كيف تجمع أدوات الذكاء الاصطناعي بياناتك عبر الأجهزة؟

نصائح حول الحفاظ على الخصوصية بانتقاء المشاركات والرسائل

كيف تجمع أدوات الذكاء الاصطناعي بياناتك عبر الأجهزة؟
TT

كيف تجمع أدوات الذكاء الاصطناعي بياناتك عبر الأجهزة؟

كيف تجمع أدوات الذكاء الاصطناعي بياناتك عبر الأجهزة؟

كيف يجمع الذكاء الاصطناعي بياناتك، وكيف تكون حذراً؟ لقد اندمج الذكاء الاصطناعي بسلاسة في حياتنا اليومية، وأخذ يؤثر على كيفية تفاعلنا مع التكنولوجيا، وهو يراقب صحتنا، بل وحتى يؤدي مهام أساسية.

من شفرات الحلاقة وفرش الأسنان الكهربائية المزودة بالذكاء الاصطناعي إلى أدوات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في التوليد والتنبؤ، أصبحت تلك الأنظمة لا غنى عنها. مع ذلك يثير الاستخدام واسع الانتشار للذكاء الاصطناعي أيضاً مخاوف بشأن خصوصية البيانات، حيث كثيراً ما تجمع تلك التكنولوجيا قدراً هائلاً من المعلومات الشخصية.

الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية

وجد الذكاء الاصطناعي طريقه إلى العديد من الأجهزة سواء كانت أساسية أو غير أساسية، ومن بينها أجهزة تتبع اللياقة البدنية والساعات الذكية التي تراقب الأنشطة الروتينية اليومية، أو مساعدات الذكاء الاصطناعي، مثل «تشات جي بي تي» و«مايكروسوفت كوبايلوت»، التي تجيب عن الاستفسارات وتساعد في إنشاء أي محتوى. وتعتمد تلك الأدوات على جمع البيانات للوصول إلى أفضل أداء وتزويد المستخدمين بتجارب ذات طابع شخصي. كذلك تستخدم أجهزة بسيطة مثل الفرش الكهربائية حالياً خوارزميات التعلم الآلي لتتبع أنماط الاستخدام وتقديم تغذية راجعة في الوقت الفعلي.

في الوقت الذي يقدّر فيه الكثيرون ما يقدمه الذكاء الاصطناعي من راحة ونفع، تثير عملية جمع البيانات التي تغذي هذه الأنظمة مخاوف كبيرة بشأن الخصوصية، إذ كثيراً ما يكون المستخدمون غير واعين تماماً بمدى وطبيعة البيانات التي يتم جمعها.

ويمكن لتلك البيانات الكشف عن العادات والأمور المفضلة، بل وحتى توقع السلوكيات المستقبلية، مما يمثل فرصاً ومخاطر في آن واحد.

كيف يجمع الذكاء الاصطناعي البيانات؟

أنظمة الذكاء الاصطناعي مصممة لجمع البيانات بطرق متنوعة بحسب وظيفتها. وتُعرف أدوات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في التوليد والتنبؤ، بوجه خاص، بطرقها في جمع المعلومات.

* أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي. تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل «تشات جي بي تي» و«غوغل جيميناي»، في عملها على كميات كبيرة من البيانات. وعندما يتفاعل المستخدمون مع هذه الأدوات، يتم تسجيل أو تخزين أو تحليل كل مُدخل أو معطى، سواء كان سؤالاً أو أمرأً أو رداً، لتعزيز أداء نموذج الذكاء الاصطناعي.

وتنص سياسة الخصوصية لمؤسسة «أوبن إيه أي» المنتجة لـ «جي بي تي» صراحةً على احتمال استخدام المحتوى، الذي يقدمه المستخدمون، من أجل تحسين خدماتها وتدريب النماذج التي يعتمد عليها «تشات جي بي تي». وبينما يمكن للمستخدمين الانسحاب من الإسهام ببياناتهم في تدريب النموذج، تجمع مؤسسة «أوبن إيه آي» البيانات الشخصية وتحتفظ بها.

كذلك ورغم زعم الشركات استخدام هذه البيانات دون تحديد هوية أو تعريف، حيث تحذف كل ما يصلها بأفراد بعينهم، تظل هناك مخاطرة بإعادة الهوية إلى تلك البيانات. وقد يكشف ذلك عادات شخصية، أو أموراً مفضلة، أو معلومات حسّاسّة في حال إساءة استخدام البيانات أو انتهاكها.

* أدوات الذكاء الاصطناعي التنبؤي. إضافة إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي، تضطلع أنظمة الذكاء الاصطناعي التنبؤي بدور كبير في جمع البيانات. وتعدّ مواقع التواصل الاجتماعي مثل الـ«فيسبوك» و«إنستغرام» و«تيك توك» من الأمثلة البارزة، حيث تجمع تلك المواقع باستمرار بيانات عن المستخدمين، وتلتقط وتسجل كل تفاعل سواء كان إعجاب بمنشور، أو تعليق على مقطع مصور، أو الوقت الذي يقضيه المستخدم في مشاهدة محتوى محدد. ويُستخدم كل فعل كنقطة بيانات داخل الصفحة الشخصية الرقمية للفرد.

لا تستخدم تلك الصفحات الشخصية في تنقيح أنظمة توصية الذكاء الاصطناعي، التي تقترح محتوى متوافقاً مع تفضيلات المستخدم فحسب، بل يتم بيعها إلى وسطاء البيانات، الذين يبيعون بدورهم هذه المعلومات إلى شركات تستخدمها لأغراض مثل الإعلانات الموجهة. ينشيء ذلك بيئة يتم تحويل فيها البيانات الشخصية إلى سلعة.

تبعات جمع البيانات

يمكن أن تتمتع البيانات، التي تجمعها أنظمة الذكاء الاصطناعي، بقوة هائلة، حيث تمكّن النماذج التنبؤية من تقديم توقعات دقيقة بشأن سلوك المستخدمين، ويستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي البيانات من أجل إنشاء محتوى جديد، مثل الاستجابات المعدّلة حسب الطلب أو الأعمال الإبداعية، في حين يستعين الذكاء الاصطناعي التنبؤي ببيانات تاريخية لتوقع أفعال مستقبلية مثل تحديد كيفية تحقيق شخص ما هدف من أهداف اللياقة البدنية، أو توقع ما يفضله من أفلام.

على الجانب الآخر، يؤدي الاعتماد المتزايد على البيانات إلى نقاط ضعف، حيث يمكن أن يتسبب جمع البيانات الشخصية في عملية توسعية في جمع المعلومات تطلّع فيها شركات أو أطراف غير مصرح لها على جوانب شخصية لحياة الأفراد. كذلك تزيد خطر انتهاك البيانات، حيث يمكن أن تتعرض معلومات حسّاسّة إلى الكشف أو الاستغلال.توصيات الحفاظ على خصوصية البيانات

في ظل استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، من المهم بالنسبة إلى المستخدمين توخي الحذر بشأن خصوصية بياناتهم. فيما يلي بعض الإجراءات التي ينبغي النظر فيها:

* فهم سياسات الخصوصية: خذ الوقت الكافي لقراءة وفهم سياسات الخصوصية الخاصة بأدوات الذكاء الاصطناعي والمواقع. ربما تمكنك معرفة كيفية جمع وتخزين واستخدام بياناتك من اتخاذ قرارات واعية.

* خيارات الانسحاب: حاول الانسحاب من عملية المساهمة ببياناتك لأغراض مثل تدريب النماذج، حين يكون ذلك متاحاً. في الوقت الذي قد لا يمنع ذلك عملية جمع البيانات بشكل كامل، يمكنه أن يحدّ ويقيد كيفية استخدام بياناتك.

* الحد من مشاركة البيانات قدر الإمكان: كنّ انتقائياً فيما يتعلق بالمعلومات التي تشاركها مع أدوات الذكاء الاصطناعي. والتزم بالمدخلات الأساسية، واحرص على تفادي تقديم تفاصيل شخصية حسّاسّة.

* أستاذ مساعد للأمن السيبراني في جامعة ويست فرجينيا، مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

* تعديل إعدادات الخصوصية: احرص على تعديل إعدادات الخصوصية الموجودة في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات من أجل تقييد قدر البيانات التي تكون مرئية أو معلنة.

* استخدام أدوات للمحافظة على الخصوصية: تركز الوسائل التكنولوجية الناشئة على إنشاء أنظمة آمنة تمنح خصوصية المستخدمين الأولوية. اسع وراء الأدوات التي تتماشى مع تلك المبادئ.

بناء مستقبل ذكاء اصطناعي آمن

بوصفي متخصصاً في الأمن السيبراني أؤكد أن هناك حاجة ملّحة إلى أنظمة قوية تحافظ على الخصوصية. كما أن البحث في هذا المجال ضروري وحيوي لتطوير وسائل تكنولوجية تحقق التوازن بين الابتكار وحماية الحقوق الشخصية.

لا يكمن التحدي في تصميم أنظمة آمنة فقط، لكن أيضاً في تعزيز ودعم الشفافية والمساءلة بين الشركات التي تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. كما أن ضمان أخلاقية ممارسات جمع البيانات واحترامها لخصوصية المستخدمين سيكون ضرورياً للحفاظ على ثقة الناس في الذكاء الاصطناعي.

وأخيراً، فإن الذكاء الاصطناعي يتمتع بإمكانية تحويل حياة البشر إلى الأفضل من خلال تحسين الفعالية والكفاءة والراحة واليسر وإضفاء الطابع الشخصي. مع ذلك يتطلب جمع واستخدام البيانات الشخصية على نطاق واسع من جانب أدوات الذكاء الاصطناعي اليقظة والحذر. ويمكن للأفراد اتخاذ قرارات واعية بدرجة أكبر بشأن ما يستخدمونه من وسائل تكنولوجية من خلال فهم كيفية عمل تلك الأنظمة واتخاذ خطوات لحماية الخصوصية.

يكمن مستقبل الذكاء الاصطناعي في تحقيق توازن بين تسخير واستغلال قدراته واحترام الحق الأساسي في الخصوصية. ومن الممكن تشكيل أنظمة ذكاء اصطناعي قوية وأخلاقية وآمنة في الوقت ذاته من خلال الجهود الفعالة والابتكار المتواصل.

* أستاذ مساعد للأمن السيبراني في جامعة ويست فرجينيا، مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

ذكرت دراسة «كاسبرسكي» أن نصف موظفي السعودية تلقوا تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا أطلقت «يوتيوب» أول ملخص سنوي يمنح المستخدمين مراجعة شخصية لعادات المشاهدة خلال عام 2025

«ملخص يوتيوب»: خدمة تعيد سرد عامك الرقمي في 2025

يقدم الملخص ما يصل إلى 12 بطاقة تفاعلية تُبرز القنوات المفضلة لدى المستخدم، وأكثر الموضوعات التي تابعها، وكيفية تغيّر اهتماماته على مدار العام.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا الأوتار الاصطناعية قد تصبح وحدات قابلة للتبديل لتسهيل تصميم روبوتات هجينة ذات استخدامات طبية واستكشافية (شاترستوك)

أوتار اصطناعية تضاعف قوة الروبوتات بثلاثين مرة

الأوتار الاصطناعية تربط العضلات المزروعة بالهياكل الروبوتية، مما يرفع الكفاءة ويفتح الباب لروبوتات بيولوجية أقوى وأكثر مرونة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يعدّ «بلاك هات - الشرق الأوسط وأفريقيا» أكبر حدث من نوعه حضوراً في العالم (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني)

بمشاركة دولية واسعة وازدياد في المحتوى... «بلاك هات 25» ينطلق بأرقام قياسية جديدة

أكد متعب القني، الرئيس التنفيذي لـ«الاتحاد السعودي للأمن السيبراني»، أن مؤتمر «بلاك هات - الشرق الأوسط وأفريقيا» يحقق هذا العام أرقاماً قياسية جديدة.

غازي الحارثي (الرياض)

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
TT

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)

اختُتمت في ملهم شمال الرياض، الخميس، فعاليات «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025»، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة «تحالف»، عقب 3 أيام شهدت حضوراً واسعاً، عزّز مكانة السعودية مركزاً عالمياً لصناعة الأمن السيبراني.

وسجّلت نسخة هذا العام مشاركة مكثفة جعلت «بلاك هات 2025» من أبرز الفعاليات السيبرانية عالمياً؛ حيث استقطب نحو 40 ألف زائر من 160 دولة، داخل مساحة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة، إلى جانب 300 متحدث دولي، وأكثر من 200 ساعة محتوى تقني، ونحو 270 ورشة عمل، فضلاً عن مشاركة 500 متسابق في منافسات «التقط العلم».

كما سجّل المؤتمر حضوراً لافتاً للمستثمرين هذا العام؛ حيث بلغت قيمة الأصول المُدارة للمستثمرين المشاركين نحو 13.9 مليار ريال، الأمر الذي يعكس جاذبية المملكة بوصفها بيئة محفّزة للاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني، ويؤكد تنامي الثقة الدولية بالسوق الرقمية السعودية.

وأظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين 4100 متسابق، و1300 شركة عالمية، و1300 متخصص في الأمن السيبراني، في مؤشر يعكس اتساع التعاون الدولي في هذا القطاع داخل المملكة.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، بما يُسهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي، وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة.

وقال خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز لـ«الشرق الأوسط»: «إن (بلاك هات) يُحقق تطوّراً في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات».

أظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية (بلاك هات)

وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد بنحو 27 في المائة على العام الماضي».

وسجّل «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا» بنهاية نسخته الرابعة، دوره بوصفه منصة دولية تجمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني، وتتيح تبادل المعرفة وتطوير الأدوات الحديثة، في إطار ينسجم مع مسار السعودية نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».


دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
TT

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة «كاسبرسكي» في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، ونُشرت نتائجها خلال معرض «بلاك هات 2025» في الرياض، واقعاً جديداً في بيئات العمل السعودية.

فقد كشف الاستطلاع، الذي حمل عنوان «الأمن السيبراني في أماكن العمل: سلوكيات الموظفين ومعارفهم»، أن نصف الموظفين فقط في المملكة تلقّوا أي نوع من التدريب المتعلق بالتهديدات الرقمية، على الرغم من أن الأخطاء البشرية ما زالت تمثل المدخل الأبرز لمعظم الحوادث السيبرانية.

وتشير هذه النتائج بوضوح إلى اتساع فجوة الوعي الأمني، وحاجة المؤسسات إلى بناء منظومة تدريبية أكثر صرامة وشمولاً لمختلف مستويات الموظفين.

تكتيكات تتجاوز الدفاعات التقنية

تُظهر البيانات أن المهاجمين باتوا يعتمدون بشكل متزايد على الأساليب المستهدفة التي تستغل الجانب النفسي للأفراد، وعلى رأسها «الهندسة الاجتماعية».

فعمليات التصيّد الاحتيالي ورسائل الانتحال المصممة بعناية قادرة على خداع الموظفين ودفعهم للإفصاح عن معلومات حساسة أو تنفيذ إجراءات مالية مشبوهة.

وقد أفاد 45.5 في المائة من المشاركين بأنهم تلقوا رسائل احتيالية من جهات تنتحل صفة مؤسساتهم أو شركائهم خلال العام الماضي، فيما تعرّض 16 في المائة منهم لتبعات مباشرة جراء هذه الرسائل.

وتشمل صور المخاطر الأخرى المرتبطة بالعنصر البشري كلمات المرور المخترقة، وتسريب البيانات الحساسة، وعدم تحديث الأنظمة والتطبيقات، واستخدام أجهزة غير مؤمنة أو غير مُشفّرة.

الأخطاء البشرية مثل كلمات المرور الضعيفة وتسريب البيانات وعدم تحديث الأنظمة تشكل أبرز أسباب الاختراقات (شاترستوك)

التدريب... خط الدفاع الأول

ورغم خطورة هذه السلوكيات، يؤكد الاستطلاع أن الحد منها ممكن بدرجة كبيرة عبر برامج تدريب موجهة ومستمرة.

فقد اعترف 14 في المائة من المشاركين بأنهم ارتكبوا أخطاء تقنية نتيجة نقص الوعي الأمني، بينما أشار 62 في المائة من الموظفين غير المتخصصين إلى أن التدريب يعدّ الوسيلة الأكثر فاعلية لتعزيز وعيهم، مقارنة بوسائل أخرى مثل القصص الإرشادية أو التذكير بالمسؤولية القانونية.

ويبرز هذا التوجه أهمية بناء برامج تدريبية متكاملة تشكل جزءاً أساسياً من الدفاع المؤسسي ضد الهجمات.

وعند سؤال الموظفين عن المجالات التدريبية الأكثر أهمية لهم، جاءت حماية البيانات السرية في صدارة الاهتمامات بنسبة 43.5 في المائة، تلتها إدارة الحسابات وكلمات المرور (38 في المائة)، وأمن المواقع الإلكترونية (36.5 في المائة).

كما برزت موضوعات أخرى مثل أمن استخدام الشبكات الاجتماعية وتطبيقات المراسلة، وأمن الأجهزة المحمولة، والبريد الإلكتروني، والعمل عن بُعد، وحتى أمن استخدام خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

واللافت أن ربع المشاركين تقريباً أبدوا رغبتهم في تلقي جميع أنواع التدريب المتاحة، ما يعكس حاجة ملحة إلى تعليم شامل في الأمن السيبراني.

«كاسبرسكي»: المؤسسات بحاجة لنهج متكامل يجمع بين حلول الحماية التقنية وبناء ثقافة أمنية تُحوّل الموظفين إلى خط دفاع فعّال (شاترستوك)

تدريب عملي ومتجدد

توضح النتائج أن الموظفين مستعدون لاكتساب المهارات الأمنية، لكن يُشترط أن تكون البرامج التدريبية ذات طابع عملي وتفاعلي، وأن تُصمَّم بما يتناسب مع أدوار الموظفين ومستوى خبراتهم الرقمية. كما ينبغي تحديث المحتوى بانتظام ليتوافق مع تطور التهديدات.

ويؤدي تبني هذا النهج إلى ترسيخ ممارسات يومية مسؤولة لدى الموظفين، وتحويلهم من نقطة ضعف محتملة إلى عنصر دفاعي فاعل داخل المؤسسة، قادر على اتخاذ قرارات أمنية واعية وصد محاولات الاحتيال قبل تصعيدها.

وفي هذا السياق، يؤكد محمد هاشم، المدير العام لـ«كاسبرسكي» في السعودية والبحرين، أن الأمن السيبراني «مسؤولية مشتركة تتجاوز حدود أقسام تقنية المعلومات».

ويشير إلى أن بناء مؤسسة قوية يتطلب تمكين جميع الموظفين من الإدارة العليا إلى المتدربين من فهم المخاطر الرقمية والتصرف بوعي عند مواجهتها، وتحويلهم إلى شركاء حقيقيين في حماية البيانات.

تقوية دفاعات المؤسسات

ولتقوية دفاعاتها، تنصح «كاسبرسكي» أن تعتمد المؤسسات نهجاً متكاملاً يجمع بين التكنولوجيا والمهارات البشرية واستخدام حلول مراقبة وحماية متقدمة مثل سلسلة «Kaspersky Next» وتوفير برامج تدريبية مستمرة مثل منصة «كاسبرسكي» للتوعية الأمنية الآلية، إضافة إلى وضع سياسات واضحة تغطي كلمات المرور وتثبيت البرمجيات وتجزئة الشبكات.

وفي الوقت نفسه، يساعد تعزيز ثقافة الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة ومكافأة السلوكيات الأمنية الجيدة في خلق بيئة عمل أكثر يقظة واستعداداً.

يذكر أن هذا الاستطلاع أُجري في عام 2025 بواسطة وكالة «Toluna»، وشمل 2,800 موظف وصاحب عمل في سبع دول، بينها السعودية والإمارات ومصر، ما يقدم صورة إقليمية شاملة حول مستوى الوعي والتحديات المرتبطة بالأمن السيبراني في أماكن العمل.


تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
TT

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك، مؤسس «سبيس إكس»، في سباق الفضاء.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، بأن ألتمان يدرس شراء أو الشراكة مع مزود خدمات إطلاق صواريخ قائم بتمويل.

وأشار التقرير إلى أن هدف ألتمان هو دعم مراكز البيانات الفضائية لتشغيل الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أفادت الصحيفة بأن ألتمان قد تواصل بالفعل مع شركة «ستوك سبيس»، وهي شركة صواريخ واحدة على الأقل، ومقرها واشنطن، خلال الصيف، واكتسبت المحادثات زخماً في الخريف.

ومن بين المقترحات سلسلة استثمارات بمليارات الدولارات من «أوبن إيه آي»، كان من الممكن أن تمنح الشركة في نهاية المطاف حصة مسيطرة في شركة الصواريخ.

وأشار التقرير إلى أن هذه المحادثات هدأت منذ ذلك الحين، وفقاً لمصادر مقربة من «أوبن إيه آي».

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، جاء تواصل ألتمان مع شركة الصواريخ في الوقت الذي تواجه فيه شركته تدقيقاً بشأن خططها التوسعية الطموحة.

ودخلت «أوبن إيه آي» بالتزامات جديدة بمليارات الدولارات، على الرغم من عدم توضيحها لكيفية تمويلها عملية التوسعة الكبيرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ألتمان حالة من القلق الشديد على مستوى الشركة بعد أن بدأ برنامج «شات جي بي تي» يتراجع أمام روبوت الدردشة «جيميني» من «غوغل»؛ ما دفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل عمليات الإطلاق الأخرى، وطلب من الموظفين تحويل فرقهم للتركيز على تحسين منتجها الرائد.

يرى ألتمان أن اهتمامه بالصواريخ يتماشى مع فكرة أن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة سيدفع البنية التحتية للحوسبة إلى خارج الأرض.

لطالما كان من دعاة إنشاء مراكز بيانات فضائية لتسخير الطاقة الشمسية في الفضاء مع تجنب الصعوبات البيئية على الأرض.

تشارك كل من ماسك وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، رئيس «غوغل»، الأفكار نفسها.

تُطوّر شركة «ستوك سبيس»، التي أسسها مهندسون سابقون في «بلو أوريجين»، صاروخاً قابلاً لإعادة الاستخدام بالكامل يُسمى «نوفا»، والذي تُشير التقارير إلى أنه يُطابق ما تسعى «سبيس إكس» إلى تحقيقه.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أ.ف.ب)

وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الشراكة المقترحة كانت ستُتيح لألتمان فرصةً مُختصرةً لدخول قطاع الإطلاق الفضائي.

تُسلّط محادثات ألتمان الضوء على التنافس المستمر بينه وبين ماسك. فقد شارك الاثنان في تأسيس شركة «أوبن إيه آي» عام 2015، ثم اختلفا حول توجه الشركة، ليغادر ماسك بعد ثلاث سنوات.

ومنذ ذلك الحين، أطلق ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي، xAI، بينما وسّع ألتمان طموحات «أوبن إيه آي»، ودعم مؤخراً مشاريع تُنافس مشاريع ماسك مباشرةً، بما في ذلك شركة ناشئة تُعنى بالدماغ والحاسوب.

ألمح ألتمان إلى طموحاته في مجال الفضاء في وقت سابق من هذا العام، وقال: «أعتقد أن الكثير من العالم يُغطى بمراكز البيانات بمرور الوقت. ربما نبني كرة دايسون كبيرة حول النظام الشمسي ونقول: مهلاً، ليس من المنطقي وضع هذه على الأرض».

ثم في يونيو (حزيران)، تساءل: «هل ينبغي لي أن أؤسس شركة صواريخ؟»، قبل أن يضيف: «آمل أن تتمكن البشرية في نهاية المطاف من استهلاك قدر أكبر بكثير من الطاقة مما يمكننا توليده على الأرض».