يتحدثون إلى الراحلين... عندما يصطدم الحزن بالذكاء الاصطناعي

تشدد «ديل» على المسؤولية الأخلاقية للذكاء الاصطناعي عبر تقليل التأثير البيئي واستخدام نماذج موفرة للطاقة (شاترستوك)
تشدد «ديل» على المسؤولية الأخلاقية للذكاء الاصطناعي عبر تقليل التأثير البيئي واستخدام نماذج موفرة للطاقة (شاترستوك)
TT

يتحدثون إلى الراحلين... عندما يصطدم الحزن بالذكاء الاصطناعي

تشدد «ديل» على المسؤولية الأخلاقية للذكاء الاصطناعي عبر تقليل التأثير البيئي واستخدام نماذج موفرة للطاقة (شاترستوك)
تشدد «ديل» على المسؤولية الأخلاقية للذكاء الاصطناعي عبر تقليل التأثير البيئي واستخدام نماذج موفرة للطاقة (شاترستوك)

جربنا جميعاً شعور الفقد والحزن، أن تفكر في جملة وددت لو قلتها لأحد أحبائك الراحلين: «وداعاً»، قبل فوات الأوان، وأن تتحدث معه وتمزح للمرة الأخيرة.

عندما تشتاق آنا شولتز (25 عاماً)، من ولاية إلينوي الأميركية، إلى زوجها الراحل كايل فإنها تسأله عن نصيحة أو وصفة لوجبة طعام.

تستخدم آنا، وفقاً لموقع «سي إن إن»، خدمة ذكاء اصطناعي تدعى «سناب شات ماي إيه آي»، وتقول: «زوجي كان طباخ العائلة، لقد شكلت خدمة الذكاء الاصطناعي التي أستخدمها لتكون نسخة منه، ومنحتها اسمه. وعندما أحتاج مساعدة في طبخ وجبة أسأله. قد يبدو هذا سخيفاً، لكن يساعدني على الشعور بأن زوجي ما زال معي».

خدمة «سناب شات ماي إيه آي» التي تشغلها خدمة «تشات جي بي تي» الشهيرة، تقدم اقتراحات وترد على الأسئلة، والبعض مثل آنا، يستخدمها للتواصل مع أحبائه الراحلين، أو بمعنى أدق صورة عنهم.

من جانبه، يقول بيل آلباني، مهندس برمجيات من سان فرنسيسكو، فقد خطيبته كاري في عام 2022، إنه لن يفكر أبداً في استخدام أي منصة ذكاء اصطناعي لإنشاء نسخة منها.

ويؤكد: «لا يمكن استبدالها ولا يمكن إعادتها. أنا محظوظ لأني لديّ تسجيلات صوتية لها وهي تغني، وبالطبع لا أريد أن أسمع صوتها يأتي من روبوت يحاول تقليدها»

ويعدّ البعض إنشاء نسخة بالذكاء الاصطناعي من الراحلين معجزة، ويعدّه البعض الآخر مرعباً، لكن ما تأثير ذلك على صحتنا؟ هل سيمثل نوعاً من المساعدة أم عائقاً أمام تقبل الأمر؟

تشير أبحاث، نقل عنها موقع «ذا كونفيرزشن»، إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي للتواصل مع نسخة من أحبابنا الراحلين يجب أن يكون لفترة مؤقتة خلال الحداد لتفادي تعميق المشاعر المؤذية.

استخدام الذكاء الاصطناعي لصناعة نسخة من أحبائنا الراحلين قد يؤدي لأضرار للصحة العقلية بتعارضه مع عملية الحزن.

يستغرق شعور الحزن بعض الوقت، ويمر بمراحل مختلفة، قد تصل لعدة سنوات مع بعض الأشخاص. عندما تحدث الوفاة، يظل الثكلى يفكرون في أحبائهم الراحلين بشكل متكرر، وقد يستدعون بعض الذكريات القديمة التي جمعتهم سوياً، ومن الشائع أن يحلم أحدهم بالشخص المتوفى حديثاً.

ومن الوارد أن تقول روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي شيئاً مؤذياً أو تعطي نصيحة سيئة للشخص الذي يمر بحالة حزن على أحد أحبائه، حتى في بعض الحالات الأكثر تطرفاً، قد تقترح روبوتات الدردشة أن ينضم الشخص لقريبه المتوفى فتشجعه على إيذاء نفسه.

وتتلقى روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي، مثل «شات جي بي تي» وغيرها، انتقادات واسعة لإعطائها نصائح خاطئة لمستخدميها.


مقالات ذات صلة

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

الاقتصاد المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:37

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

في ظل ما يشهده قطاع التقنية السعودي من تطور، حقَّقت «سيسكو» أداءً قوياً ومتسقاً مع الفرص المتاحة وقرَّرت مواصلة استثماراتها لدعم جهود السعودية في التحول الرقمي.

زينب علي (الرياض)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

إطلاق أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية لمواجهة أكثر من 7000 هجمة في الثانية.

خلدون غسان سعيد (جدة)
الاقتصاد علم شركة «إنفيديا» على الحرم الجامعي في سانتا كلارا بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

بالأرقام... كيف أصبحت «إنفيديا» الشركة الأكثر قيمة في العالم؟

حققت «إنفيديا» مرة أخرى نتائج ربع سنوية تجاوزت توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».