على الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين في وادي السيليكون يُصوّرون الصين على أنها العدو، فإن العقول الصينية لا تزال تلعب دوراً رئيسياً في الأبحاث الأميركية.
المهاجرون... أدمغة ذكية
عندما كشف مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا»، عن مختبر الذكاء الاصطناعي الفائق التابع للشركة في يونيو (حزيران ) الماضي، عيّن 11 باحثاً في مجال الذكاء الاصطناعي انضموا إلى جهوده الطموحة لبناء آلة أقوى من الدماغ البشري. وكان جميعهم مهاجرون تلقوا تعليمهم في بلدان أخرى. سبعة منهم وُلدوا في الصين، وفقاً لمذكرة اطلعت عليها صحيفة «نيويورك تايمز»، كما كتب كيد ميتز وإيلي تان(*).
على الرغم تصوير الصين على أنها عدوٌّ للتوجه الأميركي السريع نحو الذكاء الاصطناعي، فإن الكثير من الأبحاث الرائدة الناشئة في الولايات المتحدة تديرها مواهب صينية.
دراستان جديدتان
تُظهر دراستان جديدتان أن الباحثين المولودين والمتعلمين في الصين لعبوا لسنوات أدواراً رئيسية داخل مختبرات الذكاء الاصطناعي الأميركية الرائدة. كما أنهم يواصلون قيادة مشاريع مهمة في مجال الذكاء الاصطناعي، سواء في ميدان الأبحاث في القطاع الصناعي أو في المؤسسات الأكاديمية، على الرغم من حملة إدارة ترمب على الهجرة وازدياد المشاعر المعادية للصين في وادي السيليكون.
ثلث مواهب الذكاء الاصطناعي في العالم... صينيون
في عام 2020، قدرت دراسة من معهد «بولسون»، الذي يعزز العلاقات البنَّاءة بين الولايات المتحدة والصين، أن باحثي الذكاء الاصطناعي الصينيين يمثلون نحو ثلث أفضل المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي في العالم. وقد عمل معظم هؤلاء الباحثين الصينيين في شركات وجامعات أميركية.
تُظهر دراسة جديدة من مؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي» أن الغالبية العظمى من هؤلاء الباحثين الصينيين استمروا في العمل في المؤسسات الأميركية؛ إذ ومن بين 100 باحث صيني رفيع المستوى في الدراسة الأصلية، الذين كانوا يعملون في جامعات أو شركات أميركية في عام 2019 -أي قبل ثلاث سنوات من ظهور «تشات جي بي تي» الذي أطلق شرارة الطفرة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي- لا يزال 87 منهم يُجرون أبحاثاً في جامعات أو شركات أميركية.
وقال مات شيهان، المحلل الذي ساعد على كتابة كلتا الدراستين: «إن صناعة الذكاء الاصطناعي الأميركية هي المستفيد الأكبر من المواهب الصينية».
تعاون أميركي - صيني متواصل
لا يزال هناك تعاون كبير بين البلدين. تُظهر دراسة منفصلة من «alphaXiv»، وهي شركة تساعد الأفراد على تتبع أحدث أبحاث الذكاء الاصطناعي واستخدامها، أنه منذ عام 2018، يحدث البحث المشترك بين أميركا والصين بشكل أكثر تواتراً من التعاون بين أي دولتين أخريين.
وبينما يخشى كثيرون في وادي السيليكون من أن يسرق مواطنون صينيون أسراراً من شركات أميركية ويشاركوها مع الحكومة الصينية، فإن محللين مثل السيد شيان يجادلون بأن فوائد توظيف المواهب الصينية والتعاون معها تفوق مخاطر التجسس بكثير.
منع المواهب الصينية سيؤدي إلى تخلف وادي السيليكون
قالت هيلين تونر، المديرة التنفيذية المؤقتة في مركز «جورج تاون للأمن والتكنولوجيا الناشئة»، إنه من دون تدفق الباحثين الصينيين الموهوبين إلى الولايات المتحدة، ستتخلف شركات وادي السيليكون في السباق العالمي -أي عن الصين.
وحتى قبل أن يبدأ السيد زوكربيرغ التوظيف بقوة لمختبر الذكاء الاصطناعي الجديد الخاص به، اعتمدت جهود الذكاء الاصطناعي في «ميتا» بشكل كبير على المواهب الصينية. غالباً ما يُقال للموظفين الجدد في قسم الذكاء الاصطناعي في «ميتا» مازحين إن هناك لغتين يجب أن يعرفوهما؛ الأولى هي «هاك»، وهي لغة البرمجة الداخلية للشركة، والأخرى هي الماندرين، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على ثقافة فرق الذكاء الاصطناعي في الشركة.
منذ عام 2018، تعاونت شركات مثل: «أبل» و«غوغل» و«إنتل» و«سيلزفورس» مع منظمات صينية في إصدار أوراق بحثية واسعة الانتشار، وفقاً للدراسة الجديدة من «ألفا كسيف». وتعاونت «مايكروسوفت»، التي لطالما أدارت مختبرات بحثية في الصين، مع منظمات صينية أكثر من أي شركة أخرى، حيث شاركت في 92 ورقة بحثية مهمة على الأقل.
ويقول عديد من الباحثين الصينيين إن الدراسة والعمل في الولايات المتحدة أصبحا أكثر صعوبة. فهم غالباً ما يواجهون صعوبة في الحصول على التأشيرات، كما يقولون، ويخشون مغادرة البلاد خوفاً من أن يمنعهم المسؤولون الأميركيون من العودة.
* خدمة «نيويورك تايمز»




