نيويورك تواجه عدداً هائلاً من القطط الضالة

أدى نقص العاملين في الخدمات البيطرية إلى ازدياد المشكلة بشدة

قطط ضالة في مدينة نيويورك (نيويورك تايمز)
قطط ضالة في مدينة نيويورك (نيويورك تايمز)
TT

نيويورك تواجه عدداً هائلاً من القطط الضالة

قطط ضالة في مدينة نيويورك (نيويورك تايمز)
قطط ضالة في مدينة نيويورك (نيويورك تايمز)

«ما زاد عن حده انقلب إلى ضده». يصف هذا القول المأثور ما تعاني منه مدينة نيويورك خلال فصل الصيف الحالي من هجمة شرسة من قطط الشوارع، ما أصاب بدوره نظام المأوى الخاص بهذه الحيوانات بالشلل، وأصبحت تلك الحيوانات الوديعة مصدراً للإزعاج العام في بعض الأحياء الشديدة التضرر.

وذكرت صحيفة «نيويورك ديلي نيوز» أن هذا الوضع السيئ أسفر عن عيش القطط الضالة حياة صعبة؛ حيث تصاب بالأمراض وتتعرض للعدوى، ويعاني بعضها من فقدان الإبصار أو الأطراف، كما أنه يلقي بظلاله على جوانب أخرى. فيمكن أن تؤثر القطط على أعداد الطيور النابضة بالحياة في المدينة؛ حيث تقتل أكثر من ملياري طائر سنوياً في الولايات المتحدة.

وفي محاولة للتصدي للوضع الحالي، انبثقت عشرات المجموعات الجديدة من المتطوعين، وجمعيات رعاية القطط لمواجهة المشكلة؛ لكنها تقول إنها تعاني من حالة من الإرهاق بسبب اتساع حجم العمل، ومع اقتراب فترة تكاثر القطط خلال الصيف على الانتهاء، لا يظهر تعداد القطط أي علامات تشير إلى التوقف عن الزيادة.

ولا يوجد إحصاء رسمي لأعداد القطط الضالة وقطط الشوارع في مدينة نيويورك، غير أن معظم الأرقام المتداولة تشير إلى أن عددها يبلغ نحو نصف مليون، بينما تشير بعض التقديرات إلى أن عددها يصل إلى المليون.

وبعد جائحة «كورونا» تفاقمت مشكلة قطط الشوارع بالمدينة، فتم تعليق خدمات التعقيم والإخصاء لها، وأدى نقص العاملين في الخدمات البيطرية إلى ازدياد المشكلة بشدة.

غير أنه مع حدوث حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي أثناء الجائحة، اضطر كثير من الأسر إلى التخلص من الحيوانات الأليفة التي ترعاها، بعد أن أصبحت غير قادرة على الإنفاق عليها، بينما احتفظ آخرون بما لديهم من قطط، ولكنهم لم يستطيعوا تعقيمها أو إخصائها، ما جعلها تتكاثر، وبالتالي تضخم حجم المشكلة، ويمكن أن تكون للقطة 3 دورات مخاض سنوياً.

وعندما لم يجد السكان أماكن يضعون فيها قططهم المنزلية، بدأوا في طردها من بيوتهم، لتغزو مستعمرات من القطط ركناً بعد ركن من ضواحي نيويورك.

ولا يكاد يكون هناك مكان قريب خالٍ، في نظام مأوى القطط، ولم تعد هناك سوى مواعيد محدودة ومكلفة للغاية لاستضافتها.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، قامت مراكز رعاية الحيوان بمدينة نيويورك (وهي عبارة عن نظام للمأوى غير ربحي ومدعوم من المدينة) بتحديد عدد القطط التي يمكن استقبالها، على الرغم من أن كاتي هانسن، مديرة الاتصالات بالمراكز، تقول إنها لا تزال تستقبل القطط التي تستدعي حالتها ذلك.

وتعني ندرة الخدمات أن المتطوعين والجمعيات المختصة لا يستطيعون مواجهة مشكلة ازدياد أعداد قطط الشوارع، كما أنهم يرون أن المشكلة آخذة في التفاقم أمام أعينهم.

وتعد قطط الشوارع هي الناقل الرئيسي لداء تسمم البلازما، وهو مرض طفيلي يمكن أن يسبب تشوهات خلقية لدى المواليد أو الإجهاض، وفقاً لما يقوله جرانت سايزمور، مدير برنامج الكائنات الغازية بالجمعية الأميركية للحفاظ على الطيور، كما أنها أكبر حيوان أليف ناقل لداء سعار الكلب.


مقالات ذات صلة

«ياغي»... أقوى إعصار يضرب الصين منذ 10 سنوات

آسيا العاصفة الاستوائية «ياغي» في مانيلا (أ.ف.ب)

«ياغي»... أقوى إعصار يضرب الصين منذ 10 سنوات

توجه الإعصار «ياغي»، الجمعة، نحو مقاطعة هاينان الصينية، حيث تستعد سلطات الصين لما يمكن أن يكون أقوى عاصفة تضرب الساحل الجنوبي للبلاد منذ عقد من الزمان.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
بيئة انخفاض منسوب المياه في بحيرة مورنوس الاصطناعية بعد الجفاف (أ.ف.ب)

​في اليونان... الجفاف يعيد إظهار قرية غمرتها المياه قبل عقود

عاودت مبانٍ مهجورة في قرية كاليو الغارقة وسط اليونان الظهور أخيراً بعد انخفاض مستوى بحيرة سدّ تشكّل خزان المياه الرئيسي لأثينا بسبب موجة جفاف تطال البلاد.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
بيئة حفرة بعمق 8 أمتار حيث سيتم وضع كبسولة نحاسية للوقود النووي المستنفد في منشأة «أونكالو» بفنلندا (رويترز)

تدوم 100 ألف عام... فنلندا ستدفن النفايات النووية في «مقبرة جيولوجية»

قررت فنلندا البدء في طمر الوقود النووي المستنفد في أول مقبرة جيولوجية بالعالم، حيث سيتم تخزينه لمدة 100 ألف عام.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
أوروبا 2023 أكثر السنوات سخونة في العالم منذ بدء تسجيل درجات الحرارة (إ.ب.أ)

أوروبا تشهد ارتفاعا في درجات الحرارة الشهر المقبل بعد «صيف الموجات الحارة»

من المتوقَّع أن تشهد أوروبا ارتفاعاً في درجات الحرارة، مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل، بشكل غير معتاد، بعد صيف من موجات الحر والجفاف في جنوب شرقي القارة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
بيئة قصر تاج محل يظهر وسط الضباب الدخاني الكثيف في أغرا بالهند (أ.ف.ب)

دراسة: خفض التلوث في العالم قد يضيف سنتين إلى أعمارنا

كشفت دراسة جديدة عن أنه من الممكن إضافة نحو عامين إلى متوسط ​​عمر الفرد المتوقع إذا خفض العالم بشكل دائم التلوث المرتبط بالجسيمات الدقيقة لتلبية المعايير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اليونان تختبر زراعة الفواكه الاستوائية المقاوِمة للتغير المناخي

المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)
المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)
TT

اليونان تختبر زراعة الفواكه الاستوائية المقاوِمة للتغير المناخي

المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)
المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)

تُجرى في شبه جزيرة البيلوبونيز تجربة تتمثل في زرع أنواع من الفواكه غير مألوفة في اليونان، تنبت في آسيا أو سواها عادةً، وهي أكثر مقاومة للتغير المناخي الذي يؤثر بشدة على اليونان ومنطقة البحر الأبيض المتوسط.

ومن هذه الفاكهة المانجو والأفوكادو والليتشي والشيريمويا والمكاديميا.

بدا المُزارع بانوس أداموبولوس سعيداً وهو يتفحص ثمار المانجو التي دنا وقت قطافها في مزرعته في جنوب غرب اليونان، مع أنها من الفواكه التي لا تُزرع في اليونان الشهيرة بكروم الزيتون.

لكنّ هذه الفواكه الآسيوية المنشأ هي ثمرة تجربة علمية تُجرى في شبه جزيرة البيلوبونيز، التي تضم مساحات قاحلة.

وتتمثل هذه التجربة في زراعة أنواع من الفواكه لا تنبت عادةً في هذه المنطقة حيث تشتد درجات الحرارة في الصيف وتكون أقرب إلى الاعتدال في بقية أيام السنة.

ولاحظ بانوس أداموبولوس (38 عاماً)، المقيم في كيباريسيا، أن «الشتاء لم يعد موجوداً»، فالأمطار لم تهطل منذ مارس (آذار) الفائت على أرضه، و«لا نبات من دون ماء». علماً بأن معظم دخله يتأتى من خسّ الآيسبرغ الذي يحتاج إلى الكثير من مياه الري.

المزارع اليوناني ثيودوروس ديميتراكاكيس يتفقد محصوله من فاكهة ليتشي في اليونان (أ.ف.ب)

وتوقّع المزارع أن يضطر قريباً إلى التخلي عن بعض المزروعات، مثل البطيخ.

وأكّد أداموبولوس، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه مهتم بزراعة الفواكه الغريبة المنشأ «الأكثر مقاومة» للظروف الجوية المستجدة.

وقد نبتت في حقله بالفعل بضعة أشجار مانجو وأفوكادو لا تزال قليلة جداً نسبياً في أرضه الممتدة مساحتها على 80 هكتاراً. ويعتزم بانوس أداموبولوس زرعَ 300 شجرة أخرى، ويفتخر بأنه تلقى بالفعل طلبيات لشراء محاصيل حصاده الأول المتوقع خلال هذا الشهر.

«إنقاذ» الزراعة

وأوضحت الباحثة في منظمة «ديميتر» الزراعية اليونانية التي تُجري الدراسة، تيريزا تزاتزاني، أن الهدف منها «إيجاد طرق للتعامل مع التغير المناخي واستخدامه» لصالح الزراعة.

وشرحت الخبيرة أن «العام بأكمله أصبح أشد سخونة، وهو ما يناسب هذه النباتات». وتحتاج أشجار المانجو خصوصاً إلى كمية قليلة من الأمطار. وكان فصلا الشتاء الأخيران شديدَي الجفاف بالفعل، وفقاً لتيريزا تزاتزاني.

لقطة عامة لحقل يجري فيه تجربة زراعة أنواع من الفواكه غير مألوفة في اليونان (أ.ف.ب)

ومع أن أشجار الأفوكادو كانت أصلاً تنمو في كريت، وهي جزيرة كبيرة تقع إلى الجنوب، إلا أن العلماء لم يكونوا واثقين من قدرتها على التكيف مع ظروف البر الرئيسي لليونان.

وتمكّن بعض المنتجين من زراعتها بكميات صغيرة في البيلوبونيز، لكنّ البرنامج يهدف إلى معرفة ما إذا كانت هذه المزروعات قابلة للحياة وزراعتها مجدية على نطاق واسع، على ما أوضح مدير الاقتصاد الزراعي في منطقة تريفيليا أنتونيس، باراسكيفوبولوس.

ويعرب باراسكيفوبولوس عن خشيته من أن يكون هذا النوع من الابتكار ضرورياً «لإنقاذ» القطاع من «الكوارث المناخية» المستقبلية، داعياً إلى استثمارات أوروبية.

«مكمّل»

ومع ذلك، لا يستطيع الحلّ المتمثل في زرع الفواكه الاستوائية تحقيق المعجزات. ولا يضم البرنامج راهناً سوى نحو عشرة مزارعين، وتقتصر مساحته المزروعة على عشرة هكتارات.

وليس المقصود منه أن تكون هذه الفواكه بديلاً من المنتجات الرئيسية، مثل الزيتون أو البرتقال، ولكنها يمكن أن تكون بمثابة «مكمّل» لها، على ما شرحت تيريزا تزاتزاني التي تعتزم توسيع التجربة لتشمل مناطق يونانية جديدة.

المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)

وتعاني دول مجاورة المشكلة نفسها. ففي إيطاليا، بدأ المزارعون في صقلية مثلاً بإنتاج المانجو والموز والبابايا.

وتشير تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن حوض البحر الأبيض المتوسط، وهو أحد «البؤر الساخنة» للتغير المناخي، سيشهد المزيد من موجات الحر والجفاف المتكررة.

وشهدت اليونان هذه السنة شهر يوليو (تموز) الأكثر حراً على الإطلاق وفقاً لبيانات الطقس الأولية الصادرة عن المرصد الوطني، بعد أن سجل يونيو (حزيران) أيضاً رقماً قياسياً.

ربحية

ورأى ثيودوروس ديميتراكاكيس، وهو مزارع يوناني آخر مشارك في التجربة، أن الأمر سيستغرق «سنوات» حتى يصبح إنتاج الفاكهة الاستوائية مربحاً.

وقال المزارع البالغ (44 عاماً) رغم حماسته لهذه التجربة، إنه لا يملك الوسائل اللازمة لتكريس نفسه لها بشكل كامل لأن مصدر رزقه، وهي شجرة الزيتون، تتطلب كل اهتمامه. وأفاد بأن إنتاجه انخفض بنسبة 60 في المائة العام الفائت بسبب الجفاف والحرارة المبكرة.

فقريته، كالكثير من القرى الأخرى في اليونان، تُحرم في أكثر الأحيان لساعات عدة خلال النهار من المياه بسبب النقص. واعترف ثيودوروس ديميتراكاكيس، الذي كان ناشطاً بيئياً خلال سنوات دراسته الجامعية، بأنه لم يفهم إلا أخيراً أن ظاهرة الاحترار المناخي ستؤثر عليه «منذ الآن». وأمل في أن يتمكن من إقناع المزارعين الآخرين بذلك، إذ إن بعضهم يعدونها مجرّد «سنة سيئة».