الإعلام الروسي في أفريقيا... تكثيف للحضور وتوسيع النفوذ بالدعاية

يستعمل المؤثّرين و{البروباغاندا} لتشويه صورة الغرب

الإعلام الروسي في أفريقيا... تكثيف للحضور وتوسيع النفوذ بالدعاية
TT

الإعلام الروسي في أفريقيا... تكثيف للحضور وتوسيع النفوذ بالدعاية

الإعلام الروسي في أفريقيا... تكثيف للحضور وتوسيع النفوذ بالدعاية

تسعى روسيا من أجل تعزيز نفوذها في القارة الأفريقية إلى استخدام طرق شتى، منها تكثيف حضور إعلامها الخارجي عبر شبكاتها الخارجية «أر تي»، و«سبوتنيك»، وعقد شراكات جديدة، وتنظيم حملات دعائية تخدم مصالحها وتظهرها بصورة إيجابية في نظر الرأي العام الأفريقي. كذلك تعتمد على وسائل إعلام محلية ومؤثرين لدعم خطاب الكرملين الذي يستغل تزايد مشاعر المعاداة باتجاه القوات الاستعمارية السابقة لتوسيع نفوذه.

 

تكثيف باتجاه أفريقيا

عقب قرار الاتحاد الأوروبي حظر بث قناتَي «سبوتنيك» و«روسيا اليوم» - أو «أر تي» - بما في ذلك فرع «أرتي» فرنسا - اعتباراً من الثاني من مارس (آذار) الماضي، على التلفزيون وكذا شبكة الإنترنت، بعد اعتبار هذه الوسائل الإعلامية أدوات «تضليل إعلامي» للكرملين، بدأ الإعلام الروسي يركز جهوده الموجهة للخارج على أفريقيا. ولقد تجلّت أهمية هذه الاستراتيجية في البيان الختامي للقمة الروسية الأفريقية التي عقدت يومي 27 و28 يوليو (تموز) المنصرم، والذي نصّ على تطوير التعاون الإعلامي وتبادل الخبرات وتوسيع «حضور اللغة الروسية في أفريقيا».

وبالفعل، شبكة «أر تي»، الدولية المدعومة من موسكو، موجودة اليوم في عدة دول أفريقية فرنكوفونية، منها: كوت ديفوار وبوركينا فاسو والسنغال والكاميرون، وقد وقعت أخيراً عقود تعاون جديدة في كل من المالي والنيجر. وأيضاً خلال يناير (كانون الثاني) 2023 جرى توقيع عقد شراكة بين هذه الشبكة الدولية وقناة «أفريك ميديا» ومقرها في دوالا، كبرى مدن الكاميرون، تحت شعار «محاربة البروباغندا الغربية الكاذبة».

الطموح نفسه نجده عند زميلتها «سبوتنيك» التي لجأت، بعدما تعرّضت لتصفية قضائية على إثر تجميد أصولها خلال يوليو (تموز) 2022 في أوروبا، إلى فتح منصّة فرنكوفونية أُطلق عليها اسم «سبوتنيك أفريقيا». وهي توفر حالياً تغطية واسعة للأحداث في القارة، وبالأخّص، في المغرب العربي وفي دول الساحل الأفريقي.

أفريقيا الوسطى... مختبر النفوذ

موقع «دويتشه فيله» التلفزيوني الإخباري الألماني، كشف في تقرير بعنوان «النفوذ الروسي في أفريقيا» أن عدداً من وسائل الإعلام الأفريقية، منها محطات إذاعية وصحف، تتلقى الآن تمويلاً مباشراً من موسكو، أهمها إذاعة «لونغو سونغو» التي بدأت نشاطها عام 2018، وهي تبثّ من بانغي، عاصمة أفريقيا الوسطى، ومحيطها بلهجة السانغو واللغة الفرنسية. وإضافة إلى أنها أهم إذاعة في المنطقة فهي معروفة أيضاً بصفتها «إذاعة الروس». وهنا تذكر المجلة الفرنسية المتخصصة «لا روفو دي ميديا» أن خطاب الإذاعة ينحاز إلى الحلفاء الجدّد بصفة واضحة، ولقد لفتت هذه الإذاعة الانتباه بتغطيتها الكاملة للأحداث المعادية لفرنسا والمؤيدة للحضور الروسي في أفريقيا الوسطى، كما منحت الكلمة في عدة مناسبات لمسؤولين روس كالجنرال ألكسندر إيفانوف، المسؤول عن التكوين العسكري للجنود الأفارقة، والسفير الروسي في أفريقيا الوسطى، وكذا الجنرال فاليري زاخاروف مستشار الرئيس فوستان أرشانج تواديرا (والمرشح الأوفر حظاً لخلافة بريكوجين على رأس ميليشيا «فاغنر»).

«لا روفو دي ميديا» اعتبرت أفريقيا الوسطى «مختبراً للنفوذ الإعلامي الروسي في أفريقيا»، فقد نقلت المجلة معلومات عن القسم الناطق بالروسية في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تفيد بأن إذاعة «لونغو سونغو» حصّلت لانطلاقها على تمويل من موسكو وصل إلى 10 آلاف دولار، وأن الراعي الوحيد لها حالياً هو المجموعة الإعلامية الروسية «ميديا باترويت». وتتطرق المجلة الفرنسية إلى مثال آخر من الصحافة المكتوبة هو يومية «نجوني سونغو» التي تتبنى السياسة التحريرية ذاتها وتتلقى تمويلاً حسب المصدر الفرنسي نفسه من شركة «لوبي إينفست» التي تستثمر مناجم الألماس والذهب في أفريقيا الوسطى والتابعة لمجموعة «فاغنر».

وفيما يتعلق بالقنوات التلفزيونية، تعد قناة «أفريك ميديا» أهم المنابر الإعلامية المؤيدة للحضور الروسي في أفريقيا. وهي تبّث من مدينة دوالا بالكاميرون باللّغتين السواحلية والهوسا بجانب الفرنسية والإنجليزية، ويستقبل برامجها أكثر من أكثر من 220 ألف بيت في غرب أفريقيا، إضافة إلى أنها تضم أكثر من 870 ألف متابع على منصّة «فيسبوك» و670 ألف على «يوتيوب»، بنسب مشاهدة في ارتفاع مستمر منذ خريف 2022. ويتجلى تأييد هذه القناة لخطاب موسكو في المواضيع المطروحة للمناقشة في صفحتها الرسمية على منصة «فيسبوك»، حيث نقرأ مثلاً العناوين التالية: «مشاريع الغرب لاغتيال القادة الأفارقة»، أو «محاولة اغتيال بوتين، أو ما هي حدود الغرب؟». ويدير القناة جوستان تاغوه، القريب من الدوائر الرسمية السياسية، وهو - حسب مجلة «جون أفريك» التي خصّصت له مقال بعنوان: «جاستان تاغوه، صوت روسيا» - قريب من بعض الرسميين الروس، وسبق له أن استقبله في موسكو كل من الرئيس فلاديمير لوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف، حسب المجلة نفسها.

«الكارتونز» بخدمة «فاغنر»

من جهة أخرى، لإذكاء المشاعر المُعادية للدول الغربية وبالأخص فرنسا، تستخدم شركات إنتاج تُنسب لجهات روسية رسوماً متحركة من نوع خاص. وهذه تحظى باستقبال كبير في وسائل التواصل مثل «فيسبوك» و«واتساب» و«تويتر» و«تيك توك» و«تلغرام»، وتظهر فيها فرنسا بصورة سلبية. فهي تارة جرذ كبير اسمه «إيمانويل» يتسلّل إلى بيت أحد الأهالي ليسرق ذخائره، ومرة في صورة ثعبان خطير بألوان العلم الفرنسي يعيث فساداً معلناً أنه يريد إعادة احتلال أفريقيا. وفي كل مرة يتكرر «السيناريو» ذاته حين يهبّ جنود ذوو بشرة بيضاء (يضعون شارة ميليشيا «فاغنر») لإنقاذ الأهالي ودحر المستعمر القديم.

مثل هذه المقاطع الكارتونية القصيرة، حسب ديميتري زوفيري، الباحث في منظمة «العيون على فاغنر» أو (أول آيز أون فاغنر) تشكل وسيلة دعاية واضحة، فهي تنسب إلى «فاغنر» صفات الشجاعة والعدالة والطيبة، وإلى فرنسا والغرب عامة الطمع والخبث والجبن. ويضيف الباحث: «مثل هذه الإنتاجات مُوجهة إلى جمهور الأطفال والناشئة، وهي تستهدف رسائل معينة، وإن لم يعلن صراحةً عن الجهة التي أنتجتها؛ إذ إن تقارير كثيرة كشفت عن تمويلها، الروسي المصدر». أما الباحث الفرنسي ماكسيم أوديني من معهد البحوث الاستراتيجية للمدرسة العسكرية (أرسام) فيُذكر بأنها ليست المرة الأولى التي تنتج فيها رسوم كارتونية بغرض الدعاية، فقد أُنتِج عام 2019 شريط كارتوني قصير (يمكن مشاهدته في يوتيوب الأطفال) حول إيجابيات الحضور الروسي في أفريقيا الوسطى، في شكل قصّة قصيرة حول فيل كبير تهاجمه مجموعة ضباع لتسرق حصيلة أرضه، ولكن يهّب إلى نجدته دب من بلاد بعيدة تسمى «روسيا»، وبالتعاون مع أسد أفريقيا الوسطى يستطيع الاثنان التغلب على الضباع المتوحشة ونشر السلام والطمأنينة في غابة السافانا.

هذا الشريط القصير من ثلاث دقائق، وحسب الباحث الفرنسي، وخلافاً للأشرطة الأخرى، «ليس مجهول المصدر»، بل إن حقوقه منسوبة لشركة «لوباي إينفست» التي تملك امتيازات منجمية في أفريقيا الوسطى التابعة لـ«فاغنر».

 

أصوات بوتين في أفريقيا

وفي سياق موازٍ، أخذ الخطاب المؤيد للحضور الروسي في أفريقيا يظهر بقوة في السنوات الأخيرة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي مع بعض المؤثرين الأفارقة الذين يتمتعون بنفوذ كبير بين أوساط الشباب.

بعض هؤلاء ذائع الصيت مثل كيمي سيبا، وهو ناشط سياسي، عمل محلّلاً جيوسياسياً في العديد من وسائل الإعلام الغرب أفريقية. وانتخب «أفضل شخصية أفريقية» لعام 2017 من قبل الخدمة الإخبارية «أفريكا نيوز»، وصار معروفاً بعدما أحرق في العاصمة داكار ورقة نقدية لـ0 5000 فرنك (سي إف أ) تنديد بهذه العملة التي فرضتها فرنسا على مستعمراتها القديمة في أفريقيا الفرنكوفونية. يقدم كامي سيبا نفسه اليوم على أنه معاد للإمبريالية ومعاد للصهيونية. ومنذ 2008 تبنى هذا «المؤثر» الأفريقي قناعات «بان أفريكانية»، وأقام في عدة دول أفريقية كالسنغال وكوت ديفوار وغينيا. ولقد أكسبه نشاطه في وسائل التواصل الاجتماعي شعبية لدى الشباب، فحسابه على «فيسبوك» يضم أكثر من مليون متابع ونحو 250 ألفاً في «إنستغرام» و«تويتر»، وكان كامي سيبا قد قال عقب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي: «بوتين يحاول استعادة أراضيه، ويداه ليستا ملطختين بدماء العبودية والاستعمار... أنا أفضل بوتين على كل القادة الغربيين والرؤساء الأفارقة الملعونين الذين يخضعون لأسيادهم في الغرب».

وضمن مجموعة المؤثرين الذين يحملون الخطاب ذاته، الناشطة ناتالي يامب التي يلقبها الإعلام الفرنسي بـ«صوت بوتين في أفريقيا»، وهي ناشطة كاميرونية سويسرية، بدأت نشاطها في كوت ديفوار مستشارةً خاصة للمعارض السياسي مامادو كوليبالي قبل طردها. وتحظى يامب أيضاً بشعبية كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي حيث يبلغ عدد متابعيها على «فيسبوك» 500 ألف، إضافة إلى 250 ألفاً على قناة «يوتيوب» وفي «تيك توك». وهي تدعو في تداخلاتها إلى تكثيف التعاون مع روسيا «التي تتمتع بتقليد قديم في مناصرة الدول المستعمَرة»، وهي «ليست إمبريالية كباقي الدول الغربية» كما تقول. هذا، وقد كانت الإدارة الأميركية قد اعتبرت كلاً من سيبا ويامب من «الحلقات الأساسية في شبكة فاغنر»، وهذا بعدما شاركا في عدة نشاطات من تنظيم مؤسسة «أفريك» التابعة لـ«فاغنر»، والمهتمة بتوسيع النفوذ الروسي في أفريقيا.

 



«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)
TT

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)

في كل انتخابات رئاسية وعامة تشهدها الولايات المتحدة، كان للمؤسسات الإعلامية الأميركية على الدوام نصيب من تداعياتها. وفي العادة أن جلّ المؤسسات الاعلامية كانت تنحاز لأحد طرفي السباق، حتى في بعض الانتخابات التي كانت توصف بأنها «مفصلية» أو «تاريخية»، كالجارية هذا العام. بل وكان الانحياز يضفي إثارة لافتة، لا سيما إذا «غيّرت» هذه المؤسسة أو تلك خطها التحريري المألوف، في محاولة للظهور بموقف «حيادي».

غير أن الواقع كان دائماً يشير إلى أن العوامل التي تقف وراء هذا «التغيير» تتجاوز مسألة الحفاظ على الحياد والربحية وتعزيز المردود المالي. إنها سياسية بامتياز، خصوصاً في لحظات «الغموض والالتباس» كالتي يمر بها السباق الرئاسي المحتدم هذا العام بين نائبة الرئيس كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي والرئيس السابق دونالد ترمب مرشح الحزب الجمهوري.

مقر «اللوس أنجليس تايمز» (أ.ب)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح!

يوم الجمعة، أعلن ويليام لويس، الرئيس التنفيذي وناشر صحيفة «واشنطن بوست»، التي يملكها الملياردير جيف بيزوس، رئيس شركة «أمازون» العملاقة، أنها لن تؤيد أي مرشح رئاسي لا في هذه الانتخابات، ولا في أي انتخابات رئاسية مستقبلية. وأضاف لويس، في مقال: «نحن نعود إلى جذورنا بالإحجام عن تأييد المرشحين الرئاسيين... هذا من تقاليدنا ويتفق مع عملنا في 5 من الانتخابات الـ6 الأخيرة». وتابع لويس: «ندرك أن هذا سيُفسَّر بطرق مختلفة، بما في ذلك اعتباره تأييداً ضمنياً لمرشح واحد، أو إدانة لمرشح آخر، أو تنازلاً عن المسؤولية... هذا أمر لا مفر منه. لكننا لا نرى الأمر بهذه الطريقة. إننا نرى ذلك متوافقاً مع القِيَم التي طالما دافعت عنها صحيفة (واشنطن بوست)». واختتم: «إن وظيفتنا في الصحيفة هي أن نقدّم من خلال غرفة الأخبار، أخباراً غير حزبية لجميع الأميركيين، وآراءً محفزة على التفكير من فريق كتّاب الرأي لدينا لمساعدة قرائنا على تكوين آرائهم الخاصة». إلا أنه في بيان وقّعه عدد من كبار كتّاب الرأي في الصحيفة، بينهم ديفيد إغناتيوس ويوجين روبنسون ودانا ميلبنك وجينيفر روبن وروث ماركوس، وصف الموقّعون القرار بأنه «خطأ فادح». وتابع البيان أن القرار «يمثّل تخلّياً عن المُعتقدات التحريرية الأساسية للصحيفة... بل في هذه لحظة يتوجّب على المؤسسة أن توضح فيها التزامها بالقيَم الديمقراطية وسيادة القانون والتحالفات الدولية والتهديد الذي يشكله دونالد ترمب على هذه القيم...». ومضى البيان: «لا يوجد تناقض بين الدور المهم الذي تلعبه (واشنطن بوست) بوصفها صحيفة مستقلة وممارستها المتمثّلة في تقديم التأييد السياسي... وقد تختار الصحيفة ذات يوم الامتناع عن التأييد، لكن هذه ليست اللحظة المناسبة، عندما يدافع أحد المرشحين عن مواقف تهدّد بشكل مباشر حرية الصحافة وقِيَم الدستور».

مقر «الواشنطن بوست» (آ. ب.)

... وأيضاً «لوس أنجليس تايمز»

في الواقع خطوة «واشنطن بوست» سبقتها، يوم الأربعاء، استقالة مارييل غارزا، رئيسة تحرير صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، كبرى صحف ولاية كاليفورنيا، احتجاجاً على منع مالك الصحيفة، الملياردير باتريك سون شيونغ، مجلس التحرير من إعلان تأييد هاريس. وهذه الخطوة أشاد بها ترمب، وعلّقت حملته، في بيان، بأن «زملاء هاريس في كاليفورنيا يعرفون أنها ليست مؤهلة للوظيفة». غارزا كتبت في رسالة استقالتها «أن الصمت ليس مجرد لامبالاة، بل هو تواطؤ»، معربة عن قلقها من أن هذه الخطوة «تجعلنا نبدو جبناء ومنافقين، وربما حتى متحيّزين جنسياً وعنصريين بعض الشيء». وأردفت: «كيف يمكننا أن نمضي 8 سنوات في مهاجمة ترمب والخطر الذي تشكّله قيادته على البلاد ثم نمتنع عن تأييد المنافس الديمقراطي اللائق تماماً الذي سبق لنا أن أيدناه لعضوية مجلس الشيوخ؟»، في إشارة إلى هاريس. من جانبه، كتب سون شيونغ، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أن هيئة التحرير «أتيحت لها الفرصة لصياغة تحليل واقعي» للسياسات التي يدعمها كل مرشح خلال فترة وجوده في البيت الأبيض، وعلى مسار الحملة الانتخابية، كي يتمكّن «القراء (أنفسهم) من تحديد مَن يستحق أن يكون رئيساً»، مضيفاً أن الهيئة «اختارت الصمت»!

هل الدافع تجاري؟

بالمناسبة، سون شيونغ يُعد من الداعمين للديمقراطيين عموماً، يرجح البعض أن يكون الدافع وراء موقفه الاعتبارات التجارية، ومنها جذب مزيد من القراء، بمَن فيهم الموالون للجمهوريين، لرفع نسبة الاشتراكات والدعايات والإعلانات، عبر محاولة تقديم الصحيفة بمظهر وسطي غير منحاز. كذلك، سون شيونغ، الطبيب والقطب في مجال التكنولوجيا الحيوية من منطقة لوس أنجليس، الذي ليست له أي خبرة إعلامية، كان قد اشترى الصحيفة التي يزيد عمرها على 140 سنة والشركات التابعة لها، مقابل 500 مليون دولار عام 2018. لكن خسائر الصحيفة استمرت، ما دفعه إلى تسريح نحو 20 في المائة من موظفيها هذا العام. وذكرت الصحيفة أن مالكها اتخذ هذه الخطوة بعد خسارة «عشرات الملايين من الدولارات» منذ شرائها.

ترمب يدعو لإلغاء تراخيص الأخبار

ما حصل في «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز» سلّط حقاً الضوء على التحديات التي تواجهها المؤسسات الإعلامية الأميركية وسط الضغوط المتزايدة عليها، وتحويلها مادة للسجال السياسي.

وفي الواقع، تعرّضت وسائل الإعلام خلال العقد الأخير للتهديدات ولتشويه صورتها، وبالأخص من الرئيس السابق ترمب، الذي كرر اتهام منافذ إخبارية كبرى بالتشهير، ومنع الصحافيين من حضور التجمّعات والفعاليات التي تقام في البيت الأبيض، وروّج لمصطلح «الأخبار المزيفة»، الذي بات يتبناه الآن العديد من قادة اليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم.

وفي حملات ترمب الجديدة على الإعلام، اقترح أخيراً تجريد شبكات التلفزيون من قدرتها على بث الأخبار، إذا كانت تغطيتها لا تناسبه. وكتب على منصته «تروث سوشال» في الأسبوع الماضي «يجب أن تخسر شبكة (السي بي إس) ترخيصها. ويجب وقف بث برنامج (60 دقيقة) على الفور». وكرّر مطالبه في الخطب والمقابلات، مردداً دعواته السابقة لإنهاء ترخيص شبكة «الإيه بي سي» بسبب استيائه من الطريقة التي تعاملت بها مع المناظرة الوحيدة التي أُجريت مع هاريس.

وقال في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الداعمة له: «سنستدعي سجلاتهم»، مجدداً ادعاءه أن تحرير الشبكة لمقابلتها مع هاريس في برنامج «60 دقيقة»، كان «مضللاً» ورفض عرض الشبكة إجراء مقابلة معه. وأيضاً رفض الإجابة عما إذا كان إلغاء ترخيص البث «عقاباً صارماً»، ليشن سلسلة من الإهانات لهاريس، قائلاً إنها «غير كفؤة» و«ماركسية».