دراسة: غرينلاند كانت خالية من الجليد في الماضي القريب

قارب صيد يبحر بجوار جبل جليدي كبير عند مصب مضيق ياكوبشافنز الجليدي بالقرب من إيلوليسات في غرينلاند في 15 مايو 2007 (رويترز)
قارب صيد يبحر بجوار جبل جليدي كبير عند مصب مضيق ياكوبشافنز الجليدي بالقرب من إيلوليسات في غرينلاند في 15 مايو 2007 (رويترز)
TT

دراسة: غرينلاند كانت خالية من الجليد في الماضي القريب

قارب صيد يبحر بجوار جبل جليدي كبير عند مصب مضيق ياكوبشافنز الجليدي بالقرب من إيلوليسات في غرينلاند في 15 مايو 2007 (رويترز)
قارب صيد يبحر بجوار جبل جليدي كبير عند مصب مضيق ياكوبشافنز الجليدي بالقرب من إيلوليسات في غرينلاند في 15 مايو 2007 (رويترز)

قدمت دراسة جديدة أوضح دليل حتى اليوم على أن غرينلاند كانت خالية من الجليد إلى حد كبير على مدى السنوات المليون الماضية، بينما كانت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أقل كثيراً مما هي عليه راهناً، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

والآثار المترتبة على البشرية كبيرة؛ لأنّ هذه الدراسة تثير مخاوف من خطر ارتفاع مستوى البحار أكثر مما كان متوقعاً في السابق.

وقال الأستاذ في جامعة فيرمونت والمعدّ الرئيسي للدراسة بول بيرمان، في حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»: «بتنا نعلم أنّ الطبقة الجليدية بأكملها معرَّضة للذوبان».

واكتشف فريق من الباحثين بقايا نباتات وحشرات في نواة جليدية على عمق 3 كيلومترات وسط الجزيرة.

واستُخرجت هذه النواة المسماة GISP2 في عام 1993. وسبق أن خضعت لدراسة، لكن حتى اليوم لم يفكر أحد في البحث عن بقايا في قاعدتها؛ لأن فكرة أنّ غرينلاند كانت خالية من الجليد في الماضي الجيولوجي الحديث كانت تبدو حتى اليوم غير مرجحة كثيراً.

وقال بيرمان: «لقد رأينا البقايا في أول نصف ساعة من العمل».

ووجد الباحثون في طبقة يبلغ سُمكها نحو 8 سنتيمترات، خشب صفصاف وكمية من الفطر وبذور خشخاش وعين حشرة. وأشارت الدراسة التي نشرت نتائجها، الاثنين، مجلة «PNAS»، إلى أنّ نظاماً بيئياً كاملاً كان موجوداً في هذا المكان خلال تلك المرحلة.

وإذا كان الجليد الموجود في وسط الجزيرة قد ذاب، فمن شبه المؤكد أنّه كان غائباً في غالبية هذه المنطقة الشاسعة، وفق بول بيرمان، وهو ما لا يبشر بالخير في ظل الاحترار المناخي العالمي الحالي.

وفي حال عدم خفض انبعاثات غازات الدفيئة الحالية بشكل كبير، فإن الغطاء الجليدي في غرينلاند قد يذوب كلياً تقريباً خلال القرون أو آلاف السنوات المقبلة، ما سيؤدي إلى ارتفاع منسوب مياه البحار بنحو 7 أمتار، واختفاء مدن ساحلية في مختلف أنحاء العالم.

وحذر الباحث من أن «مئات ملايين الأشخاص حول العالم سيخسرون منازلهم».

بقع داكنة صغيرة

في عام 2016، عاود العلماء درس العينة التي استُخرجت عام 1993، باستخدام تقنية تأريخ لتتأكد من أنها ليست أقدم من 1.1 مليون سنة.

ووفق تقديراتهم، لو ذاب الجليد هناك لكان 90 في المائة من غرينلاند يخلو منه.

وقوبلت هذه الاستنتاجات بالتشكيك، فبحسب النظرية التي كانت مقبولة على نطاق واسع حتى ذلك الحين، كانت غرينلاند حصناً جليدياً لملايين عدة من السنين.

وفي عام 2019، أعاد بول بيرمان وفريق دولي دراسة نواة جليدية أخرى، مُستخرجة هذه المرة سنة 1960 من قاعدة عسكرية أميركية مهجورة هي «كامب سنتشري»، قرب ساحل غرينلاند.

وكانت المفاجأة في احتوائها على أوراق شجر وطحالب. وقد ساعدتهم تقنيات تأريخ متقدمة على التوصّل إلى تقدير مفاده أنّ اختفاء الجليد هناك يعود إلى 416 ألف سنة.

وقد دفع هذا الاكتشاف بول بيرمان إلى العودة إلى عينة 1993 للبحث عن آثار مماثلة. وعثر العلماء أخيراً على أدلة دامغة على ذوبان الجليد.

وقال: «بتنا متأكدين الآن أنّ الجليد اختفى ليس فقط في (كامب سنتشري)، بل أيضاً في (GISP2)، في وسط الغطاء الجليدي».

وشددت المشاركة في إعداد الدراسة هالي ماسترو على أهمية الاستمرار في جمع عينات جليدية في غرينلاند، والبحث عن كائنات حية أقدم قد يكون لاكتشافها آثار خطرة على المستقبل.


مقالات ذات صلة

إنارة الشوارع ليلاً تُبطل تلذُّذ الحشرات بأكل أوراق الشجر

يوميات الشرق الإنارة تُنغّص «موائد» الحشرات (شاترستوك)

إنارة الشوارع ليلاً تُبطل تلذُّذ الحشرات بأكل أوراق الشجر

خلُص علماء إلى اعتقاد مفاده أنّ الضوء الاصطناعي قد يؤثر في البيئة الطبيعية للحياة النباتية عبر خَلْق عملية التمثيل الضوئي على مدار فترة ممتدّة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

قال علماء في بحث نُشر اليوم الجمعة إن تغير المناخ يُحدث تغييرات في أنماط هطول الأمطار حول العالم، وهو ما قد ينجم عنه أيضاً اشتداد قوة الأعاصير والعواصف المدارية

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق السباقات الهادفة (حساب ليندسي كول في فيسبوك)

«حورية بحر» بريطانية تحاول تحطيم الرقم القياسي العالمي للسباحة

تُخطِّط امرأة من بريستول لتحطيم الرقم القياسي العالمي لأطول سباحة باستخدام «الزعنفة الواحدة» من خلال السباحة على طول نهر بريستول أفون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم سراويل وقمصان وقبعات أكثر استدامة

سراويل وقمصان وقبعات أكثر استدامة

ملابس متعددة الأغراض لأداء أمثل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

غوتيريش يحذر من أن البشرية ضحية «وباء من الحرارة الشديدة»

غوتيريش يحذر من أن البشرية ضحية وباء الحرارة الشديدة (أ.ف.ب)
غوتيريش يحذر من أن البشرية ضحية وباء الحرارة الشديدة (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يحذر من أن البشرية ضحية «وباء من الحرارة الشديدة»

غوتيريش يحذر من أن البشرية ضحية وباء الحرارة الشديدة (أ.ف.ب)
غوتيريش يحذر من أن البشرية ضحية وباء الحرارة الشديدة (أ.ف.ب)

حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم الخميس، من أن البشرية ضحية «وباء من الحرارة الشديدة»، داعياً إلى اتخاذ إجراءات للحد من تأثيرات موجات الحر التي تتكرر بسبب التغير المناخي.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، صرح غوتيريش، للصحافيين، بأنه «إذا كان ثمة أمر يوحد عالمنا المنقسم، فهو أننا نشعر جميعاً بمزيد من الحر، (...) مليارات الأشخاص يواجهون وباء من الحرارة الشديدة، ويعانون موجات حر أكثر فتكاً مع درجات حرارة تتجاوز 50 مئوية»، موجهاً «نداء إلى التحرك ضد الحرارة الشديدة».

ووفق مرصد «كوبرنيكوس» المناخي الأوروبي، كان 21 يوليو (تموز) الحالي و22 و23 منه الأيام الأكثر حراً على الإطلاق عالمياً.

وأظهرت بيانات «كوبرنيكوس» أن متوسط درجة الحرارة العالمية بلغ 17.16 مئوية في 22 يوليو؛ أي أعلى بمقدار 0.06 درجة مئوية، مقارنة بـ21 يوليو؛ وهو اليوم الذي جرى فيه كسر الرقم القياسي اليومي لأعلى درجة حرارة مسجلة على الإطلاق.

وقال الأمين العام: «ينصبُّ تركيزنا حالياً على تأثير الحرارة الشديدة، لكن دعونا لا ننسَ أن هناك عدداً من الأعراض المدمّرة الأخرى لأزمة المناخ: الأعاصير الأكثر ضراوة، الفيضانات، الجفاف، حرائق الغابات، ارتفاع منسوب مياه البحر، والقائمة تطول».

وشدد على أنه «من أجل التصدي لكل هذه الأعراض، علينا أن نكافح السبب الجذري الذي يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة».

وأشار إلى تقرير جديد أصدرته منظمة العمل الدولية، الخميس، حذّر من أن أكثر من 70 في المائة من القوى العاملة العالمية؛ أي 2.4 مليار شخص، معرَّضون الآن لخطر كبير من جراء الحرارة الشديدة.