توظيف الذكاء الاصطناعي لخلق «أطلس الذوق» الشخصي

يسهل البحث عن الأفلام والموسيقى والكتب الجديدة

توظيف الذكاء الاصطناعي لخلق «أطلس الذوق» الشخصي
TT

توظيف الذكاء الاصطناعي لخلق «أطلس الذوق» الشخصي

توظيف الذكاء الاصطناعي لخلق «أطلس الذوق» الشخصي

تخيل عملية تحويل كل سجل قراءاتك من الكتب إلى «خريطة البحث عن كنز». إذ ومن خلال تزويد مُساعد الذكاء الاصطناعي بقائمة كتبك وكذلك أفلامك المفضلة، يمكنك الكشف عن أنماط خفية حول الجوانب التي تحبها... من انجذابك اللاواعي إلى الرواة غير الموثوق بهم إلى حبك للقصص الغريبة... وهنا قد تتفاجأ بما يمكن أن يكشفه مُساعد الذكاء الاصطناعي لك.

«أطلس الذوق» الشخصي

يساعدك بناء «أطلس الذوق» «taste atlas» الشخصي على فهم نفسك كقارئ بصورة أفضل. كما يمكنه أيضاً أن يُظهر نقاطاً عمياء في نظام غذائك الثقافي ويوجهك إلى مناطق أدبية غير مُستكشفة من المحتمل أن تُحبها.

لماذا تريد أن تُحلل تفضيلاتك؟ إن مثل هذا التحليل هذا ليس مُجرد مُحرك آخر يقدم لك التوصيات. فالمعروف أن «نتفليكس» أو «أمازون» قد تقترحان ما ينبغي أن تشاهده أو تشتريه بعد ذلك بناء على سجل المشاهدة، لكن «أطلس الذوق» خاصتك يتعمق أكثر من ذلك بكثير.

إنه يُحلل المواضيع، وهياكل السرد، والصدى العاطفي عبر تنسيقات الوسائط. كما يمكنه الكشف عن الروابط بين الروايات التي تعشقها والأفلام الأجنبية التي لم تسمع بها من قبل، أو يساعدك في توضيح سبب بقاء قصص معينة معك بينما لا تبقى قصص أخرى كذلك.

يُمكنك ضبط الأطلس خاصتك عن طريق تعديل المعلومات والأمثلة التي تقدمها له. كما يمكنك تخصيص التحليل باستخدام مطالباتك، وطلب أنواع معينة من الملاحظات أو التوصيات.

بمساعدة الذكاء الاصطناعي، يمكنك رسم خريطة الكون الرائع الخاص بك. أثناء استكشافك للفجوات في قراءتك أو مشاهدة الأفلام، يمكنك اكتشاف المؤلفين والأفلام التي توسع من آفاقك.

ابدأ بتجميع المفضلات لديك

تحتاج إلى تزويد مُساعد الذكاء الاصطناعي بقائمة تضم ما لا يقل عن 10 إلى 15 عنواناً لها صدى رنان لديك للحصول على رؤى ذات معنى. إلا أن تزويده بـ30 عنواناً أو أكثر هو أفضل. وإليك أسرع الطرق لجمعها:

* الكتب أو أقراص «دي في دي» المادية: التقط صورة لرف الكتب خاصتك. يمكن للذكاء الاصطناعي قراءة العناوين. أو اكتب قائمة بالعناوين على الورق. يمكن لمساعدي الذكاء الاصطناعي قراءة خط اليد بشكل جيد ومدهش.

* القراء الرقميون Digital readers: ارجع إلى مكتبة «كيندل: Kindle» الخاصة بك، أو رف «القراءة» على «غودريدس: Goodreads»، أو سجل الاستماع على «أوديبل: Audible»، أو الجدول الزمني على «ليبي: Libby»، أو أي مستند أو جدول بيانات تحتفظ فيه بمفضلاتك.

* البث المباشر: تتيح لك تطبيقات مثل «لايكوايز: Likewise» و«سوفا: Sofa» و«ليستي: Listy» و«ليستيوم: Listium» و«ليتربوكسد: Letterboxd» و«تراكت: Trakt» و«ريلغود: Reelgood» تجميع قوائم بالمفضلات. يمكنك استخدام هذه المجموعات لتدريب مُساعد الذكاء الاصطناعي الخاص بك.

* استخدم صوتك: إذا كان التحدث يُنشط ذاكرتك، فاستخدم وضع المحادثة في «شات جي بي تي» أو «كلود» أو «جيميناي» من «غوغل» أو «كوبايلوت» من «مايكروسوفت». دع الذكاء الاصطناعي يُجري معك مقابلة حول كتبك أو أفلامك المفضلة.

* فحص قوائم الجوائز: إذا لم تتمكن من التفكير في المفضلات، تحقق من قائمة الأفلام الحائزة على جائزة الأوسكار أو جوائز الكتب لتذكيرك بما استمتعت به.

أما المعايير، فهي: ضع في اعتبارك العناوين التي غالباً ما تُعاود الاطلاع عليها أو توصي بها كثيراً. قم بتضمين المفضلات الحديثة وتلك القديمة التي لها صدى عندك. امنح وزناً إضافياً لتلك التي أثارت المشاعر، أو غيرت وجهة نظرك، أو دفعت إلى اتخاذ إجراء. من الناحية المثالية، لا تلاحظ العنوان فقط وإنما جانباً أو أكثر من العمل الذي كان له صدى بصفة خاصة.

مطالبة الذكاء الاصطناعي بتحليل قائمتك

بمجرد تجميع قائمتك، استخدم أداة الذكاء الاصطناعي المفضلة لديك للكشف عن أنماط في أذواقك الأدبية.

- اطلب من مُساعد الذكاء الاصطناعي طرح رؤى لتعزيز فهمك لذاتك. بعد ذلك، اطلب منه مساعدتك في اكتشاف المزيد من الكتب أو الأفلام التي سوف تحبها.

- ابدأ بكتابة مطالبة مُفصلة لاستخلاص تحليل شامل ودقيق لذوقك في الكتب أو الأفلام.

- وإليك مثال يمكنك اعتماده: «أني» ناقد أدبي فطين ومحلل ثقافي يتمتع بمعرفة عميقة بالأدب عبر مختلف الأنواع الأدبية والثقافات. قم بتحليل دقيق للقائمة المرفقة من كتبي المفضلة بعناية لمعرفة الأنماط. فكر بعمق في الروابط بين العناوين والموضوعات التي قد لا تكون واضحة على الفور. حيثما تلاحظ أنماطاً مثيرة للاهتمام، اشرح أسباب استنتاجك واذكر أمثلة مُحددة. يُرجى تحليل هذه القائمة من كتبي المفضلة. قم بإنشاء ملف تعريف تفصيلي للذوق الأدبي يُحدد العناصر الأساسية:

* التيمات والموضوعات الرئيسية

* تفضيلات الأنواع وأنماط الأسلوب

* الأساليب السردية وخيارات البنية

* أنواع الشخصيات والعلاقات

* النبرة والنطاق العاطفي

- قم بتحميل ملف بقائمتك، أو الصقه.

أدوات ذكاء اصطناعي ينبغي استخدامها

* «تشات جي بي تي 4»

- لقد نجح معي بصورة جيدة في استيراد مستندات «غوغل» وملفات «بي دي إف» مع مفضلاتي. كان تحليله وتوصياته دقيقة ومفيدة.

- القصور: في بعض الأحيان، اقترح مؤلفين كانوا بالفعل في قوائمي الحالية، رغم مطالبته بعدم فعل ذلك.

* «كلود برو»

- قدم لمحة عامة ممتازة عن أنواع الكتب التي اخترتها لمجموعة الكتب التي أُتيحها على مدى السنوات الثماني الماضية. ساعد في تحديد الفجوات في قائمة القراءة لدي وقدم اقتراحات مفيدة للعناوين المستقبلية.

- القصور: بعض المستندات التي حاولت استيرادها، مثل مُلخصات القراءة الخاصة بي على «ريدوايز»، كانت كبيرة للغاية بحيث لا يمكن وضعها في مشروع «كلود» الذي أنشأته لأطلس الذوق خاصتي.

* «جيميناي 2.0 التجريبي المتقدم»:

- كان النموذج الأحدث من «غوغل»، وهو شريك صوتي ممتاز في تحليل اهتماماتي القرائية الحالية.

- القصور: لم تتمكن النسخة 2.0 بعد من استيراد المستندات، لكن «جيميناي 1.5» تمكن من ذلك. لقد حلل مستند «غوغل» بشكل مفيد الذي يحتوي على أرشيف مُلخصات «ريدوايز» الكامل الخاص بي.

استخدم أدوات الذكاء الاصطناعي المجانية أو المميزة لهذا التحليل. بالنسبة لقوائم الكتب الطويلة أو الملخصات الموسعة، استخدم نموذجاً احترافياً للتحليل الدقيق.

توسيع آفاق ذوقك

بمجرد أن تُحلل أداة الذكاء الاصطناعي تفضيلاتك في الكتب أو الأفلام، اطلب منها اقتراح مؤلفين وعناوين جديدة. واسأل عن روابط مُحددة بين العناوين التي أعجبتك وتوصياتها، حتى تدرك الأساس المنطقي.

* الوثبات الثقافية: اطلب من الذكاء الاصطناعي تحديد المؤلفين الذين يكتبون مثل مؤلفيك المفضلين وإنما بلغات أو ثقافات مختلفة.

* ما هو الجانب المفقود لديك؟ جرّب المطالبة حول المساحة السلبية.

- من هم المؤلفون أو العناوين أو الموضوعات أو الأنواع المفقودة من المفضلات لديك. ما هي العناوين البارزة التي قد توسع آفاقك الأدبية؟

* مد الجسور إلى الماضي: اطلب من مُساعد الذكاء الاصطناعي الخاص بك اقتراح «مؤلفين لمد الجسر» ممن أثروا على الكُتّاب الذين تستمتع بكتاباتهم. ويكون هذا أكثر فعالية إذا كان المؤلفون في قائمتك معروفين جيداً.

* عبر الوسائط المتعددة: اطلب الأفلام الوثائقية والروائية التي تشترك في سمات مع كتبك المفضلة. لدفع الذكاء الاصطناعي إلى أبعد من ذلك، اطلب المسرحيات والأغاني.

الخطوات التالية

* اجعل مهمتك هذه مشروعاً. إذا كنت تستخدم «شات جي بي تي بلس» أو «كلود برو»، فابدأ مشروعاً مُخصصاً لكل محتويات أطلس الذوق خاصتك. يتيح لك ذلك تحسين وتوسيع تحليلك مع مرور الوقت.

- يمكنك أيضاً إنشاء «حيز بيربليكستي» Perplexity Space لدمج البحث بالذكاء الاصطناعي مع التحليل.

- أو قم بإنشاء «جي بي تي» المُخصص Custom GPT، أو روبوت «إيه آي بو» AI Poe bo لمشاركة أطلس الذوق الجماعي مع الفصل الدراسي أو مجموعة للكتب أو مع آخرين ممن يشتركون في الاهتمام نفسه.

- «نوتبوك إل إم» NotebookLM أداة رائعة أخرى لتحليل مجموعات من أعمالك المفضلة في دفاتر مُلاحظات مدعومة بالذكاء الاصطناعي. تقبل ملفات تصل إلى 50 ألف كلمة، وحتى 200 ميغابايت، لذلك فهي مُفيدة بصورة خاصة إذا واجهتك قيود لحجم الملف على منصات أخرى. كما أنها تتميز بقدرتها على إنشاء مُلخص صوتي عن مفضلاتك.

* شارك للحصول على رؤى إنسانية

- شارك ملف تعريف ذوقك الخاص مع صديق أو أمين مكتبة. إذ إنهما سيُلاحظان أنماطاً فات على الذكاء الاصطناعي تحديدها أو يقترحون روابط غير متوقعة.

* توسع في الأمر ليشمل المشروع الموسيقى وما إلى ذلك. بمجرد رسم خريطة لتفضيلاتك في القراءة والأفلام، جرّب أسلوباً مُشابهاً لموسيقاك المُفضلة، وفنونك، وطعامك المفضل، واهتماماتك الأخرى.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

جامعة «جونز هوبكنز»: نماذج الذكاء الاصطناعي تفشل في فهم التفاعلات البشرية

تكنولوجيا أظهرت الدراسة أن البشر يتفقون بدرجة عالية على تقييم مشاهد التفاعل الاجتماعي في حين فشل أكثر من 350 نموذجاً للذكاء الاصطناعي في محاكاتهم

جامعة «جونز هوبكنز»: نماذج الذكاء الاصطناعي تفشل في فهم التفاعلات البشرية

الدراسة تكشف أن الذكاء الاصطناعي لا يزال عاجزاً عن فهم التفاعلات الاجتماعية ويحتاج لإعادة تصميم ليحاكي التفكير البشري.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا ميزة «خصوصية الدردشة المتقدمة» من واتساب تحمي المحادثات بمنع التصدير وتعطيل التنزيل التلقائي وحظر الذكاء الاصطناعي (واتساب)

«واتساب» تعلن عن ميزة «خصوصية الدردشة المتقدمة» لتعزيز حماية المحادثات

في تحديث جديد يركّز على خصوصية المستخدمين، أعلنت «واتساب» (WhatsApp) عن ميزة «خصوصية الدردشة المتقدمة».

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا التطبيقات قد تستخدم صور الوجه في تقنيات التعرف البيومتري دون علم المستخدمين (كاسبرسكي)

احذر قبل المشاركة... تريندات «دُمَى الذكاء الاصطناعي» متعة أم تهديد للخصوصية؟

تحذِّر «كاسبرسكي» من مخاطر مشاركة الصور والمعلومات الشخصية عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي الترفيهي، لما قد تسببه من انتهاك للخصوصية وسرقة الهوية.

نسيم رمضان (سان فرنسيسكو - الولايات المتحدة)
تكنولوجيا أفضل خدمات الألعاب السحابية

أفضل خدمات الألعاب السحابية

تحمل الألعاب السحابية في طياتها إمكانات تعد بمستقبل مذهل؛ فبدلاً من أن تكون مقيداً بجهاز تحكم أو كومبيوتر قوي، تتيح لك خدمات البث الجديدة حرية نقل ألعابك من جها

هيلي بيري (نيويورك)
خاص الرؤية المستقبلية لـ«غوغل» ترتكز على تعدد الوسائط وتعاون العوامل الذكية وديمقراطية بناء حلول الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)

خاص ما بعد النماذج الضخمة... «غوغل» تمهّد لعصر الذكاء التعاوني متعدد الوسائط

«غوغل» تكشف في «كلاود نكست 2025» عن تحول الذكاء الاصطناعي من النماذج إلى الإنتاج، مؤكدة أن العوامل الذكية تقود مستقبل الأعمال والابتكار.

نسيم رمضان (لاس فيغاس)

جامعة «جونز هوبكنز»: نماذج الذكاء الاصطناعي تفشل في فهم التفاعلات البشرية

أظهرت الدراسة أن البشر يتفقون بدرجة عالية على تقييم مشاهد التفاعل الاجتماعي في حين فشل أكثر من 350 نموذجاً للذكاء الاصطناعي في محاكاتهم
أظهرت الدراسة أن البشر يتفقون بدرجة عالية على تقييم مشاهد التفاعل الاجتماعي في حين فشل أكثر من 350 نموذجاً للذكاء الاصطناعي في محاكاتهم
TT

جامعة «جونز هوبكنز»: نماذج الذكاء الاصطناعي تفشل في فهم التفاعلات البشرية

أظهرت الدراسة أن البشر يتفقون بدرجة عالية على تقييم مشاهد التفاعل الاجتماعي في حين فشل أكثر من 350 نموذجاً للذكاء الاصطناعي في محاكاتهم
أظهرت الدراسة أن البشر يتفقون بدرجة عالية على تقييم مشاهد التفاعل الاجتماعي في حين فشل أكثر من 350 نموذجاً للذكاء الاصطناعي في محاكاتهم

في سباق تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر ذكاءً وتفاعلاً مع البشر، تكشف دراسة جديدة من جامعة «جونز هوبكنز» حقيقة مقلقة؛ أنه حتى أكثر تقنيات الذكاء الاصطناعي تقدماً لا تزال تعاني من فهم أحد أبسط الأمور التي يجيدها البشر بالفطرة، وهو تفسير التفاعلات الاجتماعية.

من السيارات ذاتية القيادة إلى الروبوتات المساعدة والمساعدين الافتراضيين، يعتمد مستقبل الذكاء الاصطناعي على قدرته على قراءة السلوك البشري في السياقات الحقيقية. لكن وفقاً لهذه الدراسة الرائدة، لا يزال الذكاء الاصطناعي غير قادر على «قراءة المشهد».

تقول ليلى إيشيك، الأستاذة المساعدة في علم الإدراك بجامعة جونز هوبكنز، والمؤلفة الرئيسية للدراسة: «إن هذه الأنظمة تعاني من قيود أساسية عندما يتعلق الأمر بفهم كيفية تفاعل البشر بعضهم مع بعض». وتضيف: «إذا كنت تصمم ذكاءً اصطناعياً لسيارة ذاتية القيادة، فأنت بحاجة إلى أن يتنبأ بحركة المشاة. كأن يعرف ما إذا كان أحدهم على وشك العبور، أو ما إذا كان شخصان يتحدثان فقط. في الوقت الحالي، الذكاء الاصطناعي لا يستطيع القيام بذلك بدقة كافية».

دراسة «جونز هوبكنز»: لا تزال نماذج الذكاء الاصطناعي رغم تطورها غير قادرة على فهم التفاعلات الاجتماعية كما يفعل البشر

تطبيق عملي

تم عرض الدراسة في مؤتمر التعلم التمثيلي الدولي (ICLR) حيث حاول الباحثون اختبار قدرة الذكاء الاصطناعي على فهم الديناميكيات الاجتماعية، مقارنة بالبشر. صمّم الفريق تجربة بسيطة، لكنها فعّالة، فطُلب من المشاركين البشريين مشاهدة مقاطع فيديو قصيرة، مدتها 3 ثوانٍ لأشخاص، إما يتفاعل بعضهم مع بعض، أو يؤدون أنشطة متجاورة، أو يعملون بشكل مستقل. بعد ذلك، طُلب منهم تقييم مدى التفاعل الاجتماعي في كل مقطع على مقياس من 1 إلى 5.

ثم طُبّق التقييم نفسه على أكثر من 350 نموذج ذكاء اصطناعي، بما في ذلك نماذج متقدمة لمعالجة الصور والفيديو واللغة. وكانت النتائج واضحة.

نتائج مقلقة

اتفق المشاركون من البشر إلى حدّ كبير في تقييماتهم، لكن نماذج الذكاء الاصطناعي بغضّ النظر عن مدى تطورها أو حجم بياناتها فشلت في الوصول إلى نفس الدقة. النماذج المعتمدة على الفيديو كانت الأسوأ أداءً، إذ لم تتمكن من التعرف على التفاعلات الاجتماعية في المشاهد الديناميكية. حتى النماذج المعتمدة على الصور الثابتة لم تستطع بدقة التنبؤ بما إذا كان الأشخاص يتواصلون أم لا.

أما النماذج اللغوية، التي أُعطيت أوصافاً مكتوبة للمشاهد، فقد أظهرت أداءً أفضل إلى حد ما، خصوصاً في محاولة التنبؤ بكيفية تفسير البشر للمشاهد. لكنها لم تتمكن من التقاط الصورة الكاملة لسياق المشهد المرئي المتغير. وترى كاثي غارسيا، الباحثة في مختبر إيشيك والمؤلفة المشاركة الأولى، التي عرضت النتائج في المؤتمر، أن هذا يعكس قصوراً بنيوياً في الطريقة التي تُبنى بها أنظمة الذكاء الاصطناعي.

تقول: «إن القدرة على التعرف على الوجوه أو الأجسام في الصور الثابتة كانت إنجازاً مهماً في مسار الذكاء الاصطناعي، لكنها ليست كافية. الحياة ليست صورة جامدة. الناس يتحركون، يتفاعلون، يتجاوب بعضهم مع بعض. وهذا المستوى من الفهم هو ما نحتاج من الذكاء الاصطناعي أن يصل إليه. ودراستنا تظهر أننا لم نصل بعد».

سبب القصور يعود إلى أن بنية الشبكات العصبية للذكاء الاصطناعي مستوحاة من مناطق الدماغ التي تعالج الصور الثابتة وليس التفاعلات الاجتماعية المعقدة (شاترستوك)

ما السبب؟

يعتقد الباحثون أن السبب يعود إلى الأساس الذي بُنيت عليه الشبكات العصبية للذكاء الاصطناعي، وهو جزء الدماغ المسؤول عن معالجة الصور الثابتة. أما التفاعلات الاجتماعية، فهي تتطلب فهماً أعمق للحركة والسياق والنية، وهي عمليات يعالجها جزء مختلف تماماً في دماغ الإنسان. توضح إيشيك أن هناك تفاصيل كثيرة، لكن الرسالة الكبرى هي أن أياً من نماذج الذكاء الاصطناعي التي اختبرناها لم تتمكن من مطابقة استجابات الدماغ البشري أو السلوك الإنساني لمشاهد متحركة، كما تفعل مع الصور الثابتة. هناك شيء أساسي في طريقة معالجة البشر للمشاهد الديناميكية، لا تزال هذه النماذج تفتقده.

تأثيرات بعيدة المدى

مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى حياتنا اليومية، سواء في السيارات أو المستشفيات حتى الأماكن العامة، يصبح من الضروري أن يفهم سلوك البشر في السياق الاجتماعي بشكل دقيق. تردد بسيط من أحد المشاة، لغة جسد خفية، حتى تبادل نظرات، كلها إشارات يفسرها الإنسان دون تفكير، لكنها لا تزال لغزاً للذكاء الاصطناعي. هذه الدراسة لا تدعو إلى إيقاف استخدام الذكاء الاصطناعي في هذه السياقات، بل تؤكد على الحاجة إلى إعادة التفكير في كيفية تدريب وتصميم هذه الأنظمة، لتتشابه أكثر مع طريقة تفكير الدماغ البشري.

تختتم غارسيا قائلة إن هذه دعوة للاستيقاظ. وتضيف: «إذا أردنا أن نبني ذكاءً اصطناعياً يفهمنا فعلاً، فعلينا أن نعيد النظر في الطريقة التي نصمم بها هذه النماذج، من الأساس».

في نهاية المطاف، ربما يكون أحد أكبر تحديات الذكاء الاصطناعي ليس الفوز على البشر في الألعاب أو تأليف القصائد، بل أن يفهم نظرة أو إيماءة أو لحظة صامتة بين اثنين.

وعلى الأقل حتى الآن، يبقى البشر هم الأفضل في ذلك.