بعد طول انتظار وترقب، دخلت «إنتل» مجدداً ساحة المنافسة في سوق بطاقات الرسومات المخصصة للألعاب ببطاقة «إنتل آرك بي580» Intel Arc B580. ولا تمثل هذه البطاقة مجرد تحديث روتيني، بل تجسيد للجيل الثاني من معمارية «إكس إي باتلمايج» Xe Battlemage التي تعد بتقديم قفزة هائلة في الأداء. وتقتحم البطاقة فئة سعرية مزدحمة مستهدفة اللاعبين الذين يبحثون عن أقصى أداء ممكن دون إنفاق مبالغ طائلة.
ويمكن القول إن هذه البطاقة ليست مجرد منافس جديد، بل هي تغيير ثوري يهدف إلى تغيير موازين القوى وإجبار المنافسين على إعادة تقييم استراتيجياتهم من خلال بطاقة متكاملة تتفوق على منافسيها الراسخين تعلن عن بداية عهد جديد في عالم الرسومات. واختبرت «الشرق الأوسط» البطاقة، ونذكر ملخص التجربة.

تصميم متطور ومعمارية ثورية
ويركز تصميم البطاقة على توفير تبريد فعال وهادئ يشتمل على مروحتين وغطاء معدني خلفي لتعزيز التبريد والصلابة. وتتطلب البطاقة موصل طاقة قياسياً واحداً ثماني الأسلاك، ويُقدر استهلاكها الأقصى للطاقة بنحو 190 واط، نظراً للأداء الفائق الذي تقدمه.
وتكمن شريحة «بي إم جي-جي21» BMG-G21 المتطورة في قلب البطاقة، التي تم تصنيعها بدقة 5 نانومتر بهدف زيادة كثافة الترانزستورات وتحسين كفاءة الطاقة. وتتكون هذه الشريحة من 20 نواة «إكس إي2» Xe2، وهي الوحدات الأساسية للمعالجة الرسومية، التي بدورها تحتوي على 128 وحدة تنفيذ و2560 معالج تظليل موحداً. وهذا العدد الكبير من وحدات المعالجة يمنحها قدرة كبيرة جداً على معالجة البيانات الرسومية المعقدة.
ولتعزيز قدراتها في الألعاب الحديثة، تم تزويدها بـ20 وحدة مخصصة لتتبع الأشعة الضوئية من مصدرها Ray Tracing Units، بالإضافة إلى 160 مسرع مصفوفة «إكس إم إكس» Xe Matrix eXtensions XMX لدعم عمليات الذكاء الاصطناعي مثل تقنية «إكس إي إس إس» XeSS. إلا أن الميزة الأبرز تكمن في نظام الذاكرة، حيث تستخدم البطاقة ذاكرة رسومات بتقنية «جي دي دي آر6» GDDR6 بسعة 12 غيغابايت متصلة عبر ناقل ذاكرة Bus بعرض 192-بت. وهذا التصميم يمنحها عرض نطاق ترددي للذاكرة يصل إلى 456 غيغابايت في الثانية، وهو ما يتجاوز منافسيها بنسبة 50 في المائة تقريباً، مما يخفض من اختناقات نقل البيانات ويسمح بأداء أكثر سلاسة في الدقات العالية وبالإعدادات القصوى. وتعمل البطاقة بتقنية «بي سي آي إي 4» PCIe بـ8 مسارات، وتستطيع عرض الصورة بدقة 4320x7680 بكسل بتردد 120 هرتز، ويبلغ وزنها 779 غراماً.
تقنيات المستقبل بين يديك اليوم
البطاقة مزودة بأحدث التقنيات لضمان جاهزيتها للمستقبل، ومنها الدعم الكامل لامتدادات «دايركت إكس 12 ألتيمت» DirectX 12 Ultimate مما يعني أنها قادرة على تشغيل جميع الميزات الرسومية المتقدمة مثل تتبع الأشعة الضوئية من مصدرها والتظليل متغير المعدل Variable Rate Shading VRS وتقنية «تظليل الشبكات الرسومية» Mesh Shaders، وميزة «ملاحظة العينات» Sampler Feedback، وهي تقنيات أساسية في الألعاب الحديثة.
وأصبحت تقنية «إكس إي إس إس 2» XeSS 2 (Xe Super Sampling) أكثر نضجاً وفاعلية، حيث تستخدم الذكاء الاصطناعي لرفع دقة الرسومات العادية بجودة مبهرة. ومع إضافة ميزة «توليد إطارات الرسومات» Frame Generation باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن للبطاقة مضاعفة معدل الرسومات في الثانية، ما يجعل اللعب بدقة عالية أكثر سلاسة. وعلاوة على ذلك، تُعد البطاقة خياراً ممتازاً لصناع المحتوى بفضل محرك الوسائط المتقدم الذي يوفر تسريعاً كاملاً لتشفير وفك تشفير الفيديو بتقنية AV1، وهو المعيار الجديد لبث الفيديو عالي الجودة. وأخيراً، تدعم البطاقة 3 منافذ DisplayPort 2.1 ومنفذ HDMI 2.1a لضمان توافقها مع أحدث الشاشات ذات معدلات التحديث العالية والدقات الفائقة.

تجربة لعب استثنائية تتجاوز التوقعات
وتُترجم هذه المواصفات والمزايا إلى أداء استثنائي في الألعاب، حيث تُظهر الاختبارات أن البطاقة ليست مجرد تطوير للسلسلة، بل هي قفزة ثورية تتجاوز الجيل السابق «إيه580» A580 بأداء يصل إلى 42 في المائة أعلى وبدقة 1080، مما يوضح مدى التطور الذي حققته معمارية «باتلمايج» الجديدة.
وبالنسبة للأداء مقارنة بالمنافسة، تتفوق هذه البطاقة على «إنفيديا جيفورس آر تي إكس 4060» NVIDIA GeForce RTX 4060 بنسبة 5 في المائة، وتوسع الفجوة مع بطاقة «إيه إم دي آر إكس 7600» AMD RX 7600 لتصل إلى 15 في المائة. وهذا الأداء القوي يجعلها مثالية للاستمتاع بأحدث الألعاب بدقة 1080 بإعدادات رسومات فائقة Ultra في الألعاب، مع تحقيق معدل رسومات في الثانية يتجاوز 60 صورة في الثانية بسلاسة، مع قدرتها على تقديم أداء مناسب بدقة 1440، ما يجعلها خياراً مناسباً للاعبين الذين يخططون للترقية إلى شاشات أعلى دقة في المستقبل القريب.
وتجدر الإشارة إلى أنه للحصول على أقصى إمكانات البطاقة، فيجب تفعيل تقنية «ريسايزابل بار» Resizable BAR (أو «سمارت آكسيس ميموري» Smart Access Memory على منصات «إيه إم دي») من خلال إعدادات «بايوس» BIOS في اللوحة الأم.
واقعية مبهرة لتتبع الأشعة الضوئية من مصدرها
ولطالما كان أداء تتبع الأشعة الضوئية من مصدرها هو المعيار الذي يميز بين بطاقات الفئة العليا والمتوسطة، وهو المجال الذي أظهرت فيه «إنتل» منافسة شرسة. وتقدم معمارية «باتلمايج» الجديدة تحسينات جذرية على وحدات تتبع الأشعة الضوئية من مصدرها، حيث تم مضاعفة إنتاجيتها وقدرتها على التعامل مع حسابات الإضاءة والانعكاسات المعقدة.
هذا التطور الجذري يُترجم مباشرة إلى أداء أفضل بكثير في الألعاب التي تعتمد بشكل كبير على هذه التقنية، مثل Cyberpunk 2077 وAlan Wake 2. ونتيجة لذلك، تقدم البطاقة تجربة تتبع للأشعة الضوئية من مصدرها أكثر سلاسة مقارنة بمنافسيها المباشرين، مما يسمح للاعبين بالاستمتاع بمستويات أعلى من واقعية الرسومات دون التضحية بمعدل الصور في الثانية، وهي ميزة كانت حكراً على البطاقات الأعلى سعراً في السابق.
ولدى مقارنة البطاقة مع «إيه إم دي آر إكس 7600 إكس تي» AMD RX 7600 XT، تتضح معالم تفوق «آرك بي580» بشكل واضح. وعلى الرغم من أن بطاقة «إيه إم دي آر إكس 7600 إكس تي» تقدم ذاكرة رسومات تبلغ 16 غيغابايت، فإن هذا التفوق الرقمي لا يُترجم دائماً إلى أداء أفضل على أرض الواقع. فبطاقة «آرك بي580» بذاكرتها البالغة 12 غيغابايت وناقلها الأعرض 192-بت يتفوق في الأداء بنسبة 4 في المائة بالمتوسط، ولكن بسعر أقل. وهذا التفوق لا يقتصر على الأداء في الألعاب التقليدية من خلال تقنية Rasterization، بل يتعمق أكثر في سيناريوهات تتبع الأشعة الضوئية من مصدرها، حيث تتسع الفجوة لصالح «آرك بي580»، وبالتالي فإن الأداء الفعلي وسلاسة التجربة التي تقدمها «آرك بي580» هي عوامل تجعلها الخيار الأكثر فاعلية.
قيمة وأداء استثنائيان يربكان المنافسة
تضع البطاقة معياراً جديداً للقيمة في قطاع بطاقات الرسومات بسعر 933 ريالاً سعودياً (نحو 249 دولاراً أميركياً). وفي بيئة شهدت ارتفاعاً كبيراً في أسعار البطاقات، تأتي «إنتل آرك بي580» لتقدم أداء كان يتطلب في السابق إنفاق ما يزيد على 500 دولار. ولا تقدم البطاقة أداء أعلى من منافسيها المباشرين فحسب، بل تقدم ذلك بتكلفة أقل، ما يمثل قيمة ممتازة بأداء مرتفع. وهذا العامل يجعلها الخيار الأمثل والبديهي للاعبين الذين يقومون بتجميع كمبيوترات جديدة بميزانية محدودة، أو لمن يرغب بترقية بطاقاته القديمة للحصول على دفعة أداء كبيرة دون تجاوز ميزانيته، مما يضع ضغطاً حقيقياً على الشركات الأخرى لتقديم خيارات أكثر تنافسية في هذه الفئة.
«إنتل آرك بي580» ليست مجرد بطاقة جديدة، بل هي منتج استثنائي يعيد تعريف ما هو ممكن في فئته السعرية، مقدمة مزيجاً شبه مثالي من الأداء المتقدم في الألعاب التقليدية وقدرات تتبع الأشعة الضوئية من مصدرها ومجموعة شاملة من المزايا الحديثة مثل «توليد إطارات الرسومات»، وكل ذلك بسعر يضعها في متناول شريحة واسعة من اللاعبين؛ مما يعني أن «إنتل» قد أصبحت منافساً رئيسياً في قطاع بطاقات الرسومات.




