الاجتياح الروبوتي المقبِل… على الأبواب

تطويرات تقنية بنظم الذكاء الاصطناعي

سيارة بالطاقة الشمسية من «أبتيرا»
سيارة بالطاقة الشمسية من «أبتيرا»
TT

الاجتياح الروبوتي المقبِل… على الأبواب

سيارة بالطاقة الشمسية من «أبتيرا»
سيارة بالطاقة الشمسية من «أبتيرا»

يتوافد كل عام، عشرات الآلاف من الأشخاص إلى لاس فيغاس لمشاهدة أحدث الابتكارات في «معرض الإلكترونيات الاستهلاكية»، وهو معرض ضخم لتكنولوجيا المستهلك. وقد اجتذب المعرض هذا العام أكثر من 4500 عارض، من شركات السيارات مثل «مرسيدس - بنز» إلى عمالقة الكمبيوتر مثل «إتش بي». قدم أغلبهم عروضاً تجريبية وتجارب عملية للتكنولوجيا المتطورة التي لا تزال قيد التطوير.

خوذة «بي هابتيك» للواقع الافتراضي

تقنيات مطورة

وهيمنت على «معرض الإلكترونيات الاستهلاكية» (CES) في لاس فيغاس هذا العام الروبوتات الجديدة، والمركبات ذاتية القيادة، وتجارب الواقع الافتراضي الغامرة. وحصل الزوار على لمحة خاطفة عن مستقبل محتمل يمكن أن يتضمن لعب ألعاب فيديو فائقة الواقعية وركوب سيارات تعمل بالطاقة الشمسية.

تمكن الحضور أيضاً من التقاط صور سيلفي مع النموذج «تي 1» من شركة «بوستر روبوتيكس»، وهو روبوت قصير ذو شكل بشري قام بإنجازات باهرة. لطالما كانت عمالقة التكنولوجيا، مثل شركة «ميتا»، التي تمتلك «فيسبوك»، و«إنستغرام»، والشركات الناشئة الأصغر حجماً تدفع بسماعات الواقع الافتراضي. تروّج الشركات لهذه الأجهزة - التي تتميز عادة بنظارات بلاستيكية كبيرة - بأنها مستقبل كل شيء بدءاً من الألعاب إلى العمل المكتبي. كانت التكنولوجيا في صدارة معرض الإلكترونيات الاستهلاكية، حيث جرَّب الحضور أحدث ما توصلت إليه التقنيات في الألعاب الغامرة. وفي أحد الأكشاك، اصطف الناس لمحاولة لعب لعبة حول محاربة الوحوش. مزجت سماعات الواقع الافتراضي والمقاعد التلامسية، التي تعيد خلق شعور الحركة واللمس، بين لعبة الفيديو وتجربة ركوب الألعاب الترفيهية.

الجرارات ذاتية القيادة الجديدة من «جون دير»

الذكاء الاصطناعي

وسُلطت الأضواء الرئيسية للمعرض على أبرز اتجاهات التكنولوجيا... الذكاء الاصطناعي، حيث تحدث جينسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا»، عن قدرات الرقائق عالية التقنية في الألعاب والروبوتات والمركبات ذاتية القيادة. وقال: «أردنا بناء حواسيب فائقة يمكنها القيام بأشياء لا تستطيع الحواسيب العادية القيام بها». كما ألقى الزوار نظرة عن قرب على الرقائق والخوادم التي تشغل التكنولوجيا.

سيارات وجرارات وطائرات

وقدّم عارضون آخرون صورة أكبر، حيث قدَّموا عروضاً تجريبية لميزات المركبات ذاتية القيادة التجريبية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.

عرضت شركة «هيونداي موبيس»، وهي شركة لتصنيع قطع غيار السيارات، تقنية تسمى «إم. برين»، والتي تستخدم مستشعراً لمراقبة السائقين وتحذيرهم إذا تشتت انتباههم. تتبعت التكنولوجيا موجات الدماغ، محاولة اكتشاف مستويات التوتر والانتباه.

كما عرضت شركة «جون دير» تقنية الجرارات ذاتية القيادة الجديدة في مركبات كانت في أماكن مرتفعة عن الحاضرين. وعرضت شركة «أبتيرا»، وهي شركة تصنيع السيارات من كاليفورنيا، سيارتها التي تعمل بالطاقة الشمسية.

عرض الكثير من صانعي الطائرات المسيرة بضائعهم. وألقى الحضور نظرة عن نظام الطائرات المسيَّرة الانتحارية المسمى «سكاي فول»، الذي جرى تطويره للاستخدام في الحرب في أوكرانيا، والطائرات المسيَّرة التي صنعتها شركة «درون يو إيه» الأوكرانية.

روبوت «ميروكاي»

روبوتات جديدة

كان للروبوتات وجود كبير في المعرض. وكان بعضها يهدف إلى إيجاد مكان في الفعالية الكبيرة.

عرضت شركة «يوكاي الهندسية» اليابانية الناشئة روبوتاً على شكل قطة يجثم على حافة كوب أو طبق لنفخ الهواء وتبريد الطعام أو المشروبات.وبينما حققت الروبوتات تقدما ملحوظا في عالم التصنيع، لا يزال عدد الروبوتات التي يمكنها استبدال البشر فعلاً قليلاً للغاية وربما نادراً.

وعرضت شركة «تي آي 5 روبوت»، التي تصنع الروبوتات الصناعية وأجزاء للروبوتات بشرية الشكل، يدا آلية جديدة في جناحها، وهي واحدة من عدة أياد معروضة في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية. كانت لدى نسخة شركة «تي آي 5» أطراف أصابع مطاطية لمزيد من إحكام الإمساك.

وعرضت شركة «ريتشتيك روبوتيكس»، التي تصنع الروبوتات للشركات، مجموعة متنوعة من المساعدين الأكثر شبهاً بالبشر.

في أحد الأكشاك، تجمع حشد صغير حول روبوت برتقالي اللون ذي وجه يشبه الثعلب، من صنع شركة «إنشانتد تولز». صُمم الروبوت، المعروف باسم «ميروكاي»، كموظف ترحيب للاستخدام في المستشفيات والمواقع الطبية الأخرى.

«ريتشتيك روبوتيكس»

كان أحد بدائل البشر المعروضين هو وكيل خدمة عملاء ثلاثي الأبعاد من صُنع شركة «هولوكونيكتس»، وهي شركة هولندية متخصصة في الصور المجسمة. صُمم وكلاء التصوير ثلاثي الأبعاد المجسمون لتقديم الاتجاهات أو الدردشة مع المتسوقين في متاجر البيع بالتجزئة.

وفي حين أن الكثير من العروض التوضيحية لم تكن إلا قبساً من المستقبل، إلا أن المعرض قدّم لمحة واضحة عن الاتجاه الذي تتحرك إليه التكنولوجيا.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

تكنولوجيا خدمة أتمتة متقدمة تتيح إنشاء سير عمل مرن يدمج أكثر من 400 تطبيق مما يسهل تنفيذ المهام تلقائياً دون تدخل يدوي (n8n)

كيف تتيح منصة «n8n» ربط التطبيقات وأتمتة الأعمال دون تدخل يدوي متكرر؟

توفر المنصة بيئة منخفضة التعليمات البرمجية ومفتوحة المصدر، مما يسمح للمستخدمين بتشغيلها على خوادمهم الخاصة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص التقارب بين الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية يمكن أن يسرع الاكتشافات في مجالات مثل الأدوية والمناخ (أدوبي)

خاص كيف يغير تقارب الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية وجه الاكتشافات العلمية؟

الحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي يجتمعان لقيادة الابتكار العلمي، مع تقدم سريع في التطبيقات التجارية، من اكتشاف الأدوية إلى الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (سياتل)
علوم تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد حققت قفزات متوالية في مجال جراحة العظام (جامعة برنو للتكنولوجيا)

ثورة في جراحة العظام: كيف تحسّن «الغرسات المطبوعة» زراعة المفاصل؟

مع التطور السريع في تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، شهد قطاع الرعاية الصحية تحولاً جذرياً في تصنيع الغرسات الطبية، لا سيما في جراحة العظام واستبدال المفاصل.

محمد السيد علي (القاهرة)
علوم جين يفتح آفاقاً جديدة لعلاج الشيخوخة

جين يفتح آفاقاً جديدة لعلاج الشيخوخة

كشفت أبحاث حديثة عن اكتشاف جيني قد يمهد الطريق لعلاجات ثورية لإدارة الشيخوخة والحد من الأمراض المرتبطة بالتقدم في العمر.

د. وفا جاسم الرجب (لندن)

التلسكوب جيمس ويب يرصد مجرة في لحظة محورية من عمر الكون المبكر

هكذا رصد التليسكوب جيمس ويب المجرة المسماة (جيدز-جي.إس-زد13-1) على الحال التي كانت عليها بعد حوالي 330 مليون سنة من الانفجار العظيم (رويترز)
هكذا رصد التليسكوب جيمس ويب المجرة المسماة (جيدز-جي.إس-زد13-1) على الحال التي كانت عليها بعد حوالي 330 مليون سنة من الانفجار العظيم (رويترز)
TT

التلسكوب جيمس ويب يرصد مجرة في لحظة محورية من عمر الكون المبكر

هكذا رصد التليسكوب جيمس ويب المجرة المسماة (جيدز-جي.إس-زد13-1) على الحال التي كانت عليها بعد حوالي 330 مليون سنة من الانفجار العظيم (رويترز)
هكذا رصد التليسكوب جيمس ويب المجرة المسماة (جيدز-جي.إس-زد13-1) على الحال التي كانت عليها بعد حوالي 330 مليون سنة من الانفجار العظيم (رويترز)

اكتشف علماء باستخدام التلسكوب جيمس ويب الفضائي مجرة عتيقة وبعيدة تقدم دليلا على حدوث فترة انتقالية مهمة أخرجت الكون المبكر من «عصوره المظلمة» في وقت أسبق عما كان يُعتقد.

وقال الباحثون إن التلسكوب، الذي يعود بالزمن عبر النظر في مسافات كونية شاسعة، رصد المجرة المسماة (جيدز-جي.إس-زد13-1) على الحال التي كانت عليها بعد حوالي 330 مليون سنة من الانفجار العظيم الذي وقع قبل حوالي 13.8 مليار سنة. وعلى سبيل المقارنة، يبلغ عمر الأرض نحو 4.5 مليار سنة.

ويُعتقد أن الكون شهد تمددا ونموا سريعين في جزء من الثانية بعد الانفجار العظيم. وبعد أن برد بدرجة كافية، حدثت فترة تُسمى عصور الظلام الكوني عندما كان الكون الوليد مغلفا بضباب كثيف من غاز الهيدروجين في حالة محايدة كهربائيا. وتلت ذلك فترة تُعرف بعصر إعادة التأين عندما بدأ الكون في البريق. وحصل التلسكوب ويب على أدلة على أن المجرة (جيدز-جي.إس-زد13-1)، إحدى أقدم المجرات المعروفة، انتقلت إلى هذا العصر.

وقال يوريس ويتستوك عالم الفيزياء الفلكية من مركز فجر الكون بجامعة كوبنهاجن ومعهد نيلز بور «في (جيدز-جي.إس-زد13-1)، أكد التلسكوب ويب وجود إحدى أبعد المجرات المعروفة حتى الآن». وويتستوك أحد المعدين الرئيسيين للدراسة المنشورة في دورية (نيتشر) العلمية. وأضاف ويتستوك «على عكس أي مجرة بعيدة أخرى مشابهة، تُظهر هذه المجرة بصمة واضحة للغاية تشير إلى احتوائها على مصدر قوي للغاية للأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة، وأنها بدأت عملية إعادة التأين في وقت مبكر غير متوقع».

سؤال بلا إجابة

يُطلق على الفترة التي تشكلت فيها النجوم والثقوب السوداء والمجرات الأولى في الكون اسم فجر الكون. وخلال تشكلها، غيّرت الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة منها كيمياء غاز الهيدروجين المتعادل في عملية تُسمى إعادة التأين، ما سمح للأشعة فوق البنفسجية بالتسرب، ما أدى فعليا إلى «إضاءة» الكون.

وقال كيفن هينلاين عالم الفيزياء الفلكية في مرصد ستيوارد بجامعة أريزونا «كان الكون، بعد الانفجار العظيم، خليطا من الهيدروجين والهيليوم والمادة المظلمة التي تبرد تدريجيا. وفي النهاية، أصبح الكون معتما تماما للأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة. كان الهيدروجين يطفو في حالة محايدة، أي إن كل ذرة هيدروجين صغيرة كانت مرتبطة بإلكترون». وهينلاين معد مشارك للدراسة.

وأضاف هينلاين «لكن مع بدء تشكل النجوم والمجرات الأولى من غاز الكون المبكر هذا، بدأت الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من النجوم الحديثة والثقوب السوداء الهائلة المتنامية بفصل الإلكترونات عن ذرات الهيدروجين المتعادلة. وعلى مدى مئات الملايين من السنين، تحول الكون من معتم إلى ضوء شفاف ثم إلى ضوء يحمل أشعة فوق بنفسجية، وهو ما نحن عليه الآن».

وقال الباحثون إن الضوء الذي اكتشفه التلسكوب ويب في هذه المجرة ربما يكون مصدره تشكل النجوم بقوة في نواة المجرة، أو وجود ثقب أسود فائق الكتلة ينمو في قلب المجرة ويلتهم المواد المحيطة، أو مزيجا من هذين العاملين. ويبلغ عرض هذه المجرة حوالي 230 سنة ضوئية، أي أصغر بمئات المرات من مجرة درب التبانة. والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة، أي 9.5 تريليون كيلومتر.

وبدأ التلسكوب ويب، الذي أطلقته ناسا في 2022 وبدأ تشغيله في 2023، في إتاحة فهم أعمق للكون المبكر. ولم يرصد التلسكوب سوى أربع مجرات يعود تاريخها إلى ما قبل هذه المجرة بقليل، بما في ذلك المجرة التي تحمل الرقم القياسي الحالي، والتي رُصدت بعد 294 مليون سنة من الانفجار العظيم. ولم تُظهر هذه المجرات أي دليل على إعادة التأين.

وذُهل الباحثون عندما اكتشفوا أن المجرة (جيدز-جي.إس-زد13-1) أظهرت مثل هذا الدليل، في صورة فقاعة كبيرة من الهيدروجين المؤين المحيطة بها، لأنه كان من المعتقد أن إعادة التأين بدأت بعد ملايين السنين.

وقال ويتستوك «أثبتت العديد من القياسات المستقلة أن إعادة التأين لم تكتمل إلا بعد أن بلغ عمر الكون حوالي مليار سنة، أي بعد 700 مليون سنة من عمر هذه المجرة، مما يضع هذه المجرة على الأرجح في بداية عصر إعادة التأين. ويُعد التوقيت الدقيق لبداية ذلك العصر أحد أهم الأسئلة التي لم تُجب بعد في علم الكونيات».