«الكاريكاتور»... فن يفتقد المواهب الجديدة في لبنان

الاهتمام به بلغ حدّ تصدّره الصفحات الأولى

«الكاريكاتور»... فن يفتقد المواهب الجديدة في لبنان
TT

«الكاريكاتور»... فن يفتقد المواهب الجديدة في لبنان

«الكاريكاتور»... فن يفتقد المواهب الجديدة في لبنان

عرفت رسوم الكاريكاتور دورها الإبداعي مع أول إصدار لصحيفة هزلية في لبنان في عام 1910 بعنوان «حمارة بلدنا» لنجيب جانا.

بعدها ظهرت في صحيفة «جراب الكردي» في عام 1914، كذلك صدرت جريدة «هبّت» في فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى، حاملة أول كاريكاتور في الصحافة اللبنانية، وكانت متخصصة بسباقات الخيل التي كانت رائجة في بيروت. ثم أصدر يوسف مكرزل في عام 1922 مجلته «الدبّور»، التي سرعان ما صارت رقماً صعباً في الصحافة اللبنانية نظراً لدورها الناقد، وجرى منع أعدادها من الصدور مرات عدة.

ولكن حالياً تطرح علامات استفهام كثيرة حول واقع هذا الفن ومستقبله. وهي بالذات، تتعلق بمواهبه الصاعدة الخجولة، وانعكاسات إلغائه من قبل صحف ومجلات، إما بسبب احتجابها وإما بسبب تقليص ميزانياتها تأثراً بالأزمة الاقتصادية القاسية التي تلم بلبنان.

أيضاً ثمة سؤال آخر، لعله غاية في الأهمية، وهو ما مدى اهتمام اللبنانيين بهذا الفن ... وهل ما زالوا يعنون بمتابعته كما في الماضي؟

وما يجدر ذكره هنا، أن بين ألمع رسامي الكاريكاتور في لبنان على مرّ الأجيال ديران عجميان في مجلة «الدبّور»، ومصطفى فرّوخ في مجلة «النديم»، كذلك اشتهر كلُّ من المبدعَين رضوان وعبد الله الشهّال، وكذلك الفنان الكبير محمود كحيل - في مجلة «الصياد»، ثم في جريدة «الشرق الأوسط» - والثلاثة من أبناء مدينة طرابلس عاصمة شمال لبنان. وتألق أيضاً الفنانان جان مشعلاني في «دار الصياد/الأنوار» وبيار صادق في «النهار». ولقد ترك كل من بيار صادق ومحمود كحيل، ومعهما زميلهما ستافرو جبرا، بعد رحيلهم إرثاً غنياً رائعاً في مجال هذا الفن، كما أثّروا في ذاكرة أجيال من اللبنانيين برسومهم السابقة لزمانها.

«انتفاضة 17 تشرين»

إبّان «انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019» بلغ الكاريكاتور أوجه بعدما شكّل أسلوب تعبير انتشر على حوائط الساحات والشوارع. ولاحقاً أعطته بعض الصحف قيمة إعلامية أكبر فنقلته مراراً من الصفحة الأخيرة إلى الصفحة الأولى، وهو ما يدلّ على الأهمية التي يحملها كـ«مانشيت» يختصر أحداثاً رئيسية. ومن ناحية ثانية، أسهم الفضاء الرقمي في الترويج للكاريكاتور، وتجلّى ذلك بتبادل رسومه في تعليقات ونكات عبر وسائل التواصل (السوشيال ميديا).

ومن خلال تنظيم مبادرات ومعارض فنية باسمه تجري إعادة تنشيط هذا الفن من جديد. وكان بين أحدثها تنظيم معرض لرسوم ستافرو جبرا من قبل بناته باميلا وأورنيلا وبريسيلا، وأيضاً تخصيص الصفحة الأولى من نشرة أخبار قناة الـ«إل بي سي آي» التلفزيونية لرسوم بيار صادق في ذكرى رحيله. ولا يفوتنا هناك ذكر الجائزة السنوية التي تمنح باسم محمود كحيل.

«الكاريكاتور» عدو الذكاء الاصطناعي

في أية حال، إذا ما قمنا بجولة سريعة على الصحف اللبنانية وجدنا أن بعضها لا يزال متمسكاً بهذا الفن، في حين ألغته صحف أخرى من أقسامها وتبويبها كلياً. ولكن مع انتشار أخبار الذكاء الاصطناعي وقدرته على تولي مهن مختلفة، سألت «الشرق الأوسط» أرمان حمصي، رسام الكاريكاتور في جريدة «النهار» عما إذا كان يخشى الاستعاضة عن رسام الكاريكاتور بتقنيات الذكاء الاصطناعي، فأجاب حمصي: «يصعب على هذه التقنية تولي مهمات إبداعية. ولقد أدركت شخصياً ذلك من أبحاث وقراءات اطلعت عليها؛ فالكاريكاتور فن ينضم إلى غيره من الفنون الإبداعية الخَلقية... وهو ما لا يجيده الذكاء الاصطناعي، لأنه مجرّد آلة مبرمجة تقوم بالتنفيذ على أكمل وجه، ولكن من دون قدرة على الإبداع والتحلّي برؤية مستقبلية».

كان لستافرو قدرة على التوقع

بما يخص ستافرو جبرا، حقق هذا الفنان إنجازات مختلفة في مشواره الفني، ونال جوائز عالمية. ويذكر أنه راسل مطبوعات عالمية مرموقة كالـ«نيويورك تايمز» و«لوموند»... وغيرهما. وكان الرسم الكاريكاتوري بالنسبة له هواية يجيدها ويستمتع بها.

ابنته باميلا تتكلم عن ستافرو المبدع فتقول: «كان شغوفاً إلى أقصى حد بمهنته. رسام وفنان بالفطرة، كان يرسم الكاريكاتور بكميات هائلة». وتذكر أنه كان يردد على مسمعها: «أنا ذاهب إلى المعمل»، أي إلى مكتبه حيث ينتج رسوماً لصحف محلية وأجنبية عدة في وقت واحد.

وتتابع باميلا: «كان يحب رسم الراحل رفيق الحريري. ويقول لي إن عينيه الجاحظتين وشعره المصفّف يفتحان شهيته على رسمه. كما كان يملك القدرة على التوقع من خلال رؤية مستقبلية يتميز بها، ولذا بقيت رسومه حتى الساعة تحاكي واقعنا اليوم».

لسعات «الدبّور» عمرها 100 سنة

أما مجلة «الدبّور» فتعرف عن نفسها بأن غايتها الدلالة على مَواطن النقص والتنبيه إلى مسالك الرشد. ويشغل الهزل بعض مقالاتها والجدّ في البعض الآخر، وهي ترمي بذلك إلى غاية حميدة هي النهوض بالوطن، ورأى فيها مؤسسها الفنان الكاريكاتوري يوسف مكرزل الطريقة الفضلى لحرية التعبير. ولا تزال «الدبّور» بعد مرور 100 سنة على تأسيسها تصدر رقمياً. اليوم، يقول أنطوان أبو جودة مدير تحريرها، إن نسبة كبيرة من اللبنانيين لا تزال تتابعها. ويضيف خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «فن الكاريكاتور لا يموت لأنه يتجدد بأحداث يومية. وثمة أشخاص كثر مشتركون بالمجلة ولا يفوّتون قراءتها، ثم إنني أرسل بعض الأعداد لأشخاص مسنين، يحبون أن يستهلوا يومهم بلسعات (الدبور) الساخرة التي اعتادوها في شبابهم».

فن ذو حدين

يعد كثيرون فن الكاريكاتور مساحة تعبير حرة لا «حدود حمراء» تكبلها، إلا أن في مسيرة فنانين تركوا بصماتهم على هذا الفن محطات تعرضوا فيها للخطر؛ فالرسام بيار صادق تعرّض لحملة عنيفة في عام 2012 إثر نشر صورة كاريكاتورية لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله في جريدة «الجمهورية». أما ستافرو - الذي عرف بأنه لا ينتمي لأي حزب - فقد تلقى تهديدات كثيرة بالقتل. وتعلق ابنته باميلا على هذا قائلة: «لقد كان يخبرنا بها ويعترينا الخوف عليه، ونطالبه بألا يغادر البيت. لقد كان بعض السياسيين ينزعجون من ريشته الصريحة والساخرة، ويشنون حملات تجريح عليه».

هل أقفل الروّاد الأبواب خلفهم؟

من جانب لآخر، عندما يرغب بعض اللبنانيين بأن يسترجعوا فن الكاريكاتور فهم يستحضرون مباشرة أسماءً لامعة معينة حفظوها، فهم يحدثونك عن نبوغ محمود كحيل، الذي خرج بفنه المتميز إلى مساحات أوسع من لبنان، ومثله ستافرو جبرا. ويذكرون بالخير جان مشعلاني وملحم عماد، ولا ينسون عصر بيار صادق، الذي كان السبّاق في نقل هذا الفن إلى شاشة التلفزيون.

ولكن هل أقفل هؤلاء الروّاد الكبار الأبواب وراءهم فغابت عناصر الإبداع عن هذا الفن بعد رحيلهم؟

أرمان حمصي يرد: «لا شك أننا نشهد تراجعاً، ولكن علينا الانتظار لأن الوقت هو الذي سيقطع الشك باليقين. وقد تكون الأزمة التي ألمت بصحف لبنانية كثيرة أخرت ظهورهم». ومن ناحيته يشير أنطوان أبو جودة لـ«الشرق الأوسط» بأن المواهب «موجودة من دون شك، ولكن لا فرص جيدة تتوافر لهم... لقد أصبحوا قلة اليوم، ونفتقد لديهم سرعة البديهة وحس السخرية واللسعة الذكية».

أما باميلا جبرا، التي ورثت عن والدها الحس الفني المرهف وليس موهبة الرسم، فتروي «عندما نظمنا معرض (دولار) للراحل ستافرو تفاجأنا بتفاعل جيل كبير من الشباب مع الرسوم. هؤلاء لم يعرفوه من قبل... لكن ستافرو - في غيابه - استطاع أن يفتح أبواب الأمل أمامهم وليس العكس».

في النهاية يمكن القول إن وسائل التواصل الاجتماعي أثرت سلباً في الكاريكاتور. وصار البعض يستسهل «سرقة» رسم لفنان معين، وينسبه لنفسه بعد تغيير الكلام الذي يرافقه. وهكذا اختلط الحابل بالنابل، وصارت الرسوم مكدّسة بالمئات على وسائل التواصل لكنها مجهولة المصدر... وبلا نكهة ولا طعم لها ولا جهد ولا تعب مبذولاً فيها. وهنا يقول حمصي موضحاً: «هذه المهنة تعتمد على الشغف، ولكل فنان بصمته عليها؛ ولذلك لن يفلح فيها، إلا من جاهد وبحث واطلع».


مقالات ذات صلة

«امسك مزيّف»... استنفار مصري لمواجهة «الشائعات»

العالم العربي ندوة «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر

«امسك مزيّف»... استنفار مصري لمواجهة «الشائعات»

حالة استنفار تشهدها مصر أخيراً لمواجهة انتشار «الشائعات»، تصاعدت مع إعلان «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، الثلاثاء، عزمه إطلاق موقع «امسك مزيف».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
إعلام إدمون ساسين (إنستغرام)

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

تلعب وسائل الإعلام المرئية المحلية دورها في تغطية الحرب الدائرة اليوم على لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق وزير الإعلام سلمان الدوسري التقى رئيسة الإدارة الوطنية للإذاعة والتلفزيون الصينية كاو شومين (واس)

شراكة إعلامية سعودية صينية تطلق برامج تنفيذية مع القطاعين العام والخاص

اختتم وزير الإعلام السعودي، اليوم، أعمال برنامج الشراكة الإعلامية السعودية الصينية، وشهدت الزيارة إبرام اتفاقيات وبرامج تنفيذية وورش عمل بين الجانبين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
إعلام توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين منصة سعوديبيديا وجامعة بكين للغات والثقافة (الخارجية السعودية)

مباحثات سعودية - صينية في بكين لتطوير التعاون الإعلامي

التقى سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، في بكين، اليوم الخميس، مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني مو قاو يي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
إعلام ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية

إيلي يوسف (واشنطن)

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
TT

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)

شدد تميم فارس، رئيس «ديزني+» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، على أن منصة «ديزني+» مهتمة بالعمل على «تقديم محتوى يلائم ويحترم ويراعي الثقافة المحلية للجمهور» في المنطقة. وأشار إلى أن «ديزني+» ماضية قدماً ليس فقط في تقديم أفلام ومسلسلات مشهورة مع ضمان ملاءمتها واحترامها للثقافة المحلية، بل إن «جميع المحتوى الموجه إلى الجمهور تجري مراجعته بدقة لتحقيق هذه الغاية».

تميم استهلّ اللقاء بقوله «أولاً وقبل كل شيء، يسعدني أننا أطلقنا منصة هنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهذه المنطقة غنية بالثقافة والتراث والتقاليد. ولقد كان بمثابة حلم يتحقق أن نقدّم هذا المحتوى المميز إلى الجمهور المحلي العاشق للسينما والترفيه».

وتابع، من ثم، ليتطرّق إلى مواجهة بعض التحديات خلال هذه الرحلة فيقول: «ونحن بعد سنتين تقريباً على إطلاق (ديزني+)، نواصل - مثلاً - التعلّم من جمهورنا، وتنقيح محتوى المنصة؛ كي يراعي الثقافة المحلية للمشاهدين في المملكة العربية السعودية. ويشمل هذا نهجنا المحلي للمحتوى، وهذه أولوية كبيرة بالنسبة لنا».

إطلاق «ديزني+»

تميم فارس شرح أن «ديزني+» منصة توفّر خدمة عرض المحتوى الترفيهي حول العالم، منذ إطلاقها في عام 2022 في 16 سوقاً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنها «تعرض مجموعة واسعة من أشهر القصص من إنتاج شركة (والت ديزني)، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والأفلام الوثائقية والأعمال الأصلية الحصرية من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) وغيرها الكثير».

ثم ذكر أن كثيرين اعتادوا مشاهدة الأفلام الكلاسيكية من «ديزني» بدءاً بـ«الأسد الملك» و«علاء الدين»، ووصولاً إلى «موانا» و«إنكانتو». بالإضافة إلى عرض هذه الأفلام العائلية المفضلة على «ديزني+»، فهي متوافرة كذلك للمشاهدة بخياري الدبلجة باللهجة المصرية أو اللغة العربية الفصحى المعاصرة.

وبعدها علّق من واقع تجربته الشخصية: «أنا مثلاً، نشأت على مشاهدة الكثير منها مدبلجاً بصوت أشهر الممثلين والممثلات مثل محمد هنيدي ومنى زكي وعبلة كامل وخالد صالح، والآن أُتيحت لي فرصة مشاهدتها مرة أخرى مع ابني زين على المنصة».

ثم لفت إلى أن «ديزني+» تقدّم محتوى جديداً باستمرار، بما في ذلك الإصدارات السينمائية الحديثة والضخمة الصيفية، وكان آخرها فيلم «قلباً وقالباً 2» من إنتاج «ديزني» و«بيكسار» على «ديزني+» في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأفاد بأن «هذا الفيلم تصدّر قائمة أفلام الأنيميشن الأعلى تحقيقاً للإيرادات على الإطلاق، وجارٍ الآن عرضه حصرياً على (ديزني+)... وفي الواقع، يجري عرض أعمال (ديزني) السينمائية كافّة على منصة (ديزني+) في نهاية المطاف».

تميم فارس، رئيس "ديزني+" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (ديزني)

التكيّف مع المشهد التنظيمي الإقليمي

من جانب آخر، بالنسبة إلى الامتثال للقوانين المحلية للبث، أكد تميم فارس أن «فريقنا الإقليمي في (ديزني+) يقدّر الثقافة العربية تماماً، وأنا بصفتي أباً عربياً، أشارك تجربة شخصية مع ابني زين البالغ من العمر 7 سنوات؛ إذ نشاهد المحتوى معاً أو يشاهده بمفرده أحياناً. لذلك، أحرص على أن يكون ما يشاهده آمناً ومناسباً لثقافتنا العربية، ويتماشى مع قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا».

وأردف: «وكما ذكرت سابقاً... المحتوى هو الركيزة الأساسية لكل ما نقدّمه. ومنذ إطلاق المنصة، أنشأنا فريق امتثال متخصصاً على المستوى المحلي، وهو الفريق المسؤول عن مشاهدة المحتوى المعروض ومراجعته وفحصه بدقة. ولا يُجاز شيء إلا بعد تأكد هذا الفريق من أن كل كلمة تُنطق أو تُترجم أو تُدبلج تتوافق أو يتوافق مع قيمنا العربية وتقاليدنا. ولا بد أن يتوافق المحتوى الموجه إلى الجمهور الأصغر سناً مع هذه الإرشادات ليصار إلى عرضه على (ديزني+)».

وفي الاتجاه نفسه ركّز تميم على أنه «بالإضافة إلى فريقنا، ونظراً إلى أنني أب عربي لابن صغير، أدرك أن ابني يستطيع مشاهدة مسلسلاته وأفلامه المفضلة ضمن بيئة آمنة ومناسبة لكل أفراد العائلة من دون استثناء، وذلك من خلال تمكين الوالدين من ضبط إعدادات المشاهدة بسهولة مطلقة لمراقبة المحتوى الذي يشاهده الأطفال، بما في ذلك خيار إعداد حسابات خاصة بهم وحمايتها من خلال رمز سري».

وأضاف شارحاً: «وحقاً، نحن نولي أهمية قصوى للحفاظ على صدقنا وأصالتنا تجاه جمهورنا العربي، ونلتزم بتقديم محتوى عالي الجودة يتماشى مع قيمنا العربية الأصيلة. وبصفتي أباً، أشعر بالطمأنينة لمعرفة أن أطفالي يستمتعون بمحتوى آمن ومناسب لأعمارهم».

استراتيجيات «ديزني+» في المنطقة

وحول استراتيجيات «ديزني+» في منطقة الشرق الأوسط، أوضح أن المحتوى الذي تقدمه المنصة كفيلٌ بالتأكيد على مدى نجاحها، وقال: «منصة (ديزني+) تعرض ثمانية من أفضل عشرة أفلام تحقق أعلى مستوى مبيعات حول العالم التي تُعرض تقريباً معظمها بشكل حصري على (ديزني+)، ويمكن لمشاهدي المنصة مشاهدة آلاف المسلسلات والأفلام من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) والمحتوى الترفيهي للبالغين من (ستار). إننا نقدم حقاً المحتوى الذي يناسب تفضيلات الجميع من الفئات العمرية كافّة ومختلف شرائح المجتمع».

وزاد: «إننا نحرص دوماً على عرض الأعمال الجديدة على منصتنا، لكننا ندرك في الوقت نفسه أن خيارات مشاهدينا المفضلة تتغيّر وتتوسع لتشمل رغبتهم في مشاهدة المحتوى العالمي أيضاً». وتابع: «لقد بادرنا مثلاً إلى تنظيم مجموعات متخصصة في الكثير من المدن السعودية، للتفاعل مع المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي والوقوف على المحتوى الذي يشاهدونه عبر المنصة. وفي الوقت نفسه، نحرص دوماً على الاستفادة من عملائنا المحليين والارتقاء بإمكاناتنا والمحتوى الذي نقدمه إليهم؛ كي ننجح في توفير خدمات تلبي احتياجات المنطقة».

المحتوى المحلي

تميم فارس قال إن «ديزني+» تتطلع لمزيد من الأعمال والإنتاجات التي تعزّز مكانتها في المنطقة، وبالتحديد على المستوى المحلي، «على سبيل المثال، أعلنا شعارنا الجديد الذي يضم للمرة الأولى على الإطلاق كلمة (ديزني) باللغة العربية. وبادرنا إلى إطلاق أول حملة إعلانية ننتجها محلياً على الإطلاق، ويشارك فيها فريق عمل سعودي بامتياز يضم أشهر صناع المحتوى المحليين، لتعزيز شعور المشاهدين على مستوى المنطقة بالشمولية والانتماء».

ثم أضاف: «وثانياً هناك المحتوى الذي تقدّمه المنصة؛ حيث نؤكد مواصلة التزامنا بتقديم محتوى جديد ومتنوع والحفاظ على مكانتنا الحالية، من خلال إضافة أعمال جديدة إلى مكتبتنا الضخمة من المحتوى الذي نعرضه للمشاهدين كل يوم... ونحرص على تقديم المحتوى الترفيهي الذي يرتقي إلى مستوى تطلعات المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتفضيلاتهم، بدءاً من الأعمال العالمية التي تحقق نجاحاً كبيراً وصولاً إلى المحتوى المحلي المدبلج باللغة العربية».

ومع تشديده على أن جميع الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تُعرض على «ديزني+» تتوافق بالكامل مع المتطلبات التنظيمية المحلية السعودية، أوضح تميم أن المنصة تسعى باستمرار إلى عقد مزيد من الشراكات مع أبرز الشركات المزودة لخدمات الاتصالات، مثل شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة «دو»، وشركة اتصالات «زين» في الكويت، لتوفير مجموعة من خيارات الاشتراك، وتتطلّع إلى مواصلة عقد مزيد من الشراكات خصوصاً في السعودية في المستقبل القريب.

واختتم بتسليط الضوء على عروض الأفلام الوثائقية المرتبطة بالمنطقة، فقال: «نعرض حالياً فيلم (كنوز الجزيرة العربية المنسية) على منصة (ناشيونال جيوغرافيك)، لتمكين المشاهدين من رؤية ثقافتهم الغنية وتراثهم العريق من زاوية مختلفة، وننظر أيضاً في فرص توسيع نطاق المحتوى الذي نقدمه إلى المشاهدين، من خلال بناء شراكات واتفاقيات تعاون مع مجموعة محلية من صناع المحتوى وشركات الإنتاج».