ناقلة كيماويات هولندية بأشرعة معدنية كي تجري الرياح بما تشتهي البيئة

تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 16 فبراير 2024 منظراً لشراع في ناقلة المواد الكيماوية «إم تي كيميكال تشالنجر» في مرفأ روتردام بهولندا (أ.ف.ب)
تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 16 فبراير 2024 منظراً لشراع في ناقلة المواد الكيماوية «إم تي كيميكال تشالنجر» في مرفأ روتردام بهولندا (أ.ف.ب)
TT

ناقلة كيماويات هولندية بأشرعة معدنية كي تجري الرياح بما تشتهي البيئة

تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 16 فبراير 2024 منظراً لشراع في ناقلة المواد الكيماوية «إم تي كيميكال تشالنجر» في مرفأ روتردام بهولندا (أ.ف.ب)
تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 16 فبراير 2024 منظراً لشراع في ناقلة المواد الكيماوية «إم تي كيميكال تشالنجر» في مرفأ روتردام بهولندا (أ.ف.ب)

في خطوة رائدة، زُوّدَت ناقلة المواد الكيماوية «إم تي كيميكال تشالنجر» بأشرعة عملاقة من الألومنيوم لتمكين هذه السفينة من مخر عباب البحر بقوة الرياح رغم وزن حمولتها البالغ 16 ألف طن، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتبحر الناقلة حالياً من هولندا إلى إسطنبول، في رحلة تجريبية لهذه التكنولوجيا الجديدة التي تكفل للقبطان توفير ما بين 10 و20 في المائة من الوقود.

وقال نيلز غروتز، الرئيس التنفيذي لشركة «كيمشيب» التي تدير أسطول سفن تتولى نقل المواد الكيماويةن وخصوصاً بين المواني الأميركية في خليج المكسيك والبحر الأبيض المتوسط: «نظراً إلى كوني بحاراً شغوفاً، أفكر منذ مدة طويلة في كيفية جعل قطاعنا أكثر مراعاةً للبيئة».

وأضاف في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، خلال حفل تدشين الأشرعة في روتردام: «اليوم، نطلق أول ناقلة كيماويات تعمل بالرياح، نأمل في أن تكون مثالاً لبقية العالم».

وغادرت ناقلة الكيماويات «إم تي كيميكال تشالنجر» التي تبلغ حمولتها 16 ألف طن أنتويرب، الجمعة، بأشرعتها الأربعة التي يبلغ ارتفاعها 16 متراً وتشبه أجنحة الطائرة.

ويأمل مالكها في جعل قطاع النقل البحري ذي البصمة الكربونية الضخمة يعتمد على طاقة الرياح بدلاً من الوقود.

وساهمت حركة النقل البحري العالمية التي تقوم على الديزل وزيوت الوقود الأخرى بنسبة 2 في المائة من انبعاثات الكربون العالمية عام 2022، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.

ناقلة المواد الكيماوية «إم تي كيميكال تشالنجر» في مرفأ روتردام بهولندا في 16 فبراير 2024 (أ.ف.ب)

القضاء على البصمة الكربونية للقطاع

ونصّت مبادئ توجيهية جديدة أصدرتها المنظمة البحرية الدولية على ضرورة خفض انبعاثات الشحن بنسبة 40 في المائة على الأقل بحلول سنة 2030 والوصول إلى الصفر بحلول سنة 2050 التزاماً بالأهداف التي حددها اتفاق باريس للمناخ.

ورأى غروتز أن «تحقيق هذه الأهداف سيكون صعباً»؛ إذ إن «النقل البحري كان دائماً يتسم بالتنافسية الشديدة»، مشككاً في الربحية المباشرة لمشروعه الشراعي، لكنه شدد على الحاجة إلى «الحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون»، مضيفاً: «قررنا ألّا نبقى مكتوفين في انتظار حدوث شيء سحري».

وتوقعت شركة «كيمشيب» في بيان أن يؤدي اعتماد الأشرعة لهذه السفينة إلى «انخفاض سنوي قدره نحو 850 طناً (في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون)؛ أي ما يعادل انبعاثات نحو 500 سيارة سنوياً».

وولدت الفكرة قبل ثلاث سنوات عندما تعاون غروتز مع شركة «إيكونويند» الهولندية المتخصصة في بناء أنظمة الدفع بالرياح للسفن.

ويُتوقع أن تجهّز «كيمشيب» مستقبلاً بأشرعة عدداً آخر أيضاً من ناقلات الكيماويات التابعة لها.

وأُنجِز تركيب الأشرعة الأربعة على متن «تشالنجر» الأسبوع الفائت في ميناء روتردام.

وهي ليست أول سفينة حديثة مجهزة بأشرعة صلبة. ففي العام المنصرم، أطلقت شركة «كارجيل» البريطانية مثلاً سفينة شحن تعمل بالرياح، لكنّ «كيمشيب» أكّدت أن «إم تي كيميكال تشالنجر» أول ناقلة مواد كيماوية ذات أشرعة.

تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 16 فبراير 2024 منظراً لشراع في ناقلة المواد الكيماوية «إم تي كيميكال تشالنجر» في مرفأ روتردام بهولندا (أ.ف.ب)

إحياء طرق قديمة

وصُممَت هذه الأشرعة المصنوعة من الألومنيوم الصلب على غرار أجنحة الطائرات، ولُحِظَ فيها نظام فتحات تهوية وثقوب لتحقيق أقصى قدر من تدفق الهواء في ظل رياح تصل سرعتها إلى 61 كيلومتراً في الساعة.

وقال المدير التجاري في شركة «إيكونويند»، رينس غروت، إن هذا النظام يضاعف قوة الرياح خمس مرات وينتج القوة نفسها لما يمكن أن يوفّره شراع وهمي يبلغ حجمه نحو ثلاثين متراً في ثلاثين.

ولاحظ أن الأشرعة الصلبة الحديثة الموجودة على السفن الضخمة اليوم تُذكّر بعصر كان فيه الشراع الطريقة الوحيدة للإبحار.

كذلك تتيح الأشرعة مجدداً سلوك طرق بحرية مهملة منذ زمن طويل؛ إذ لم تعد معتمدة بعد حلّ البخار والوقود محل طاقة الرياح.

ورأى غروت أن «البحّارة سيضطرون إلى البحث مجدداً عن طرق الرياح، ومنها مثلاً طريق بروير» الملاحية حول رأس الرجاء الصالح التي كان أول من سلكها المستكشف الهولندي هندريك بروير عام 1611.

وقال: «نحاول إيجاد طريقة إعادة إدخال الطبيعة إلى التكنولوجيا». وأضاف: «عدنا نشعر بالسفينة تبحر على الماء، كما في الماضي».


مقالات ذات صلة

تكنولوجيا  الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

طلبت الحكومة الأميركية، الأربعاء، من القضاء إجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»، في إجراء يهدف لمكافحة الممارسات الاحتكارية المتّهم بارتكابها عملاق التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك بهدف تكوين صورة بصرية ذات معنى لمشهد ما تقوم أعيننا بسلسلة من الحركات السريعة المنسقة (رويترز)

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

تبرز مؤخراً طريقة جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر ترتبط بالاستماع إلى حركة عيون المرضى عبر ميكروفونات في آذانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك شعار «شات جي بي تي» يظهر أمام شعار شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

هل يساعد «شات جي بي تي» الأطباء حقاً في تشخيص الأمراض؟ الإجابة مفاجئة

يتساءل الكثير من الأشخاص حول ما إذا كان برنامج الدردشة الآلي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي قادراً على مساعدة الأطباء في تشخيص مرضاهم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق رجل يلتقط صورة باستخدام هاتفه الذكي (رويترز)

هل يحتوي هاتفك على كثير من الصور والرسائل؟ اضطراب عقلي قد يكون السبب

اضطراب الاكتناز الرقمي - والذي غالباً ما يرتبط باضطراب الوسواس القهري يُعتقد أنه يؤثر على حوالي 2.5 في المائة من الأميركيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)
أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)
TT

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)
أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

تسببت درجات حرارة المحيطات المرتفعة بشكل قياسي في زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية التي سُجّلت سنة 2024، بحسب دراسة نُشرت الأربعاء، ما يؤكد أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف.

وأظهرت هذه الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل من 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال معدّ الدراسة، دانييل غيلفورد، في حوار مع وسائل الإعلام: «لقد أثرت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى على درجات حرارة سطح البحار في مختلف أنحاء العالم».

وفي خليج المكسيك، تسببت هذه الانبعاثات في ارتفاع درجات حرارة سطح البحر بنحو 1.4 درجة مئوية مما كانت عليه، لتكون في عالم لا يواجه تغيراً مناخياً.

وهذا الارتفاع في درجات الحرارة يفاقم رياح الأعاصير التي تزداد قوتها. وتحوّلت ظواهر مثل «ديبي» و«أوسكار» بشكل سريع من عواصف استوائية إلى أعاصير فعلية.

صورة تظهر الأضرار التي لحقت بمدينة أشفيل في ولاية كارولينا الشمالية الأميركية بعد مرور إعصار هيلين 29 سبتمبر 2024 (رويترز)

وارتفع مستوى أعاصير مثل «ميلتون» و«بيريل» على مقياس سافير-سيمبسون من الرابع إلى الخامس، بسبب التغير المناخي، بينما ارتفع مستوى إعصار «هيلين» من الثالث إلى الرابع.

ويُترجَم هذا الارتفاع في المستوى بزيادة القدرة التدميرية أربع مرات تقريباً.

وكان الإعصار «هيلين» مدمراً بشكل خاص، إذ أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص، وعُدّ ثاني أعنف إعصار يضرب القارة الأميركية منذ أكثر من نصف قرن، بعد إعصار «كاترينا» عام 2005.

وبحسب دراسة أخرى أجراها «كلايمت سنترال» بين عامي 2019 و2023، باتت حدّة 84 في المائة من الأعاصير أكبر بكثير بسبب احترار المحيطات الناجم عن الأنشطة البشرية.

وعلى الرغم من أن دراستيهم ركزتا على حوض المحيط الأطلسي، فإن الباحثين أكدوا أن النهج الذي اعتمدوه يمكن تطبيقه على الأعاصير المدارية على نطاق عالمي.

وحذّر علماء المناخ من احتمال تفاقم التأثيرات مع تخطي الاحترار 1.5 درجة مئوية.