خبراء: سوء التخطيط يوازي أثر تغير المناخ في حرائق اليونان المدمرة

تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 2 سبتمبر 2023 حريقاً هائلاً في حديقة غابة داديا-ليفكيمي-سوفلي الوطنية، بالقرب من ألكسندروبولي، شمال اليونان (أ.ف.ب)
تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 2 سبتمبر 2023 حريقاً هائلاً في حديقة غابة داديا-ليفكيمي-سوفلي الوطنية، بالقرب من ألكسندروبولي، شمال اليونان (أ.ف.ب)
TT

خبراء: سوء التخطيط يوازي أثر تغير المناخ في حرائق اليونان المدمرة

تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 2 سبتمبر 2023 حريقاً هائلاً في حديقة غابة داديا-ليفكيمي-سوفلي الوطنية، بالقرب من ألكسندروبولي، شمال اليونان (أ.ف.ب)
تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 2 سبتمبر 2023 حريقاً هائلاً في حديقة غابة داديا-ليفكيمي-سوفلي الوطنية، بالقرب من ألكسندروبولي، شمال اليونان (أ.ف.ب)

في حين سارعت الحكومة اليونانية إلى إلقاء اللوم على ظاهرة الاحتباس الحراري في الوقوف وراء حرائق الغابات المدمرة هذا الصيف، يرى بعض الخبراء أن سوء التخطيط أدى دوراً موازياً في ذلك، بحسب تقرير أعدته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت المفوضية الأوروبية إن الحريق الذي شبّ في متنزه داديا الوطني وما زال مشتعلاً منذ أسبوعين، هو الأكبر على الإطلاق في أوروبا.

وقال رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس أمام البرلمان هذا الأسبوع إنه من المتوقع أن يلتهم هذا الحريق وحرائق أخرى مميتة في أنحاء مختلفة من اليونان أكثر من 150 ألف هكتار من الأراضي.

أودت النيران حتى الآن بحياة 26 شخصاً.

وتساءل ميتسوتاكيس: «هل أزمة المناخ هي السبب في كل شيء؟ لا، ولكنها مسؤولة جزئياً عن ذلك؟».

تطرقت الحكومة مراراً إلى تغير المناخ في سياق حرائق الغابات، ولكن ميتسوتاكيس يعترف على ما يبدو ضمنياً على الأقل، بأنه لا يمكن إلقاء اللوم تماماً على الاحترار العالمي.

قال ألكسندروس ديميتراكوبولوس، رئيس حماية الغابات ومختبر علوم حرائق الأراضي البرية بجامعة أرسطو في سالونيكي، إن حرائق هذا العام أقوى بالتأكيد من حرائق الأعوام السابقة بسبب تغير المناخ.

لكنه أوضح في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن ذلك لا يفسر تماماً حجم الأضرار، مشيراً إلى أن 10 في المائة من غابات البلاد احترقت منذ عام 2007.

«الحاجة لتخطيط أفضل»

وقال ديميتراكوبولوس: «هناك حاجة إلى تخطيط أفضل في مكافحة الحرائق، فضلاً عن تعاون أفضل بين خدمات الإطفاء والمتخصصين في جيومورفولوجيا المناطق الخضراء والمغطاة بالأشجار». والجيومورفولوجيا هي الدراسة العلمية للتضاريس والتربة والتغيرات في الغطاء النباتي.

وعبر كوستاس لاغوفاردوس، مدير الأبحاث في المرصد الوطني في أثينا، عن موقف مماثل، قائلاً إن التركيز يجب أن يكون على التدابير الكافية لمنع اندلاع حرائق الغابات.

لكنه قال إن المشكلة المتكررة هي العلاقة غير السوية بين الدولة والهيئات العلمية، «فالأدوات العلمية موجودة ويمكن أن تساعد على الكشف عن الظروف المناخية الصعبة والاستعداد لها»، مثل الجفاف الشديد الذي ضرب منطقة إيفروس بالقرب من الحدود مع تركيا ومناطق أخرى.

وعبر سياسيون معارضون عن مواقف مماثلة خلال نقاش محتدم دار في البرلمان الخميس، واتهموا الحكومة بالبطء الشديد في اتخاذ الإجراءات الوقائية وضعف التنسيق بين مختلف الوكالات الحكومية المعنية.

مشكلة دولية

وأشار ميتسوتاكيس، في رده، إلى أزمة المناخ المتزايدة وموجة الحر الممتدة في الصيف في اليونان، والرياح الجافة الحارة التي أججت الحرائق.

وأكد أن اليونان ليست الدولة الوحيدة التي ابتُليت بمثل هذه الحرائق الهائلة، لافتاً إلى كوارث مماثلة هذا الصيف في كندا وإسبانيا والولايات المتحدة.

وأضاف: «حتى تلك الدول التي لديها قدرات مالية أكبر من اليونان لم تكن قادرة على مواجهة الحرائق».

وأشار الى أنه سيعمد إلى توظيف مزيد من رجال الإطفاء وشراء معدات مثل الطائرات من دون طيار للمساعدة في مراقبة مثل هذه الكوارث.

ووجه كذلك كلاماً حاداً «لبعض العلماء» الذين، كما قال، رأوا أنه من المناسب نشر بياناتهم حول حرائق الغابات في وسائل الإعلام، مثل المساحات التي دمرتها، قبل اكتمال الأبحاث بشأنها.

لكن المرصد الوطني في أثينا ردّ على ذلك في بيان صدر الجمعة بقوله: «في ظل دولة ديمقراطية وفي عصر البيانات المنشورة على المستوى الأوروبي والدولي، فإن المجتمع العلمي ومراكز الأبحاث الوطنية مُلزمة بإبلاغ المجتمع بنتائج أنشطتها والظروف الطبيعية التي تؤثر على حياة المواطنين».


مقالات ذات صلة

حرائق الغابات في كندا تصل إلى مدينة جاسبر... ومحاولات لحماية خط أنابيب

العالم تصاعد الدخان جراء حرائق الغابات في إقليم ألبرتا الكندي (رويترز)

حرائق الغابات في كندا تصل إلى مدينة جاسبر... ومحاولات لحماية خط أنابيب

قالت السلطات الكندية إن حريق غابات وصل إلى مدينة جاسبر الكندية في إقليم ألبرتا، أمس، بينما يكافح رجال الإطفاء لإنقاذ منشآت رئيسية مثل خط أنابيب ترانس ماونتن.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
العالم اقتراب حرائق الغابات من متنزه جاسبر الوطني بكندا (رويترز)

إخلاء متنزه جاسبر الوطني في كندا بسبب حرائق غابات

أمرت السلطات في مقاطعة ألبرتا بغرب كندا بإخلاء متنزه جاسبر الوطني الشهير والبلدات المجاورة بسبب اقتراب حرائق الغابات.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
الولايات المتحدة​ النيران تلتهم مرأباً للسيارات بينما يشتعل حريق طومسون في أوروفيل بكاليفورنيا (أ.ب)

إجلاء الآلاف شمال كاليفورنيا بسبب حرائق الغابات (صور)

جرى وضع السلطات في ولاية كاليفورنيا غرب الولايات المتحدة في حالة تأهب قصوى، بعد اندلاع عدة حرائق غابات كبرى، مما أدى لإجلاء آلاف السكان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رجال الإطفاء يكافحون النيران خلال حريق غابات في منطقة سكنية في ستاماتا بالقرب من أثينا (إ.ب.أ)

«تُشبه نهاية العالم»... حرائق اليونان تُجبر السياح على الفرار (صور)

أجْلَت السلطات اليونانية العديد من السياح من الفنادق بعد اندلاع حرائق الغابات في جميع أنحاء البلاد.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
بيئة وصل معدّل حرائق الغابات إلى مستويات قياسية خلال النصف الأول من العام الحالي (أ.ف.ب)

​الأمازون البرازيلية شهدت خلال النصف الأول من 2024 أسوأ مستوى من الحرائق منذ عشرين عاماً

سجلت البرازيل 13489 حريقاً بغابة الأمازون خلال النصف الأول من العام الحالي في أسوأ مستوى منذ عشرين عاماً.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)
الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)
TT

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)
الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)

قال علماء في بحث نُشر اليوم الجمعة إن تغير المناخ يُحدث تغييرات في أنماط هطول الأمطار حول العالم، وهو ما قد ينجم عنه أيضاً اشتداد قوة الأعاصير والعواصف المدارية الأخرى، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وضرب أقوى إعصار هذا العام تايوان والفلبين ثم الصين هذا الأسبوع، مما أدى إلى إغلاق مدارس وشركات وأسواق مالية مع زيادة سرعة الرياح إلى 227 كيلومتراً في الساعة. وتم إجلاء مئات الآلاف على الساحل الشرقي للصين قبل وصول الإعصار إلى اليابسة، أمس الخميس.

ويقول العلماء إن العواصف المدارية الأقوى جزء من ظاهرة أوسع من الظواهر الجوية المتطرفة الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة.

ودرس الباحثون بقيادة تشانغ وين شيا في الأكاديمية الصينية للعلوم البيانات التاريخية للأرصاد الجوية وخلصوا إلى أن 75 في المائة تقريباً من مساحة اليابسة في العالم شهدت ارتفاعاً في «تقلبات هطول الأمطار»، أو تقلبات أوسع بين الطقس الجاف والرطوبة.

وذكر الباحثون في بحث نشرته مجلة «ساينس» أن ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى زيادة قدرة الغلاف الجوي على الاحتفاظ بالرطوبة، مما يسبِّب تقلبات أوسع في هطول الأمطار.

وقال ستيفن شيروود، وهو عالم في مركز أبحاث تغير المناخ بجامعة نيو ساوث ويلز ولم يشارك في الدراسة: «التقلبات زادت في معظم الأماكن، ومن بينها أستراليا، مما يعني فترات أمطار أكثر غزارة وفترات جفاف أكثر جفافاً».

وأضاف: «سيزيد هذا الأمر مع استمرار ظاهرة الاحترار العالمي، مما يزيد من فرص حدوث جفاف و/ أو فيضانات».

ويعتقد العلماء أن تغير المناخ يعمل أيضاً على تغيير سلوك العواصف المدارية، بما يشمل الأعاصير، مما يجعلها أقل تواتراً لكن أكثر قوة.

وقال شيروود لـ«رويترز»: «أعتقد أن ارتفاع نسبة بخار الماء في الغلاف الجوي السبب الرئيسي وراء كل هذه الاتجاهات نحو ظواهر هيدرولوجية أكثر تطرفاً».

والإعصار «جايمي»، الذي وصل إلى اليابسة لأول مرة في تايوان، يوم الأربعاء، الأقوى الذي يضرب الجزيرة، منذ 8 سنوات.