معركة الذكاء الاصطناعي... من يقود سباق محركات البحث؟

مراجعة للأربعة الكبار... «تشات جي بي تي» و«بارد» و«بينغ» و«لامدا 2»

مميزات وقدرات واستخدامات متباينة لأهم محركات البحث التي تعمل عبر الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)
مميزات وقدرات واستخدامات متباينة لأهم محركات البحث التي تعمل عبر الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)
TT

معركة الذكاء الاصطناعي... من يقود سباق محركات البحث؟

مميزات وقدرات واستخدامات متباينة لأهم محركات البحث التي تعمل عبر الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)
مميزات وقدرات واستخدامات متباينة لأهم محركات البحث التي تعمل عبر الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)

أمام المشهد التكنولوجي المتطور باستمرار، تبرز محركات البحث التي تعمل بالذكاء الاصطناعي كلاعب رئيسي بات جزءا من عدة مجالات.

ولا بأس إذا كنت تتساءل أي المحركات هي الأفضل بالنسبة لك أو حتى إذا كنت لا تعرف أصلا كيفية استخدامها بشكل جيد.

فيما يلي مقارنة بين أهم المنافسين في هذا المجال وتفحّص لخوارزمياتهم الفريدة وقدراتهم في الكون الرقمي الواسع.

الهيمنة على صناعة محركات البحث

لطالما كان «غوغل» وربما لا يزال محرك البحث الأكثر شعبية في العالم، يستخدمه أكثر من 90٪ من الناس. يتميز «غوغل» بقدرته على تقديم نتائج بحث دقيقة وذات صلة، كما يوفر مجموعة واسعة من الميزات الأخرى، مثل الخرائط وترجمة النصوص والصور والبريد الإلكتروني.

هذا إلى أن أبصرت محركات البحث القائمة على الذكاء الاصطناعي النور، وعلى رأسها «تشات جي بي تي» و«بارد» و«بينغ» و«لامدا 2».

«بارد» أصبح متوفرا بعدة لغات منها العربية في شهر يوليو (شاترستوك)

«غوغل» تسحب «إنذار الحريق»

في نهاية عام 2022، أعلنت «غوغل» سحب «الرمز الأحمر» (Code Red) أي ما يرمز إلى سحب إنذار الحريق رداً على التهديد الذي يمثله برنامج «تشات جي بي تي» وغيره من روبوتات الدردشة المماثلة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.

الهدف من مشروع «الرمز الأحمر» كان تطوير منافس لـ«تشات جي بي تي» الذي أطلقته شركة «أوبن إيه آي»، وقد جاء الرد من «غوغل» بإطلاق «بارد» مطلع هذا العام.

الدردشة مع «بارد» التي أصبحت متوفرة في عدة لغات منها العربية في شهر يوليو (حزيران) قابلها إعلان شركة «ميتا» إتاحة نموذجها اللغوي «لاما 2» مجانا للشركات والباحثين وفق نظام المصدر المفتوح وكتحدٍّ جديد لـ«تشات جي بي تي 4» و«بارد» و«بينغ» من «مايكروسوفت» وغيرها.

يعد «تشات جي بي تي» من أفضل محركات البحث التي تنتج تنسيقات نصية إبداعية (شاترستوك)

الاختلافات من حيث الاستخدام

يتم تشغيل كل من «بينغ» و«تشات جي بي تي» و«بارد» و«لامدا» بواسطة نماذج لغات كبيرة (LLMs)، لكن كل واحدة تستخدم مصادر بيانات متباينة ولديها نقاط قوة وضعف مختلفة.

فبينما يستخدم «تشات جي بي تي» من «أوبن إيه آي» المحول التوليدي المُدرَّب مسبقاً (GPT-4)، يعتمد «بارد» على نموذج اللغة المخصص لتطبيقات الحوار «لامدا».

تم تدريب «GPT-3» و«GPT-4» على مجموعة واسعة من النصوص التي تم الحصول عليها من الإنترنت كمواقع الويب والكتب والمقالات والمستندات وغيرها، فيما تم إثراء تدريب «لامدا» بواسطة «إنفينيست» (Infiniset)، وهي مجموعة بيانات تركز بشكل أساسي على الحوارات والمحادثات.

تعتمد «إنفينيست» (Infiniset ) في معلوماتها على «كومون كراول» (Common Crawl) و«ويكيبيديا» والمستندات المنشورة ومجموعة غنية من المحادثات المستندة إلى الويب.

«بارد» جاء ردا من «غوغل» بعد إطلاق «أوبن إيه آي» لمحرك «تشات جي بي تي» الشهير (شاترستوك)

بالإضافة إلى ذلك، تم تصميم نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بـ«بارد» أيضاً لإنشاء إجابات ذات صلة وحديثة لأسئلة المستخدمين.

«تشات جي بي تي» الذي يعتمد أيضاً على بيانات التدريب المجمّعة من «كومون كراول» ( Common Crawl) و«ويكيبيديا» والكتب والمقالات والمستندات ومحتوى الإنترنت المفتوح، تنحصر المعلومات التي يمكن الوصول إليها من خلاله فقط حتى عام 2021 - ما يعني أن محرك الذكاء الاصطناعي هذا لم يواكب آخر الأحداث والتطورات البحثية.

ناهيك عن أخطاء ملحوظة، بحجة أن الذكاء الاصطناعي يتعلم ويتحسن باستمرار.

كما يستخدم «بينغ» مجموعة متنوعة من مصادر البيانات، بما في ذلك صفحات الويب والمقالات الإخبارية والأوراق الأكاديمية أيضا. هذا يمنحها نطاقاً واسعاً من المعرفة، ولكن يمكن أيضاً أن يجعل من الصعب العثور على معلومات محددة.

إجابات تشبه المحادثة البشرية

تهدف أدوات الذكاء الاصطناعي إلى إنتاج إجابات حقيقية تشبه إلى حد بعيد الكلام البشري. كما أنها تحاول الانتقال بين الموضوعات، مثل محادثة الإنسان. ومن المثير للاهتمام أن محرك (GPT AI) الخاص بـ (OpenAI) هو المحرك الذي يبدو أكثر توجهاً نحو اللغة الطبيعية. هذا بفضل التدريب المكثف في نص الويب وإنشاء محتوى الذكاء الاصطناعي بناءً على الأنماط الإحصائية.

يستخدم «بينغ» خوارزمية محرك البحث لترتيب النتائج بناءً على صلتها باستعلام المستخدم. هذا يعني أنه يمكن استخدامها للعثور على مجموعة متنوعة من المعلومات، ولكنها قد لا تكون دائماً الأكثر دقة أو حداثة.

أما «تشات جي بي تي» فيستخدم نموذج (AI) للمحادثة لإنشاء نص ذي صلة باستعلام المستخدم أي يمكن استخدامه لإجراء محادثات أكثر طبيعية وجذابة، ولكن قد لا يكون دائماً بنفس دقة «بينغ».

يستخدم «بينغ» خوارزمية محرك البحث لترتيب النتائج بناءً على صلتها باستعلام المستخدم (شاترستوك)

اختلاف واجهة الاستخدام

واجهة المستخدم هي الطريقة التي يتفاعل بها المستخدمون مع أي برنامج أو تطبيق كومبيوتر. يعد «تشات جي بي تي» أفضل بشكل عام في إنشاء تنسيقات نصية إبداعية، مثل القصائد والأكواد والنصوص والمقطوعات الموسيقية والبريد الإلكتروني والرسائل. ومع ذلك، فإن «بارد» يكون أفضل في الإجابة على الأسئلة بطريقة مفيدة، حتى لو كانت صعبة أو غريبة أحيانا.

كما يعد «تشات جي بي تي» أكثر سهولة مقارنة بـ«بارد»، حيث إنه يتميز بواجهة مستخدم بسيطة مع عدد قليل من الأزرار والقوائم، بينما يحتوي «بارد» على واجهة أكثر تعقيداً مع علامات تبويب وخيارات متعددة.

أما «بينغ» من «مايكروسوفت» فيستخدم الذكاء الاصطناعي لتقديم نتائج ذات صلة باستعلامات المستخدمين. إنه ليس نموذجاً لغوياً كبيراً، ولكن يمكن استخدامه لإنشاء نص وترجمة اللغات والإجابة عن الأسئلة.

وبما أنه محرك بحث، فإنه يحتوي على واجهة مستخدم مختلفة تسمح للمستخدمين بإدخال استعلامات البحث وعرض النتائج في قائمة.

أما «لامدا 2» فيحتوي على واجهة قائمة على الويب سهلة الاستخدام تنشئ ردودا على أسئلة واستفسارات المستخدم بإنشاء النصوص.

وبشكل عام يتميز «لامدا 2» بواجهة استخدام أكثر سهولة بينما يحتوي «تشات جي بي تي» على وظائف أكثر.

وبغض النظر عن الاختلافات ونقاط التشابه، يبقى الخيار الأفضل ما يلبي احتياجات المستخدم الخاصة وحاجته للمعلومات.


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض: «أبل» توقع على خطة أميركية لإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي

تكنولوجيا شعار شركة «أبل» يظهر وسط أفراد يصطفون للحصول على هاتف «آيفون» في مدريد 26 سبتمبر (أيلول) 2014 (أ.ف.ب)

البيت الأبيض: «أبل» توقع على خطة أميركية لإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي

قال البيت الأبيض إن شركة «أبل» وقعت على الالتزامات الطوعية التي دعا إليها الرئيس الأميركي جو بايدن وتحكم استخدام الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سيدة تسير إلى جوار متجر «آيفون» في مدينة ووهان الصينية (رويترز)

«أبل» تنضم للشركات الملتزمة بقواعد البيت الأبيض للذكاء الاصطناعي

انضمت شركة «أبل» إلى حوالي 12 شركة تكنولوجيا التزمت اتباع مجموعة قواعد للحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
خاص ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)

خاص 4 مليارات حادث سيبراني متوقع في أولمبياد باريس

فريق «استخبارات التهديدات» والذكاء الاصطناعي في طليعة أسلحة أول مركز موحد للأمن السيبراني في تاريخ الأولمبياد.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي... جيد في الفنون سيئ في الرياضيات

الذكاء الاصطناعي... جيد في الفنون سيئ في الرياضيات

يحدد الاحتمالات ولا يجري حسابات قائمة على القواعد.

ستيف لور (نيويورك)
تكنولوجيا يمكن أن يسهّل التعرف المبكر على المرضى الذين من المرجح أن يتقدموا بسرعة العلاج في الوقت المناسب والمراقبة الدقيقة (شاترستوك)

الذكاء الاصطناعي أكثر دقة بـ3 مرات في التنبؤ بتقدم مرض ألزهايمر

ابتكر باحثون بجامعة كمبردج نموذجاً للتعلم الآلي يمكنه التنبؤ بتطور مشاكل الذاكرة والتفكير الخفيفة إلى مرض ألزهايمر بدقة أكبر من الأدوات السريرية.

نسيم رمضان (لندن)

4 مليارات حادث سيبراني متوقع في أولمبياد باريس

ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)
ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)
TT

4 مليارات حادث سيبراني متوقع في أولمبياد باريس

ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)
ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)

في ذروة منافسات بطولة أوروبا لكرة القدم، منتصف الشهر الماضي، فوجئ ملايين البولنديين بعطل حرمهم من مشاهدة الشوط الأول من مباراة بلادهم أمام هولندا. بعدها بأسبوع، تكرر الأمر، وإن لوقت أقصر، خلال المواجهة مع النمسا.

اتضح أن الواقعتين اللتين استهدفتا شبكة التلفزيون الوطنية «تي في بي»، عبارة عن هجمتين سيبرانيتين من نوع يعرف بـ«الهجوم الموزع لحجب الخدمة» DDoS، وهو استهداف يغرق المواقع والخوادم بزيارات مصطنعة لتعطيل الوصول إلى خدماتها.

عشية دورة الألعاب الأولمبية في باريس، يتوقع المسؤولون عن تأمين هذا الحدث الرياضي العالمي سيبرانياً، أكثر من 4 مليارات حادث، استعدوا لمواجهتها بأول مركز موحد للأمن السيبراني في تاريخ الأولمبياد وبفرق «استخبارات» ونماذج الذكاء الاصطناعي.

وفي مقابلة مع «الشرق الأوسط»، يوضح إريك غريفيير، مدير الأعمال والتكنولوجيا في «سيسكو فرنسا» التي تتولى إدارة مركز الأمن السيبراني الموحد للأولمبياد، أن دورة ألعاب طوكيو عام 2021 شهدت حوالي 450 مليون حادث سيبراني. لكن «حجم الحوادث السيبرانية المتوقعة للألعاب الأولمبية الحالية أعلى بعشر مرات على الأقل، مما يستلزم نموذجًا أكثر كفاءة».

«قمرة قيادة» للكشف والاستجابة

حتى أولمبياد طوكيو، كان كل شريك تقني مسؤولاً عن تدابير الأمن السيبراني الخاصة به. إلا أن هذا العام يمثل المرة الأولى التي يشرف فيها شريك واحد للأمن السيبراني على الحدث بأكمله.

ويشير غريفيير إلى أن «وجود مركز تشغيلي واحد للأمن السيبراني يسمح بتنسيق أفضل واستجابة أكثر كفاءة للحوادث»، لافتاً إلى أن هذا القرار يعتمد على نماذج ناجحة في قطاعات أخرى، بما في ذلك القطاع المصرفي ودوري كرة القدم الأميركي حيث تتولى شركته أيضاً مسؤولية الأمن السيبراني.

مدير الأعمال والتكنولوجيا في «سيسكو فرنسا» إريك غريفيير متحدثاً إلى «الشرق الأوسط» (سيسكو)

يعد نظام الكشف والاستجابة الموسع XDRعنصراً محورياً في استراتيجية الشركة الأمنية. وينوه غريفيير إلى أن ذلك النظام يعمل بمثابة «قمرة قيادة شاملة» ويجمع البيانات من مختلف المصادر. كما يسهل التحقيقات من خلال ربط الأحداث، ويقوم بأتمتة الاستجابات للتهديدات المكتشفة. ويضمن هذا «رؤية شاملة لمشهد الأمن السيبراني ويتيح إدارة التهديدات بشكل استباقي»، حسب قوله. وتغطي مجموعة الأمن السيبراني الشاملة تلك جميع جوانب البنية التحتية الرقمية للألعاب الأولمبية، من أمان الشبكة والسحابة والتطبيقات إلى برامج حماية المستخدم النهائي.

ما دور الذكاء الاصطناعي؟

في مجال الأمن السيبراني، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً حاسماً في إدارة كميات هائلة من البيانات وتحديد التهديدات المحتملة. يقول غريفيير لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع توقّع وقوع 4 مليارات حادث، فإن إزالة الضوضاء أمر بالغ الأهمية». ويضيف أن كل حل يستخدمه مركز الأمن السيبراني للأولمبياد يشتمل على شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي أو التعلم الآلي لأتمتة معالجة هذه الحوادث، مما يسمح للمحللين بالتركيز على التهديدات الحقيقية.

ومن أمثلة ذلك بيئة تحليلات الشبكة الآمنة التي تجمع وتحلل حركة المرور على الشبكة لتحديد الأنماط غير المتوقعة. ويشير غريفيير إلى أنه من خلال بناء نماذج للسلوك النموذجي، «يمكن اكتشاف الانحرافات التي قد تشير إلى هجوم محتمل». ويعتبر أنه بينما يمكن أن تولد نتائج إيجابية كاذبة، فإنها توفر طبقة أساسية من الأمان من خلال الإشارة إلى أي أنماط غريبة لمزيد من التحقيق.

يتعمق أليكسي لوكاسكي، المدير الإداري ومستشار أعمال الأمن السيبراني في شركة «بوزيتيف تكنولوجيز»، في الدور المعقد الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني. ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن المهاجمين صقلوا مهاراتهم ويمكنهم من خلال الذكاء الاصطناعي أن يكونوا أكثر فعالية.

يُستخدم الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لإدارة كميات البيانات الهائلة وتحديد التهديدات المحتملة في مراقبة الأمن السيبراني (شاترستوك)

ويشير إلى انتشار مقطع فيديو مزيف يُزعم أنه من وكالة المخابرات المركزية الأميركية على الإنترنت قبل بدء الألعاب الأولمبية يحذر الأميركيين من استخدام مترو باريس بسبب خطر وقوع هجوم إرهابي. كما ظهر فيلم وثائقي مزيف منسوب إلى «نتفليكس» يظهر فيه الممثل الأميركي توم كروز يدين قيادة اللجنة الأولمبية الدولية.

ويعتبر لوكاسكي أن المعلومات المضللة هي التغيير الرئيسي في استغلال الذكاء الاصطناعي لأغراض ضارة خلال هذه الألعاب الأولمبية. ويحذر من أن ملايين الناس سيسافرون إلى باريس من دون معرفة المدينة أو المناطق المحيطة بها جيداً. وقد يواجهون محاولات التصيد الاحتيالي بجميع أشكاله، كالتطبيقات المزيفة، والمواقع المزيفة لبيع التذاكر، وحجز الفنادق، والمواصلات، إضافة إلى البث المزيف ونتائج الأحداث الرياضية المزيفة. هذه تهديدات تقليدية وستركز على أكبر حدث رياضي هذا العام لتجبر المستخدمين على التخلي عن بياناتهم الشخصية وأموالهم وخصوصيتهم.

«فريق استخبارات» التهديدات السيبرانية

عند السؤال عن أنواع التهديدات السيبرانية التي قد تواجهها الألعاب الأولمبية، يجيب غريفيير بأن المخاطر الأساسية قد تتمثل في انقطاع المسابقات والبث، ما يؤثر بشكل مباشر على نجاح الحدث وإيراداته. ويتابع أن التهديدات الأخرى قد تتراوح من سرقة البيانات ونشر برامج الفدية إلى التخريب. ويوضح أن «فريق استخبارات التهديدات (سيسكو تالوس) يراقب باستمرار الأنشطة التي قد تشير إلى تهديدات محتملة».

تلعب وحدة استخبارات التهديدات هذه دوراً محورياً في حماية الألعاب الأولمبية. وقد تم تكليف هذا الفريق بمراقبة التهديدات الإلكترونية العالمية وتوفير المعلومات الاستخباراتية في الوقت المناسب لاستباق الهجمات المحتملة.

ويلفت غريفيير إلى أن شركته تراقب منذ أوائل عام 2022، «كل خطأ يمكن أن يحدث»، ومن خلال دراسة كيفية عمل مجرمي الإنترنت «يمكن توقع تحركاتهم بشكل أفضل وتنفيذ تدابير مضادة فعالة، لضمان بقاء الفريق متقدماً بخطوة على التهديدات المحتملة، وتحديد أي نشاط مشبوه ومعالجته بسرعة».

أبعاد سياسية

ويحذر باولو باسيري، أخصائي الاستخبارات الإلكترونية في شركة «نيت سكوب»، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، من دور مجرمي الإنترنت خلال فترات الاهتمام الإعلامي العالمي بالأحداث الرياضية الدولية، ويؤكد على أهمية وجود أنظمة أمنية واسعة النطاق وشاملة.

انقطاع المسابقات والبث مخاطر أساسية تهدد الألعاب الأولمبية على الصعيد السيبراني (شاترستوك)

ويقول إن الأحداث الرياضية تشكل فرصة لمجرمي الإنترنت لتطبيق تقنياتهم على أكبر عدد ممكن من الناس وتعطيل المنظمات من أجل المطالبة بفدية أو إيصال رسالة. وبالتالي فإن قضية الأمن السيبراني تشكل مصدر قلق رئيسياً.

ويشير باسيري إلى برنامج Olympic Destroyer الضار الذي اتهمت الولايات المتحدة الاستخبارات الروسية بتطويره وكان مسؤولاً عن تعطيل أنظمة تكنولوجيا المعلومات في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2018 في كوريا الجنوبية. ويعتبر أن «خطر حدوث اضطرابات مماثلة أصبح اليوم أكثر أهمية بالنظر إلى الوضع الجيوسياسي في أجزاء مختلفة من العالم».

دور الاستجابة للحوادث

في حالة وقوع حادث إلكتروني، يُعد وجود خطة قوية للاستجابة للحوادث أمرًا بالغ الأهمية. وقد نفذت «سيسكو» إطار عمل شامل للاستجابة للحوادث للتعامل مع التهديدات المحتملة. ويشرح غريفيير أن خطة الاستجابة للحوادث تتضمن طبقات متعددة من الدفاع، من الاكتشاف الأولي إلى العلاج، وأن فريقه يجري تدريبات ومحاكاة منتظمة لضمان استعداده للاستجابة لأي موقف.

تم تصميم هذه التدريبات لاختبار جاهزية فريق الأمن السيبراني والتأكد من اتباع جميع البروتوكولات بشكل صحيح بما في ذلك خروقات البيانات وهجمات برامج الفدية واختراقات الشبكة، لتقييم قدرات الاستجابة. ويساعد هذا في تحديد أي ثغرات في الدفاعات وتحسين استراتيجيات الاستجابة، بحسب وصفه.

لكن غريفيير يوضح أن التعاون الفعال بين اللجنة الأولمبية الدولية ومختلف شركاء التكنولوجيا «هو مفتاح نجاحنا» في مهمة التأمين، مشيراً إلى أنه «من خلال مشاركة المعلومات والعمل معًا، يمكننا حماية الحدث بشكل أفضل من التهديدات السيبرانية. إنه جهد جماعي، ويلعب الجميع دوراً حاسماً في ضمان أمن الألعاب الأولمبية».

مع إشعال الشعلة الأولمبية لروح المنافسة، سترسم الدروس المستفادة والابتكارات التي تم تطويرها للألعاب الأولمبية 2024، شكل ممارسات الأمن السيبراني للأحداث المستقبلية بهذا الحجم.