إعلان «إكس» بفتح الرسائل الخاصة... هل هو «كذبة أبريل»؟

تعزيز التفاعل والردود غير المتوقعة يأتيان في مقدمة دفع الشركات لمثل هذه الحيل

أعلنت منصة «إكس» في حسابها الرسمي عن ميزة تنتهك الخصوصية (أ.ف.ب)
أعلنت منصة «إكس» في حسابها الرسمي عن ميزة تنتهك الخصوصية (أ.ف.ب)
TT

إعلان «إكس» بفتح الرسائل الخاصة... هل هو «كذبة أبريل»؟

أعلنت منصة «إكس» في حسابها الرسمي عن ميزة تنتهك الخصوصية (أ.ف.ب)
أعلنت منصة «إكس» في حسابها الرسمي عن ميزة تنتهك الخصوصية (أ.ف.ب)

في ظل تقاليد «كذبة أبريل» (نيسان)، والمعروف أيضاً باسم «يوم الحمقى»، تأتي أخبار مثيرة وغير متوقعة تلقي بظلال من الشك والجدل.

أحد هذه الأخبار التي أثارت ضجة واسعة هو إعلان منصة «إكس»، المعروفة سابقاً بـ«تويتر»، عن نيتها فتح جميع الرسائل الخاصة (DMs)، المسودات والمفضلات للعامة، بمثابة خطوة نحو مزيد من الشفافية.

ولكن، عند التمعن والنظر إلى طبيعة الإعلان وتوقيته، يمكن تصنيفه على أنه جزء من مقالب «كذبة أبريل»، التي تعودنا عليها من الشركات والمنصات الكبرى.

الدوافع وراء مقالب «كذبة أبريل»:

- تعزيز التفاعل: هذه النوعية من الأخبار تساعد في جذب انتباه المستخدمين وتعزيز التفاعل على المنصة بين موافق ومعارض للخبر.

- اختبار ردود الأفعال: كثيراً ما تستخدم الشركات هذه المقالب لقياس ردود فعل الجمهور أو مستخدميها تجاه فكرة معينة قد تكون جزءاً من تخطيطها المستقبلي في المنصة.

الأثر المتوقع:

- الجدل: من المتوقع أن يثير الإعلان جدلاً واسعاً حول الخصوصية والشفافية في الفضاء الرقمي وتحديداً في منصة «إكس».

- التوضيح: من المرجح أن تصدر المنصة توضيحاً بعد فترة بسيطة، تؤكد فيه أن الإعلان كان مجرد مقلب لـ«كذبة أبريل»، ما يخفف من حدة الجدل ووضع حداً للقصة.

الدروس المستفادة:

- أهمية التحقق: هذا النوع من الأخبار يذكرنا بأهمية التحقق من صحة المعلومات وتحليلها قبل تداولها.

- الوعي بالخصوصية: يساعد في زيادة الوعي بأهمية الخصوصية وكيف يمكن أن تؤثر تغييرات السياسات الخاصة بالمنصات على المستخدمين.

ولكن يظل السؤال الأبرز هو كيف يمكن للمنصات أن توازن بين الحاجة إلى الشفافية وحماية خصوصية المستخدمين. وفي حين أن إعلانات «كذبة أبريل» «يوم الحمقى» قد توفر لحظة من الخوف أو الدهشة، فإنها تفتح أيضاً الباب لنقاشات هامة حول مستقبل التواصل الاجتماعي والخصوصية.

في عصر تزداد فيه البيانات قيمة وتعقيداً، تبرز أهمية الحوار المستمر بين المستخدمين، الناشرين، والمنصات نفسها حول كيفية التعامل مع هذه البيانات بمسؤولية.

المنصات الاجتماعية، بوصفها العمود الفقري للتواصل العصري، تواجه تحديات جمة في تحقيق التوازن بين توفير مساحة للتعبير الحر وحماية خصوصية المستخدمين.

وفي ظل سعيها للابتكار وتقديم مزايا جديدة، يتعين عليها أيضاً التنبه للحدود التي يجب ألا تتجاوزها، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمعلومات الشخصية والخاصة للمستخدمين.

إن الفكرة المتمثلة في جعل الرسائل الخاصة، المفضلات والمسودات مرئية للعامة، حتى وإن كانت مجرد دعابة لـ«كذبة أبريل»، تسلط الضوء على مخاوف حقيقية يحملها المستخدمون تجاه كيفية إدارة بياناتهم.

تدفع هذه النقاشات المجتمعات الرقمية إلى التفكير بعمق حول القيم التي يجب أن تحكم هذه المنصات، وكيف يمكن للتكنولوجيا أن تخدم الإنسانية دون التضحية بحقوق الفرد.

في ختام الأمر، يعدّ هذا التوجه تذكيراً بأننا في عالم متزايد الاتصال، نواجه حاجة ماسة للشفافية، الأمانة، والوضوح.

مع النمو المتسارع للمنصات الرقمية، يصبح من الضروري بمكان أن نبقى متيقظين ونشارك بفعالية في تحديد كيفية تبادل تفاصيل حياتنا، مع ضمان حماية خصوصيتنا في هذا العصر الذي تغمره الرقمية.


مقالات ذات صلة

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك رئيس شركة «تسلا» ومنصة «إكس» (أ.ب)

إيلون ماسك يسخر من مسؤول كبير في «الناتو» انتقد إدارته لـ«إكس»

هاجم إيلون ماسك، بعد تعيينه مستشاراً للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مسؤولاً كبيراً في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الملياردير الأميركي إيلون ماسك مالك منصة «إكس» (رويترز)

صحف فرنسية تقاضي «إكس» بتهمة انتهاك مبدأ الحقوق المجاورة

أعلنت صحف فرنسية رفع دعوى قضائية ضد منصة «إكس» بتهمة استخدام المحتوى الخاص بها من دون دفع ثمنه.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الملياردير الأميركي إيلون ماسك يتحدث خلال تجمع انتخابي لترمب (أ.ف.ب)

إهانة عبر «إكس»: ماسك يصف المستشار الألماني بـ«الأحمق»... وبرلين ترد بهدوء

وجّه إيلون ماسك إهانة مباشرة للمستشار الألماني أولاف شولتس عبر منصة «إكس»، في وقت تشهد فيه ألمانيا أزمة حكومية.

«الشرق الأوسط» (أوستن (الولايات المتحدة))
العالم الانشغال الزائد بالتكنولوجيا يُبعد الأطفال عن بناء صداقات حقيقية (جامعة كوينزلاند) play-circle 00:32

أستراليا تتجه لحظر «السوشيال ميديا» لمن دون 16 عاماً

تعتزم الحكومة الأسترالية اتخاذ خطوات نحو تقييد وصول الأطفال والمراهقين إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».