السعودية تواكب نهضتها الثقافية بمنصة إعلامية جديدة

تحتفي بثراء المحتوى المحلي وتنقله إلى العالم بأسلوب عصري

ترسخ القناة مكانة السعودية بصفتها مركز الثقل الثقافي إقليمياً (وزارة الثقافة)
ترسخ القناة مكانة السعودية بصفتها مركز الثقل الثقافي إقليمياً (وزارة الثقافة)
TT

السعودية تواكب نهضتها الثقافية بمنصة إعلامية جديدة

ترسخ القناة مكانة السعودية بصفتها مركز الثقل الثقافي إقليمياً (وزارة الثقافة)
ترسخ القناة مكانة السعودية بصفتها مركز الثقل الثقافي إقليمياً (وزارة الثقافة)

«تقف الثقافة السعودية على أرض صلبة، وغنية بالصناعة الإبداعية في حقول ثقافية متنوعة»، هذا ما أكده الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، في كلمته على الموقع الإلكتروني لوزارته، مشيراً إلى ما لدى المملكة من مبدعين في شتى المجالات، تجاوزت أعمالهم الحدود لتصل إلى أصقاع العالم، ونالوا على إثرها جوائز دولية.

تبرز هذه الكلمات الواثقة من وزير طموح يسير بدقة وشغف، وأفق واسع، مع فريق عمل الوزارة والمبدعين نحو تحقيق مستهدفات «رؤية 2030» لقطاعه الشامل، بدعم وتوجيهات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، بينما يترقب الوسط الثقافي والفني في السعودية إطلاق قناة تلفزيونية ورقمية جديدة في سبتمبر (أيلول) المقبل، كان قد أعلن عنها قبل عامين.

يُراهن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان على المبدعين في تحقيق مستهدفات القطاع (وزارة الثقافة)

منذ تلك اللحظة، بدأ العمل الجاد على تأسيس القناة وفق رؤى واضحة وخطط واعدة، لتسهم في نقل نوعي لجميع جوانب التراث الثقافي، ومواكبة التحولات التي يشهدها القطاع وصناعاته الإبداعية، في خطوة من شأنها أن تعزز مكانة السعودية الدولية، وحضورها الثقافي اللافت عالمياً خلال السنوات الماضية.

شهدت الفعاليات الثقافية تزايداً لافتاً خلال السنوات الماضية (وزارة الثقافة)

ووقَّع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، الأربعاء، مع وليد آل إبراهيم رئيس مجلس إدارة مجموعة «إم بي سي»، اتفاقية لتدشين وتشغيل القناة التي تحتفي بالثقافة السعودية عبر برامج ثرية ومتنوعة على مدار الساعة، وذلك لترسيخ مكانة المملكة بصفتها مركز الثقل الثقافي إقليمياً، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030» في جوانبها الثقافية.

وأوضح وزير الثقافة أن المنصة الجديدة ستعنى بمختلف المجالات الثقافية، وقال عبر حسابه على موقع «إكس» للتواصل الاجتماعي: «منصة لثقافتنا: تراثاً، وأدباً، وفنوناً بصرية، وفنون الطهي، والأزياء، وأفلاماً، وكتباً، ومسرحاً، وفنوناً أدائية، وموسيقى، وعمارة، وتصميماً».

بدوره، عدّ سلمان الدوسري، وزير الإعلام السعودي، المنصة الجديدة نافذة أخرى لإبداعات أبناء وبنات الوطن، وقال عبر حسابه على موقع «إكس»: «سنواصل في منظومة الإعلام القيام بدورنا، وتسخير كل الإمكانات لدعمها ونجاحها وتميُّزها».

وتعتزم القناة الوصول إلى مختلف شرائح المجتمع، وعبر وسائل متعددة، إذ ستبث ضمن باقة «إم بي سي» فضائياً، ورقمياً على تطبيق «شاهد»، مستهدفةً النخب المثقفة والجمهور العام بأسلوب عصري وحيوي، من حيث المضمون والرسائل الثقافية التي ستعكس نظرة المتلقي السعودي وفخره بعراقة تراثه وتاريخه الحضاري والثقافي، وترسّخ مِن وجود المحتوى المحلي في منظومة الإبداع العالمية.

وستحتفي المنصة بثراء الثقافة السعودية من خلال نظرة فريدة ومعمقة على الفنون والآداب والتراث والشعر والمسرح والسينما والتصميم والأزياء وفنون الطهي، بأساليب تتقن المزج بين التطورات التكنولوجية المتسارعة، وتعكس الاحتياجات دائمة التغير للجمهور المحلي والعالمي، بالاستفادة من الاتجاهات الحديثة وآخر التقنيات في الصناعة الإعلامية، وتشجيع الكفاءات الوطنية، وتحويل المبدعين إلى أصول ثقافية.

ستبث القناة ضمن باقة «إم بي سي» فضائياً ورقمياً على تطبيق «شاهد» في سبتمبر المقبل (وزارة الثقافة)

وستتولى تغطية جميع أحداث وفعاليات القطاع المتنوعة بشكل موسع، وتكثيف حضورها الحي والفوري عبر خدمات البث المباشر، كذلك إنتاج أفلامٍ وثائقية تسرد سيَراً ومذكرات لشخصيات سعودية بارزة، وشراء حقوق المسرحيات والاحتفالات العالمية، وبناء مكتبة أرشيفية ضخمة للأعمال الثقافية، والحوارات النادرة مع المثقفين، ورصد آخر النقاشات الدائرة بينهم، واستضافتهم لتعزيز الحوار الثري والفعّال.

وبالإضافة للقناة التلفزيونية، تشمل الاتفاقية تدشين منصة إعلامية رقمية تتخصص في إنتاج مقاطع الفيديو، والمقالات والبودكاست والوثائقيات، بصورة تلامس اهتمامات وذائقة الأجيال الجديدة، وبما يوسع نطاق وتطلعات وإمكانات شركات المحتوى المحلية، وربطها بشبكة تضم أبرز الكفاءات العالمية.

ويأتي إنشاء القناة بهدف مواكبة ما تعيشه السعودية من نهضة ثقافية كبيرة في ظل «رؤية 2030»، بالتزامن مع بروز تطلعات الجيل الصاعد المتعطش لمسايرة التطورات المتسارعة التي ارتبط فيها المحتوى بالتكنولوجيا، ورغبته الشغوفة باستعراض مزايا بلاده أمام العالم.

وينتظر أن تشكل المنصة مرآة لتاريخ السعودية وحضارتها، وتنقل صوراً ثقافية عنها وفنونها المختلفة، والكنوز التراثية التي تزخر بها، فضلاً عن تعزيز حضور وجهاتها الثقافية والتاريخية على الخريطة الدولية، عبر خطاب متفرّد ومتنوّع يواكب بمهنية واحترافية المسيرة التنموية والتطورات الإيجابية التي تشهدها البلاد، بما يتناغم مع مكانتها، ويعكس صورتها الحقيقية، وقدراتها وإرثها.

ويُعول عليها أن تكون منارة إعلامية جامعة وحاضنة للأدباء والمثقفين والمفكرين والفنانين، ومنبراً يدعم توجهاتهم وطموحاتهم التي تخدم مستقبل القطاع وازدهاره، وتبرز أعمالهم الإبداعية من خلال محتوى فكري ثقافي مختلف وغير تقليدي، يلبي ذائقة الجمهور، ويعزز وعي المجتمع، ويحفزه على التفاعل مع المبادرات والأنشطة الثقافية.

وتسعى وزارة الثقافة لدعم المنصة بأفضل الكوادر وأحدث التجهيزات، لتشكّل مشروعاً ثقافياً وإعلامياً رائداً بالمنطقة، ويسهم في تحقيق أهدافها بتعزيز الهوية الوطنية ومكانتها المميزة، وتوثيق التراث التاريخي والإرث الثقافي للمملكة، وربط الأجيال به، وتطوير بيئة القطاع، وتسليط الضوء على فرصه وقدراته، والابتكارات والإنجازات المحققة فيه، وتشجيع الحوار الثقافي مع العالم.


مقالات ذات صلة

الرياض تستضيف الأوركسترا اليمنية الأحد المقبل

يوميات الشرق الفعالية تقدم ألواناً موسيقية وغنائية متنوعة مستوحاة من التراث اليمني (منصة ويبوك)

الرياض تستضيف الأوركسترا اليمنية الأحد المقبل

يستضيف مسرح مركز الملك فهد الثقافي في الرياض، مساء الأحد، عرضاً فنياً لفرقة الأوركسترا اليمنية لتُقدم ألواناً موسيقية وغنائية متنوعة مستوحاة من التراث اليمني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان يقف على مستوى الإنجاز في أحد المشاريع الثقافية بالأحساء (واس)

وزير الثقافة السعودي يتفقد مواقع أثرية وتاريخية في الأحساء

تفقّد الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، الاثنين، عدداً من المواقع الأثرية والتاريخية في محافظة الأحساء.

«الشرق الأوسط» (الأحساء)
رياضة عالمية متحدث باسم الحكومة البريطانية قال إنه لا مكان لمعاداة السامية في شوارعهم (رويترز)

الحكومة البريطانية: لن نسمح بـ«اختطاف» الفعاليات الثقافية والرياضية

قالت الحكومة البريطانية إنها «لن تسمح باختطاف الفعاليات الثقافية والرياضية»، بعد أن دعت إسرائيل مواطنيها في الخارج إلى تجنُّب مثل هذه الفعاليات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق السعودية ثمّنت حرص البرازيل على دعم استمرارية المسار الثقافي بمجموعة العشرين (واس)

السعودية تؤكد التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي

أكدت السعودية التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي، وتطلّعها لتوطيد مكانة الثقافة بوصفها قوة دافعة للتنمية المستدامة، ومصدر إلهام لأجيال المستقبل لبناء عالم أفضل

«الشرق الأوسط» (سلفادور)
يوميات الشرق الفعالية جاءت ضمن مبادرة «تعزيز التواصل مع المقيمين» التي أطلقتها السعودية تحت شعار «انسجام عالمي» (الشرق الأوسط)

الرياض تستضيف فعاليات «أيام باكستان» لإبراز تنوعها الثقافي

عاش زوار حديقة السويدي في الرياض من السعوديين والمقيمين تجربة غنية بالتفاعل مع الثقافة الباكستانية خلال فعالية «أيام باكستان»، التي بدأت الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟
TT

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

تزامناً مع انتشار الصراعات والأزمات والأحداث السياسية، تزايدت الشكاوى من حذف منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي بحجة «تعارضها مع أو انتهاكها لمعايير النشر على تلك المنصات»، الأمر الذي جدّد الجدل حيال مدى تأثر المواقع الإخبارية بقيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي، وكيف يتفادى الناشرون الخوارزميات لعدم حذف تقاريرهم عن النزاعات والحروب.

وحقاً، طوال السنة تصاعدت شكاوى ناشرين وصُناع محتوى من القيود المفروضة على نشر المحتوى السياسي، لا سيما في فترات الأحداث الكبرى خلال «حرب غزة»، من بينها أخيراً قتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» يحيى السنوار، ولقد شكا صحافيون ومنصات إخبارية من «حذف» منشوراتهم و«تقييد» صفحاتهم بسبب نشرهم محتوى عن مقتل السنوار. خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أكدوا أن منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما تلك التابعة لشركة «ميتا»، زادت من قيودها على نشر المحتوى السياسي، واقترحوا وسائل عدة للالتفاف حول تلك القيود: أبرزها الالتزام بالمعايير المهنية، وبناء استراتيجيات جديدة للترويج للمحتوى لا تعتمد بشكل كلي على وسائل التواصل الاجتماعي.

الدكتورة مي عبد الغني، أستاذة الإعلام في جامعة بنغازي والباحثة في الإعلام الرقمي، أرجعت استمرار منصات التواصل الاجتماعي في حذف بعض المنشورات والحسابات إلى «تعارض تلك المنشورات مع المصالح السياسية للشركات المالكة للمنصات». وأردفت أن «تحكم المنصات في المحتوى المنشور يزداد في أوقات الحروب والأزمات وفترات التوتر العالمي، على غرار الحرب الدائرة منذ أكثر من سنة في غزة».

وأوضحت مي عبد الغني أنه «على مدار العام الماضي تعرض المحتوى العربي لأشكال عدة من التقييد ومنع وصول المحتوى وإيقاف البث المباشر، وحذف وحظر المنشورات وحتى إيقاف الحسابات... من الطبيعي أن ينعكس ذلك على حسابات المواقع الإخبارية العربية، لكونها معنية بنقل ما يحدث في المنطقة من زاوية قد تتعارض مع مصالح وتوجهات الجهات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي».

لمواجهة هذه القيود اقترحت الباحثة والأكاديمية «استخدام أساليب عدة من بينها تقطيع الكلمات، أو استخدام أحرف لاتينية في الكتابة أو صور، مع محاولة اختيار الألفاظ بشكل دقيق للتحايل على خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي».

في المقابل، يرى الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، خالد البرماوي، أن «كُل طُرق التحايل لتفادي قيود منصات التواصل على نشر المحتوى، ليست إلا حلولاً مؤقتة... وهذه الطرق عادةً ما تُكتَشف بعد فترة، ما يجعلها عديمة الفاعلية في منع الحذف».

وأضاف البرماوي: «على المواقع الإخبارية أن تبني استراتيجيتها الترويجية بعيداً عن منصات التواصل الاجتماعي بحيث تكون لها وسائلها الخاصة للترويج، مهما تطلب ذلك من وقت ومجهود». ولذا اقترح أن «تلجأ المواقع الإخبارية إلى تنويع حساباتها على المنصات، بعمل حسابات مختلفة للأخبار والمنوعات والرياضة، إضافة إلى ممارسة الضغط على وسائل التواصل الاجتماعي لتقليل القيود المفروضة على نشر المحتوى الإخباري».

ويوضح محمد فتحي، الصحافي المتخصّص في الإعلام الرقمي، أنه منذ بدء «حرب غزة» أدخلت منصات التواصل الاجتماعي سياسات وقيوداً تؤثر على ظهور المحتوى المتعلق بالحرب، وهو ما «عرّض تلك المنصات لانتقادات عدة واتهامات بالتضليل».

وأكد فتحي أنه «إذا أراد الناشر الاستفادة من المنصات، فيجب عليه مراعاة معاييرها وسياستها... بينما على ناشري المحتوى الموازنة بين المنصات المختلفة، فلكل منصة سياسة خاصة بها، وما يصلح للنشر على (يوتيوب) قد لا يناسب (فيسبوك)». واختتم بالتشديد على «ضرورة مراعاة المعايير المهنية وتدقيق المعلومات عند النشر كوسيلة لتفادي الحذف... فالالتزام بالمهنية غالباً ما يكون الحل الأمثل لمواجهة أي قيود».