في تونس... خبراء ومتطوعون يبذلون جهوداً لحماية السلاحف البحرية

موظفة إغاثة تحمل سلحفاة بعد إنقاذها (رويترز)
موظفة إغاثة تحمل سلحفاة بعد إنقاذها (رويترز)
TT

في تونس... خبراء ومتطوعون يبذلون جهوداً لحماية السلاحف البحرية

موظفة إغاثة تحمل سلحفاة بعد إنقاذها (رويترز)
موظفة إغاثة تحمل سلحفاة بعد إنقاذها (رويترز)

على شاطئ الغضابنة في ولاية المهدية التونسية، يصنع خبراء ومتطوعون في جمعيات بيئية مسارات في الرمال لمساعدة سلاحف وليدة على التوجه نحو البحر ضمن جهود المحافظة على التوازنات البيئية البحرية، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

ويعمل الخبراء والمتطوعون الذين ينتمون إلى جمعية «أزرقنا الكبير» على مساعدة السلاحف في التفقيس ووضع حواجز حول أعشاشها لمساعدة الصغار على العودة إلى البحر بأمان.

وتعدّ جزيرتا قوريا الكبرى والصغرى الواقعتان على مسافة نحو 18 كيلومتراً قبالة سواحل ولاية المنستير في شرق تونس من أهم مواقع تعشيش السلاحف البحرية ضخمة الرأس المعروفة باسم «كاريتا كاريتا» قبل اكتشاف مواقع جديدة مثل شاطئ الغضابنة في ولاية المهدية شرق البلاد.

وتقول ألفة الشايب، الباحثة في المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار: «نراقب يومياً مواقع تعشيش كبرى للسلاحف البحرية في جزيرة قوريا التابعة لولاية المنستير وشواطئ الغضابنة بولاية المهدية ونعمل على حمايتها».

وأضافت لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «بعد شهرين من حضانة العش تفقس صغار السلاحف ونعمل على مساعدتها للوصول إلى البحر بشكل طبيعي»، مؤكدة على ضرورة «ترك صغار السلاحف تشق طريقها بمفردها نحو البحر».

وأوضحت: «في طريق العودة للبحر تسجل السلحفاة الموقع وتضع بصمة للمكان لتعود بعد 20 أو 30 عاماً لتضع بيضها في مكان ولادتها».

السلاحف البحرية المعروفة باسم «كاريتا كاريتا» تظهر على أحد الشواطئ (أ.ف.ب)

المخاطر والتوازن

أكدت الخبيرة البيئية أهمية السلحفاة البحرية في المحافظة على توازن المنظومة البحرية، قائلة: إن وجودها «دليل على سلامة البحر والشواطئ؛ لأنها تختار موقع تعشيش ملائماً حسب درجة حرارة ورطوبة معينة، إضافة إلى أنها تلعب دوراً كبيراً في المحافظة على توازن السلسلة الغذائية البحرية».

ويقول الخبراء إن السلاحف البحرية تواجه مخاطر مثل الغزو العمراني وتلوث الشواطئ والصيد العرضي وتغير المناخ.

وقالت ألفة الشايب: «تواجه السلاحف البحرية مخاطر كثيرة، مثل الإضاءة الاصطناعية بسبب المد العمراني الذي يتسبب في تيه السلاحف عند التفقيس، فتتجه إلى مصدر الضوء بدلاً من البحر».

وتحدثت أيضاً عن تلوث الشواطئ بالمواد البلاستيكية والصيد العَرَضي: «حيث تعلق السلاحف بها وبالشِباك؛ مما يؤدي إلى نفوقها».

لكنها أكدت أن مشروع حماية السلاحف البحرية الذي انطلق في تسعينات القرن الماضي بدأ يؤتي ثماره بعد اكتشاف مواقع تعشيش جديدة، أبرزها موقع شاطئ الغضابنة بولاية المهدية في شرق تونس.

وعبّرت الباحثة عن سعادتها باكتشاف موقع جديد، وقالت: إنه «اكتشاف رائع يؤكد امتداد مواقع التعشيش نتيجة سنوات من حماية السلاحف البحرية في تونس».

بدوره، أكد رياض غديرة، الناشط في جمعية «أزرقنا الكبير»، أن اكتشاف موقع جديد يؤكد أن الجهود بدأت تُثمر، وقال: «هذا أمر مفرح ويمنحنا أملاً أكبر».

أهمية التوعية

يكثف خبراء البيئة ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بالبيئة جهودهم لنشر الوعي بأهمية السلاحف البحرية وضرورة حمايتها لدورها في المحافظة على التوازنات البيئية البحرية.

وقالت ألفة الشايب: «عند إعادة السلاحف إلى البحر مثلاً نحرص على حضور الأهالي والأطفال والمسؤولين لزيادة الوعي بطرق حماية السلاحف البحرية».

وتابعت: «يجب أن نعمل على زيادة الوعي محلياً وجهوياً في جهات تونس كافة بضرورة حماية السلاحف البحرية ومواقع تعشيشها لحمايتها ومنع اختلال التوازنات البيئية البحرية».

واقترحت إنشاء محميات للسلاحف تنشّط السياحة البيئية وتجتذب المهتمين بالبيئة وتساهم في التوعية بأهمية الكائنات البحرية ومنها السلاحف في المحافظة على التوازن البيئي.


مقالات ذات صلة

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

يوميات الشرق اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات، حيث كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رجل يركب دراجة نارية وسط ضباب كثيف بالقرب من نيودلهي (إ.ب.أ)

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

مع تفاقم الضباب الدخاني السام الذي يلف نيودلهي هذا الأسبوع، فرضت السلطات في العاصمة الهندية مجموعة من القيود الأكثر صرامة على حركة المركبات والسكان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق النسخة الأولى من المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير أقيمت في 2022 (واس)

السعودية تنظِّم «المعرض والمنتدى الدّولي لتقنيات التّشجير»

يهدف المعرض إلى الاستفادة من التّقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة وتدهور الأراضي، وإتاحة منبرٍ لمناقشة المشكلات البيئية الحالية، والبحث عن حلول لها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق دجاج (أ.ف.ب)

الدجاجة أم البيضة؟ علماء يتوصلون أخيراً إلى إجابة لغز «من الذي جاء أولاً»

قالت صحيفة إندبندنت البريطانية إن علماء من جامعة جنيف قدموا، في دراسة، إجابة للغز الشائع «مَن الذي جاء أولاً الدجاج أم البيضة؟» استندت إلى اكتشاف كائن حي متحجر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من التحضيرات للجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

وزير البيئة السعودي: المملكة تركز على أهمية معالجة تحديات الأمن الغذائي

نوّه وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي المهندس عبد الرحمن الفضلي، بريادة المملكة في دعم جهود «مجموعة العشرين»، لتحقيق أهداف تحديات الأمن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

البراكين «مصدر خفي» لثاني أكسيد الكربون المسبِّب للاحترار المناخي

تُواصل البراكين إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بعد فترة طويلة من توقف نشاطها السطحي (رويترز)
تُواصل البراكين إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بعد فترة طويلة من توقف نشاطها السطحي (رويترز)
TT

البراكين «مصدر خفي» لثاني أكسيد الكربون المسبِّب للاحترار المناخي

تُواصل البراكين إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بعد فترة طويلة من توقف نشاطها السطحي (رويترز)
تُواصل البراكين إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بعد فترة طويلة من توقف نشاطها السطحي (رويترز)

واصلت مناطق بركانية ضخمة إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، بعد فترة طويلة من توقّف نشاطها السطحي، مما يفسّر مدة بعض موجات التغير المناخي، بحسب دراسة نُشرت الأربعاء.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول بنجامين بلاك، عالم البراكين في جامعة روتجرز - نيو برونسويك بالولايات المتحدة، وقائد الدراسة التي أجراها فريق من علماء الجيولوجيا من مختلف أنحاء العالم، إنّ «النتائج التي توصّلنا إليها مهمة؛ لأنها تحدّد مصدراً خفياً لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، خلال موجات احترار مفاجئ على الأرض استمرت لفترة أطول بكثير مما كنّا نتوقع».

ويضيف بلاك في بيان مصاحب للدراسة المنشورة بمجلة «نيتشر جيوساينس»: «نعتقد أننا وجدنا جزءاً مهماً من لغز متعلق بكيفية تعطّل المناخ على الأرض، وربما بمقدار الأهمية نفسه عن كيفية تعافيه».

وترتبط «مناطق بركانية واسعة النطاق» (LIPs)، وهي مناطق واسعة تشكّلت نتيجة انفجارات ضخمة للصهارة خلال فترة جيولوجية قصيرة، بـ4 من 5 موجات انقراض جماعي كبرى منذ ظهور الحياة المعقّدة على الأرض.

وأطلقت هذه الانفجارات كميات هائلة من الغازات في الغلاف الجوي، بينها ثاني أكسيد الكربون والميثان، مما تسبّب بظاهرتَي الاحترار المناخي وتحمّض المحيطات.

وقبل 252 مليون سنة، وفي نهاية العصر البرمي، أدى النشاط البركاني المكثّف في إحدى هذه المناطق، وهي مصاطب سيبيريا، إلى موجة خسارة في التنوع البيولوجي كانت الأشد في تاريخ الكوكب؛ إذ انقرض أكثر من 90 في المائة من الأنواع البحرية، و70 في المائة من الأنواع البرّية.

واستمرت ظاهرة الاحترار المناخي والمعدلات المرتفعة لثاني أكسيد الكربون، واضطرابات دورة الكربون لنحو 5 ملايين سنة، أي حوالي 3 ملايين سنة بعد فترة النشاط البركاني.

وهذا التعافي الأبطأ للمناخ مما توقعته النماذج الجيوكيميائية المناخية الحيوية، يثير اهتمام العلماء منذ فترة طويلة.

فهل ثمة عتبات في حال تخطّيها تتوقف أنظمة تنظيم المناخ الطبيعي عن العمل؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فكيف يمكن تفسير مدة هذه الموجات وهي أطول بكثير من النشاط البركاني الذي تسبّب بها؟

انبعاثات من الأنشطة البشرية

جمّع مُعِدّو الدراسة تحليلات كيميائية للحمم البركانية، ووضعوا نماذج حاسوبية تحاكي الذوبان داخل الأرض، وقارنوا النتائج مع السجلات المناخية المحفوظة في الصخور الرسوبية، قبل طرح الفرضية القائلة بأن مرحلة النشاط البركاني السطحي لن تكون الوحيدة التي تشهد إطلاق ثاني أكسيد الكربون.

وحتى عندما توقفت الانفجارات، استمر إنتاج الصهارة في عمق قشرة الأرض ووشاحها، واستمرت في إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون، مما أدى إلى احترار طويل الأمد.

وفي حال تأكيد فرضية هذا المصدر «الخفي» لثاني أكسيد الكربون، فقد يعني ذلك أن «منظم الحرارة» للأرض يعمل بشكل أفضل مما كان يعتقد العلماء، بحسب مُعِدِّي الدراسة.

لكن هذا النوع من البراكين «لا يمكنه بالتأكيد تفسير التغير المناخي الحالي»، على ما يوضح بلاك لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويشير إلى أن هذه «الظاهرة النادرة والاستثنائية جداً، قادرة على جمع ما يكفي من الصهارة لتغطية الولايات المتحدة القارّية أو أوروبا بطبقة من الحمم البركانية بعمق نصف كيلومتر»، وقد شهدتها الأرض آخر مرة قبل 16 مليون سنة.

وحالياً يمثّل الكربون المنبعث في الغلاف الجوي من مختلف براكين الأرض مجتمعةً «أقل من 1 في المائة» من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالأنشطة البشرية، بحسب بلاك.

ويقول: «تشير دراستنا إلى أن أنظمة التحكم في مناخ الأرض تستمر في العمل حتى في ظل ظروف قاسية»، مما يمنحه الأمل في أن «العمليات الجيولوجية ستكون قادرة على إزالة ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الأنشطة البشرية من الغلاف الجوي تدريجياً، لكن ذلك سيستغرق مئات الآلاف إلى ملايين السنين».