حرب ماسك وزوكربيرغ... تاريخ من التنافس يحتدم بإطلاق «ثريدز»

TT

حرب ماسك وزوكربيرغ... تاريخ من التنافس يحتدم بإطلاق «ثريدز»

ماسك وزوكربرغ وموجات من الانتقادات الكلامية (أ.ب)
ماسك وزوكربرغ وموجات من الانتقادات الكلامية (أ.ب)

يبدو إطلاق شركة «ميتا»، اليوم (الخميس)، رسمياً تطبيق «ثريدز» المنافس لـ«تويتر»، بداية لحرب قُرع صدى طبولها مراراً وتكراراً بين أكبر شركتي تواصل اجتماعي في العالم.

إصدار «ثريدز» نفسه يأتي بعد أيام من إعلان مالك «تويتر» إيلون ماسك قيوداً «مؤقتة» على عدد المنشورات التي يمكن قراءتها على المنصة، وتمكين حسابات المستخدمين الموثقة فقط من الوصول إلى «تويت دك»، أداة النشر التابعة لـ«تويتر».

قرارات ماسك الأخيرة أثارت انتقادات بعض مستخدمي المنصة، فيما عد خبراء أنها تقوض سلطة الرئيس التنفيذي لـ«تويتر» ليندا ياكارينو التي تولت منصبها في مايو (أيار) الماضي. وسعت «ميتا» إلى استغلال هذا الجدل لإطلاق المنافس الجديد.

ماسك وزوكربيرغ... تاريخ من المواجهات الكلامية

لكن التجاذبات بين «ميتا» و«تويتر» لها تاريخ طويل. ففي مطلع العام الحالي، وجّه ماسك انتقادات علنية إلى منتجات «ميتا»، بما في ذلك «فيسبوك» و«إنستغرام»، متهماً إياها عبر تغريدة له بـ«الرقابة وعدم الابتكار». كما أعاد نشر تغريدة لمدونة بقلم شاماث باليهابيتا وهو أحد أصحاب رؤوس المال ومهندس سابق في «فيسبوك»، وصف فيها الشركة بأنها «ديناصور على وشك الانقراض».

أما الرئيس التنفيذي لـ«ميتا» مارك زوكربيرغ فوصف في أغسطس (آب) 2022 «تويتر» بأنه كان «مقيداً للغاية» في سياسات الاعتدال وأنه «يفرض رقابة» على وجهات نظر معينة. وجاء رأي زوكربيرغ هذا في سياق الجدل الدائر حول دور وسائل التواصل الاجتماعي في الانتخابات الأميركية عام 2016، والقلق من استخدامها لنشر معلومات مضللة والتلاعب بالرأي العام.

هاتان الواقعتان هما فقط أحدث مظاهر ما قد يعده البعض «العداء العلني» بين «ميتا» و«تويتر»، أو ربما بين صاحبي الشركتين. ولعل دعوة زوكربيرغ لماسك إلى مباراة مصارعة داخل قفص قبلها الأخير، أبلغ تعبير عن شراسة التنافس بينهما.

الذكاء الاصطناعي مقابل صواريخ الفضاء

موجة أخرى من مواجهات ماسك وزوكربيرغ غير الجسدية تعود إلى نحو ست سنوات خلت، ومحورها مواضيع مثل الذكاء الاصطناعي والصواريخ.

ففي عام 2016 عندما انفجر صاروخ من شركة «سبيس إكس» التابعة لماسك ودمر قمراً صناعياً لـ«فيسبوك»، أصدر زوكربيرغ بياناً قال فيه إنه يشعر بـ«خيبة أمل شديدة» بشأن فشل «سبيس إكس».

قابل ذلك حذف ماسك علناً صفحات شركتي «تسلا» و«سبيس إكس» من «فيسبوك» عند تورط الأخيرة في فضيحة «كامبردج أنالتيكا»، شركة الاستشارات السياسية التي حصلت بشكل غير قانوني على بيانات ملايين من مستخدمي «فيسبوك».

شعار شركتي «ميتا» و«تويتر» (الشرق الأوسط)

ورغم هذه الانتقادات المتكررة بين الشركتين، يعد خبراء التكنولوجيا أن تعاوناً بينهما قد يبصر النور قريباً في ما يتعلق بتطوير تقنيات إعلانية جديدة، في مواجهة القواعد التي تصعب مشاركة بيانات المستخدمين لإنشاء إعلانات أكثر استهدافاً وفعالية.

كما قد يشمل التنسيق بين الشركتين تحسين ميزات أمان منصتيهما ومشاركة المعلومات حول التهديدات ونقاط الضعف، والعمل معاً لتحسين تجربة المستخدم.

وقد يرسم مصير «ثريدز» حدود الحرب بين «ميتا» و«تويتر»، فيما يراقب مستخدمو منصاتهما التنافس بينهما، آملين بأن يصب في مصلحتهم.


مقالات ذات صلة

شولتس يحذر من «السذاجة» على وسائل التواصل الاجتماعي

أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس  (د.ب.أ)

شولتس يحذر من «السذاجة» على وسائل التواصل الاجتماعي

أوصى المستشار الألماني أولاف شولتس مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بإلقاء نظرة نقدية على المعلومات المنشورة هناك، محذراً من «السذاجة» في التعامل مع المعلومات.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق والمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب يشير أثناء حديثه خلال تجمع حاشد في دورال- فلوريدا في 9 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

«ميتا» ترفع بعض القيود المفروضة على حسابات ترمب

قالت شركة «ميتا» إنها قررت رفع بعض القيود التي كانت مفروضة على حسابي الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على «فيسبوك» و«إنستغرام».

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ شعار منصة «ميتا» (أ.ف.ب)

وسط نزاع حول الرموز المرتبطة بغزة...«ميتا» تحظر بيع كعك يحمل رمزاً للبطيخ

اتُهمت شركة «ميتا» بالتورط في رقابة داخلية مفرطة، بعد أن حظرت بيع الكعك الذي يحمل رمزاً للبطيخ، حيث تم تفسيره على أنه رمز للعلم الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي أب فلسطيني يحمل جثمان ولده الذي قُتل في غارة إسرائيلية بمستشفى شهداء الأقصى أمس (رويترز)

«ميتا» ستزيل أي منشور يسيء استخدام مصطلح «صهيوني»

أعلنت «ميتا» الشركة الأم لمنصّتي «فيسبوك» و«إنستغرام» الثلاثاء أنها ستزيل من الآن فصاعداً كل منشور يتضمّن كلمة «صهيوني»

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
تكنولوجيا شعار منصة «ميتا» (أ.ف.ب)

«ميتا» ستزيل المزيد من المنشورات التي تستهدف «الصهاينة»

أعلنت منصة «ميتا»، الثلاثاء، أنها ستبدأ في إزالة المزيد من المنشورات التي تستهدف «الصهاينة»؛ إذ يُستخدم المصطلح للإشارة إلى الشعب اليهودي والإسرائيليين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«كراود سترايك»: 97 % من أجهزة استشعار «ويندوز» عادت للعمل

«كراود سترايك» هي شركة تكنولوجيا أميركية عملاقة تقدر قيمتها بأكثر من 80 مليار دولار (شاترستوك)
«كراود سترايك» هي شركة تكنولوجيا أميركية عملاقة تقدر قيمتها بأكثر من 80 مليار دولار (شاترستوك)
TT

«كراود سترايك»: 97 % من أجهزة استشعار «ويندوز» عادت للعمل

«كراود سترايك» هي شركة تكنولوجيا أميركية عملاقة تقدر قيمتها بأكثر من 80 مليار دولار (شاترستوك)
«كراود سترايك» هي شركة تكنولوجيا أميركية عملاقة تقدر قيمتها بأكثر من 80 مليار دولار (شاترستوك)

بعد أسبوع من الأزمة العالمية التي تسببت بها شركة «كراود سترايك» عندما أثّر تحديث في نحو 8.5 مليون جهاز يعمل بنظام «ويندوز»، سارع جورج كورتز، رئيس الشركة، إلى بثّ رسالة طمأنة، مؤكداً فيها أن 97 في المائة من أجهزة استشعار «ويندوز» عادت للعمل اعتباراً من 25 يوليو (تموز). وقال كورتز إن نجاح ذلك يعود إلى تطوير تقنيات الاسترداد التلقائي، وتعبئة جميع الموارد لدعم العملاء. كما أصدرت الشركة مراجعة أولية لما بعد الحادث (PIR) تشرح من خلالها السبب الجذري للعطل.

ماذا حدث؟

في يوم الجمعة 19 يوليو، أصدرت «كراود سترايك» تحديثاً لتكوين المحتوى لمستشعر «ويندوز» لجمع القياس عن بُعد حول تقنيات التهديد الجديدة المحتملة. وتعدّ مثل هذه التحديثات روتينية، وهي جزء من آليات الحماية الديناميكية لمنصة «فالكون». تقول الشركة: «لسوء الحظ، أدى تحديث تكوين محتوى الاستجابة السريعة هذا إلى تعطل نظام (ويندوز)».

شملت الأنظمة المتأثرة أجهزة تعمل بنظام «ويندوز» بإصدار المستشعر (7.11) وما فوق، التي كانت متصلة بالإنترنت وتلقت التحديث في ذلك التوقيت. لم تتأثر أجهزة «ماك»، و«لينكس» كما ذكرت الشركة في تقريرها، وأنه تم إصلاح الخلل بسرعة.

أثّر الانقطاع في العملاء بما في ذلك شركات الطيران والقطارات والمطارات وأنظمة الدفع ومحلات السوبر ماركت (شاترستوك)

ما الخطأ بحسب «كراود سترايك»؟

في فبراير (شباط) 2024، قدمت الشركة نوع قالب «InterProcessCommunication (IPC)» الجديد المصمم للكشف عن تقنيات الهجوم المتطورة. اجتاز نوع القالب هذا الاختبارات الأولية في 5 مارس (آذار)، مما دفع إلى إصدار نموذج قالب مماثل. بين 8 و24 أبريل (نسيان)، تم نشر 3 نماذج قالب «IPC» أخرى، وجميعها يعمل دون التسبب في مشكلات لملايين أجهزة «ويندوز». ويشار إلى أن أجهزة «لينكس (Linux)» واجهت بعض المشكلات مع «كراود سترايك» في أبريل الماضي.

في 19 يوليو، أصدرت «كراود سترايك» نموذجين إضافيين لقالب «IPC». تقول الشركة إنه «لسوء الحظ، احتوى أحد هذين النموذجين على (بيانات محتوى تسبب المشكلات) وتم نشره بسبب خطأ في «محقق المحتوى». وفي حين أن الدور المحدد لمحقق المحتوى غير مفصل، فمن المفترض أنه يتحقق من المحتوى بحثاً عن أخطاء قبل الإصدار.

سمح هذا الإهمال بتشغيل «Template Instance»، وهو في الأساس تطبيق محدد لقالب عام يحتوي على أخطاء أو تناقضات، شُغل استناداً إلى الافتراض الخاطئ بأن الاختبارات الناجحة لأنواع النماذج السابقة ضمنت سلامة إصدار 19 يوليو. أثبت هذا الافتراض أنه كارثي، مما أدى إلى «قراءة ذاكرة خارج الحدود تؤدي إلى حدوث استثناء». أدى هذا الاستثناء غير المعالج إلى تعطل نظام التشغيل «ويندوز» على نحو 8.5 مليون جهاز.

رداً على هذا الحادث، التزمت «كراود سترايك» بإجراء اختبارات أكثر صرامة لمحتوى الاستجابة السريعة في المستقبل. وأعلنت أنها تخطط لتأخير الإصدارات، ومنح المستخدمين مزيداً من التحكم في توقيت النشر، وتوفير ملاحظات إصدار شاملة.

خطأ بشري كان السبب!

في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، يرى ماهر يمّوت باحث أمني رئيسي في فريق البحث والتحليل العالمي لدى شركة «كاسبرسكي» أن السبب المحدد لانقطاع الخدمة المفاجئ لا يُعد محورياً هنا». ويشرح يمّوت أن «ما يهم هو أن خطأ بشرياً أو خطأ في العملية أدى إلى تحديث سيئ، مما تسبب في تعطل الأنظمة العالمية.» ولتقليل احتمال حدوث ذلك في المستقبل، ينصح يمّوت «بضرورة تنفيذ عملية التحديث على جانب العميل لترتيب التحديثات، بدلاً من الاعتماد فقط على التحديثات التلقائية من المصدر».

يُتخوَّف من استغلال المقرصنين لحادثة «كراود سترايك» لإنشاء مواقع ويب وهمية للاسترداد وصفحات تصيّد أخرى (شاترستوك)

استغلال من المقرصنين

كان خبراء ووكالات الأمن السيبراني قد حذّروا من موجات قرصنة قد يتعرّض لها المستخدمون مرتبطة بالحادث. وطالبت وكالات الأمن السيبراني في المملكة المتحدة وأستراليا الأشخاص بتوخي الحذر من رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات والمواقع الإلكترونية المزيفة التي تتظاهر بأنها رسمية. وقالت الوكالات إنها لاحظت بالفعل زيادة في عمليات التصيد الاحتيالي التي تشير إلى هذا الانقطاع، حيث تسعى الجهات الخبيثة الانتهازية إلى الاستفادة من الموقف. وحث جورج كورتز، رئيس شركة «كراود سترايك» المستخدمين على التأكد من التحدث إلى ممثلين رسميين من الشركة قبل تحميل أي تحديثات.

وأفاد ماهر يمّوت بأن مجرمي الإنترنت يقومون بإنشاء مواقع ويب وهمية للاسترداد، وصفحات تصيد أخرى لمحاولة خداع المستخدمين المتأثرين بانقطاع تكنولوجيا المعلومات هذا. وأوضح خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك يسمى «تكتيك الهندسة الاجتماعية الذي يستخدمه المحتالون غالباً لاستغلال الأشخاص في أثناء حوادث عالمية مماثلة».

تفسيرات ومناقشات واسعة النطاق

أثار الحادث مناقشات وانتقادات كثيرة دفعت البعض للتعمق في الكود المحدد الذي أدى إلى التعطل، بينما يشكك آخرون في فاعلية العمليات الداخلية لشركة «كراود سترايك». وقد تم استدعاء الرئيس التنفيذي لشرح هذا الفشل من قبل لجنة الأمن الداخلي الأميركية، مسلطاً الضوء على أهمية الحدث. وقد تسبب الحادث في اضطرابات تتجاوز المجال التقني، مؤثراً في الشركات والأفراد الذين يعتمدون على عمليات الكومبيوتر المستمرة، العاملة بنظام «ويندوز».

يؤكد خطأ «كراود سترايك» أهمية عمليات الاختبار والتحقق القوية في تطوير البرامج، خصوصاً لمنتجات الأمان التي تحمي ملايين الأجهزة. وربما يشكّل التزام الشركة بتحسين إجراءاتها والشفافية في التعامل مع العواقب خطوةً حاسمةً في استعادة ثقة المستخدم ومنع وقوع حوادث مماثلة في المستقبل.