«دِل» لـ«الشرق الأوسط»: الذكاء الاصطناعي ليس مجرد موجة عابرة

«إنه عنصر حيوي في التحوّل الرقمي بالسعودية»

«دل»: الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تكنولوجيا... إنه إعادة التفكير في العمليات والتركيز على النتائج (شاترستوك)
«دل»: الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تكنولوجيا... إنه إعادة التفكير في العمليات والتركيز على النتائج (شاترستوك)
TT

«دِل» لـ«الشرق الأوسط»: الذكاء الاصطناعي ليس مجرد موجة عابرة

«دل»: الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تكنولوجيا... إنه إعادة التفكير في العمليات والتركيز على النتائج (شاترستوك)
«دل»: الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تكنولوجيا... إنه إعادة التفكير في العمليات والتركيز على النتائج (شاترستوك)

يتسارع التحوّل الرقمي في المملكة العربية السعودية ضمن أهداف «رؤية 2030» حيث يبرز الذكاء الاصطناعي كعامل حاسم في إعادة تشكيل الصناعات وزيادة الكفاءة وتعزيز الابتكار عبر مختلف القطاعات. من الخدمات العامة إلى الشركات الخاصة، تعمل المملكة بنشاط على دمج الذكاء الاصطناعي لتحسين عملية اتخاذ القرار وتبسيط العمليات والحفاظ على سيادة البيانات. ومع ذلك، فإن الطريق نحو أن تصبح المملكة رائدة عالمياً في الذكاء الاصطناعي ليس من دون تحديات، منها: قضايا تتعلق بالتكاليف، وفجوات المهارات، وتحديث البنية التحتية... تشكل عقبات أمام المنظمات التي تسعى إلى تبني الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع.

محمد أمين النائب الأول لرئيس شركة «دِل تكنولوجيز» في منطقة أوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا (دل)

تتصدّر شركة «دِل تكنولوجيز»، وهي لاعب رئيسي في مشهد الذكاء الاصطناعي في المنطقة، الجهود لمواجهة هذه التحديات بشكل مباشر. في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» على هامش معرض «جايتكس» في دبي، يتناول محمد أمين، النائب الأول لرئيس شركة «دِل تكنولوجيز» في منطقة أوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، استراتيجية شركته للتحول بالذكاء الاصطناعي، موضحاً كيف تدعم الشركة طموحات المملكة في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال البنية التحتية المتقدمة والحلول المخصصة وتنمية المواهب. يقول أمين إن «(دِل) توقعت ما يحدث في الصناعة منذ أكثر من عامين، وأعدت نفسها لذلك».

الذكاء الاصطناعي... أولوية استراتيجية للسعودية

يتطور تبني الذكاء الاصطناعي في المملكة العربية السعودية بسرعة، و«دِل» في وضع جيد لدعم طموح المملكة لتكون رائدة عالمياً في هذا المجال، كما يوضح محمد أمين. ويضيف أن «الذكاء الاصطناعي ليس مجرد موجة عابرة، بل هو عنصر حيوي في التحوّل الرقمي بالمملكة». ويشير إلى أن «91 في المائة من الشركات تريد أن يكون لديها استراتيجية للذكاء الاصطناعي، لكن 51 في المائة منها لا تعرف من أين تبدأ»، مسلّطاً الضوء على الفجوة بين الطموح والتنفيذ.

وفي إجابة لسؤال عن طرق تقليص هذه الفجوة، تقدم «دِل» حلولاً مخصصة للذكاء الاصطناعي تتماشى مع الاحتياجات الخاصة للمنظمات السعودية، سواء في قطاع الرعاية الصحية أو المالية أو القطاع العام. وتركز هذه الاستراتيجيات على تحقيق نتائج أعمال قابلة للقياس، وهو جزء أساسي من عروض الذكاء الاصطناعي من شركته. ويشدد أيضاً على أن التحدي لا يقتصر فقط على نشر الذكاء الاصطناعي، بل على توجيه المنظمات خلال عملية التحوّل. ويقول: «الذكاء الاصطناعي ليس مجرد مسألة تكلفة؛ إنه يتعلق بإعادة تشكيل العمليات التجارية لتحقيق النتائج».

تشدد «دِل» على المسؤولية الأخلاقية للذكاء الاصطناعي عبر تقليل التأثير البيئي واستخدام نماذج موفرة للطاقة (شاترستوك)

التكلفة... والمواهب... ورحلة الذكاء الاصطناعي

على الرغم من الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي، فإن أحد أكبر العوائق أمام المنظمات هو إدارة التكاليف والوصول إلى المواهب المناسبة. ويقر محمد أمين خلال حديث لـ«الشرق الأوسط» بهذه التحديات، موضحاً أن «اثنين من أكبر الحواجز للبدء في رحلة الذكاء الاصطناعي هما التكلفة والأشخاص. تحتاج إلى الاستثمار في المواهب والتدريب مع إدارة التكاليف الأولية لتنفيذ الذكاء الاصطناعي».

تتمثل مقاربة «دِل» في التنفيذ التدريجي للذكاء الاصطناعي، مما يتيح للمنظمات التوسع تدريجياً مع إدارة التكاليف. ويصفها أمين بـ«الرحلة التي تبدأ بتكلفة أعلى، ولكن مع نضج نظام الذكاء الاصطناعي واكتساب الناس المعرفة، تنخفض التكاليف». ويشير إلى أن خدمات «دِل» تهدف إلى مساعدة المنظمات على فهم حالات الاستخدام المحددة للذكاء الاصطناعي، بدءاً من تقييم العمليات الحالية ومواءمة استراتيجيات الذكاء الاصطناعي مع الأهداف التجارية.

تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل

مع تحول الذكاء الاصطناعي للصناعات، ظهرت مخاوف بشأن فقدان الوظائف. يعالج أمين هذا الموضوع قائلاً: «نعم، ستختفي بعض الوظائف، ولكن ستُخلق العديد من الوظائف الجديدة. ستتغير طبيعة العمل، ولكن ستكون هناك المزيد من الفرص». ويؤكد على ضرورة إعادة التدريب والتحوّل الذاتي، مشجعاً الأفراد على التعلم المستمر والتكيف.

ويقر بأنه «حتى بعد سنوات عديدة من العمل في هذا المجال، ما زلت أتعلم كل يوم. التحوّل الذاتي ضروري في هذه الموجة الجديدة من الذكاء الاصطناعي». ويدعو الشباب إلى تبني التعلم المستمر للبقاء تنافسيين في سوق العمل التي تتغير بسرعة.

وكانت شركة «دِل تكنولوجيز» قد وقعت اتفاقية تعاون مع «أرامكو السعودية» والأكاديمية الوطنية لتقنية المعلومات في شهر يوليو (تموز) الماضي، بهدف تزويد الطلاب السعوديين ببرامج تدريبية متقدمة، وشهادات مهنية من شأنها أن تساعد في تطوير مجموعة من المواهب الماهرة والقابلة للتوظيف في مجالات التقنية بالمملكة، وذلك في إطار جهد تعاوني مشترك لتمكين المواهب المحلية وتزويدها بمهارات متقدمة في مجال العلوم والتقنية.

وبموجب الاتفاقية، تم تصميم البرنامج التدريبي «ITXcelerate» الذي يستمر حتى نهاية العام لتزويد الخريجين السعوديين الجدد في هندسة الكمبيوتر وعلوم الكمبيوتر وتقنية المعلومات، بشهادة «دِل» المهنية المثبتة في مجالات مثل إدارة التخزين، وعلوم البيانات، والذكاء الاصطناعي. ويوفر البرنامج التدريبي أيضاً خبرة عملية مع فرص وظيفية وتوجيه مباشر في الموقع. ويهدف البرنامج إلى تجاوز المفاهيم النظرية عبر تزويد المواهب المحلية بالمهارات والمعرفة المطلوبة لتحقيق التفوق والازدهار في عالم اليوم القائم على البيانات.

تعد مراكز البيانات العمود الفقري الذي يحتاجه الذكاء الاصطناعي لتنفيذ العمليات والنتائج بسرعة وكفاءة (شاترستوك)

الموجة الثانية من الذكاء الاصطناعي

يمثل الذكاء الاصطناعي التوليدي الموجة التالية من تطور الذكاء الاصطناعي، والتي تتسم بقدرتها على توليد محتوى لم يولّده البشر. ويصف أمين الذكاء الاصطناعي التوليدي بأنه «الثورة الثانية للذكاء الاصطناعي»، مشيراً إلى إمكاناته التحويلية. لكنه اعترف أيضاً بتحدياته، خاصة من حيث التكلفة والتعقيد.

يمتد تأثير الذكاء الاصطناعي ليشمل تحويل العمليات التجارية، وليس فقط زيادة الكفاءة التقليدية. ويرى محمد أمين مستقبلاً يقود فيه الذكاء الاصطناعي العمليات التجارية، «وستكون الآلات هي من تتخذ القرارات في حين يقدم البشر التوجيه». ويعرب عن اعتقاده بأنه «اليوم، يتخذ البشر القرارات بمساعدة الآلات. في المستقبل، ستتخذ الآلات القرارات بتوجيه من البشر».

أهداف «دِل» الطموحة

يعبّر محمد أمين خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن ثقته في مكانة «دِل» كقائد عالمي في بنية الذكاء الاصطناعي، ويقول: «أنا مقتنع بأن (دِل) ستكون واحدة من أفضل خمس شركات في العالم خلال عامين»، مشيراً إلى تركيز الشركة على تحديث البنية التحتية، وتحويل كيفية استهلاك المنظمات للتكنولوجيا.

مع تقدم المملكة العربية السعودية نحو أهداف «رؤية 2030»، سيلعب الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في دفع الابتكار، والكفاءة، والنمو. وتؤكد شركة «دِل تكنولوجيز» لـ«الشرق الأوسط» التزامها بدعم هذا التحوّل من خلال حلولها المدفوعة بالذكاء الاصطناعي، وترقيات البنية التحتية، ومبادرات تنمية المواهب.


مقالات ذات صلة

حال لم تعجبهم سياسة العمل الجديدة... مدير في «أمازون» يدعو الموظفين للاستقالة

تكنولوجيا شعار شركة «أمازون» (أ.ف.ب)

حال لم تعجبهم سياسة العمل الجديدة... مدير في «أمازون» يدعو الموظفين للاستقالة

اقترح أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة «أمازون» على الموظفين الذين لا يحبون سياسة العمل الجديدة أن يقدموا استقالاتهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد علامة وول ستريت أمام بورصة نيويورك (رويترز)

عقود «وول ستريت» الآجلة ترتفع مدعومة بمكاسب قوية في التكنولوجيا

ارتفعت العقود الآجلة للأسهم في «وول ستريت»، الجمعة، مدعومة بمكاسب قوية في مؤشر «ناسداك 100» بفضل الأداء اللافت لأسهم التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد يتجول الناس بمركز تسوق «ويستفيلد ستراتفورد سيتي» في لندن (رويترز)

مبيعات التجزئة البريطانية ترتفع بشكل غير متوقع

سجَّلت مبيعات التجزئة في المملكة المتحدة ارتفاعاً غير متوقع بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر (أيلول)، وفقاً لأرقام مكتب الإحصاء الوطني، التي صدرت يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
تكنولوجيا شعار شركة «ميتا» (رويترز)

«ميتا» تطرد موظفين استخدموا قسائم الوجبات المجانية لشراء سلع منزلية

ذكرت تقارير أن شركة «ميتا»، مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام»، طردت نحو 24 موظفاً في مكاتبها في لوس أنجليس لاستخدامهم رصيد وجبات بقيمة 25 دولاراً لشراء سلع أخرى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص «مايكروسوفت»: يحوّل الذكاء الاصطناعي كل جوانب حياتنا ونحن نبدأ للتوّ في رؤية إمكاناته الكاملة (شاترستوك)

خاص «مايكروسوفت»: نعيش «موسم الذكاء الاصطناعي الثاني» فقط ... فما الآتي؟

«الشرق الأوسط» تحاور ريما سمعان، مسؤولة البيانات والذكاء الاصطناعي، في «مايكروسوفت- الإمارات» للحديث عن كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على عملنا وتعلمنا وتفاعلنا.

نسيم رمضان (دبي)

كيف يغير الذكاء الاصطناعي مفهوم خدمة العملاء في مراكز الاتصال؟

يوفر الذكاء الاصطناعي  فرصًا جديدة للشركات للتواصل مع العملاء بطرق أكثر جدوى وكفاءة (شاترستوك)
يوفر الذكاء الاصطناعي فرصًا جديدة للشركات للتواصل مع العملاء بطرق أكثر جدوى وكفاءة (شاترستوك)
TT

كيف يغير الذكاء الاصطناعي مفهوم خدمة العملاء في مراكز الاتصال؟

يوفر الذكاء الاصطناعي  فرصًا جديدة للشركات للتواصل مع العملاء بطرق أكثر جدوى وكفاءة (شاترستوك)
يوفر الذكاء الاصطناعي فرصًا جديدة للشركات للتواصل مع العملاء بطرق أكثر جدوى وكفاءة (شاترستوك)

تبحث الشركات بشكل متزايد عن حلول تمكِّن من الابتكار دون المساومة على الأداء أو الأمان أو الخصوصية. أحد التحديات الأكثر إلحاحاً التي تواجهها كثير من الشركات الانتقال إلى السحابة، وهو التحوُّل الذي يعد بالابتكار، ولكنه غالباً ما يجلب عقبات غير متوقَّعة.

تلتقي «الشرق الأوسط» مع جيزيل بوغانم، نائبة رئيس تسويق المنتجات العالمية في شركة «أفايا (Avaya)»، على هامش فعاليات معرض «جايتكس» في دبي، لتناقش الدور المتزايد للذكاء الاصطناعي في تحويل تجربة العملاء وتشكيل الطريقة التي تتفاعل بها الشركات مع عملائها وتعزيز الكفاءة التشغيلية. كما تستكشف تعقيدات تبنّي حلول السحابة الهجينة، وكيف يمكن للشركات إدارة هذه التحديات للبقاء قادرة على المنافسة.

جيزيل بوغانم نائبة رئيس تسويق المنتجات العالمية في شركة «أفايا» متحدثة إلى «الشرق الأوسط» (أفايا)

الذكاء الاصطناعي في تجربة العملاء

يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل خدمة العملاء من خلال أتمتة المهام الروتينية وتمكين اتخاذ القرارات في الوقت الحقيقي. تسمح أدوات من شركة «أفايا»، مثل المساعدين الافتراضيين وروبوتات الدردشة للشركات بتقديم دعم العملاء على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، والإجابة عن الأسئلة الشائعة، وحل المشكلات البسيطة دون الحاجة إلى تدخُّل بشري. يستخدم المساعدون الافتراضيون معالجة اللغة الطبيعية (NLP) لفهم استفسارات العملاء والردّ عليها، مما يخلق تفاعلات أكثر بديهية وحوارية.

توضح بوغانم أن الذكاء الاصطناعي له بالفعل تأثير عميق على كيفية تفاعل الشركات مع عملائها وتقول: «لا يعمل الذكاء الاصطناعي فقط على تحسين تجربة العملاء، بل يغير كذلك أدوار الوكلاء والمشرفين داخل عمليات خدمة العملاء».

إن «الوكلاء المتميزين بالذكاء الاصطناعي» هم ابتكار آخر يقود التغيير في مشهد خدمة العملاء. وتصف بوغانم كيف يساعد الذكاء الاصطناعي الوكلاء من خلال «إزالة المهام المتكررة، مثل مساعدة الوكيل، والنسخ، وإدارة المعرفة». كما يسمح لوكلاء خدمة العملاء بالتركيز على القضايا الأكثر تعقيداً، وتحسين قدرتهم على تقديم خدمة شخصية عالية الأهمية للعملاء.

علاوة على ذلك، يمكّن الذكاء الاصطناعي من تحليل المشاعر في الوقت الحقيقي، مما يساعد الشركات على فهم الحالة العاطفية للعميل أثناء التفاعلات. وتشير بوغانم إلى أننا «نشهد ارتفاعاً في تحليل المشاعر والعواطف. ومن خلال تحليل أنماط اللغة ونبرة الصوت، يمكن للذكاء الاصطناعي اكتشاف استياء العملاء في وقت مبكر، مما يسمح للوكلاء بتعديل ردودهم ومنع التصعيد». تعمل هذه القدرة على معالجة المشكلات بشكل استباقي قبل أن تتحول إلى مشاكل كبيرة، من أجل تعزيز تجربة العميل الإجمالية.

«أفايا»: لا ينبغي أن يعني الابتكار التنازلات... بل ينبغي أن يعني التقدم (شاترستوك)

التخصيص والتحليلات التنبؤية

إن قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات هائلة من بيانات العملاء تمكِّن أيضاً من تجارب مخصصة للغاية. من خلال استخدام التحليلات التنبؤية، يمكن للشركات توقع احتياجات العملاء وتقديم حلول مخصصة قبل أن يطلبها العملاء. يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل الأنماط في تفاعلات العميل السابقة لتقديم توصيات مخصصة للمنتجات، أو عروض ترويجية مخصصة، أو دعم عملاء استباقي.

على سبيل المثال، قد يدرك نظام الذكاء الاصطناعي أن العميل يتصل بالدعم بشكل متكرر بشأن مشكلة متكررة. وبدلاً من انتظار العميل للتواصل، يمكن للنظام تقديم حل أو مورِد بشكل استباقي، ومنع الاستفسارات المستقبلية، وتحسين تجربة العميل.

وترى بوغانم أن هذا النوع من الذكاء الاصطناعي التنبئِّي أصبح أكثر أهمية مع سعي الشركات إلى تلبية توقعات العملاء المتزايدة فيما يتعلق بالتخصيص والخدمة السلسة. ومن خلال الاستفادة من الرؤى التي يقودها الذكاء الاصطناعي، لا تستطيع الشركات تحسين رضا العملاء فحسب، بل أيضاً زيادة الكفاءة، من خلال تقليل عدد الاستفسارات الروتينية التي تتطلب تدخلاً بشرياً.

إعادة تعريف الأدوار في تجربة العملاء

مع تزايد تكامل الذكاء الاصطناعي في مشهد تجربة العملاء، فإنه يعيد أيضاً تشكيل أدوار وكلاء خدمة العملاء والمشرفين والمديرين. يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد على أنه متعاون قيّم وليس بديلاً للموظفين البشر. وتؤكد بوغانم خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» على هذا التحوُّل، موضحةً أن «دور الوكيل الآن مختلف... من المتوقَّع أن يكون الوكيل أقرب إلى العميل، وأن يقضي وقتاً أقل في المهام المتكررة والمزيد من الوقت في تقديم خدمة مخصصة».

تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي الوكلاء على العمل بشكل أكثر ذكاءً، من خلال أتمتة العديد من المهام الإدارية التي قد تستغرق وقتهم بخلاف ذلك. بدلاً من قضاء الوقت في البحث عن المعلومات أو إنشاء التقارير، يمكن للوكلاء الآن التركيز على تقديم تجربة أكثر إنسانية وتعاطفاً.

يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تعزيز الكفاءة وتجارب العملاء وإبقاء التنافسية (شاترستوك)

مستقبل الذكاء الاصطناعي في تجربة العملاء

يرتبط مستقبل تجربة العملاء ارتباطاً وثيقاً بالتطوُّر المستمر للذكاء الاصطناعي. وكما تشير بوغانم، سيتم النظر إلى الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد على أنه جزء لا يتجزأ من عمليات خدمة العملاء. وتتوقع «ظهور المزيد من الوكلاء المتميزين بالذكاء الاصطناعي، والمزيد من الوكلاء الافتراضيين المستقلين، وسيتغير مشهد القوى العاملة التي نصمم الحلول لها».

سيكون أحد التحديات الرئيسية في المستقبل إيجاد التوازن الصحيح بين الأتمتة والتفاعل البشري. وفي حين يمكن للذكاء الاصطناعي التعامل مع العديد من المهام بكفاءة، فإنه ستكون هناك دائماً مواقف تتطلب التعاطف والفهم البشري. وتنصح الشركات بإيجاد توازن يستفيد من نقاط قوة الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على اللمسة الإنسانية الضرورية لبناء علاقات قوية مع العملاء.

التحديات الخفية للهجرة السحابية

وفقاً لبوغانم، فإن العقبة الرئيسية التي تواجهها كثير من المؤسسات عند الانتقال إلى السحابة هي التأخيرات والتكاليف غير المتوقَّعة. وأشارت إلى نتائج دراسة بحثية أجرتها جهة خارجية مع عملاء المؤسسات العالمية بأن الوقت اللازم لإكمال الهجرة استغرق 3 أضعاف الوقت المتوقَّع». وبحسب الدراسة، «أدَّت تحديات التخصيص إلى ارتفاع التكاليف بنسبة 50 في المائة عن المتوقع». وغالباً ما تؤدي هذه العقبات غير المتوقعة إلى انخفاضات كبيرة في مستويات الخدمة، مما يزيد من تعقيد عملية الانتقال.

تتوقع العديد من الشركات أن يكون الانتقال إلى السحابة عملية سريعة وسلسة، لكن الواقع أكثر تعقيداً بكثير. وتلاحظ جيزيل بوغانم أنه «لا ينبغي أن يعني الابتكار التنازلات. بل ينبغي أن يعني الابتكار التقدُّم». ومع ذلك، غالباً ما تؤدي عملية إصلاح الأنظمة الحالية إلى التنازلات من حيث الوقت والتكلفة وجودة الخدمة.

قوة السحابة الهجينة: التخصيص دون تنازل

تقدِّم حلول السحابة الهجينة أرضية مشتركة للمؤسسات التي تريد الاستفادة من ابتكار السحابة دون التضحية باستقرار أنظمتها الحالية. وتعد بوغانم بأن «تسمح السحابة الهجينة للشركات بالابتكار على منصة موثوقة. ولا يزال بإمكانها الحفاظ على ما ينجح، وتقديم الابتكار، وتبنيه، مع نموها بدلاً من إصلاح كل شيء دفعة واحدة».

يسمح هذا النهج التدريجي للابتكار للشركات بالمضي قدماً دون مخاطر استبدال النظام بالكامل. توفر حلول السحابة الهجينة المرونة اللازمة لدمج التقنيات الجديدة حسب الحاجة، مع الحفاظ على الأنظمة القديمة القيمة التي لا تزال تعمل.

في الصناعات، مثل التمويل والرعاية الصحية والحكومة، حيث الامتثال والخصوصية والأمان أمر بالغ الأهمية تُعدّ هذه المرونة ضرورية. تقول بوغانم: «نحن في (أفايا) نوفر لعملائنا خياراً بشأن المكان الذي يريدون أن يُبقوا فيه برامجهم وبياناتهم، سواء محلياً أو خارجياً». هذا مهم بشكل خاص في القطاعات الخاضعة للتنظيم الشديد، حيث تكون إقامة البيانات والتحكم في المعلومات أمراً بالغ الأهمية.

وتشدد بوغانم على أن السحابة الهجينة لا تقدم مساراً للابتكار فحسب، بل تضمن أيضاً أن تتمكن الشركات من الحفاظ على الامتثال للوائح المحلية، التي تختلف بشكل كبير من منطقة إلى أخرى. تجعل هذه القدرة على تخصيص الحلول لتناسب الاحتياجات والأطر القانونية المحددة السحابة الهجينة أداة قوية للشركات العاملة في بيئات معقدة.

بوغانم: السحابة الهجينة تسمح للشركات بالابتكار على منصة موثوقة (شاترستوك)

إدارة البيانات: مفتاح الابتكار

إن أحد أكبر التحديات التي تواجه الشركات اليوم إدارة بيانات تجربة العملاء التي غالباً ما تكون متناثرة عبر منصات وأنظمة مختلفة. وتشير بوغانم خلال حديثها الخاص لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «من دون البيانات، لا يمكنك بناء حالات استخدام مبتكرة، خصوصاً مع الذكاء الاصطناعي». إن العدد المتزايد من نقاط اتصال العملاء، مدفوعة بواجهات الذكاء الاصطناعي الجديدة وقنوات الاتصال، يزيد من تعقيد عملية إدارة البيانات.

تواجه الشركات تحدي توحيد نقاط الاتصال هذه وإدارة رحلة العميل بشكل فعال. وهنا تبرز حلول السحابة الهجينة، حيث تقدم طريقة لتجميع البيانات المتناثرة في منصة واحدة موحَّدة. ومن خلال القيام بذلك، يمكن للشركات الاستفادة من قوة الذكاء الاصطناعي لتقديم تجارب عملاء مخصصة وسلسة دون المساومة على الأمان أو الامتثال.

تذكر بوغانم أن «الأسواق مختلفة، لكن مشاكل العملاء هي نفسها». سواء في الحكومة أو التمويل أو الرعاية الصحية، تحتاج الشركات إلى امتلاك بياناتها وإدارتها بشكل فعال لدفع الابتكار. توفر السحابة الهجينة البنية الأساسية اللازمة للقيام بذلك، مما يوفر للشركات منصة متوافقة باستمرار مع احتياجاتها.

في عصر لم يعد فيه التحول الرقمي اختيارياً، يجب على الشركات إيجاد طرق للابتكار، دون التضحية بالأداء أو الأمان أو الامتثال. وتوفر حلول السحابة الهجينة من «أفايا» وسيلة لتحقيق هذا التوازن، مما يتيح للمؤسسات الحفاظ على البنية الأساسية الحالية مع تبني تقنيات جديدة تدريجياً مثل الذكاء الاصطناعي.