على مساحة تتجاوز 91 ألف كيلومتر مربع شمال شرقي السعودية تقع «محمية الإمام تركي بن عبد الله الملكية»، ثاني أكثر المحميات في البلاد التي تضم داخلها العديد من أشكال الحياة الفطرية المختلفة والنادرة من الحيوانات والنباتات تسعى السعودية إلى حمايتها، بهدف إعادة التوازن البيئي في المنطقة، وإبراز التنوع الفريد فيها.
وتضم المحمية مجموعة من الأنواع النادرة من الكائنات الفطرية، مثل غزال الريم، والمها الوضيحي، والنعام، والثعلب الأحمر، وسجل الباحثون في المحمية 138 نوعاً من الكائنات الفطرية حتى الآن، تشمل 11 نوعاً من الثدييات، و88 نوعاً من الطيور، أشهرها الحبارى الآسيوية، بجانب أنواع عدة من الزواحف واللافقاريات.
ويوجد في المحمية 179 نوعاً من النباتات تنقسم إلى 113 نباتاً موسمياً (حولياً)، و66 نباتاً معمّراً، من أشهرها أشجار السدر البري، والطلح النجدي، والعوسج، والعرفج، والأرطى، إلى جانب ذلك تحتضن المحمية عدداً من المعالم التاريخية العريقة، مثل «قصر الملك عبد العزيز» في لينة، و«قصر قبة»، و«سوق لينة التاريخي»، وآبارها الشهيرة، وطريق الحج القديم المعروف باسم «درب زبيدة».
وتعمل المحمية على حماية الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض وإعادة توطينها، ورعاية الموائل الطبيعية وتأهيل الأنظمة البيئية وضمان عدم تأثير النشاط البشري على التوازن الطبيعي، وتقنين أنشطة الصيد بالطرق التقليدية، وتحديد أوقاته لعدم الإخلال بالتوازن البيئي والعمل على زيادة الغطاء النباتي، من خلال منع الاحتطاب والرعي الجائر، وتطوير مشاريع نثر البذور بالاعتماد على أحدث الطرق العلمية.
وخلال العامين الماضيين، سجلت المحمية تمدداً في الغطاء النباتي وصل إلى أفضل حالاته منذ تأسيسها في 2018، حيث ارتفعت نسبة الغطاء النباتي داخل المحمية من 1.5 إلى 6.7 في المائة تزامن ذلك مع تنفيذ 3 مشاريع للتشجير الصحراوي تمكنت بحلول نهاية عام 2023 من زراعة أكثر من 593700 شجرة.
وتنتشر في أجواء المحمية 40 طائرة «درون» من دون طيار تهدف لتعزيز قدرات الحماية والرصد البيئي، مما ساهم في زيادة كفاءة فرق العمل بنسبة تتجاوز 220 في المائة، وخفضت الوقت الذي يحتاج إليه المراقب البيئي لتغطية مساحة 427 كيلومتراً مربعاً من 13 ساعة إلى 4.3 ساعة عمل فقط، حيث أصبح الاعتماد على الطائرات بديلاً صديقاً للبيئة يساهم بفعالية في تقليل الاعتماد على المركبات ذات الدفع الرباعي والحد من استهلاك الوقود التقليدي؛ ما يسهم في خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة تتجاوز 66 في المائة.
كما تعمل المحمية بشكل مستمر على إشراك المجتمع المحلي، عبر عدة محاور تشمل إقامة الدورات التدريبية، وورش العمل لتطوير المهارات العملية، وتأهيلهم للدخول إلى سوق العمل من خلال وظائف عصرية مناسبة، وكذلك دعم المشاريع الصغيرة وريادة الأعمال، ومبادرات الأسر المنتجة والحرفيين، من خلال إقامة المعارض وإشراكهم في الفعاليات الوطنية والإقليمية والدولية، مع ما تحمله الحرف والمهن التقليدية من قيمة تراثية وإسهامات مستمرة في الاقتصاد الوطني.
وتضم السعودية 8 محميات موزعة على جميع مناطقها، تشكل 13.5 في المائة من إجمالي مساحة البلاد، وتأتي تحت إشراف «مجلس المحميات الملكية» الذي تم تأسيسه لدعم جهود السعودية في الاستدامة والحفاظ على البيئة، عبر المساهمة في مستهدفات زراعة الأشجار في المملكة بما يزيد على 80 مليون شجرة بحلول 2030. وتقوم «المحميات الملكية» بحماية وإعادة توطين أكثر من 30 نوعاً من الحيوانات المحلية المعرضة للخطر والمهددة بالانقراض، وتسهم في توفير العديد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة للمجتمعات المحلية في المحميات الملكية.