اليوسي: «الشرق الوثائقية» ستكون أول مصدر للأفلام العالية الجودة

مدير القناة أكد لـ»الشرق الأوسط» أن أولوياتها تغطية نقص المحتوى

اليوسي: «الشرق الوثائقية» ستكون أول مصدر للأفلام العالية الجودة
TT

اليوسي: «الشرق الوثائقية» ستكون أول مصدر للأفلام العالية الجودة

اليوسي: «الشرق الوثائقية» ستكون أول مصدر للأفلام العالية الجودة

شبكة «الشرق الإخبارية» بثت خلال السنتين الماضيتين ما يقارب 400 ساعة أفلام وثائقية، وسجلت مشاهدات عالية

يعتقد محمد اليوسي، مدير قناة «الشرق الوثائقية» أن خطط إطلاق القناة جاءت لتغطية نقص المحتوى الوثائقي العالي الجودة في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، مشيراً إلى أنها تأتي أيضاً في سياق استراتيجية «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» للتوسع والنمو.

اليوسي بيّن أن أحد أهداف الاستراتيجية هو «التوسع في خدمات المنصات الإعلامية للمجموعة ككل، وهي التي تعتبر الأساس لإطلاق (الشرق الوثائقية)؛ كونها تندرج تحت أحد أهم الأهداف في عملية التوسع بالمنصات للمجموعة».

وشدّد على أن دراسة أجرتها المجموعة أن 80 في المائة من الناس الذين استفتوا في المنطقة كانوا يبحثون عن محتوى وثائقي عالي الجودة، موضحاً: «استندنا إلى هذه المعلومات والتفاصيل في عملية انطلاق المشروع، إذ بدأنا العمل على (الشرق الوثائقية) من أشهر تقريباً».

الهدف الرئيس

وأكد اليوسي في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن الهدف الرئيس لقناة «الشرق الوثائقية» أن تكون «المصدر الأول للإعمال والأفلام الوثائقية عالية الجودة»، لافتاً إلى أن شعار القناة يتمحور حول «القصة وراء الخبر». وتابع أنه «دائماً ما يوجد الخبر والأخبار العاجلة والعناوين في القنوات الإخبارية... إلا أننا نبحث عما وراء هذه العناوين، سواءً كانت سياسية أو اقتصادية أو في الأوضاع الراهنة بالمنطقة أو في العالم».

ومن ثم، لفت إلى أنهم يستندون إلى تلك القصص، وهو ما نتج من خلال بداية عمل القناة، مشدداً في الوقت ذاته على أنها ليست مجرد قناة «بل مؤسسة تعمل وفق مفهوم تعدد المنصات... إن القناة الفضائية موجودة، ولكن المحتوى موجود على عدد من المنصات من ضمنها (الشرق ناو)، التي تتضمن مكتبة ضخمة من الأفلام الوثائقية، بالإضافة إلى محتوى القنوات الأخرى التابعة لشبكة قناة (الشرق) من الأخبار الحائزة على جوائز دولية».

400 ساعة

وتطرق مدير «الشرق الوثائقية» إلى أن «شبكة الشرق الإخبارية بثت خلال السنتين الماضيتين ما يقارب 400 ساعة أفلام وثائقية، وسجلت مشاهدات عالية، وهو ما كان مؤشراً لنا بالتوسع بشكل أكبر ومنفصل. وأردف: «اليوم الشرق الوثائقية تجدها في مختلف المنصات على التلفزيون وعلى الهواتف المحمولة، وعلى منصات التواصل الاجتماعي، وعلى الأصعدة كافة وفي الوقت نفسه». وذكر أن ما يبث من أفلام وثائقية في القناة الرئيسة يكون موجوداً في الوقت عينه على منصة «الشرق ناو».

مكتبة ضخمة

بعدها، أشار اليوسي إلى أن لدى «الشرق الوثائقية» مكتبة ضخمة جداً، وأن مصدر الأفلام التي ستظهر على «الشرق الوثائقية» يأتي من خلال أربعة مجالات، هي: «أولاً الإنتاج المستحوذ عليه دولياً من خلال الحصول على رخصة للبث في المنطقة بالكامل بشكل حصري، وثانياً المحتوى الذي نحصل عليه من خلال شركات الإنتاج والذي يُنتَج بشكل خاص لقناة (الشرق الوثائقية)».

ثم حدد المجال الثالث من خلال المحتوى الذي سيصار إلى إنتاجه داخلياً في القناة بهمة فريق موجود في «الشرق الوثائقية» سيعمل على إنتاج أفلام خاصة، وتبث على «الشرق»، وأما المجال الرابع فيتمثّل في الأفلام التي تُكلَّف بها شركات الإنتاج، كمثال شركة دولية موجودة تنتج أفلاماً وثائقية عالية جودة، نكلفهم مباشرة لإنتاج هذا الفيلم، وهو ينتج لـ«الشرق الأوسط» بشكل كامل، وهذه المجالات التي تستند إليها «الشرق الوثائقية» لإنتاج الأفلام.

فرصة للموهوبين

وعرّج اليوسي على أن القناة ستفتح المجال، وستمنح الفرصة للمخرجين في المنطقة والموهوبين للعمل على إنتاج أفلام وثائقية عالية الجودة، وبالتالي «سيكون هناك انعكاس على رفع مستوى صناعة الأفلام الوثائقية في السعودية بشكل خاص والمنطقة العربية بشكل عام».

مجالات وأفلام «الشرق الوثائقية»

ومن ثم حدّد المجالات التي تركز عليها القناة والمتمثلة في المجال السياسي، ومجال الاقتصاد والمال والأعمال، والأفلام التاريخية، إضافة إلى مجالات أخرى. وأوضح: «يوجد في منصة (الشرق ناو) الكثير من التصنيفات، كالطاقة والصحة، الغذاء الرياضة والبيئة ومختلف المجالات التي يبحث عنها المشاهد... بمعنى أنها مكتبة متكاملة يجري تحديثها بشكل يومي، وتتضمن عناوين حصرية، وأفلاماً ضخمة جداً عالية الجودة تعرض على (الشرق الوثائقية)».

وتابع: «بعض العناوين المهمة هو فيلم (أفغانستان بين واشنطن وطالبان). وهو فيلم وثائقي من ثلاثة أجزاء يركز على الوجود الأميركي داخل أفغانستان طوال عشرين سنة، ويتضمن مقابلات حصرية مع أبرز قيادات حركة (طالبان) وأبرز المسؤولين في الإدارة الأميركية منذ بداية ذلك الوجود حتى اليوم، كما يتضمن لقطات تعرض لأول مرة».

وزاد اليوسي: «أيضاً، تتضمن العناوين مقابلات تظهر لمسؤولين لأول مرة، خاصة من حركة (طالبان)، وسيجد المشاهد في هذا العنوان تفاصيل جديدة لم يسبق أن عرضت، عن الأوضاع التي حصلت داخل أفغانستان طوال السنوات العشرين الماضية».

وأفاد اليوسي بأن المكتبة تتضمن أيضاً فيلماً ثانياً بعنوان «الطاقة النووية وتغير المناخ»، وهو من إنتاج المخرج العالمي أوليفر ستون، الحائز على جائزة أوسكار. وقال: «هذا الفيلم يعرض حصرياً على قناة (الشرق الوثائقية)، وأيضاً على المنصات المتعددة التابعة لشبكة (الشرق للأخبار)، وهو يشرح قدرات الطاقة النووية، وكيف يمكن أن تكون هي المصدر الأول للطاقة، وأنها غير مضرة للإنسان والبيئة».

ثم أوضح أن فيلم «نفايات الفضاء» يتطرق لكل رحلات الفضاء، كونه يشرح وضع المخلفات في الفضاء ويستعرض حلول التعامل معها. وأضاف أن أحد أهم الأفلام الموجودة في قناة «الشرق» هو فيلم من ستة أجزاء عن فريق كرة القدم في نادي ريال مدريد، وقال: «هذا فيلم يتطرق لقصة النادي الأشهر عالمياً، من خلال مقابلات حصرية من أساطير ومسؤولين عن النادي، داخل أروقة النادي، وتصوير عالي الجودة، وهو فيلم أنتج بميزانية ضخمة».

وفي مجال المال والاقتصاد قال اليوسي: «لدينا لمتابعي الاقتصاد والمهتمين بالمال والأعمال بعنوان (حرب الرقائق الإلكترونية) ونقصد فيها أشباه الموصلات... حيث هناك حرب بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى فيلم (فك التشفير)، وهو يتحدث عن العملات الرقمية، وقصتها... لماذا ظهرت؟ وكيف تتعامل معها الدول والشركات والبنوك؟»، موضحاً وجود عشرات العناوين ومئات الساعات التي يستطيع المشاهد الاطلاع عليها في مكتبة «الشرق ناو» ضمن «الشرق الوثائقية»، وهي خدمة مجانية باللغة العربية.

القيمة الإضافية للقناة

وفي هذا السياق، قال مدير «الشرق الوثائقية» إن «اللمسة الخاصة بالقناة ممكن أن تكون المصدر الأول لأي شخص يرغب بمشاهدة فيلم وثائقي، حيث يوجد في القناة، المجالات المتنوعة مع أفلام تغطي ما يهم المشاهد من مختلف الفئات العمرية، وكل مهتم بالأمور السياسية أو الشباب، أو بالتقنية أو التخصصات الاقتصادية، ذلك أن القناة حريصة على إرضاء كافة الأذواق... إن القناة تتميز بأن الأفلام المعروضة عليها أفلام عالية الجودة وليست إنتاجات عادية».

ومن ثم، شدد على أن العاملين في «الشرق الوثائقية» أشخاص مؤهلين جداً ويتمتعون بخبرات كبيرة جداً في صناعة الأفلام الوثائقية، لافتاً: «اليوم، حتى تصنع فيلماً وثائقياً جيداً تحتاج إلى صحافيين وباحثين وتقنيين ممتازين جداً، ولديهم أيضاً خبرات كبيرة جداً».

وهنا لفت اليوسي إلى أن «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» بقيادة الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد، «منذ البداية كانت لها توجيهات واضحة جداً بتوفير كل التسهيلات سواءً كانت مالية أو إدارية. اليوم، لدينا كل الأدوات، وبناءً عليه، فإن خيارنا الوحيد أن نكون القناة الوثائقية على مستوى المنطقة، كما أن هدفنا أن نكون المصدر الأول... فنكسر احتكارات كانت موجودة أصلاً من عشرات السنين. ونحن متأكدون اليوم من أن التجربة ستمتع المشاهد أو الزائر للمنصة، حيث سيعيش تجربة لم يسبق أن عاشها في أي منصة أفلام».

تحديات

وعن التحديات، قال اليوسي إن التحديات التي تواجه صناعة أي فيلم وثائقي تكمن في الوصول إلى القصة والمصادر، شارحاً: «إذا كنت ترغب في عمل فيلم وثائقي سياسي، فعادةً القصة ستكون في الخبر اليومي، حيث تكون الإضافة في الكشف عن مواضيع لم تظهر مسبقاً في الخبر». وتابع أن الوصول إلى المعلومة هدف أساسي للقناة، بالإضافة إلى ما وراء المعلومة وتفاصليها وتاريخها وحتى ما يمكن أن يحدث مستقبلاً، وأضاف معلّقاً: «التحدي ضخم في توثيق وعرض كل المواضيع التي تهم الناس بجودة عالية، إلا أننا قادرون على تحقيق هذا الشيء».

منافسة المنصات العالمية

ومن ثم، تطرق إلى بعض الدول المتقدمة في صناعة الأفلام الوثائقية، سواءً على مستوى المخرجين أو المنتجين وغيرهم، فقال: «نحن نهدف إلى أن تكون في نفس المستوى والأداء والأدوات التي يمتلكونها، على أساس أن ننهض بالصناعة ونصل بها إلى مستوى عالٍ جداً».

واختتم اليوسي بالقول إن مواكبة المتغيرات التي يشهدها قطاع الإعلام تُعد هدفاً رئيساً، مستطرداً: «شخصياً، عملت في قطاع التلفزيون لفترة طويلة، لكن نظرات المشاهدين والناس إلى التلفزيون اختلفت الآن... لقد أضحت متوجهة إلى المنصات المتعددة. وكلما واكبنا هذه التقنيات والوسائل الجديدة التي تعرض... فبلا شك ستكون الريادة دائماً لدينا. وهذا الأمر هدف رئيس، وتعليمات لنا واضحة من البداية من الرئيس التنفيذي للمجموعة جمانا الراشد، على أن نكون مواكبين لأحدث المنصات الموجودة، ونحن نمضي على هذا الخط الاستراتيجي نفسه».


مقالات ذات صلة

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

يوميات الشرق إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

أعادت تصريحات تلفزيونية جديدة وُصفت بأنها «صادمة» المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى دائرة الجدل، حين تحدثت عن عدم ارتباطها بزواج عرفي لكنها عاشت «المساكنة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق شخصية (برّاك) التي يقدمها كاكولي في المسلسل مليئة بالعقد النفسية (إنستغرام الفنان)

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

المسلسل الذي بدأ عرضه الخميس الماضي على منصة «شاهد»، يُظهر أنه لا هروب من الماضي؛ إذ تحاول هند تجاوز الليالي الحمراء التي شكّلت ماضيها.

إيمان الخطاف (الدمام)
إعلام الإعلامي الأميركي فيل دوناهيو (أ.ب)

وفاة رائد البرامج الحوارية في أميركا فيل دوناهيو عن 88 عاماً

توفي فيل دوناهيو، الذي غيّر وجه التلفزيون الأميركي في الفترة الصباحية ببرنامج حواري كان يسلط الضوء على قضايا اجتماعية وسياسية راهنة ومثيرة للجدل، عن 88 عاماً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق «مش مهم الاسم» أحدث أعمالها الدرامية (إنستغرام)

رولا بقسماتي تطل في «جنون فنون» على شاشة «إل بي سي آي»

في «جنون فنون» تتفنن رولا بقسماتي بفضل سرعة البديهة والعفوية اللتين تتمتع بهما. البرنامج يعتمد على التسلية والترفيه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الإعلامي الساخر باسم يوسف (صفحته في «فيسبوك»)

أنظارٌ على احتمال عودة باسم يوسف إلى الشاشة عبر «آرابس غوت تالنت»

اختيار باسم يوسف للظهور في برنامج مسابقات ضخم هو انعكاس للمعايير الجديدة لاختيار وجوه مشهورة على الشاشات لجذب الجمهور.

منى أبو النصر (القاهرة )

«البلاتفورمز» قلبت مقاييس اللعبة الإعلامية في لبنان

جانب من الحرم الرئيس للجامعة اللبنانية (الجامعة اللبنانية)
جانب من الحرم الرئيس للجامعة اللبنانية (الجامعة اللبنانية)
TT

«البلاتفورمز» قلبت مقاييس اللعبة الإعلامية في لبنان

جانب من الحرم الرئيس للجامعة اللبنانية (الجامعة اللبنانية)
جانب من الحرم الرئيس للجامعة اللبنانية (الجامعة اللبنانية)

لا تزال «مهنة المتاعب» الشغل الشاغل والوجهة الفضلى لنسبة لا يستهان بها من خريجي لبنان. إلا أنها في المقابل، حسب تقارير رسمية، ما عادت تشهد اليوم الإقبال الكثيف الذي لها في السابق. وفي جولة سريعة، قامت بها «الشرق الأوسط» على بعض كليات الإعلام اللبنانية، تبين لنا أن نسبة الإقبال على كلية الإعلام في «الجامعة اللبنانية»، وهي الجامعة الحكومية الأساس في البلاد، تشهد تراجعاً. وبعدما كانت أعداد المتقدمين لامتحان الدخول تتراوح بين 2000 و1000 طالب في سنوات سابقة، فإن هذه النسبة لا تتعدى اليوم 600 تلميذ. وبعد خضوع الطلبة للامتحان المتبع في منهج الجامعة، يتراجع العدد إلى ما لا يتجاوز 300 طالب بفرعي الجامعة الأول والثاني.

الأمر مختلف مع جامعة سيدة اللويزة (إن دي يو)، وهي جامعة خاصة، مقرّها في محيط شمال شرقي العاصمة بيروت. ووفق إحدى الأساتذة فيها، وهي الدكتورة ماريا أبو زيد، فإن أعداد الطلاب تحافظ على نسبتها المعتادة. وتوضح أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «لدينا أقسام في هذا الاختصاص، تتراوح بين الإذاعة والتلفزيون والصحافة والإعلان. أما القطاع الأكثر جذباً فهو (السوشيال ميديا). والغالبية تسعى لأن تصبح من (المؤثرين) بشكل عام».

الشهرة هدف ومسعى

أوغستينا طالبة متخرجة حديثاً من كلية الإعلام في «الجامعة اللبنانية»، تعترف خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» بأنها دخلت هذا الاختصاص سعياً وراء الشهرة. وتتابع: «كان لديّ فضول لأتعرف أكثر على هذا المجال (وزواريبه)، ولا سيما تلك الخاصة بالفن. نعم، حبّ الظهور والشهرة كانا أساسيين عندي. أنا لا أحب العمل وراء مكتب في الخفاء، كما في الصحافة المكتوبة. ولكن بعد تخرّجي تغيّرت نظرتي إلى الأمور نظراً لصعوبة إيجاد فرص عمل مواتية. وبالتالي، خفّ شغفي تجاه المهنة، وما زلت أبحث عن فرصة أستثمر فيها دراستي وأفكاري».

بعكس أوغستينا، يقول الطالب محمد العلي: «لم أفكر يوماً بالشهرة، ولا تشكل هدفاً عندي. لقد دخلت مجال الصحافة المكتوبة لأنني أحب البحث والموضوعية وإيجاد الأجوبة لكل سؤال يراودني».

تغيرت مقاييس المهنة

يتفق الأكاديميون على أن المشهد البصري يعزّز اليوم المجال الصحافي في لبنان وغيره، فيتقدم على أي اختصاص يرتبط بالإعلام. حتى الصحافة المكتوبة صارت تستعين بمقابلات وحوارات مصوّرة. وعلى الصفحات الإلكترونية من «فيسبوك» و«إنستغرام» و«تيك توك» ومواقع إلكترونية، تزداد المساحة باتجاه المشهد البصري.

وهنا يقول الدكتور علي رمال، العميد السابق لكلية الإعلام في الجامعة اللبنانية، وأحد أساتذتها اليوم، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشهد الإعلامي كله تبدّل. ثم يشرح: «في الإعلام الحديث تغيّرت مقاييس المهنة. ثم إن حب الظهور حسّ إنساني لا يقتصر على طلاب الإعلام فقط. وفي الإعلام الحديث، تحضر فرص أكبر للظهور. وثمة نظرية اجتماعية تقول إن مَن هو غير موجود على السوشيال ميديا هو بحكم الميت. كما أن ثمة إعلاميين كُثراً عملوا في الإعلام التقليدي، لكنهم ما لبثوا أن انتقلوا إلى الحديث، فاستحدثوا صفحات ومواقع خاصة بهم... كونها توفّر لهم ما لم يكن بإمكانهم تحقيقه على الشاشة أو عبر المذياع».

الدكتور علي رمال (الشرق الأوسط)

الدكتور رمّال يرى أن حب الظهور «مسألة تتجاوز الترند... لوجود انخراط في المشهدية البصرية، وأحياناً تكون مبنية على الزيف. حتى المحتوى الذي يروّج له البعض يرتكز على التسويق. ولا شك أن ثمة دائماً أفكاراً بنّاءة عند كثيرين، لكن المشهد الطاغي هو البصري بامتياز وحب الشهرة، والمجال صار مشاعاً أمام الجميع».

الاستسهال هو السائد

من جهة ثانية، يرى إعلاميون ينتمون إلى الرعيل القديم في المهنة أن التعامل مع الجيل الجديد ينطوي على صعوبة. ويشددون على أن المشهد برمتّه اختلف، بعدما بات الهدف من ولوج هذا المجال هو مجرّد انتشار الاسم... وسط تراجع الأبعاد الثقافية والمحتوى الثري والبحث الجدي والموضوعية الضرورية. وبالفعل، يؤكد أساتذة وأكاديميون أن هذا النوع من الطلاب حاضر بنسبة كبيرة. وبالنسبة للدكتور جوزف عساف، أحد الأساتذة في كلية الإعلام في «الجامعة اللبنانية»، يمكن إيجاز المشهد العام بـ«الاستسهال». إذ يقول عساف، في لقاء مع «الشرق الأوسط»، إن «هناك إغراءات يستسلمون لها، خصوصاً في موضوع تحقيق الشهرة. الإعلام تحول من مهنة متاعب إلى نوع من حب الظهور. الإعلامي في الماضي... الذي كان محصّناً بثقافة عالية ومعرفة وحب التحليل صار شبه غائب».

إعلاميون كُثر عملوا في الإعلام التقليدي لكنهم ما لبثوا أن انتقلوا إلى الحديث... فاستحدثوا صفحات ومواقع خاصة بهم

وسألناه عن دور الأساتذة، فأجاب: «نحن نحرص أن نعلّمهم حقيقة الإعلام والهدف الموضوعي منه. لأن المسألة لا يمكن اختصارها بحب الظهور. هناك عوامل أهم، كاستشفاف الأحداث والتحليل والبحث. وفي الوقت نفسه فإننا نواكب الإعلام الحديث، إذ يستحيل تجاهله أو غض النظر عنه، خاصةً أن له أيضاً إيجابياته من تقنيات وسرعة انتشار... لكن العنصرين الأخيرين لا يصنعان وحدهما المحتوى الجيد».

عساف أشار إلى أن هناك نسبة تتراوح ما بين 20 في المائة و30 في المائة من الطلبة تتجاوب مع تعاليم الأساتذة والقواعد الأساسية للإعلام، في حين يتلهى الباقون في القشور وفي استسهال المهنة وأهدافها. واختتم كلامه بالقول: «لا نستطيع أن نغلب العصر ونتجاوزه... وأيضاً لا نمشي عكس التيار، لكننا نواكبه بأسس الإعلام الحقيقي».

من جانب آخر، يرى محمد شريتح، مدير مكتب تلفزيون «دي واي» الألماني في بيروت، أن المنصات الإلكترونية (البلاتفورمز) نسفت القواعد الأساسية للإعلام التقليدي. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، عندما التقيناه: «من خلال تجربتي المهنية وتعاوني مع طلاب إعلام تخرجوا حديثاً، لفتت انتباهي أمور كثيرة».

محمد شريتح (الشرق الأاوسط)

وأضاف: «من أهم هذه الأمور كسرهم قواعد أساسية تعلمناها في دراستنا الجامعية. هذا التراخي الذي يعتمدونه في ممارستهم عملهم تحوّل إلى أسلوب إعلامي جديد. وهنا مثلاً كان ممنوعاً علينا أن نقدّم تقريراً مصوراً يتخلله (الجامب كت)، وهو ما يعني القطع المفاجئ لكلام الضيف والانتقال إلى صورة أخرى تكراراً. إذ ما تعلّمناه في صناعة المحتوى المصوّر ضرورة تحاشي إبراز عملية (المونتاج)... وحسب رأيي، فإن المنّصات والمواقع الإلكترونية ولّدت أسلوب عمل صحافياً مختلفاً. صحيح أنني لا أستطيع أن أسميه أسلوباً خاطئاً، لكونه منتشراً بشكل كبير، لكنّ هناك لغة إعلامية مختلفة استحدثت على الساحة اليوم... وهي لا تشبه بتاتاً ما درسناه في مدرسة الإعلام التقليدي».