عدّه خبراء فرصةً أفسحت المجال لحسابات تُدار من قبل أفراد يتبنون نشر «أخبار زائفة» بهدف تحقيق أرباح.

تقرير أعدّته صحيفة «النيويورك تايمز» الأميركية في يونيو (حزيران) الحالي، كان قد تناول مسار أحد أكثر حسابات الأخبار الزائفة في الولايات المتحدة الأميركية شعبية. وأثار تساؤلات حول دور «فيسبوك» في التصدي للأخبار الزائفة في ظل غياب الدعم للمؤسسات الإعلامية الكبرى. وكشفت الصحيفة عن أن الحساب السالف الذكر، الذي يديره مُدوّن يُدعى كريستوفر بلير، يحقق مكاسب شهرية تُقدّر بنحو 15 ألف دولار من أخبار زائفة تصل إلى ملايين الأشخاص رغم ادعاء «فيسبوك» ملاحقتها «المعلومات المضللة».

ووفق ما ذكرته الصحيفة، فإن منصة «فيسبوك» كانت قد أقدمت على تعديل خوارزميتها بعد أحداث الهجوم على «مبنى الكابيتول» في واشنطن مطلع 2021، وتردد حينذاك أن المنصة كانت على دراية بدور حسابات الأخبار الزائفة في إثارة التوتر في الشارع الأميركي. وحسب كلام المدوّن بلير «توارى دور حسابه إلى حد الانهيار؛ بسبب ملاحقة فيسبوك وتصدّيها للأخبار الكاذبة بعد أحداث مبنى الكابيتول بالفعل». غير أن التصدي هذا لم ينجح في الصمود أمام «حسابات الأخبار الكاذبة» لأكثر من 6 أشهر. إذ ذكر بلير أن «منشوراته» عادت إلى الازدهار منذ بداية العام الحالي، وباتت تحظى بتفاعل مضاعف مقارنة حتى بالسنوات القريبة الماضية. ووفق الصحيفة الأميركية ارتفعت التفاعلات إلى 7.2 مليون تفاعل مقارنة بمليون تفاعل في عام 2021 بأكمله.

البروفسورة جنيفر ستورمر-غالي (جامعة سيراكيوز)

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، قال في لقاء مع «الشرق الأوسط» إن انتشار الأخبار الزائفة تبرّره «ميتا» بذريعة سعيها لإرساء الحق في التعبير عن وجهات نظر مختلفة. وأضاف أن «ميتا» أكدت غير مرة أن المنشورات التي تعدّها أخباراً مزيفة «يجري تخفيض رتبتها في موجز الأخبار». واستدرك، فقال: «لكن الواقع يقول إنه يستحيل على شركة ميتا مراقبة ملايين المنشورات يومياً، حتى مع تطور الأدوات الآلية ونظم التصفية الدقيقة». وأرجع كيالي الأمر أيضاً إلى اتجاه «ميتا» خلال السنوات الأخيرة إلى تسريح عديد من الموظفين، موضحاً أنه «كان على رأسهم الموظفون الذين يعملون في أقسام تدقيق المحتوى». وعن سماح «فيسبوك» بتحقيق أرباح من الأخبار المزيفة، قال: «إن التربح من الأخبار المزيفة على فيسبوك يأتي بأشكال عدة، منها المالي المباشر وفقاً للزيارات، أو التسويق إلى مواقع إلكترونية خارجية... ولدى ميتا ضوابط عديدة لتحقيق الربح على فيسبوك، ليس من ضمنها صحة الخبر».

من جهة ثانية، في حين عدّ كيالي أن تراجع «فيسبوك» عن دعم الناشرين لا يُعد سبباً مباشراً لانتشار الأخبار المزيفة، فإنه وضع علاقة «فيسبوك» بالناشرين ضمن سبل الحد من «المعلومات المضلِّلة» على المنصة. وقال: «بشكل عام يجب أن تكون شركة ميتا أقرب إلى هذه السوق (السوقي الإعلامية)، وأن تعمل جنباً إلى جنب مع الناشرين لضمان نشر معلومات أكثر دقة تلتزم بمعايير مهنة الإعلام... وهنا يجب التأكيد على دور الناشرين في حماية صحة ودقة المعلومات وأهمية مراعاة هذه المعايير». وطالب في المقابل شركة «ميتا» بـ«أن تقدم أدوات وتقنيات للناشرين لتمكينهم من اكتشاف أو تقييم الأخبار، بالإضافة إلى توثيق معيّن للصفحات يتيح للمتابعين معرفة أن هذه الصفحة لديها محتوى موثوق من فيسبوك».

دور «الذكاء الاصطناعي» في أزمة التضليل

بالتوازي، يشير خبراء ومتابعون إلى تفاقم أزمة التضليل على «فيسبوك» مع تطوّر أدوات «الذكاء الاصطناعي»، إذ رأت البروفسورة جنيفر سترومر-غالي، أستاذة الإعلام الرقمي بجامعة سيراكيوز بالولايات المتحدة الأميركية، في تقرير نشرته وكالة «أسوشييتد برس» نهاية العام الماضي، أن «ظهور برامج الذكاء الاصطناعي المتطورة يعني أن التزييف من خلال إنشاء ملفات صوتية وفيديوهات ملفقة بات أكثر سهولة... وغدا أداة متاحة للعامة وليس المختصين فقط». وتابعت الأكاديمية الأميركية القول إنها لا تعوّل حتى الآن على دور المنصات، إذ «لا تزال المنصات لا تأخذ دورها في المجال العام على محمل الجد».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قالت الدكتورة رضوى عبد اللطيف، مديرة العلاقات الأكاديمية بـ«مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي للبحث والاستشراف» في دبي وخبيرة ومدربة الإعلام الرقمي وصحافة الذكاء الاصطناعي، إن فشل «فيسبوك» في ملاحقة المعلومات الزائفة والمضللة عائد إلى «انعدام الدقة في المعايير الموضوعة من قبل المنصة».

وأضافت عبد اللطيف: «أمكن رصد انحياز سافر من قبل المنصة، لا سيما في تناول الأزمات مثل الحرب الروسية – الأوكرانية، ثم أحداث غزة... ويعود ذلك إلى أن المجموعات البشرية المسؤولة عن تنقيح المنشورات هي نفسها منحازة لسياسات بعينها». وعدّت أن «تراجع فيسبوك عن دعم الأخبار يعد جزءاً من أزمة انتشار المعلومات الزائفة». وأردفت: «خوارزميات فيسبوك ذهبت لدعم الأفراد على حساب المؤسسات الإعلامية الموثوقة. وهذا خلل أسهم في نشر المعلومات المضللة لأن المؤسسات، حتى وإن وقعت في هذا الخطأ بشكل محدود، تلتزم في أغلب الأحيان بمعايير المصداقية والدقة».

واختتمت عبد اللطيف كلامها بالتركيز على أهمية عودة «فيسبوك» والناشرين إلى طاولة التفاوض، وقالت: «عودة العلاقة بين فيسبوك والناشرين مرهونة باعتراف الطرفين بأحقية كل منهما في تحقيق مكاسب، كما يجب وضع قوانين مُنظِّمة لنشر الأخبار على منصات التواصل الاجتماعي تضمن وصول المحتوى الدقيق بالشكل الذي يتناسب مع أهميته».