«مايكروسوفت»: نعيش «موسم الذكاء الاصطناعي الثاني» فقط ... فما الآتي؟

«الشرق الأوسط» تحاور مسؤولة البيانات والذكاء الاصطناعي في «مايكروسوفت - الإمارات»

«مايكروسوفت»: يحوّل الذكاء الاصطناعي كل جوانب حياتنا ونحن نبدأ للتوّ في رؤية إمكاناته الكاملة (شاترستوك)
«مايكروسوفت»: يحوّل الذكاء الاصطناعي كل جوانب حياتنا ونحن نبدأ للتوّ في رؤية إمكاناته الكاملة (شاترستوك)
TT

«مايكروسوفت»: نعيش «موسم الذكاء الاصطناعي الثاني» فقط ... فما الآتي؟

«مايكروسوفت»: يحوّل الذكاء الاصطناعي كل جوانب حياتنا ونحن نبدأ للتوّ في رؤية إمكاناته الكاملة (شاترستوك)
«مايكروسوفت»: يحوّل الذكاء الاصطناعي كل جوانب حياتنا ونحن نبدأ للتوّ في رؤية إمكاناته الكاملة (شاترستوك)

لقد تطور الذكاء الاصطناعي بسرعة من مفهوم مستقبلي إلى جزء أساسي من الحياة اليومية، مؤثراً على كيفية عملنا وتعلمنا وتفاعلنا. وكانت شركة «مايكروسوفت» في طليعة هذا التحول، عبر دمج الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب منتجاتها وخدماتها في قطاعات مثل التعليم والرعاية الصحية والأعمال. تقول ريما سمعان، مسؤولة البيانات والذكاء الاصطناعي في «مايكروسوفت - الإمارات»، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، على هامش معرض «جايتكس» المنعقد في مدينة دبي، إن هذا العام يمثل لحظة محورية فيما تسميه «موسم الذكاء الاصطناعي الثاني». لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة للكفاءة، بل أصبح الآن منسوجاً بعمق في العمليات التجارية وتجارب المستهلك، ما يعيد تشكيل الصناعات في جميع أنحاء الشرق الأوسط والعالم.

ريما سمعان مسؤولة البيانات والذكاء الاصطناعي في «مايكروسوفت - الإمارات» متحدثةً لـ«الشرق الأوسط» (مايكروسوفت)

الذكاء الاصطناعي في التعليم

كان أحد أعمق تأثيرات الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم. عملت «مايكروسوفت» بنشاط مع المدارس والجامعات في دول مجلس التعاون الخليجي، لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي، التي تصمم تجربة التعلم للطلاب الأفراد. ومن بين المبادرات البارزة أداة «AI Tutor» التي تعمل كمساعد افتراضي، يوجه الطلاب من خلال مواد مثل العلوم والرياضيات. تقول ريما سمعان: «كان التأثير هائلاً». لا يساعد برنامج «AI Tutor» الطلاب على حلّ المشكلات فحسب، بل يسرع أيضاً من رحلة التعلم لديهم من خلال التكيف مع احتياجاتهم الفريدة.

تَعد سمعان أن القدرة على تخصيص التعليم هي واحدة من أعظم نقاط قوة الذكاء الاصطناعي. ومع امتلاك الطلاب لأنماط وقدرات تعليمية مختلفة، غالباً ما تكون طرق التدريس التقليدية غير كافية. ويعالج الذكاء الاصطناعي هذه المشكلة من خلال تقديم دعم مخصص، ما يجعل التعلم أكثر جاذبية وفاعلية. وفي دول مجلس التعاون الخليجي، تتبنى المدارس هذه الابتكارات بسرعة. وتؤكد سمعان أن «(مايكروسوفت) تعمل مع كل جامعة ومدرسة لتكييف هذه التقنيات بسرعة»، ما يضمن عدم تخلف الطلاب في المنطقة عن ثورة الذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أن ينمو هذا التحول في التعليم مع تبني مزيد من المؤسسات للذكاء الاصطناعي كجزء لا يتجزأ من التدريس والتعلم.

الذكاء الاصطناعي في العمل

مع إعادة تعريف الذكاء الاصطناعي للتعليم، فإنه يحوّل أيضاً مكان العمل. ويعدّ برنامج «كوبايلوت» (Copilot) من «مايكروسوفت» أداة تعمل بالذكاء الاصطناعي ومُدمجة في مجموعة الإنتاجية الخاصة بها، وهو مثال رئيسي لكيفية استفادة الشركات من الذكاء الاصطناعي. وتوضح ريما سمعان، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن التبني المبكر لـ«كوبايلوت» شهد تحسناً هائلاً في الإنتاجية. وتضيف أن الاتجاه الأوسع للذكاء الاصطناعي في مكان العمل واضح حيث لا يجعل الذكاء الاصطناعي الموظفين أكثر كفاءة فحسب؛ بل يعزز رضاهم الوظيفي أيضاً.

ووفقاً لمؤشر اتجاهات العمل من «مايكروسوفت»، يعتقد 90 في المائة من الموظفين أن الذكاء الاصطناعي يساعدهم في توفير الوقت، بينما يقول 84 في المائة إنه يسمح لهم بأن يكونوا أكثر إبداعاً. وترى سمعان أن الذكاء الاصطناعي «يحرر الموظفين من المهام المتكررة، ما يسمح لهم بالتركيز على التفكير النقدي والابتكار». ويخلق هذا التحول ثقافة مكان العمل حيث تزدهر الابتكارات، ما يمكّن الشركات من البقاء قادرة على المنافسة في عالم مدفوع بالذكاء الاصطناعي بشكل متزايد.

ولكن مع هذه الفرص تأتي التحديات. وتقرّ سمعان بأن صعود الذكاء الاصطناعي أثار المخاوف بشأن تشريد الوظائف. وتوضح أنه «هناك دائماً خوف من المجهول، ولكن مع مبادرات التدريب وإعادة التدريب المناسبة، يمكن للموظفين أن يظلوا مهمين وقادرين على المنافسة في القوى العاملة». وتعالج «مايكروسوفت» هذا القلق من خلال «مبادرة التدريب الوطنية للذكاء الاصطناعي» التي تقدم أكثر من 300 دورة تدريبية مجانية مصممة خصيصاً للأدوار والأهداف الفردية. وتساعد هذه المبادرة في سدّ فجوة المهارات، وضمان استعداد كل من الموظفين والمؤسسات لمستقبل العمل.

تضيف «مايكروسوفت» إمكانات متقدمة مثل الصوت والرؤية التي تجعل «كوبايلوت» أكثر فائدة وطبيعية (شاترستوك)

إضفاء الطابع الديمقراطي للذكاء الاصطناعي

كان أحد أهم التطورات في الذكاء الاصطناعي على مدى العقد الماضي هو إضفاء الطابع الديمقراطي على التكنولوجيا، على حد وصف ريما سمعان. وتؤكد أيضاً أن الذكاء الاصطناعي أصبح الآن أكثر سهولة في الوصول إليه من أي وقت مضى، ما يسمح للشركات الكبيرة، وللشركات الناشئة والشركات الصغيرة أيضاً بتسخير قوته. وهذا تطور مهم بشكل خاص في مناطق مثل الشرق الأوسط، حيث تتطلع الشركات الراسخة والشركات الناشئة إلى البقاء قادرة على المنافسة في سوق سريعة التغير.

تاريخياً، كانت تكلفة وتعقيدات تنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي تمنعان الشركات الصغيرة من تبنيها. ولكن مع توفر البنية الأساسية السحابية الآن بسهولة، أصبح الذكاء الاصطناعي أكثر تكلفة وقابلية للتطوير. تقول سمعان إن استثمارات «مايكروسوفت» في البنية الأساسية السحابية الإقليمية - مثل افتتاح مراكز البيانات في الإمارات العربية المتحدة وقطر، وقريباً في المملكة العربية السعودية - «تجعل من السهل على الشركات الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي ودمجها في عملياتها».

الذكاء الاصطناعي المسؤول

مع تزايد تكامل الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، تزايدت المخاوف بشأن الأخلاق والمسؤولية. واستجابت «مايكروسوفت» بإنشاء إطار قوي للذكاء الاصطناعي المسؤول، الذي يؤكد على السلامة والشفافية والمساءلة. وتؤكد ريما سمعان أنه «مع كل تقنية جديدة، يجب أن تكون آمنة ومأمونة ومسؤولة من حيث التصميم». ويكرس مكتب الذكاء الاصطناعي المسؤول التابع لشركة «مايكروسوفت» نفسه لضمان التزام تقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها بهذه المبادئ.

ويمتد هذا النهج المسؤول للذكاء الاصطناعي إلى ما هو أبعد من تطوير المنتجات، حيث تعمل «مايكروسوفت» بنشاط مع صنّاع السياسات وقادة الصناعة في المنطقة لوضع إرشادات أخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي. وقد استثمرت «مايكروسوفت» في مراكز الأبحاث التي تركز على تعزيز الذكاء الاصطناعي المسؤول بهدف ضمان استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل الخير، ما يساعد في خلق تأثير إيجابي عبر الصناعات والمجتمعات في الشرق الأوسط.


مقالات ذات صلة

السعودية على أبواب ثورة في التشخيص الطبي المتقدم

صحتك السعودية على أبواب ثورة في التشخيص الطبي المتقدم

السعودية على أبواب ثورة في التشخيص الطبي المتقدم

يشهد القطاع الصحي في العالم تطوراً ملحوظاً، مدفوعاً بالتقدم التكنولوجي السريع والابتكارات المستمرة في مجالات التشخيص والعلاج.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (الرياض)
الاقتصاد شعار شركة «تي إس إم سي» في متحف للابتكار في هسينشو بتايوان (رويترز)

بفضل الذكاء الاصطناعي... أرباح «تي إس إم سي» التايوانية للرقائق تتجاوز التوقعات

أعلنت شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (TSMC) عن ارتفاع بنسبة 54 في المائة في أرباح الربع الثالث متجاوزة التوقعات.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
تكنولوجيا يوفر الذكاء الاصطناعي  فرصًا جديدة للشركات للتواصل مع العملاء بطرق أكثر جدوى وكفاءة (شاترستوك)

كيف يغير الذكاء الاصطناعي مفهوم خدمة العملاء في مراكز الاتصال؟

في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، تشرح شركة «أفايا» دور الذكاء الاصطناعي المتزايد في تحويل تجربة العملاء وتشكيل الطريقة التي تتفاعل بها الشركات مع عملائها.

نسيم رمضان (دبي)
صحتك صورة نشرها العلماء في جامعة غرب إنجلترا لطعامهم ثلاثي الأبعاد

«لذيذ وغني بالسعرات»... طعام مطبوع ثلاثي الأبعاد لمواجهة صعوبات البلع

ابتكر علماء بريطانيون طعاماً مطبوعاً ثلاثي الأبعاد، للأشخاص الذين يعانون من صعوبات في البلع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا «إبسون»: تقنياتنا لا تقلل من استهلاك الطاقة فحسب، بل تساهم أيضاً في خفض تكاليف التشغيل (شاترستوك)

«إبسون»: السعودية سوق رئيسية لحلولنا الصديقة للبيئة

في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، تقول «إبسون» إن المملكة العربية السعودية تُعد مركزاً لاستراتيجية النمو الإقليمية الخاصة بها.

نسيم رمضان (دبي)

«غوغل» تشتري مفاعلات نووية لتشغيل ذكائها الاصطناعي

شعار شركة «غوغل» على أحد مباني الشركة في سان دييغو (رويترز)
شعار شركة «غوغل» على أحد مباني الشركة في سان دييغو (رويترز)
TT

«غوغل» تشتري مفاعلات نووية لتشغيل ذكائها الاصطناعي

شعار شركة «غوغل» على أحد مباني الشركة في سان دييغو (رويترز)
شعار شركة «غوغل» على أحد مباني الشركة في سان دييغو (رويترز)

ستشتري شركة «غوغل» طاقة نووية من شركة «كايروس باور» الأميركية الناشئة، سيتم إنتاجها بواسطة مفاعلات صغيرة من الجيل الجديد تسمى «إس إم آر» small modular reactor (SMR)، على ما أعلنت الشركة التكنولوجية الأميركية الكبرى، الاثنين.

وينص العقد على تشغيل أول محطة «إس إم آر» لـ«كايروس» بحلول عام 2030، مع زيادة الإنتاج حتى 2035، لتوفير استجابة إضافية لاحتياجات الكهرباء الهائلة لـ«ألفابت»، الشركة الأم لـ«غوغل».

ورفضت «غوغل» التطرق إلى قيمة هذا العقد. وقد أدى ظهور الحوسبة من بعد «الحوسبة السحابية» إلى زيادة استهلاك الطاقة لدى لاعبين رئيسيين في هذا القطاع، مثل «غوغل» و«مايكروسوفت» و«أمازون»، بسبب استخدام مراكز تخزين الخوادم (مراكز البيانات). وازدادت أهمية هذه المراكز مع تطور الذكاء الاصطناعي التوليدي (AI) الذي يتطلب كميات هائلة من البيانات وأشباه الموصلات.

ولضمان حصولها على موارد كافية من الكهرباء، تعقد الشركات البارزة في مجال الحوسبة السحابية اتفاقيات مع موردي الطاقة المتجددة، وخصوصاً الطاقة النووية. وفي نهاية سبتمبر (أيلول)، أعلنت «مايكروسوفت» عن شراكة مع مجموعة «كونستيليشن إنرجي» الأميركية تنص على إعادة فتح مفاعل في محطة كهرباء «ثري مايل آيلاند» في ولاية بنسلفانيا. وتم إغلاق المفاعل الثاني في «ثري مايل آيلاند» سنة 1979، وهو العام الذي شهد أخطر حادث في مجال الطاقة النووية المدنية الأميركية.

والـ«إس إم آر» مثل «كايروس إف إتش آر»، هي مفاعلات من الجيل الجديد لم يتم تشغيل أي منها بعد في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن تكلفة ابتكار النماذج الأولية مرتفعة، فإنه يُفترض أن تكون أقل تكلفة بكثير على المدى البعيد من محطات الطاقة النووية التقليدية؛ لأنه يمكن إنتاجها في سلسلة.