كيف تستفيد الصحف من زيادة متابعة الأخبار على «إنستغرام»؟

كيف تستفيد الصحف من زيادة متابعة الأخبار على «إنستغرام»؟
TT

كيف تستفيد الصحف من زيادة متابعة الأخبار على «إنستغرام»؟

كيف تستفيد الصحف من زيادة متابعة الأخبار على «إنستغرام»؟

في تحركات رُصدت أخيراً، تتجه المؤسسات الصحافية والإعلامية إلى تعزيز مكانتها على «إنستغرام» الذي ظل لسنوات منصة شخصية، متابعوها غير معنيين بالأخبار. غير أن ناشرين بارزين على شاكلة «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) لاقت حساباتهم نمواً ملحوظاً على مدار العامين الماضيين، ما يثير تساؤلات حول إمكانية تعزيز الخدمات الإخبارية على المنصة، إلى حد وصفه أحد المراقبين الخبراء بـ«واجهة جديدة للأخبار، من شأنها تقديم بدائل للمؤسسات الصحافية والإعلامية، بسبب تراجع التفاعل مع الأخبار على (فيسبوك) و(تويتر)».

لقد رصد تقرير أجرته مؤسسة «بريس غازيت» البريطانية خلال الفترة من 2021 إلى 2023 عن 50 ناشراً، نمو متابعي الخدمات الإخبارية على منصة «إنستغرام» إلى نحو الضعفين. وحدد التقرير «بي بي سي» بأنها الأكثر متابعة بنحو 26 مليون متابع، بينما حظي موقع «هيلث لاين» الأميركي بلقب الأكثر نمواً، بعدما نجح في استقطاب أكثر من مليون متابع في غضون سنتين.

وتضمن التقرير ناشرين بارزين، مثل: «الواشنطن بوست»، و«يو إس توداي»، و«بلومبرغ»، و«بيزنس إنسايدر»، و«سكاي نيوز»، وغيرهم، وجميعهم سجلت حساباتهم على «إنستغرام» نمواً خلال عامي البحث؛ لكن بنسب متفاوتة لها دلالات يراها خبراء واعدة.

وشمل التقرير كذلك منصة الفيديوهات القصيرة «تيك توك» التي أشار إلى تحقيق الناشرين نمواً أيضاً على صفحتها، غير أنه وصف ذلك الأمر بـ«غير المفاجئ»، باعتبارها منصة لا تزال حديثة، وتتجه نحو استقطاب المؤسسات والأفراد.

هذا، ووضعت توصيات التقرير «إنستغرام» بالنسبة لصُناع الأخبار «هدفاً»، ودعت لـ«إجراء المزيد لتعزيز وجود صُناع الأخبار على المنصة».

هاني سيمو، خبير المشروعات الرقمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، يرى أن نمو صفحات الأخبار على «إنستغرام» وغيرها من المنصات، يعود لأسباب، أبرزها «ميل الأجيال الجديدة (Z وألفا) إلى البعد عن الاستخدام المباشر للمواقع الإخبارية، ومحركات البحث التقليدية، وهو ما انعكس على زيادة دور المنصات الاجتماعية، مثل (إنستغرام)، و(تيك توك)، و(يوتيوب)، و(فيسبوك) في حصولهم على مستجدات الأخبار».

وأضاف سيمو لـ«الشرق الأوسط» أن «نمو المتابعين لصفحات الخدمات الإخبارية يعد مكسباً»؛ غير أنه يشير إلى أن «استهلاك المحتوى الإخباري على المنصات الاجتماعية في معظم الأحيان، يكون مبنياً على ترشيحات خوارزميات المنصات للمستخدم، ونادراً ما نلاحظ قيام المستخدم بزيارة مباشرة لحساب المنصة الإخبارية للاطلاع على ما هو جديد لديها».

تفوق على «تيك توك»

وحقاً، أشار تقرير «بريس غازيت» إلى أن «العلامات التجارية الإخبارية الخمسين قيد البحث التي تحظى بأكبر عدد من المتابعين على (إنستغرام)، قٌدر عدد متابعيها إجمالاً ودون تكرار بـ196.7 مليون متابع، مقارنة بـ52.2 مليون حظيت بهم أكبر 50 علامة إخبارية على (تيك توك) في وقت سابق من هذا العام». ولفت إلى أن «المنصتين مفضلتان من قبل الجماهير الأصغر سناً، إذ ما يقرب من 70 في المائة من قاعدة مستخدمي (إنستغرام) تقل أعمارهم عن 34 سنة». وهنا أرجع مراقبون اهتمام جمهور «إنستغرام» بالأخبار إلى تراجع «فيسبوك» عن دعم الأخبار، مع العلم بأن المنصتين تملكهما شركة واحدة هي «ميتا». وكذلك إلى ارتباك «تويتر» منذ نقل ملكية المنصة إلى إيلون ماسك. وبالتالي، كل هذا صب في صالح الخدمة الإخبارية على منصة الصور الأبرز، أي «إنستغرام».

من جانبه، يرى سيمو أن «وجود ناشري الأخبار على جميع المنصات الاجتماعية أمر حيوي راهناً». ويشرح بأن «منصات التواصل تضمن للمؤسسات الإخبارية أن تبقى قريبة من جمهورها، كما تنوع خياراتها الربحية». ثم يضيف: «يجب أن يرافق وجود المؤسسات الإخبارية على الشبكات الاجتماعية استراتيجية خاصة لكل منصة، تُصاغ تفاصيلها بشكل يقدم محتوى ينسجم مع خصوصية كل منصة؛ سواء بالشكل أو المضمون، بحيث تلبي توقعات الجمهور عند استخدامه للمنصة».

هذا، وعلى الرغم من أن «إنستغرام» بدأ في عام 2010 بوصفه تطبيقاً لمشاركة الصور، فإنه تبنى أخيراً الفيديو للمنافسة مع «تيك توك» و«يوتيوب». وخلال عام 2020 قدمت الشركة «إنستغرام ريلز»، وهي خدمة لها تقنيات التصوير (الفيديو الرأسي) نفسها التي اتبعها «تيك توك» والذي تبناه الناشرون لاحقاً مثل «ريتش» و«آي تي في نيوز».

هذا، ويضع سيمو تعزيز الأخبار على «إنستغرام» في المرحلة المقبلة «رهن التطوير في الشكل والمضمون». ويتابع: «يتجه الناشرون إلى تقديم محتوى قائم على معايير المنصة؛ بل ومخصص وفق المواصفات الفنية الخاصة بها، من حيث المدة والأبعاد، ويجري اختيار المحتوى بدقة بما ينسجم مع اهتمامات الجمهور ونمط استهلاكهم للمحتوى على كل منصة». لكن سيمو يرى أن «التحدي الحقيقي لناشري الأخبار على (إنستغرام) يتلخص في القدرة على تقديم المعلومة الكاملة من خلال المساحة المحددة التي تتيحها الصورة أو مدة الفيديو»، ويردف بأن «هذه المساحة المحدودة لعدد الكلمات ومدة الفيديو هي إحدى تفضيلات المستخدم على (إنستغرام)... فالمستخدم بالأساس يدخل عالم (إنستغرام) لأنه في توقيت استخدامه للتطبيق لا يريد قراءة نصوص، ومشاهدة فيديوهات مطولة، ما يشير إلى أهمية معايير التكثيف والدقة».

استراتيجية تعدد الحسابات

عودة إلى تقرير «بريس غازيت»، فإنه أشار إلى أن الناشرين الأكثر حضوراً على «إنستغرام» اتبعوا استراتيجية تعزيز خدماتهم الإخبارية بتدشين أكثر من حساب، لكل منهم لغته وربما محتواه. وهذا ما عدَّه خبراء مؤشراً لاستراتيجية مستقبلية تتجه نحو تعزيز الحضور على منصة «إنستغرام» أملاً في تفادي تبعات أزمة التفاعل على «فيسبوك».

من جهة أخرى، يرى أحمد عبد الله، المتخصص في التسويق الإلكتروني عبر صفحات التواصل الاجتماعي في وكالة «وندرمان تومبسون» الأميركية (ومقرها نيويورك) خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن «نمو صفحات الخدمات الإخبارية يعود إلى انتباه الناشرين بالأساس إلى أهمية تقديم قوالب غير نمطية من الخبر، على شاكلة (الفيديو غراف) و(الريلز)». ويتابع القول بأن ثمة سبباً آخر يتعلق بـ«فيسبوك»، ذلك أنه «خلال الفترة الماضية تلاعب (فيسبوك) بمستويات الوصول (الريتش) إلى صفحات الأخبار، وعمل على خفضها على نحو ملحوظ؛ إلا في حالة دعمها بإعلانات مدفوعة، كل هذا صب في اتجاه عزوف الناشرين والبحث عن البديل الذي تحقق في (إنستغرام)».

وفي معرض شرح مشهد الإعلام الرقمي وعلاقة الناشرين بمنصات التواصل، قال عبد الله: «هناك 3 أطراف، هم: الناشرون، والمنصات، والجمهور، تربطهم علاقة تكاملية لا يتحكم فيها طرف واحد فقط... بينما منصات التواصل بشكل عام تقوم على التجربة، والتي ربما تختلف حسب المرحلة والتطورات اللحظية. ومن ثم، على الناشرين أن يطوّروا أدوات التكيف لدى الصحافيين ليكون الهدف تقديم المعلومة، على النحو الذي يضمن وصولها للجمهور الذي بات يبحث عن الأسهل والأكثر متعة»، غير أن عبد الله، في مقارنته، عدَّ الجمهور هو «الكفة الأرجح واللاعب الأبرز».

أرباح محدودة

ومن جهة ثانية، رغم الصعود الذي حققته الخدمات الإخبارية على «إنستغرام»، فإن «الأرباح لا تزال محدودة»، هكذا يرى عبد الله. ويوضح: «يُمكن للصحف أن تحقق أرباحاً من (إنستغرام) وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي؛ لكنها لا تضمن الركيزة الأساسية في الدخل، لا سيما مع تطوير معايير الربحية بوتيرة سريعة».

وما تجدر الإشارة إليه، أنه قبل 5 سنوات، كانت الصحف بالكاد تستخدم «إنستغرام»، غير أن السنوات الأخيرة شهدت «انتقالاً فعالاً»، وفقاً لتقرير «رويترز» للأخبار الرقمية لعام 2023، الذي يشير إلى أن «إنستغرام» بات الآن ثاني أسرع منصة للأخبار نمواً، والشبكة الاجتماعية الأكثر استخداماً بين 18 و24 سنة بشكل عام في 12 سوقاً إخبارية رئيسة.

وبالإضافة إلى ذلك، كشفت دراسة استقصائية، أجراها معهد «رويترز» لدراسة الصحافة في وقت سابق من هذا العام، وشملت أكثر من 300 من قادة المؤسسات الإخبارية حول العالم، أن «المؤسسات تخطط لتكثيف جهودها على (إنستغرام) أكثر من أي منصة أخرى، باستثناء (تيك توك) التي لا تزال المنصة الواعدة».


مقالات ذات صلة

أستراليا تتجه لحظر «السوشيال ميديا» لمن دون 16 عاماً

العالم الانشغال الزائد بالتكنولوجيا يُبعد الأطفال عن بناء صداقات حقيقية (جامعة كوينزلاند) play-circle 00:32

أستراليا تتجه لحظر «السوشيال ميديا» لمن دون 16 عاماً

تعتزم الحكومة الأسترالية اتخاذ خطوات نحو تقييد وصول الأطفال والمراهقين إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق للحبّ أشكال عدّة (أ.ب)

سنجاب مشهور على «إنستغرام» في قبضة شرطة نيويورك

شكاوى مجهولة عدّة حول «بينوت» جلبت ما لا يقل عن 6 ضباط من «وكالة حماية البيئة» إلى منزل لونغو بالقرب من حدود بنسلفانيا في مدينة باين الريفية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم «قانون السلامة عبر الإنترنت» من شأنه أن ينهي عصر التنظيم الذاتي لوسائل التواصل الاجتماعي (أ.ف.ب)

قوانين أوروبية جديدة لمواجهة المحتوى الضار عبر الشبكات الاجتماعية

نشرت آيرلندا، الاثنين، قواعد ملزمة تهدف لحماية مستخدمي منصات مشاركة الفيديو بالاتحاد الأوروبي؛ بما فيها «إكس» و«فيسبوك» و«إنستغرام» و«تيك توك» من المحتوى الضار.

يوميات الشرق لقطة من فيديو تُظهر الأمير هاري يمارس رياضة ركوب الأمواج (إنستغرام)

الأمير هاري يمارس رياضة ركوب الأمواج في كاليفورنيا (فيديو)

أظهر مقطع فيديو جديد قيام الأمير البريطاني هاري بممارسة رياضة ركوب الأمواج في كاليفورنيا بالولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا شعار شركة «ميتا» (رويترز)

«ميتا» تطرد موظفين استخدموا قسائم الوجبات المجانية لشراء سلع منزلية

ذكرت تقارير أن شركة «ميتا»، مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام»، طردت نحو 24 موظفاً في مكاتبها في لوس أنجليس لاستخدامهم رصيد وجبات بقيمة 25 دولاراً لشراء سلع أخرى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)
TT

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)

في كل انتخابات رئاسية وعامة تشهدها الولايات المتحدة، كان للمؤسسات الإعلامية الأميركية على الدوام نصيب من تداعياتها. وفي العادة أن جلّ المؤسسات الاعلامية كانت تنحاز لأحد طرفي السباق، حتى في بعض الانتخابات التي كانت توصف بأنها «مفصلية» أو «تاريخية»، كالجارية هذا العام. بل وكان الانحياز يضفي إثارة لافتة، لا سيما إذا «غيّرت» هذه المؤسسة أو تلك خطها التحريري المألوف، في محاولة للظهور بموقف «حيادي».

غير أن الواقع كان دائماً يشير إلى أن العوامل التي تقف وراء هذا «التغيير» تتجاوز مسألة الحفاظ على الحياد والربحية وتعزيز المردود المالي. إنها سياسية بامتياز، خصوصاً في لحظات «الغموض والالتباس» كالتي يمر بها السباق الرئاسي المحتدم هذا العام بين نائبة الرئيس كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي والرئيس السابق دونالد ترمب مرشح الحزب الجمهوري.

مقر «اللوس أنجليس تايمز» (أ.ب)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح!

يوم الجمعة، أعلن ويليام لويس، الرئيس التنفيذي وناشر صحيفة «واشنطن بوست»، التي يملكها الملياردير جيف بيزوس، رئيس شركة «أمازون» العملاقة، أنها لن تؤيد أي مرشح رئاسي لا في هذه الانتخابات، ولا في أي انتخابات رئاسية مستقبلية. وأضاف لويس، في مقال: «نحن نعود إلى جذورنا بالإحجام عن تأييد المرشحين الرئاسيين... هذا من تقاليدنا ويتفق مع عملنا في 5 من الانتخابات الـ6 الأخيرة». وتابع لويس: «ندرك أن هذا سيُفسَّر بطرق مختلفة، بما في ذلك اعتباره تأييداً ضمنياً لمرشح واحد، أو إدانة لمرشح آخر، أو تنازلاً عن المسؤولية... هذا أمر لا مفر منه. لكننا لا نرى الأمر بهذه الطريقة. إننا نرى ذلك متوافقاً مع القِيَم التي طالما دافعت عنها صحيفة (واشنطن بوست)». واختتم: «إن وظيفتنا في الصحيفة هي أن نقدّم من خلال غرفة الأخبار، أخباراً غير حزبية لجميع الأميركيين، وآراءً محفزة على التفكير من فريق كتّاب الرأي لدينا لمساعدة قرائنا على تكوين آرائهم الخاصة». إلا أنه في بيان وقّعه عدد من كبار كتّاب الرأي في الصحيفة، بينهم ديفيد إغناتيوس ويوجين روبنسون ودانا ميلبنك وجينيفر روبن وروث ماركوس، وصف الموقّعون القرار بأنه «خطأ فادح». وتابع البيان أن القرار «يمثّل تخلّياً عن المُعتقدات التحريرية الأساسية للصحيفة... بل في هذه لحظة يتوجّب على المؤسسة أن توضح فيها التزامها بالقيَم الديمقراطية وسيادة القانون والتحالفات الدولية والتهديد الذي يشكله دونالد ترمب على هذه القيم...». ومضى البيان: «لا يوجد تناقض بين الدور المهم الذي تلعبه (واشنطن بوست) بوصفها صحيفة مستقلة وممارستها المتمثّلة في تقديم التأييد السياسي... وقد تختار الصحيفة ذات يوم الامتناع عن التأييد، لكن هذه ليست اللحظة المناسبة، عندما يدافع أحد المرشحين عن مواقف تهدّد بشكل مباشر حرية الصحافة وقِيَم الدستور».

مقر «الواشنطن بوست» (آ. ب.)

... وأيضاً «لوس أنجليس تايمز»

في الواقع خطوة «واشنطن بوست» سبقتها، يوم الأربعاء، استقالة مارييل غارزا، رئيسة تحرير صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، كبرى صحف ولاية كاليفورنيا، احتجاجاً على منع مالك الصحيفة، الملياردير باتريك سون شيونغ، مجلس التحرير من إعلان تأييد هاريس. وهذه الخطوة أشاد بها ترمب، وعلّقت حملته، في بيان، بأن «زملاء هاريس في كاليفورنيا يعرفون أنها ليست مؤهلة للوظيفة». غارزا كتبت في رسالة استقالتها «أن الصمت ليس مجرد لامبالاة، بل هو تواطؤ»، معربة عن قلقها من أن هذه الخطوة «تجعلنا نبدو جبناء ومنافقين، وربما حتى متحيّزين جنسياً وعنصريين بعض الشيء». وأردفت: «كيف يمكننا أن نمضي 8 سنوات في مهاجمة ترمب والخطر الذي تشكّله قيادته على البلاد ثم نمتنع عن تأييد المنافس الديمقراطي اللائق تماماً الذي سبق لنا أن أيدناه لعضوية مجلس الشيوخ؟»، في إشارة إلى هاريس. من جانبه، كتب سون شيونغ، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أن هيئة التحرير «أتيحت لها الفرصة لصياغة تحليل واقعي» للسياسات التي يدعمها كل مرشح خلال فترة وجوده في البيت الأبيض، وعلى مسار الحملة الانتخابية، كي يتمكّن «القراء (أنفسهم) من تحديد مَن يستحق أن يكون رئيساً»، مضيفاً أن الهيئة «اختارت الصمت»!

هل الدافع تجاري؟

بالمناسبة، سون شيونغ يُعد من الداعمين للديمقراطيين عموماً، يرجح البعض أن يكون الدافع وراء موقفه الاعتبارات التجارية، ومنها جذب مزيد من القراء، بمَن فيهم الموالون للجمهوريين، لرفع نسبة الاشتراكات والدعايات والإعلانات، عبر محاولة تقديم الصحيفة بمظهر وسطي غير منحاز. كذلك، سون شيونغ، الطبيب والقطب في مجال التكنولوجيا الحيوية من منطقة لوس أنجليس، الذي ليست له أي خبرة إعلامية، كان قد اشترى الصحيفة التي يزيد عمرها على 140 سنة والشركات التابعة لها، مقابل 500 مليون دولار عام 2018. لكن خسائر الصحيفة استمرت، ما دفعه إلى تسريح نحو 20 في المائة من موظفيها هذا العام. وذكرت الصحيفة أن مالكها اتخذ هذه الخطوة بعد خسارة «عشرات الملايين من الدولارات» منذ شرائها.

ترمب يدعو لإلغاء تراخيص الأخبار

ما حصل في «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز» سلّط حقاً الضوء على التحديات التي تواجهها المؤسسات الإعلامية الأميركية وسط الضغوط المتزايدة عليها، وتحويلها مادة للسجال السياسي.

وفي الواقع، تعرّضت وسائل الإعلام خلال العقد الأخير للتهديدات ولتشويه صورتها، وبالأخص من الرئيس السابق ترمب، الذي كرر اتهام منافذ إخبارية كبرى بالتشهير، ومنع الصحافيين من حضور التجمّعات والفعاليات التي تقام في البيت الأبيض، وروّج لمصطلح «الأخبار المزيفة»، الذي بات يتبناه الآن العديد من قادة اليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم.

وفي حملات ترمب الجديدة على الإعلام، اقترح أخيراً تجريد شبكات التلفزيون من قدرتها على بث الأخبار، إذا كانت تغطيتها لا تناسبه. وكتب على منصته «تروث سوشال» في الأسبوع الماضي «يجب أن تخسر شبكة (السي بي إس) ترخيصها. ويجب وقف بث برنامج (60 دقيقة) على الفور». وكرّر مطالبه في الخطب والمقابلات، مردداً دعواته السابقة لإنهاء ترخيص شبكة «الإيه بي سي» بسبب استيائه من الطريقة التي تعاملت بها مع المناظرة الوحيدة التي أُجريت مع هاريس.

وقال في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الداعمة له: «سنستدعي سجلاتهم»، مجدداً ادعاءه أن تحرير الشبكة لمقابلتها مع هاريس في برنامج «60 دقيقة»، كان «مضللاً» ورفض عرض الشبكة إجراء مقابلة معه. وأيضاً رفض الإجابة عما إذا كان إلغاء ترخيص البث «عقاباً صارماً»، ليشن سلسلة من الإهانات لهاريس، قائلاً إنها «غير كفؤة» و«ماركسية».