الإنترنت مليئة بـ«الروابط الميتة»

ربع صفحات الويب من العقد الماضي لم يعد الوصول إليها ممكناً

الإنترنت مليئة بـ«الروابط الميتة»
TT

الإنترنت مليئة بـ«الروابط الميتة»

الإنترنت مليئة بـ«الروابط الميتة»

هناك قول مأثور مفاده أن الإنترنت باقية إلى الأبد، لكن دراسة جديدة لمركز «بيو» للأبحاث وجدت أن هذا ليس صحيحاً تماماً. وظهر أن ربع صفحات الويب التي كانت موجودة بين أعوام 2013 و2023 لم يعد من الممكن الوصول إليها، وفقاً للبحث.

اضمحلال رقمي

وتترك هذه الظاهرة المسماة «الاضمحلال الرقمي» سلسلة من الروابط الميتة عبر المواقع الإلكترونية سواء منها الحكومية أو وسائل الإعلام الإخبارية وحتى موسوعة ويكيبيديا، مما يثير سؤالاً مهماً: ما التكلفة طويلة المدى لفقدان عدد من صفحات الويب ما يعادل موجودات مكتبة الإسكندرية على مدى عقد من الزمان؟

عيّنة من مليون صفحة

وكتب هانتر شوارتز أن الباحثين جمعوا عينة عشوائية مما يقرب من مليون صفحة ويب من مؤسسة «كومون كرول» Common Crawl، وهي خدمة أرشيف الإنترنت، وتحققوا مما إذا كان لا يزال من الممكن الوصول إليها حالياً.

ووجد مركز «بيو» Pew Research Center أن 38 في المائة من الصفحات الموضوعة من عام 2013 لم يعد من الممكن الوصول إليها؛ وبالمقابل لم يكن من الممكن الوصول إلى 15 في المائة من الصفحات الموضوعة منذ عام 2022 و8 في المائة منذ عام 2023، مما يوضح أن الاضمحلال يمثل مشكلة حتى بالنسبة للمواقع التي مضى عليها عام واحد فقط.

قام مركز «بيو» بتعريف المواقع التي لا يمكن الوصول إليها بأنها تلك التي لم تعد موجودة على خوادمها المضيفة. ويعرف المستخدمون ذلك أيضاً عندما يحصلون على نوع من رسالة «لم يتم العثور على 404» عند زيارتهم للصفحة.

صفحات حكومية وإخبارية ميتة

ووجد الباحثون رابطاً واحداً معطلاً على الأقل في 54 في المائة من أقسام «المرجع» في ويكيبيديا، وفي 23 في المائة من صفحات الويب الإخبارية، و21 في المائة من صفحات الويب الحكومية. وكتب المشرفون على الدراسة: «المواقع الإخبارية التي تتمتع بمستوى عالٍ من حركة المرور على الموقع وتلك التي تتمتع بمستوى أقل، من المرجح أن تحتوي على روابط معطلة على قدم المساواة». وكذلك «من المرجح بشكل خاص أن تحتوي صفحات الويب الحكومية على المستوى المحلي (تلك التابعة لحكومات المدن) على روابط مقطوعة».

مواقع التواصل الاجتماعي

وأشار الاستطلاع إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تتعامل أيضاً مع مستوى عالٍ من الروابط الميتة. ما يقرب من 20 في المائة من المنشورات لم تعد مرئية للعامة على منصة «إكسX»، الموقع المعروف سابقاً باسم «تويتر». ووجد الباحثون أن 60 في المائة من تلك المنشورات كانت من حسابات أصبحت الآن خاصة أو معلقة أو محذوفة، و40 في المائة كانت منشورات تم حذفها من حسابات لا تزال موجودة. ورغم أنهم لم يلقوا نظرة على موقع «ماي سبيس»، فإنه لن يكون هناك الكثير مما يمكن رؤيته حتى لو حاولوا ذلك. وفي عام 2019، فقد الموقع كل جزء من المحتوى الذي تم تحميله قبل عام 2016.

محتويات مختفية

وكتب المؤلفون: «إن الإنترنت عبارة عن مستودع ضخم للحياة الحديثة بشكل لا يمكن تصوره، حيث يضم مئات المليارات من صفحات الويب المفهرسة». «ولكن حتى مع اعتماد المستخدمين في جميع أنحاء العالم على الويب للوصول إلى الكتب والصور والمقالات الإخبارية وغيرها من الموارد، فإن هذا المحتوى يختفي أحياناً عن الأنظار». وتهدد ظاهرة الانحلال الرقمي الشاملة بترك معلومات أقل لنا وصورة غير مكتملة عن تطور شبكة الإنترنت.

في زمن ما قبل أجهزة الكمبيوتر الشخصية والهواتف الذكية، كان البحث يستلزم زيارة مكتبة للتصفح في الموسوعات أو عرض الصحف القديمة على الميكروفيلم. لكن اليوم، يفترض الناس أن الإنترنت ستكون مستودعاً أبدياً للمعرفة، ومتاحاً ببضع نقرات على لوحة المفاتيح. لكن اتضح أن المتاح داخل الإنترنت قد يكون أقل بكثير مما نفترض.

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

كيف يؤثر الدوبامين على سلوكيات مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي؟

يوميات الشرق الاعتناء بالنفس والقيام بأنشطة تحبّها يسهمان في رفع منسوب الدوبامين (أ.ف.ب)

كيف يؤثر الدوبامين على سلوكيات مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي؟

في عصر التكنولوجيا الحديثة والرقمية وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح للأفراد القدرة على التأثير والتواصل مع جمهور واسع في جميع أنحاء المعمورة بشكل سريع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك إدمان الإنترنت يترك آثاراً خطيرة على أدمغة المراهقين (رويترز)

كيف يؤثر إدمان الإنترنت على أدمغة المراهقين؟

كشفت دراسة جديدة عن آثار خطيرة لإدمان الإنترنت على أدمغة المراهقين

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق واحد من كل ثمانية أطفال في العالم عرضة من دون رضاه لمواد إباحية على الإنترنت (رويترز)

«جائحة مستترة»... 300 مليون طفل تعرضوا لانتهاكات جنسية على الإنترنت العام الماضي

كان واحد من كل ثمانية أطفال في مختلف أنحاء العالم في 2023 عرضة من دون رضاه لالتقاط أو نشر مواد مصورة ذات طابع جنسي له، أو لمشاهدة محتوى من هذا النوع.

«الشرق الأوسط» (إدنبره)
تكنولوجيا العملية وُصفت بأنها إحدى أكبر عمليات الاحتيال عبر الإنترنت في العالم (رويترز)

تحقيق: شبكة صينية نفذت إحدى كبرى عمليات الاحتيال عبر الإنترنت في العالم

كشف تحقيق صحافي أن هناك أكثر من 800 ألف شخص في أوروبا والولايات المتحدة تعرضوا لإحدى عمليات الاحتيال الكبرى عبر الإنترنت في العالم من قِبل شبكة صينية

«الشرق الأوسط» (بكين)
تكنولوجيا صورة نشرها الباحثون لجزء من تجربتهم

هل تتمكن الحيوانات مستقبلاً من التحدث مع بعضها بعضاً عبر الإنترنت؟

قالت مجموعة من الباحثين إن فكرة تمكن الحيوانات مستقبلاً من التحدث مع بعضها بعضاً عبر الإنترنت قد تكون ممكنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

روبوت لمساعدة الأشخاص الذين يعانون الاختلال المعرفي المعتدل

يخطط الفريق لنشر «كارمن» في عدد منازل أكبر لجمع مزيد من البيانات وتحسين وظائفه (ديفيد بايلوت / جامعة كاليفورنيا سان دييغو)
يخطط الفريق لنشر «كارمن» في عدد منازل أكبر لجمع مزيد من البيانات وتحسين وظائفه (ديفيد بايلوت / جامعة كاليفورنيا سان دييغو)
TT

روبوت لمساعدة الأشخاص الذين يعانون الاختلال المعرفي المعتدل

يخطط الفريق لنشر «كارمن» في عدد منازل أكبر لجمع مزيد من البيانات وتحسين وظائفه (ديفيد بايلوت / جامعة كاليفورنيا سان دييغو)
يخطط الفريق لنشر «كارمن» في عدد منازل أكبر لجمع مزيد من البيانات وتحسين وظائفه (ديفيد بايلوت / جامعة كاليفورنيا سان دييغو)

روبوت جديد يحمل اسم «كارمن (CARMEN)» جرى تصميمه لتقديم تمارين التدريب المعرفي للأفراد الذين يعانون الاختلال المعرفي المعتدل «MCI». تتمثل وظيفة «كارمن» الأساسية في مساعدة المستخدمين على تذكر المهام المهمة، وإدارة روتينهم اليومي من خلال الألعاب والأنشطة التفاعلية. يعطي تصميم الروبوت الأولوية لسهولة الاستخدام والاستقلالية والتعاطف؛ بهدف تحسين نوعية الحياة لمستخدميه. وعلى عكس الروبوتات الأخرى في هذا المجال، طوّر فريق البحث في جامعة كاليفورنيا سان دييغو «كارمن» بالتعاون مع أطباء ومع أشخاص يعانون الاختلال المعرفي المعتدل وشركاء الرعاية الخاصين بهم. وعلى حد علم الباحثين، فإن «كارمن» هو أيضاً الروبوت الوحيد الذي يقوم بتدريس الاستراتيجيات المعرفية التعويضية للمساعدة في تحسين الذاكرة والوظيفة التنفيذية.

تصميم سهل الاستخدام

وضع فريق التطوير وراء «كارمن» معايير محددة لضمان فاعلية الروبوت، وإمكانية الوصول إليه. يجب أن يكون سهل الاستخدام وقابلاً للتشغيل دون إشراف الأطباء أو الباحثين. لذلك جرى تصميمه بصفته جهازاً للتوصيل والتشغيل، مع الحد الأدنى من الأجزاء المتحركة، مما يقلل الحاجة للصيانة، كما جرى تجهيز «كارمن» للعمل مع وصول محدود إلى الإنترنت؛ لخدمة مَن ليس لديه اتصال موثوق بالشبكة العنكبوتية.

يؤكد تصميم الروبوت أيضاً سهولة الاستخدام على المدى الطويل، فهو يتواصل بوضوح مع المستخدمين، ويعبر عن تعاطفه، ويوفر فترات الراحة اللازمة بعد المهام الصعبة للحفاظ على مشاركة المستخدم. تُعد هذه الميزات ضرورية لضمان قدرة الأفراد الذين يعانون الاختلال المعرفي المعتدل «MCI» على استخدام «كارمن» بشكل مستقل على مدى فترات طويلة.

طالبة الدكتوراه أنيا بوزيدة توضح كيفية عمل الروبوت «كارمن» الائتمان (ديفيد بايلوت / جامعة كاليفورنيا سان دييغو)

التأكد من فاعلية «كارمن»

ولتقييم فاعلية الروبوت، قام الباحثون بوضعه لمدة أسبوع في منازل أفراد يعانون الاختلال المعرفي المعتدل. وخلال هذه الفترة، انخرط المستخدمون في مهام مختلفة، مثل تخصيص أماكن روتينية للأدوات المنزلية لتجنب فقدانها، وجدولة المهام على التقويم؛ لضمان عدم نسيانها. وأظهرت قدرة «كارمن» على المساعدة في هذه المهام اليومية والاندماج في حياة المستخدمين بسلاسة.

كانت ردود الفعل من المشاركين إيجابية جداً، حيث أبلغ هؤلاء الذين يعانون الاختلال المعرفي المعتدل «MCI»، عن تبنّي استراتيجيات وسلوكيات كانوا يَعدّونها مستحيلة في السابق. وجد جميع المشاركين أن الروبوت سهل الاستخدام. وقال اثنان من كل ثلاثة إن الأنشطة واضحة، على الرغم من أن أحد المستخدمين واجه بعض التحديات. والأهم من ذلك أن جميع المشاركين أعربوا عن رغبتهم في مزيد من التفاعل مع الروبوت.

وأشار فريق البحث إلى أن «كارمن» زوَّد المشاركين بالثقة لاستخدام الاستراتيجيات المعرفية في حياتهم اليومية، كما حدد المشاركون إمكانية إظهار الروبوت قدراً أكبر من الاستقلالية وتطبيقها على استخدامات أخرى.

التطورات والتطبيقات المستقبلية

يخطط الفريق لنشر «كارمن» في عدد أكبر من المنازل؛ لجمع مزيد من البيانات وتحسين وظائفه. وستركز الإصدارات المستقبلية من الروبوت على تمكين التفاعلات التحادثية مع المستخدمين، وتعزيز إمكانية الوصول لأولئك الذين قد يواجهون صعوبة في استخدام شاشة اللمس. يُعد ضمان الخصوصية أثناء هذه المحادثات مصدر قلق رئيسياً، مما يعكس التزام الباحثين بسرّية المستخدم وثقته.

علاوة على ذلك، يعتزم الفريق الحفاظ على التوازن في مساعدة الروبوت. وأوضح أحدهم أنه يريد التأكد من أن المستخدمين ما زالوا يقومون بالجزء الأكبر من العمل المعرفي، مع تقديم «كارمن» المساعدة دون إعطاء كثير من التلميحات.

يتميز «كارمن» بأنه سهل الاستخدام وقابل للتشغيل دون إشراف الأطباء أو الباحثين (ديفيد بايلوت / جامعة كاليفورنيا سان دييغو)

التداعيات والإمكانات الأوسع

يستكشف فريق البحث أيضاً كيف يمكن لـ«كارمن» مساعدة الأفراد الذين يعانون حالات أخرى، مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. يمكن أن يؤدي هذا التوسع إلى توسيع نطاق تأثير الروبوت، مما يساعد مزيداً من الأشخاص على إدارة التحديات المعرفية، من خلال التكنولوجيا الداعمة.

وقد جرى بناء «كارمن» على منصة الروبوت «فليكسي (FLEXI)» من جامعة واشنطن، لكن فريق جامعة كاليفورنيا في سان دييغو أجرى تعديلات كبيرة على الأجهزة، عبر تطوير جميع برامجه من الصفر باستخدام نظام تشغيل الروبوت «ROS». يضمن هذا التطوير المخصص أن يلبي «كارمن» الاحتياجات المحددة للمستخدمين المستهدَفين بشكل فعال.

يمثل «كارمن» تقدماً كبيراً في استخدام الروبوتات للتدريب والدعم المعرفي. من خلال تمكين الأفراد الذين يعانون الاختلال المعرفي المعتدل «MCI» من إدارة روتينهم اليومي بشكل أكثر فاعلية واستقلالية، فإن الروبوت لديه القدرة على تحسين نوعية الحياة، وتعزيز الاعتماد على الذات بشكل أكبر.