هل يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في التصدي للوحدة؟

أحد علماء الكومبيوتر أكد أن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً مهماً في منع الشعور بالوحدة (أ.ف.ب)
أحد علماء الكومبيوتر أكد أن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً مهماً في منع الشعور بالوحدة (أ.ف.ب)
TT

هل يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في التصدي للوحدة؟

أحد علماء الكومبيوتر أكد أن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً مهماً في منع الشعور بالوحدة (أ.ف.ب)
أحد علماء الكومبيوتر أكد أن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً مهماً في منع الشعور بالوحدة (أ.ف.ب)

على الرغم من المخاوف المتعلقة بالمخاطر المحتملة لأنظمة الذكاء الاصطناعي، فإن أحد علماء الكومبيوتر أكد ضرورة عدم تجاهل الإيجابيات المتعلقة بهذه التكنولوجيا، ومن بينها «التصدي لوباء الوحدة».

ونقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن توني بريسكوت، أستاذ الروبوتات الإدراكية في جامعة شيفيلد البريطانية، قوله إن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً مهماً في منع الشعور بالوحدة، وإننا مثلما نطور روابط ذات معنى مع الحيوانات الأليفة، ولا نشعر بأي مخاوف بشأن لعب الأطفال بالدمى، فيجب علينا أيضاً أن نكون منفتحين على قيمة الذكاء الاصطناعي للبالغين، والفائدة التي يمكن أن توفرها برامج الدردشة الآلية لهم.

وكتب بريسكوت في كتاب جديد بعنوان «علم نفس الذكاء الاصطناعي»: «في العصر الذي يصف فيه كثير من الناس حياتهم بأنها وحيدة، قد تكون هناك قيمة في وجود الذكاء الاصطناعي وبرامج الدردشة الآلية، بوصفها شكلاً من أشكال التفاعل الاجتماعي المتبادل الذي يكون محفزاً وشخصياً».

ويعتقد بريسكوت أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يصبح أداة قيمة للأشخاص الذين هم على حافة العزلة الاجتماعية، لصقل مهاراتهم الاجتماعية، من خلال التدرب على إجراء المحادثات والتفاعل مع الغير. وقد أشار إلى أن هذه التدريبات ستساعد في دعم ثقة أولئك الأشخاص بأنفسهم، وبالتالي تقليل خطر انسحاب الناس من المجتمع بالكامل.

ولفت إلى أن «العلاقات مع الذكاء الاصطناعي يمكن أن تدعم الأشخاص في العثور على الرفقة مع الآخرين من البشر والروبوتات».

حقائق

تأثير الوحدة على الوفيات

يعادل تدخين ما يصل إلى 15 سيجارة يومياً

إلا أن شيري توركل، أستاذة العلوم الاجتماعية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، حذرت من أن تكوين علاقات مع الآلات يمكن أن يأتي بنتائج عكسية، ويؤدي إلى انعزال الأشخاص مع الآلات؛ حيث يعيق إقامة علاقات إنسانية آمنة ومُرضية.

وأيدت كريستينا فيكتور، أستاذة علم الشيخوخة والصحة العامة في جامعة برونيل، رأي توركل، وقالت: «أشك في أن الذكاء الاصطناعي سيعالج الشعور بالوحدة، وفي فكرة أن التواصل مع الآلات له أي معنى أو فائدة في هذا المجال».

ومن جهته، قال مورالي دوريسوامي، أستاذ الطب النفسي بجامعة ديوك في ولاية كارولاينا الشمالية: «في الوقت الحالي، تشير جميع الأدلة إلى أن وجود صديق بشري مقرب هو أفضل حل للوحدة. إلا أن الروبوتات هي الحل لملايين الأشخاص الذين ليس لديهم أصدقاء».

نحو 1 من كل 4 بالغين في جميع أنحاء العالم يشعرون بالوحدة الشديدة (رويترز)

وأظهر استطلاع جديد أجرته مؤسسة «غالوب» الأميركية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن ما يقرب من 1 من كل 4 بالغين في جميع أنحاء العالم يشعرون بالوحدة الشديدة.

وأُجري الاستطلاع في الفترة من يونيو (حزيران) 2022 إلى فبراير (شباط) 2023، في 142 دولة، وشمل نحو ألف مواطن من كل منها.

وأظهرت النتائج أن 24 في المائة من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 15 عاماً فما فوق، أبلغوا عن شعورهم بالوحدة الشديدة.

وربط العلماء بين الوحدة وكثير من الأمراض، من بينها: أمراض القلب، والخرف، والسكتة الدماغية، والاكتئاب، والقلق، والوفاة المبكرة، مشيرين إلى أن تأثيرها على الوفيات يعادل تدخين ما يصل إلى 15 سيجارة يومياً.


مقالات ذات صلة

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا  الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

طلبت الحكومة الأميركية، الأربعاء، من القضاء إجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»، في إجراء يهدف لمكافحة الممارسات الاحتكارية المتّهم بارتكابها عملاق التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك بهدف تكوين صورة بصرية ذات معنى لمشهد ما تقوم أعيننا بسلسلة من الحركات السريعة المنسقة (رويترز)

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

تبرز مؤخراً طريقة جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر ترتبط بالاستماع إلى حركة عيون المرضى عبر ميكروفونات في آذانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».