مواجهة التهديدات السيبرانية في عصر الذكاء الاصطناعي

خطوات دفاعية بتوظيف نظمه المتطورة

مواجهة التهديدات السيبرانية في عصر الذكاء الاصطناعي
TT

مواجهة التهديدات السيبرانية في عصر الذكاء الاصطناعي

مواجهة التهديدات السيبرانية في عصر الذكاء الاصطناعي

تحمل مشاهد المخاطر المتغيّرة وتطوّر دور الذكاء الاصطناعي في الدفاع السيبراني دروساً مهمّة جداً عن عملية الدفاع في وجه الهجمات الإلكترونية.

مواجهات الذكاء الاصطناعي

يقوم الذكاء الاصطناعي اليوم بأمورٍ مذهلة، مثل مساعدة الأطباء في تشخيص وعلاج الأمراض، ورصد تحويلات خطرة قد تنذر بوجود عملية احتيال، وتحسين جوانب كثيرة في سلاسل التوريد، والسماح لخدمات التدفّق الإنترنتي باقتراح ما قد تودّون مشاهدته. ولكنّ تأثيراته الكبرى تبرز اليوم في الأمن السيبراني؛ وتحديداً في الدفاع السيبراني، كما يرى غاي غودمان، مدير تسويق المنتجات في شركة «بلاكبيري»، في حديث له لموقع «دارك ريدينغ».

هذا الذكاء الاصطناعي قادرٌ على التعلّم، والتكيّف، وتوقّع المخاطر سريعة التنامي، مما يجعله أداةً ضرورية لحماية الأعمال والحكومات. ويعدّ ترشيح الرسائل الإلكترونية المزعجة مهمّة عادية للذكاء الاصطناعي، الذي يملك أيضاً تطبيقاً أكثر تقدّماً، يتمثّل في دفع التحاليل التنبّئية والاستجابة المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

ولكنّ مستقبل الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني ليس إيجابياً بالكامل، خصوصاً أنّ إشارات عدّة تنذر باستدارته نحو خدمة مصالح المهاجمين، وهذا التحوّل مدفوعٌ بتوفّر تقنية الذكاء الاصطناعي للجميع. تستمرّ هذه التقنية في تقوية المؤسسات لبناء دفاعات قوية، ولكنّها في المقابل، تزوّد العناصر الخطرة بأدوات تتيح لهم هندسة هجمات أكثر تعقيداً وتخفّياً.

تطور الأمن السيبراني

تنطوي مشاهد المخاطر المتغيّرة وتطوّر دور الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني على جوانب مهمّة في الدفاع بوجه هجمات المستقبل.

> الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني:

- المرحلة الأولى (2000 - 2010): أشعلت بداية الألفية الجديدة عصراً جديداً من التحوّل الرقمي أثّر على الجانبين المهني والشخصي من حياة الناس. في ذلك الوقت، عمل معظم الشركات في بيئات تقنية مدارة بإحكام تعتمد على أجهزة الكومبيوتر المكتبية، واللابتوبات، ومراكز البيانات الموجودة داخل الشركة نفسها.

خلال هذه المرحلة، تصدّرت التهديدات السيبرانية الهادفة لافتعال الفوضى وتشويه السمعة المشهد، وتسبّبت البرمجيات الخبيثة الشهيرة مثل «آي لاف يو»، و«ميليسا»، و«ماي دوم»، في اضطرابات عالمية. كما ساهمت الدوافع المالية في تصاعد عمليات التصيّد، واستهدف برنامج «حصان طروادة» المصرفي فئة غير متوقعة من المستخدمين.

حينها؛ دافعت المؤسسات عن نفسها باستخدام إجراءات أمنية عادية، مثل برمجيات مقاومة الفيروسات التي تعتمد على التوقيع وجدران الحماية. وقدّم الأمن الشبكي أنظمة محسّنة لرصد الاختراق، بالإضافة إلى تبنّي المصادقة ثنائية العناصر.

وشهدت هذه المرحلة أيضاً تصاعداً في الرسائل الإلكترونية المزعجة، وبرز الذكاء الاصطناعي بوصفه أداةً فعّالةً للمدافعين. وقد نجحت هذه التقنية، رغم التشكيك، في إثبات مهارة غير مسبوقة في تعريف وعزل الرسائل المثيرة للشبهة، وتقليل المخاطر، واستعادة الإنتاجية، مما سلّط الضوء على قدرة الذكاء الاصطناعي على محاربة التهديدات الآخذة في التطوّر.

> المرحلة الثانية (2010 - 2020): شهد العالم خلال المرحلة الثانية نقلة نوعية في بنية تكنولوجيا المعلومات التحتية، شملت ازدياداً في تطبيقات البرمجيات بوصفها خدمة، والحوسبة السحابية، وسياسات استخدام الجهاز الخاص، وتوسيع تكنولوجيا معلومات الظلّ لمساحة الاعتداء أمام المنفّذين.

وأصبحت التهديدات أيضاً أكثر تعقيداً؛ حيث تصدّر فيروس «ستوكس نت» والاختراقات عالية المستوى التي استهدفت شركات مهمّة مثل «تارغت» و«سوني بيكتشرز» العناوين. وأكّدت نقاط الضعف التي أصابت سلاسل التوريد وتجسّدت في اختراق «سولار ويندوز»، وتصاعد موجات برامج الفدية، وتفريغ أقراص التخزين، أكثر فأكثر، على الحاجة إلى دفاعات دقيقة وقابلة للتطوير.

هنا؛ أصبح الذكاء الاصطناعي أداةً ملحّةً في مواجهة الاعتداءات السيبرانية.

عمدت شركة البرمجيات «سيكلانسي»، التي تأسّست عام 2012، إلى دمج الذكاء الاصطناعي في أمنها السيبراني، مستبدلةً بالبرمجيات المقاومة للفيروسات نماذج تعلّم آلي خفيفة الوزن. تنامت قدرات الذكاء الاصطناعي لتتضمّن رصد العيوب، والتحليل السلوكي، والتحاليل التنبئية، وتعزيز الآليات الدفاعية في وجه الهجمات المعقّدة.

تهديدات ودفاعات الذكاء الاصطناعي

> المرحلة الثالثة (2020 - الوقت الحاضر): اليوم، يمرّ الدور الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني بنقلة نوعية أخرى، حيث تتسبّب القوى التي تعمل من كلّ مكان، وأنظمة تكنولوجيا المعلومات المفرطة الاتصال، في طمس الحدود الأمنية التقليدية وتعظيم مساحة الهجمات.

وأيضاً، بعد مراحل من استخدامه بوصفه أداةً دفاعيةً حصراً، أصبح الذكاء الاصطناعي اليوم سيفا ذا حدّين، يستخدمه المهاجمون والمدافعون على حدٍ السواء.

تحاول أدوات الذكاء الاصطناعي الشائعة مثل «تشات جي بي تي (ChatGPT)»، تجنّب سوء استخدام الذكاء الاصطناعي، إلّا إنّ أدوات مثل «وورم جي بي تي (WormGPT)» تبرز لمساعدة المهاجمين وتفتح المجال لمزيد من التحديات في الأمن السيبراني.

مع تطوّر الذكاء الاصطناعي، يجب على المؤسسات تبنّي طبيعته المزدوجة، أي احتضان الابتكار للتبحّر في تعقيدات الأمن السيبراني العصري.

وتشمل التهديدات الجديدة المدعمة بالذكاء الاصطناعي:

- حملات التصيّد المصمّمة باستخدام الذكاء الاصطناعي: يساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي المهاجمين على إنشاء رسائل تصيّد صعبة الضبط.

- تحديد الهدف بمساعدة الذكاء الاصطناعي: يوظّف المهاجمون خوارزميات التعلّم الآلي لتحديد الأهداف المهمّة بكفاءة.

- تحليل السلوك بمساعدة الذكاء الاصطناعي: تستطيع البرمجيات الخبيثة المدعمة بالذكاء الاصطناعي استنساخ سلوكيات المستخدم للتهرّب من الضبط.

- المسح الآلي لنقاط الضعف: تسهّل الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي عملية المسح الآلي للشبكة بحثاً عن الفجوات ونقاط الضعف أكثر من قبل.

- التخزين الذكي للبيانات: يساعد الذكاء الاصطناعي المهاجمين في انتقاء معلومات قيّمة للترشيح، مما يقلّل احتمالات الضبط.

- الهندسة الاجتماعية بمساعدة الذكاء الاصطناعي: تعزّز صور وفيديوهات التزييف العميق مصداقية هجمات الهندسة الاجتماعية.

الخلاصة

تكشف الثورة المستمرة في الأمن السيبراني عن حالة «الابتكار المتواصل» التي يعيشها المهاجمون، وعن الضرورة الملحة لمحافظة المدافعين على يقظتهم ووعيهم. ينتقل الذكاء الاصطناعي حالياً إلى لعب دورٍ مزدوج، هو الرمح والدرع، مما يعيد سردية الأمن السيبراني إلى نقطة الصفر ويجعلها أكثر تعقيداً.

لحسن الحظ؛ يصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي أداة فعالة في يد المدافعين، فيزوّدهم بعدسة جديدة لترقّب وصدّ تهديدات الغد. ومن هنا، يمكن القول إنّ المستقبل يحمل وعداً عظيماً للأشخاص الجاهزين لاحتضان التركيبة الآخذة في التطوّر للأمن السيبراني المدعوم بالذكاء الاصطناعي.



تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
TT

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك، مؤسس «سبيس إكس»، في سباق الفضاء.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، بأن ألتمان يدرس شراء أو الشراكة مع مزود خدمات إطلاق صواريخ قائم بتمويل.

وأشار التقرير إلى أن هدف ألتمان هو دعم مراكز البيانات الفضائية لتشغيل الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أفادت الصحيفة بأن ألتمان قد تواصل بالفعل مع شركة «ستوك سبيس»، وهي شركة صواريخ واحدة على الأقل، ومقرها واشنطن، خلال الصيف، واكتسبت المحادثات زخماً في الخريف.

ومن بين المقترحات سلسلة استثمارات بمليارات الدولارات من «أوبن إيه آي»، كان من الممكن أن تمنح الشركة في نهاية المطاف حصة مسيطرة في شركة الصواريخ.

وأشار التقرير إلى أن هذه المحادثات هدأت منذ ذلك الحين، وفقاً لمصادر مقربة من «أوبن إيه آي».

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، جاء تواصل ألتمان مع شركة الصواريخ في الوقت الذي تواجه فيه شركته تدقيقاً بشأن خططها التوسعية الطموحة.

ودخلت «أوبن إيه آي» بالتزامات جديدة بمليارات الدولارات، على الرغم من عدم توضيحها لكيفية تمويلها عملية التوسعة الكبيرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ألتمان حالة من القلق الشديد على مستوى الشركة بعد أن بدأ برنامج «شات جي بي تي» يتراجع أمام روبوت الدردشة «جيميني» من «غوغل»؛ ما دفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل عمليات الإطلاق الأخرى، وطلب من الموظفين تحويل فرقهم للتركيز على تحسين منتجها الرائد.

يرى ألتمان أن اهتمامه بالصواريخ يتماشى مع فكرة أن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة سيدفع البنية التحتية للحوسبة إلى خارج الأرض.

لطالما كان من دعاة إنشاء مراكز بيانات فضائية لتسخير الطاقة الشمسية في الفضاء مع تجنب الصعوبات البيئية على الأرض.

تشارك كل من ماسك وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، رئيس «غوغل»، الأفكار نفسها.

تُطوّر شركة «ستوك سبيس»، التي أسسها مهندسون سابقون في «بلو أوريجين»، صاروخاً قابلاً لإعادة الاستخدام بالكامل يُسمى «نوفا»، والذي تُشير التقارير إلى أنه يُطابق ما تسعى «سبيس إكس» إلى تحقيقه.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أ.ف.ب)

وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الشراكة المقترحة كانت ستُتيح لألتمان فرصةً مُختصرةً لدخول قطاع الإطلاق الفضائي.

تُسلّط محادثات ألتمان الضوء على التنافس المستمر بينه وبين ماسك. فقد شارك الاثنان في تأسيس شركة «أوبن إيه آي» عام 2015، ثم اختلفا حول توجه الشركة، ليغادر ماسك بعد ثلاث سنوات.

ومنذ ذلك الحين، أطلق ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي، xAI، بينما وسّع ألتمان طموحات «أوبن إيه آي»، ودعم مؤخراً مشاريع تُنافس مشاريع ماسك مباشرةً، بما في ذلك شركة ناشئة تُعنى بالدماغ والحاسوب.

ألمح ألتمان إلى طموحاته في مجال الفضاء في وقت سابق من هذا العام، وقال: «أعتقد أن الكثير من العالم يُغطى بمراكز البيانات بمرور الوقت. ربما نبني كرة دايسون كبيرة حول النظام الشمسي ونقول: مهلاً، ليس من المنطقي وضع هذه على الأرض».

ثم في يونيو (حزيران)، تساءل: «هل ينبغي لي أن أؤسس شركة صواريخ؟»، قبل أن يضيف: «آمل أن تتمكن البشرية في نهاية المطاف من استهلاك قدر أكبر بكثير من الطاقة مما يمكننا توليده على الأرض».


كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

TT

كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)
خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

منذ إطلاق نسخته الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، في العاصمة السعودية الرياض، عقب النجاح الذي تحقق في فعالية «آت هاك» العام الذي قبله، شهد أكبر تجمع للأمن السيبراني في المنطقة، لحظات تحوّل لافتة، رصدها الزوّار والمهتمّون، ولاحظتها التغطيات المستمرة لـ«الشرق الأوسط»، وصولاً إلى النسخة الحالية.

يعدّ «بلاك هات» فعالية عالمية متخصصة في الأمن السيبراني، انطلقت في عام 1997، ويعد إحدى أهم المحافل العالمية لقطاع أمن المعلومات وقِبلة للمهتمين فيه، وبدأ كفعالية سنوية تقام في لاس فيغاس في الولايات المتحدة، قبل أن يجد في الرياض مستقرّاً سنويّاً لـ4 نسخ متتالية.

في النسخة الأولى من الفعالية التي ينظّمها «الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز»، الذي أنشأته السعودية لتحقيق أهدافها في تمكين مواطنيها من اكتساب الخبرات في مجال الأمن السيبراني والبرمجة لتحقيق رؤيتها الهادفة إلى تطوير كوادرها المحلية في مجالات التقنية الحديثة، إلى جانب شركة تحالف.

شهدت الفعالية مشاركة أكثر من 200 متحدث عالمي، وحضور أكثر من 250 شركة أمن سيبراني رائدة، منهم عمالقة التقنية العالميون، مثل Cisco وIBM وSpire وInfoblox، بالإضافة إلى أكثر من 40 شركة ناشئة في المجال نفسه، قبل أن تتصاعد هذه الأرقام وغيرها خلال النسخ اللاحقة.

خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

«الشرق الأوسط» التقت خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، الذي شرح بشكل مفصل، أنه «بدايةً من (آت هاك) في عام 2021 عندما بدأنا، وكان أول مؤتمر سيبراني يُقام في السعودية، وبعد النجاح الذي حققناه، استطعنا أن نستقطب (بلاك هات) نفسه من لاس فيغاس، الذي كان يقام منذ أكثر من 35 عاماً، وهذا هو العام الرابع لـ(بلاك هات) هنا، وكل عام يشهد زيادة في الحضور وعدد الشركات، وزيادة في ساعات المحاضرات».

ارتفاع عدد الشركات العالمية المشاركة بنسبة 27 في المائة

نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال بيّن تطور «بلاك هات» في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات. وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد قرابة 27 في المائة عن العام الماضي».

ابتكارات جديدة في كل نسخة

السليم وضّح أن «بلاك هات» يبتكر في كل نسخة أشياء جديدة، مثل منطقة الفعاليات التي تضمّ تقريباً 10 فعاليات جديدة، بالإضافة إلى أكثر من 12 مسرحاً مع أكثر من 300 خبير في مجال الأمن السيبراني. وحول نوعية الشركات والجهات المشاركة، دلّل عليها بأن أغلب الشركات العالمية مثل «إف بي آي»، ووزارتي الداخلية والخارجية البريطانيتين، وتابع أن كل هذه الإضافات في كل نسخة «تعتبر متجددة، وكل نسخة تزيد الأرقام أكثر من النسخة التي سبقتها».

الجهات الوطنية «تؤدي عملاً تشاركياً»

وحول مساهمة «بلاك هات» في تحقيق المستهدفات الوطنية، ومنها تحقيق السعودية المرتبة الأولى في مؤشر الأمن السيبراني للتنافسية، نوّه السليم بأن الاتحاد (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز)، والهيئة الوطنية للأمن السيبراني، والشركات السعودية في مجال الأمن السيبراني، تؤدي عملاً تشاركيّاً.

وأردف: «عندما يكون في (بلاك هات) أكثر من 300 ورشة عمل ومنطقة الفعاليات والتدريبات العملية التي تجري فيها والتدريبات المصاحبة لـ(بلاك هات) والشركات والمنتجات السعودية التي تُطرح اليوم، كلها تُساعد في رفع مستوى الأمان في المملكة، وهذا يُساعد في المؤشرات في مجال الأمن السيبراني».

واختتمت فعاليات «بلاك هات 2025»، الخميس، بجلسات استعرضت الهجمات المتطورة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الاستجابة للحوادث السيبرانية، كما ناقشت أحدث الاتجاهات والتقنيات التي تشكّل مستقبل الأمن السيبراني عالمياً.


بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
TT

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

في عامٍ استثنائي اتّسم بتسارع التحوّل الرقمي واتّساع أثر الذكاء الاصطناعي وتحوّل المحتوى الرقمي إلى لغة يومية للمجتمعات، تداخلت ملامح المشهد العربي بين ما رصده بحث «غوغل» من اهتماماتٍ متصدّرة، وما كشفه «يوتيوب» عن لحظاته البارزة ومنتجاته الجديدة في الذكرى العشرين لانطلاقه. جاءت الصورة النهائية لعام 2025 لتُظهر كيف أصبح الإبداع الرقمي، بجميع أشكاله، مرآةً لنبض الشارع وعمق الثقافة وتطلعات الأجيال الجديدة.

منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدت هذا العام أكثر ارتباطاً بالتكنولوجيا من أي وقت مضى. فقد تصدّرت أدوات الذكاء الاصطناعي قوائم البحث في «غوغل» في عدة دول عربية.

كانت «جيميناي» إلى جانب «تشات جي بي تي » و «ديب سيك» في طليعة الأدوات الأكثر بحثاً، مدفوعةً بفضول جماعي لفهم إمكانات النماذج التوليدية وتطبيقاتها الإبداعية. ولم يقتصر الأمر على التقنيات العامة، بل امتد إلى أدوات متخصصة مثل «نانو بانانا» لتحرير الصور و«فيو» لإنشاء مقاطع فيديو انطلاقاً من النصوص، ما يعكس تحوّل الذكاء الاصطناعي إلى جزء من الحياة اليومية.

يكشف «يوتيوب» عن ابتكارات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز صناعة المحتوى وتحسين تجربة المشاهدة والتفاعل (شاترستوك)

الأكثر رواجاً في السعودية

وفي قلب هذا المشهد المتغير، برزت المملكة العربية السعودية بصورة لافتة، إذ كان التحول الرقمي العنوان الأبرز لاهتمامات السعوديين خلال عام 2025. فقد لجأ الأفراد إلى بحث «غوغل» لتسيير شؤونهم اليومية ضمن نمط حياة رقمي آخذ في التوسع، مع ارتفاع عمليات البحث المتعلقة بمنصات مثل قبول، وتسجيل الحرس الوطني، والمركز الوطني للقياس. وإلى جانب الإقبال على الخدمات الرقمية، حافظ الترفيه على مكانته في الأمسيات السعودية، حيث استمر مسلسل «شباب البومب 13» في جذب الأنظار، إلى جانب العمل الجديد «فهد البطل» الذي حقق انتشاراً واسعاً.

وفي السياق ذاته، أظهرت المملكة شغفاً متزايداً بتكنولوجيا المستقبل، مع اهتمام واضح بأدوات الذكاء الاصطناعي مثل «Gemini» و«Hailuo AI»، ما يعكس انفتاح المجتمع السعودي على التقنيات الحديثة وتبنّيها مبكراً.

هذا التفاعل مع التكنولوجيا لم يقتصر على السعودية، بل امتد إلى دول عربية أخرى بطرق متعددة. ففي العراق، تصدرت مباريات المنتخب الوطني واجهة البحث إلى جانب بروز أسماء إعلامية ومحتوى رقمي مؤثر. وفي الأردن وسوريا وفلسطين، ظل التعليم والخدمات العامة والدراما المحلية والرياضة في مقدمة الاهتمامات، لتبقى هذه المجتمعات متفاعلة مع مستجدات الحياة رغم اختلاف السياقات والتحديات. أما المغرب والجزائر، فحافظا على حضور كرة القدم في صدارة المشهد، إلى جانب انتشار الأدوات الذكية والأعمال الدرامية ونجاحات الإنتاجات العالمية.

أدوات الذكاء الاصطناعي مثل «جيميناي» و«شات جي بي تي» تصدّرت عمليات البحث في عدة دول عربية (شاترستوك)

من «غوغل» إلى «يوتيوب»

هذه الديناميكية الرقمية امتدت بقوة إلى «يوتيوب»، الذي اختار عامه العشرين ليقدّم أول «ملخص مشاهدة شخصي» عالمي، يسمح للمستخدمين باستعادة أبرز لحظاتهم عبر المنصة. وقد عكس هذا الإصدار فهماً عميقاً لطبيعة الجمهور العربي، الذي أظهر تفاعلاً كبيراً مع المواسم الثقافية كرمضان وعيد الأضحى، وناقش قضايا الذكاء الاصطناعي، وتابع بشغف نجوم كرة القدم العالميين مثل لامين يامال ورافينيا. كما حققت الأعمال الدرامية والأنمي والألعاب من «لعبة الحبّار» (Squid Game) إلى«Blue Lock» و«Grow a Garden» انتشاراً واسعاً، ما يعكس تنوع أذواق الجمهور واتساع رقعة التأثير الثقافي الرقمي.

وبرز عربياً هذا العام صعود لافت لصنّاع المحتوى، وفي مقدمتهم الفلسطيني أبو راني الذي تصدّر القوائم إقليمياً واحتل المرتبة الثانية عالمياً بعد «Mr. Beast» بمحتوى بسيط وواقعي يوثق تفاصيل الحياة اليومية في غزة.

وعلى مستوى الموسيقى، احتلت أغنية «خطية» لبيسان إسماعيل وفؤاد جنيد المرتبة الأولى، مؤكدة الدور المتصاعد لمنشئي المحتوى في تشكيل الذوق الفني الرقمي.

وإلى جانب رصد الظواهر، كشف «يوتيوب» خلال فعالية «Made on YouTube» عن سلسلة ابتكارات جديدة تستشرف مستقبل صناعة المحتوى. فقد بدأ دمج نموذج «Veo 3 Fast» لتمكين منشئي «شورتس» من تصميم خلفيات ومقاطع عالية الجودة مجاناً، وإضافة الحركة إلى المشاهد بمرونة غير مسبوقة. كما ستتيح ميزة «التعديل باستخدام الذكاء الاصطناعي» تحويل المقاطع الأولية إلى مسودة جاهزة، فيما تضيف ميزة «تحويل الكلام إلى أغنية» بعداً إبداعياً جديداً لمنشئي المحتوى الشباب.

وفي خطوة لتقوية البنية الإبداعية، أعلن «يوتيوب» عن تحسينات واسعة في «استوديو YouTube» تشمل أدوات تعاون بين صناع المحتوى واختبارات «A/B » للعناوين وترقيات تجعل الاستوديو منصة استراتيجية لتطوير المحتوى. كما يجري العمل على توسيع أداة «رصد التشابه» التي تساعد على متابعة الفيديوهات التي ينشئها الذكاء الاصطناعي باستخدام وجوه مشابهة لصناع المحتوى، وهي خطوة مهمة في زمن تتداخل فيه حدود الهوية الرقمية مع الإبداع الاصطناعي.

اهتمامات البحث تنوعت عربياً بين التعليم والرياضة والدراما والأدوات التقنية بحسب سياق كل دولة (أدوبي)

ماذا عن المشاهدات؟

على صعيد المشاهدة، فقد شهد المحتوى المباشر نمواً استثنائياً، إذ إن أكثر من 30 في المائة من مستخدمي «يوتيوب» شاهدوا بثاً مباشراً يومياً في الربع الثاني من عام 2025. لذلك تطلق المنصة أكبر تحديث لأدوات البث الحي لتعزيز تفاعل الجمهور وتوسيع قاعدة المشاهدين وزيادة مصادر الدخل. وفي المجال الموسيقي، تحمل «YouTube Music» ميزات جديدة مثل العد التنازلي للإصدارات وخيارات حفظ المفضلات مسبقاً، فيما تعمل المنصة على أدوات تربط الفنانين بمعجبيهم عبر محتوى حصري وتجارب مخصصة.

كما تتوسع فرص التعاون بين العلامات التجارية وصناع المحتوى، مع ميزات جديدة في «التسوق على يوتيوب» تشمل الروابط المباشرة داخل «شورتس» وإدراج مقاطع العلامات التجارية بسهولة أكبر، مدعومةً بإمكانات الذكاء الاصطناعي لتسهيل الإشارة إلى المنتجات وتوسيع الأسواق المتاحة.

في هذا المشهد المتفاعل بين «غوغل» و«يوتيوب» والجمهور العربي، يتضح أن المنطقة تعيش مرحلة جديدة يتقاطع فيها الذكاء الاصطناعي مع الإبداع الإنساني، ويتحوّل فيها المحتوى الرقمي إلى منصة للتعبير الجماعي وبناء المجتمعات وصياغة الاتجاهات الثقافية. وبين البحث والاستهلاك والإنتاج، يستمر عام 2025 في رسم ملامح عقدٍ مقبل يعد بأن يكون الأكثر ثراءً وتحولاً في تاريخ المحتوى العربي الرقمي.