إطلاق العنان لقوة الذكاء الاصطناعي في قطاعي المال والتأمين

تقييم المخاطر والتنبؤ بها ومطالب لحماية أمن المعلومات

الذكاء الاصطناعي يعمل على تحديث القطاعات المالية والتأمينية من خلال تبسيط العمليات (شاترستوك)
الذكاء الاصطناعي يعمل على تحديث القطاعات المالية والتأمينية من خلال تبسيط العمليات (شاترستوك)
TT

إطلاق العنان لقوة الذكاء الاصطناعي في قطاعي المال والتأمين

الذكاء الاصطناعي يعمل على تحديث القطاعات المالية والتأمينية من خلال تبسيط العمليات (شاترستوك)
الذكاء الاصطناعي يعمل على تحديث القطاعات المالية والتأمينية من خلال تبسيط العمليات (شاترستوك)

لا تتوانى قدرات الذكاء الاصطناعي عن مفاجأتنا بسرعة تطورها وقدرتها على معالجة كميات ضخمة من البيانات، واستخلاص الأفكار وتطبيق المهام المعقدة في مجالات كثيرة، ومنها المؤسسات المالية وشركات التأمين.

ينتقل الذكاء الاصطناعي من حالته الحالية المتمثلة في «الكشف والإصلاح» إلى «التنبؤ والوقاية»، مما يؤدي إلى «إحداث تغيير جذري في كل جانب من جوانب عمل المؤسسات المالية وشركات التأمين». هذا ما قاله نيراج غوبتا، الرئيس التنفيذي لشركة «بوليسي بازار (PolicyBazaar)» في حديث لـ«الشرق الأوسط»، عادّاً الذكاء الاصطناعي «يساعد شركات التأمين في العثور على دليل على المطالبات الاحتيالية المحتملة، ويسرع عملية الاكتتاب». ويعتبر الخبراء أن الذكاء الاصطناعي مفيد بشكلٍ خاص في تمويل الشركات حيث يمكنه التنبؤ بمخاطر القروض وتقييمها بشكلٍ أفضل. ووفقاً لأبحاث السوق، من المتوقع أن يصل الذكاء الاصطناعي في سوق التأمين إلى 45.74 مليار دولار بحلول عام 2031.

الذكاء الاصطناعي ينتقل من حالة "الكشف والإصلاح" إلى "التنبؤ والوقاية" في عالم المال والتأمين (شاترستوك)

مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي

أشار تقرير حديث صادر عن «Gitnux»، إلى أن الذكاء الاصطناعي يُعد من أسرع الصناعات نمواً في العالم، حيث يبلغ متوسط ​​معدل النمو 33.2 في المائة، وزيادة تُقدَّر بنحو 26 في المائة، في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030. وأضاف التقرير أن 54 في المائة من مؤسسات الخدمات المالية التي تضم أكثر من 5000 موظف تبنت الذكاء الاصطناعي مع 37 في المائة منها تستخدمه لتقليل التكاليف التشغيلية و70 في المائة تستخدم التعلم الآلي للتنبؤ بأحداث التدفق النقدي، وضبط درجات الائتمان واكتشاف الاحتيال، لكن أين تكمن المخاطر؟

يشرح نيراج غوبتا، الرئيس التنفيذي لشركة «بوليسي بازار» في حديثه لـ«صحيفة الشرق الأوسط» أن الذكاء الاصطناعي «قد يغير مشهد المخاطر بشكلٍ كبير من خلال تحويل بعض المخاطر من (منخفضة الشدة/ عالية التواتر) إلى (عالية الشدة/ منخفضة التواتر). وهذا يتطلب من شركات التأمين إعادة التفكير في التغطية التأمينية التقليدية وتصميم منتجات التأمين المناسبة».

الاتجاهات والتطورات المستقبلية

«هناك 5 اتجاهات تقنية على استعداد لإعادة تشكيل مشهد التأمين، كما يقول نيراج غوبتا، منها «الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الموزعة ومستقبل الاتصال والأتمتة من المستوى التالي وبنية الثقة». ويرى أنه مع ظهور التقنيات المتطورة «نشهد وقتاً مثيراً للغاية بالنسبة لقطاع التأمين في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، حيث من المرجح أن تزدهر تكنولوجيا التأمين في السنوات الخمس المقبلة».

تستفيد شركات التأمين بشكلٍ استباقي من خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحديد الأنشطة الاحتيالية أو المطالبات غيرالعادية.( شاترستوك)

اكتشاف الاحتيال والوقاية منه

لطالما كان الاحتيال مصدر قلق كبيراً بالنسبة للشركات المالية والتأمين. وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات من حيث تحسين آليات اكتشاف الاحتيال والوقاية منه بشكل كبير؛ فالذكاء الاصطناعي يساعد في اكتشاف الاحتيال في المراحل المبكرة بفضل تزويده بكمية كبيرة من البيانات المالية وبيانات الحساب والمعاملات.

إلا أن ماهر يموت الخبير الأمني الأول لدى شركة «كاسبريسكي» يرى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن العديد من منصات الذكاء الاصطناعي «غير مقاومة للرصاص»، وذلك عندما يتعلق الأمر بتقديم الإجابات بسبب اعتمادها على السحابة. ويضيف: «بعض نتائج الذكاء الاصطناعي التوليدي تحتوي على أخطاء عامة، فما بالك عندما يتعلق الأمر بإجابات مرتبطة بالبرمجة والقانون والتمويل؟!». لذا فإن الاعتماد المفرط على أنظمة الذكاء الاصطناعي حتى هذا اليوم «هو خطأ شائع يجب تجنبه».

مخاوف متزايدة نتيجة بعض أخطاء عامة ينتجها الذكاء الاصطناعي التوليدي.( شاترستوك)

تقنيات التعرف على الوجه

تُعدّ القياسات الحيوية طريقة آمنة لمصادقة المستخدم في التطبيقات المالية. يتم استخدامها أيضاً عاملاً إضافياً بعد كلمات المرور لزيادة أمان الحساب. لكن كيف تؤثر قدرات الذكاء الاصطناعي على ذلك؟ يجيب ماهر يموت قائلاً: «إن مثل هذه المقاييس الحيوية تصبح معرضة للخطر، لأنه يمكن لأي شخص حالياً إنشاء وجه ثلاثي الأبعاد كامل من أي صورة ثابتة، أو إنشاء نسخ صوت اصطناعي لصوت المستخدم الأصلي لتجاوز هذه الإجراءات الأمنية».

أداة جديدة لمنع الاحتيالات

شركة «ماستركارد» المتخصصة في مجال الدفع عبر بطاقات الائتمان، أعلنت في السادس من شهر يوليو (تموز) الحالي عن أداة جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي من أجل منع المدفوعات المالية إلى أي جهة احتيالية. الأداة التي تحمل اسم مخاطر احتيال المستهلك (Consumer Fraud Risk) تعمل في الوقت الفعلي للتنبؤ بالمدفوعات التي تتضمن احتيالاً من أي نوع ثم تمنعه بحسب الشركة. وبدأت «ماستركارد» إطلاق أداتها الجديدة في المملكة المتحدة لعملاء 9 بنوك مختلفة، منها بنك «اسكوتلندا» و«نات ويست» و«مونزو» و«هاليفاكس» و««TSB وغيرها. واستفادت «ماستركارد» من تتبع نشاط الحسابات الاحتيالية وربطها بعوامل تحليل محددة مثل أسماء الحسابات وقيم المدفوعات وسجلات الدفع وارتباطها بالحسابات ذات الصلة بعمليات الاحتيال.

لطالما صناعات التأمين والتمويل اعتمدت على تحليلات البيانات، والآن يأتي دور الذكاء الاصطناعي. لكن مع توسيع قدراته، تزداد خطورة تعرض البيانات أكثر من ذي قبل، وهنا تبرز أهمية وجود إرشادات جديدة وتقنيات حماية متطورة تراقب وتنظم الذكاء الاصطناعي واستعمالاته.


مقالات ذات صلة

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا  الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

طلبت الحكومة الأميركية، الأربعاء، من القضاء إجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»، في إجراء يهدف لمكافحة الممارسات الاحتكارية المتّهم بارتكابها عملاق التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك بهدف تكوين صورة بصرية ذات معنى لمشهد ما تقوم أعيننا بسلسلة من الحركات السريعة المنسقة (رويترز)

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

تبرز مؤخراً طريقة جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر ترتبط بالاستماع إلى حركة عيون المرضى عبر ميكروفونات في آذانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أحدث نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة من مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024»

يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
TT

أحدث نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة من مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024»

يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

انطلقت قبل قليل فعاليات مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» Microsoft Ignite 2024 من مدينة شيكاغو الأميركية، الذي يستمر إلى نهاية الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني). وحصلت «الشرق الأوسط» على نظرة استباقية حول «عملاء الذكاء الاصطناعي» AI Agents، ونذكرها في هذا الموضوع.

بداية، تتوجه «مايكروسوفت» نحو تبني الذكاء الاصطناعي على صعيد أوسع في جميع خدماتها، وذلك من خلال ما يعرف بـ«عملاء الذكاء الاصطناعي» و«كوبايلوت» Copilot لتسريع عمليات الشركات والموظفين وتطوير البرامج والتحول إلى الذكاء الاصطناعي على جميع الصعد.

يمكن إيجاد «عميل ذكي» بكل سهولة باستخدام اللغة البشرية

مَن هم «عملاء الذكاء الاصطناعي»؟

«عملاء الذكاء الاصطناعي» هي أدوات لأتمتة الأعمال اليومية بذكاء باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن تطويرها بسهولة كبيرة وباستخدام النصوص البشرية وليس البرمجية. ويمكن لـ«العملاء» الرد على استفسارات الزبائن عبر الإنترنت بشكل آلي طوال الوقت وتنظيم الجداول المالية والبحث في آلاف الوثائق عن إجابة محددة للزبون، ومن ثم اتخاذ الإجراءات التالية آلياً أو رفعها إلى المستخدم ليعالج الحالات الخاصة يدويا. ويمكن تلخيص تعريف هذه الأدوات على أنها تطبيقات المستقبل المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

قدرات فائقة

ويستطيع «العملاء الأذكياء» مراجعة سجل منتجات الشركة وتحليلها وتلخيصها للمهتمين الذين يرسلون رسائل البريد الإلكتروني إلى الشركة للاستفسار عن منتج أو خدمة محددة، أو الذين يسألون عن ذلك عبر نظام الدردشة في موقع الشركة. ويمكنها كذلك إكمال سلسلة العمل لدى طلب منتج ما وإصدار وإرسال فاتورة الشراء إلى الزبون وطلب استلام المنتج من شركة التوصيل ومتابعة حالة الطلب، دون أي تدخل من المستخدم.

كما يمكنهم البحث في ملفات الشركة الموجودة في SharePoint أو في مجلدات خاصة فيها، والإجابة عن أسئلة الموظفين أنفسهم، مثل سؤال موظف: «ما عدد المنتجات التي تم تسليمها في آخر أسبوعين؟» أو «ما هو إجراء طلب نقل موظف إلى فرع آخر؟»، ليجيب «العميل الذكي» وكأن المتحدث يدردش مع خدمة ذكاء اصطناعي تقليدية، وبالأسلوب نفسه.

تحويل النصوص لغاتٍ مختلفة

ويستطيع بعض «العملاء» تحويل النصوص بين اللغات المختلفة في اجتماعات برنامج «تيمز» ومحاكاة صوت المستخدم ونبرته وتحويلها لغة أخرى بشكل مباشر دون أن يشعر أي شخص بذلك، ليستطيع المشاركون التحدث بلغات العالم وكسر حواجز اللغة بينهم خلال الاجتماعات والتركيز على المسائل المهمة في كل اجتماع. ويستطيع البعض الآخر حل المشاكل التقنية في كومبيوترات المستخدمين. ويستطيع البعض الآخر مساعدة المستخدم في ترتيب جدول أعماله، حيث يمكنه ملاحظة أن اجتماعاً ما قد تجاوز مدته المطلوبة، ليقوم بإعادة جدولة الاجتماع التالي آلياً، أو تلخيص رسائل البريد الإلكتروني غير المقروءة التي وصلت المستخدم خلال اجتماعه وذكر نقاط العمل التالية لكل رسالة.

هذا، وتمت إضافة «العملاء الأذكياء» إلى شبكة «لينكدإن» LinkedIn لمساعدة مديري التوظيف في العثور على الموظفين ذوي المهارات المناسبة وبكل سهولة.

كيفية إعداد «عميل ذكي»

ويمكن إعداد «عميل ذكي» جديد بشكل سهل وباستخدام اللغة البشرية، مع وضع تسلسل العمليات المطلوبة («مثل البحث عن المعلومة، ومن ثم الإجابة عن السؤال، ومن ثم إرسال بريد إلكتروني في حال طلب المستخدم ذلك، أو تحويل الطلب إلى شخص محدد في حال عدم العثور على المعلومة»، وغيرها) وتفعيل «العميل الذكي» فوراً.

ولا يحتاج المستخدم إلى أي خبرة برمجية لإعداد «عميل ذكي» جديد، وكأنه وثيقة نصية جديدة في برنامج «وورد» أو جدول حسابات في «إكسل». يكفي إعداد آلية العمل وكتابة ما الذي ينبغي القيام به في «مايكروسوفت 360 كوبايلوت» لبدء العمل.

برامج «تفهم» المستقبل الذكي

ويمكن للمطورين استخدام خدمة «أزور إيه آي إغنايت» Azure AI Agent Service لدمج «العملاء الأذكياء» مع نصوصهم البرمجية للحصول على برامج متقدمة مدعمة بالذكاء الاصطناعي دون الحاجة إلى كتابة نصوص برمجية معقدة مرتبطة بلغات الذكاء الاصطناعي، حيث يستطيع «العملاء الأذكياء» فهم وإدراك السياق الذي تعمل فيه وتقوم بتقسيم العمل أجزاء وخطوات عدّة والعمل على كل منها وإكمالها بشكل سريع وأكثر كفاءة مما سابق.

كما سيستطيع «العملاء الأذكياء» تقييم المخاطر وخفضها أو تجاوزها وتقديم تقارير الأداء ومتابعة تنفيذ التوصيات، مع وجود الإشراف البشري على الخطوات الأخيرة للتأكد من دقتها وصحتها وضمان عدم حدوث أي خطأ قد يتسبب بضرر على سير العمل.