المعارف التقليدية تساعد على حماية النظم الطبيعية حول العالم

مجموعة واسعة من الخبرات يجري تناقلها من جيل إلى آخر

صياد سمك على مركبته في منطقة الأهوار بمحافظة ذي قار العراقية يسعى لصيد ما أمكن رغم تناقص الأمطار الذي يهدد بجفاف مخزون النهر من المياه (ا ف ب)
صياد سمك على مركبته في منطقة الأهوار بمحافظة ذي قار العراقية يسعى لصيد ما أمكن رغم تناقص الأمطار الذي يهدد بجفاف مخزون النهر من المياه (ا ف ب)
TT

المعارف التقليدية تساعد على حماية النظم الطبيعية حول العالم

صياد سمك على مركبته في منطقة الأهوار بمحافظة ذي قار العراقية يسعى لصيد ما أمكن رغم تناقص الأمطار الذي يهدد بجفاف مخزون النهر من المياه (ا ف ب)
صياد سمك على مركبته في منطقة الأهوار بمحافظة ذي قار العراقية يسعى لصيد ما أمكن رغم تناقص الأمطار الذي يهدد بجفاف مخزون النهر من المياه (ا ف ب)

يزداد اهتمام حماة البيئة بالممارسات المحلية المتوارثة جيلاً بعد جيل، ودورها الذي قد يكون حاسماً في مستقبل كوكب الأرض. وتشير مجموعة جديدة من الأبحاث إلى أن التقنيات التقليدية، التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، في زراعة الغذاء والسيطرة على حرائق الغابات والحفاظ على الأنواع الحيّة المهددة بالانقراض، يمكن أن تساعد في وقف التداعي السريع للنظم الطبيعية حول العالم. ويبقى الاعتراف بأهمية المعارف التقليدية منقوصاً طالما كانت المجتمعات المحليّة بعيدةً عن صنع القرار.

المجتمعات المحلية تحفظ نظمها الطبيعية

تشمل المعارف التقليدية مجموعة واسعة من الخبرات التي يجري تناقلها من جيل إلى آخر في المجتمعات المحلية، وبين شعوب السكان الأصليين. وهي تتضمن رؤيتهم للعالم الطبيعي، بما فيه من نباتات وحيوانات ونظم بيئية، وكيفية استخدام وإدارة الموارد المتاحة على نحو مستدام.

ولا يوجد تعريف محدد لمفهوم «الشعوب الأصلية»، نظراً لتداخله بين ما هو ثقافي وما هو سياسي، ولا سيما المناطق التي تشهد غياباً للاستقرار وتغيُّرات ديموغرافية. وبشكل عام، تشترك الشعوب الأصلية في استمراريتها التاريخية في منطقة ما، وارتباطها بالأرض التي تعيش عليها، ومحاولتها الحفاظ على أنظمتها المعرفية المتميزة. ووفقاً لذلك، تقدّر الأمم المتحدة تعداد السكان الأصليين حول العالم بأكثر من 476 مليون شخص، يعيشون في 90 دولة.

وكان تقرير، صدر عام 2019 عن المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوُّع البيولوجي وخدمات النظم البيئية (IPBES)، قد خلص إلى أن العالم الطبيعي يتراجع بوتيرة غير مسبوقة. ويشير التقرير إلى أن 3 أرباع اليابسة تعرّضت لتغيُّرات كبيرة بفعل الأنشطة البشرية، كما أن نحو مليون نوع حي أصبح مهدداً بالانقراض.

ويشير التقرير إلى تسارع التدهور البيئي في كثير من مجتمعات السكان الأصليين، إلا أن هذا التدهور أقل حدة مما هو عليه في أجزاء أخرى من العالم. ويقول الخبراء إن هذا الأمر يرجع جزئياً إلى قرون من المعارف التقليدية، وإلى إجماع كثير من المجتمعات المحلية على أهمية الطبيعة وقيمتها العالية من منظورها الثقافي.

ويمكن للمعارف التقليدية أن تساهم في حماية البيئة واستدامة الموارد الطبيعية بطرق مختلفة. فعبر تراكم التجارب، نجحت الشعوب الأصلية في تطوير مجموعة واسعة من ممارسات الإدارة السليمة للغابات، بما فيها قطع الأشجار الانتقائي وإدارة الحرائق. وقد ساعدت هذه الممارسات في حماية الغابات من الإزالة، وحفظتها من عوامل التدهور.

كما ساهمت المعارف التقليدية في حماية التنوُّع البيولوجي بالإفادة من فهم المجتمعات المحلية للعلاقات بين الأنواع المختلفة من النباتات والحيوانات، وساعدت في تحديد الموائل المهمة وحمايتها، وإدارة مجموعات الأنواع الحيّة المهددة بالانقراض.

وتحتفظ الشعوب الأصلية بتاريخ طويل من التكيُّف مع الظروف المناخية المتغيّرة، ولذلك تدعم الاستفادة من خبراتها تخفيف آثار الاحترار العالمي، وتطوير استراتيجيات جديدة للتكيُّف مع تغيُّر المناخ. وتشمل هذه الاستراتيجيات، على سبيل المثال، تطوير محاصيل مقاوِمة للجفاف، وبناء حواجز بحرية طبيعية لحماية المجتمعات الساحلية من ارتفاع مستوى سطح البحر.

في غابات الأمازون المطيرة، تستخدم الشعوب الأصلية معارفها التقليدية في حماية الغابات من الإزالة والتدهور من خلال القيام بدوريات مراقبة في أراضيهم، وزرع الأشجار، واستخدام أساليب متوارثة في إدارة الحرائق. وتساعد الحرائق المسيطر عليها، ضمن مناطق السكان الأصليين في أميركا الجنوبية وأستراليا، في إقلال حرائق الغابات الواسعة التي ستكون شائعةً في كثير من الأماكن مع مناخ أكثر سخونة وجفافاً.

وفي صحراء كالاهاري، جنوب القارة الأفريقية، توظّف الشعوب الأصلية معارفها في الحفاظ على المياه عن طريق بناء مستوعبات الماء كالحُفَر التجميعية، وريّ المزروعات بطرق تقليدية مثل الري بالتنقيط. ونظراً لمعرفتهم العميقة بالعالم الطبيعي، يستطيع سكان صحراء كالاهاري تتبع حركة المياه الجوفية وعلى السطح، ما يتيح لهم العثور على مصادر المياه، حتى في المناطق الجافة.

وتُعد حياة قبائل بلوش الشاهديغال في إيران مثالاً على ترابط النظم الاجتماعية والبيئية في الأقاليم الصحراوية وشبه الصحراوية. وترتحل هذه القبائل موسمياً مع قطعان الإبل ضمن منطقة تبلغ مساحتها نحو 580 ألف هكتار، وتبني دروعاً من الغطاء النباتي للحماية من العواصف الرملية، ما يساعد في الحفاظ على التنوُّع البيولوجي وتأمين رفاهية الإنسان.

وفي القطب الشمالي، تستخدم شعوب «الإنويت» معارفها التقليدية في التكيُّف مع تغيُّر المناخ من خلال تطوير طرق جديدة لصيد الطرائد والأسماك، وبناء منازل جديدة أكثر مقاومة لظروف الطقس القاسية. وكان لشعوب الإنويت في أقصى شمال كندا دور أساسي في استعادة قطعان الوعل التي واجهت أعدادها انخفاضاً حاداً.

تهميش المجتمعات المحلية يهدد التنمية المستدامة

تساهم المعارف التقليدية في حماية البيئة واستدامة الموارد الطبيعية في العالم العربي بأساليب مختلفة، تشمل الحفاظ على المياه، وحماية التنوُّع البيولوجي، والتخفيف من آثار تغيُّر المناخ. ففي المغرب، تُستخدم المعارف التقليدية في حصاد المياه والحفاظ عليها وتنظيم إدارتها بأساليب فعّالة، من بينها «الخطّارة» التي تعتمد على القنوات الجوفية لنقل المياه من الينابيع والأنهار إلى المزارع والقُرى، ويوجد ما يماثلها في المشرق العربي، كالأفلاج في دول الخليج والأقنية الرومانية في بلاد الشام.

وإلى فترة قريبة، كان نظام «الحِمى» قائماً في كثير من الدول العربية، وهو موروث تقليدي للمناطق المحمية يهدف إلى تحقيق الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية على يد المجتمعات الأهلية المحيطة بالحمى ولمصلحتها. ويُعدّ نظام الحمى هاماً لأنه يُشرك المجتمعات المحلية في النظام الحكومي للمحميات الطبيعية، وتنتج عنه فوائد للمجتمعات المحلية التي تعمل على دعمه لجدواه الاقتصادية وقابليته للاستدامة. وتوجد دعوات علمية للعودة إلى نظام الحمى في العالم العربي بعد إدخال بعض التعديلات عليه.

ساهمت المعارف التقليدية في حماية التنوُّع البيولوجي

وفي السنوات الأخيرة، أبدت مصر اهتماماً بالمعارف التقليدية، كطريقة للحفاظ على التنوُّع البيولوجي والتخفيف من آثار تغيُّر المناخ. وأطلقت الحكومة المصرية عدداً من المبادرات لتعزيز الإفادة من خبرات المجتمعات المحلية في ما يتعلق بإدارة الموارد الطبيعية، وآليات تعزيز الوصول إلى الموارد الجينية وتقاسم منافعها، كما في حالة الأعشاب الطبية ومستحضرات التجميل. وتؤكد استراتيجية وخطة العمل المصرية للتنوُّع البيولوجي على أهمية إشراك المجتمعات المحلية والاستفادة من خبراتها وتوسيع نطاق دعمها.

ورغم مصادقة مصر على كثير من الاتفاقيات التي تدعم توظيف المعارف التقليدية في مجالات البيئة والتنوُّع البيولوجي والحفظ والتنمية المستدامة، فإن المعارف التقليدية قلّما تلعب دوراً في التعليم والبحث. وتخلص دراسة، نشرتها دورية «سبرينغر للبيئة والتنمية والاستدامة» عام 2021، إلى محدودية الاستفادة من المعارف التقليدية ضمن المناطق المحمية المصرية، بسبب ضعف خطط إشراك المجتمعات المحلية. وتستثنى من ذلك المناطق ذات المقوّمات السياحية المتميزة، مثل المحميات الواقعة في سيناء وعلى شواطئ البحر الأحمر.

وتُعد الخبرات المحلية حقلاً واعداً لتطوير كثير من الممارسات التي تدعم نظم الاقتصاد الدائري، عبر خفض استهلاك الموارد وتوفير الطاقة وتدوير المخلّفات. ففي مجال الزراعة المستدامة، يمكن الاستفادة من الخبرات المحلية في انتخاب وإكثار المحاصيل المقاومة للجفاف، وإدارة الآفات والأمراض من دون استخدام مواد كيميائية ضارة، وتحسين خصوبة التربة.

وفي مجال الطاقة المتجددة، يمكن تطوير الخبرات المحلية في بناء أفران شمسية، وتسخير طاقة الرياح، واستخدام الكتلة الحيوية كمصدر للطاقة. وفي مجال إدارة النفايات، توجد ممارسات محلية راسخة في تحويل مخلّفات الطعام إلى سماد، وإعادة تدوير المواد، وتقليل استخدام المنتجات التي يمكن التخلص منها.

ولأن حياتهم تقوم على الارتباط الوثيق بالأرض، تُعد المجتمعات المحلية والسكان الأصليون في مقدمة من يواجه تداعيات تغيُّر المناخ. فمن صحراء كالاهاري إلى جبال الهيمالايا وغابات الأمازون المطيرة، تعصف حالات الجفاف والفيضانات والحرائق بالمجتمعات التي تعاني من الفقر وتتعرض لتعديات على أراضيها.

وفي بعض الحالات، تدفع الضغوط المتزايدة الأجيال الشابة إلى التخلي عن موروثها التاريخي وانتهاج أساليب غير مستدامة لتسريع التنمية. وعلى سبيل المثال، تتعرض الغابات الاستوائية الجبلية في مقاطعة شمال كيفو في الكونغو الديمقراطية لتهديدات متزايدة بسبب النزاعات المسلحة والصيد الجائر والتعدين. وفيما كانت الأنشطة التقليدية للمجتمعات المحلية توفّر الحماية لهذه الغابات، بدأت الأجيال الشابة تفقد صبرها وأخذت تأمل بمساهمة سريعة للغابات في تلبية احتياجاتها الاقتصادية والاجتماعية.

إن العمل مع الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، والتعلُّم من خبراتها المتوارثة، يساعد في تطوير حلول مستدامة للتحديات البيئية التي يواجهها العالم. ويؤدي تجاهل هذه المجتمعات، وتهميشها في كثير من الحالات، إلى تهديد قدرة النظم الطبيعية على الصمود ووضع الأجيال الشابة أمام خيارات صعبة.


مقالات ذات صلة

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

بيئة عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق نفايات القهوة تعزز قوة الخرسانة وتقلل البصمة الكربونية (معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا)

نفايات القهوة تصنع خرسانة أقل انبعاثاً للكربون

تكشف الدراسة عن إمكانية تحويل مخلفات القهوة إلى مادة بناء مستدامة تعزز صلابة الخرسانة وتخفض بصمتها الكربونية، مما يدعم التوجه نحو اقتصاد دائري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
ثقافة وفنون عالمة الرئيسيات والناشطة البيئية جين غودال

جين غودال وإرث البشرية المضطرب

غيابها ليس مجرد فقدانٍ لعالمةِ رئيسياتٍ أو ناشطةِ بيئةٍ، بل هو إغلاق للنافذة التي فتحتها بنفسها بقوةٍ وصبرٍ في غابات غومبي التنزانية قبل أكثر من ستة عقود.

ندى حطيط (لندن)
آسيا فيضانات في تايلاند (أ.ب)

ارتفاع عدد الوفيات جراء الفيضانات في تايلاند وسريلانكا

ذكر بيان حكومي أن حصيلة الوفيات جراء الفيضانات في جنوب تايلاند ارتفعت إلى 87 اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
يوميات الشرق يعكس ظهور النسر ضمن المحمية أهميتها المتزايدة بوصفها ملاذاً للطيور المهاجرة (واس)

رصد أول ظهور للنسر أبيض الذيل في السعودية منذ 20 عاماً

رصدت محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ظهوراً نادراً للنسر أبيض الذيل، أحد الطيور المهاجرة، وهو الرصد المؤكد الأول لهذا النوع في السعودية منذ أكثر من 20 عاماً.

«الشرق الأوسط» (تبوك)

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
TT

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024، حيث ارتفعت درجات الحرارة بوتيرة تزيد بمقدار المثلين عن المتوسط العالمي في العقود الأخيرة.

وأصبحت الموجات الحارة في المنطقة أطول وأكثر حدة، وفقاً لأول تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يركز على المنطقة.

وقالت سيليست ساولو الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «ترتفع درجات الحرارة بمعدل مثلي المتوسط العالمي، مع موجات حرّ شديدة ومرهقة للمجتمع إلى أقصى الحدود».

وخلص التقرير إلى أن متوسط درجات الحرارة في عام 2024 تجاوز متوسط الفترة من 1991 إلى 2020، بمقدار 1.08 درجة مئوية، فيما سجّلت الجزائر أعلى زيادة بلغت 1.64 درجة مئوية فوق متوسط الثلاثين عاماً الماضية.

وحذّرت ساولو من أن الفترات الطويلة التي زادت فيها الحرارة عن 50 درجة مئوية في عدد من الدول العربية كانت «حارة للغاية» بالنسبة لصحة الإنسان والنظم البيئية والاقتصاد.

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

وأشار التقرير إلى أن موجات الجفاف في المنطقة، التي تضم 15 بلداً من أكثر بلدان العالم ندرة في المياه، أصبحت أكثر تواتراً وشدة، مع اتجاه نحو تسجيل موجات حرّ أكثر وأطول في شمال أفريقيا منذ عام 1981.

وخلص التقرير إلى أن مواسم الأمطار المتتالية، التي لم يسقط فيها المطر، تسببت في جفاف في المغرب والجزائر وتونس.

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن أكثر من 300 شخص في المنطقة لقوا حتفهم العام الماضي بسبب الظواهر الجوية القاسية، ولا سيما موجات الحر والفيضانات، في حين تضرر ما يقرب من 3.8 مليون شخص.

وأكّد التقرير الحاجة الماسة للاستثمار في الأمن المائي، عبر مشروعات مثل تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إلى جانب تطوير أنظمة الإنذار المبكر للحدّ من مخاطر الظواهر الجوية. ويمتلك نحو 60 في المائة من دول المنطقة هذه الأنظمة حالياً.

ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في المنطقة بمقدار 5 درجات مئوية، بحلول نهاية القرن الحالي، في ظل مستويات الانبعاثات الحالية، استناداً إلى التوقعات الإقليمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.


دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
TT

دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

تعيش مع البشر مئات الملايين من القطط في جميع أنحاء العالم، سواء أكانت سيامية أو فارسية أو من سلالة ماين كون أو غيرها. لكن على الرغم من شعبيتها كحيوانات أليفة، ظلّ تاريخ استئناسها وتربيتها بالمنازل سرّاً صعباً يستعصي على العلماء.

وتقدم دراسة جينية جديدة نظرة في هذه المسألة، من خلال تحديد التوقيت الزمني لمرحلة رئيسية في تدجين القطط، عندما استُقدمت القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا.

ووجد الباحثون أن القطط الأليفة وصلت إلى أوروبا منذ ما يقرب من ألفي عام، في أوائل عصر الإمبراطورية الرومانية، ربما من خلال التجارة البحرية.

ويحتمل أن يكون البحارة قد جلبوا بعض هذه القطط لاصطياد الفئران على متن السفن التي كانت تجوب البحر المتوسط حاملة الحبوب من حقول مصر الخصبة إلى الموانئ التي تخدم روما والمدن الأخرى في الإمبراطورية الرومانية مترامية الأطراف.

تتناقض هذه النتائج مع الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأن الاستئناس حدث في عصور ما قبل التاريخ، ربما قبل 6 إلى 7 آلاف سنة، حينما انتقل المزارعون من الشرق الأدنى والشرق الأوسط القديم إلى أوروبا لأول مرة، حاملين القطط معهم.

قطة (أ.ف.ب)

وقال عالم الجينات كلاوديو أوتوني، من جامعة روما تور فيرجاتا، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت اليوم (الخميس)، في مجلة «ساينس»: «أظهرنا أن أقدم جينومات للقطط المنزلية في أوروبا تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية وما بعدها»، بداية من القرن الأول الميلادي.

استخدمت الدراسة بيانات جينية من بقايا القطط من 97 موقعاً أثرياً في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأدنى، وكذلك من قطط تعيش في الوقت الحاضر. قام الباحثون بتحليل 225 عظمة من عظام القطط، الأليفة والبرية، التي ترجع إلى نحو 10 آلاف سنة مضت إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وأنتجوا 70 جينوماً قديماً للقطط.

ووجد الباحثون أن بقايا القطط من مواقع ما قبل التاريخ في أوروبا تنتمي إلى القطط البرية، وليس القطط الأليفة القديمة.

كانت الكلاب هي أول حيوان مستأنس من قبل البشر، إذ انحدرت من فصيلة ذئاب قديمة مختلفة عن الذئاب الحديثة. وجاءت القطط الأليفة في وقت لاحق، منحدرة من القط البري الأفريقي.

قال ماركو دي مارتينو، عالم الحفريات بجامعة روما تور فيرجاتا، والمؤلف المشارك في الدراسة: «دخول القطط الأليفة إلى أوروبا مهم لأنه يمثل لحظة مهمة في علاقتها طويلة الأمد مع البشر. فالقطط ليست مجرد نوع آخر وصل إلى قارة جديدة. إنها حيوان أصبح مندمجاً بعمق في المجتمعات البشرية والاقتصادات حتى المعتقدات».

وحدّدت البيانات الجينية مرحلتين لدخول القطط إلى أوروبا من شمال أفريقيا. فمنذ ما يقرب من 2200 سنة، جلب البشر القطط البرية من شمال غربي أفريقيا إلى جزيرة سردينيا، التي تنحدر قططها البرية الحالية من تلك القطط المهاجرة.

لكن هذه القطط لم تكن أليفة. فهناك هجرة منفصلة من شمال أفريقيا بعد نحو قرنين من الزمان، شكّلت الأساس الجيني للقطط المنزلية الحديثة في أوروبا.

تشير نتائج الدراسة إلى أنه لم تكن هناك منطقة أساسية واحدة لترويض القطط، بل لعبت عدة مناطق وثقافات في شمال أفريقيا دوراً في ذلك، وفقاً لعالمة الآثار الحيوانية والمؤلفة المشاركة في الدراسة، بيا دي كوبير، من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية.

وقالت دي كوبير: «يتزامن توقيت الموجات الوراثية لإدخال القطط من شمال أفريقيا مع الفترات التي تكثفت فيها التجارة حول البحر المتوسط بقوة. ومن المرجح أن القطط كانت تسافر لصيد فئران على متن سفن الحبوب، لكن ربما أيضاً كحيوانات ذات قيمة دينية ورمزية».

كانت القطط مهمة في مصر القديمة، وكان ملوك مصر يحتفظون بقطط أليفة، وأحياناً يحنطونها لدفنها في توابيت أنيقة.

ولعب الجيش الروماني القديم، الذي انتشرت مواقعه العسكرية في جميع أنحاء أوروبا، وحاشيته، دوراً أساسياً في انتشار القطط الأليفة في جميع أنحاء القارة، وتشهد على ذلك بقايا القطط التي اكتشفت في مواقع المعسكرات الرومانية.

ويرجع تاريخ أقدم قط مستأنس في أوروبا تم تحديده في الدراسة، وهو قط مشابه وراثياً للقطط المنزلية الحالية، إلى ما بين 50 قبل الميلاد و80 ميلادية من بلدة ماوترن النمساوية، وهي موقع حصن روماني على طول نهر الدانوب.

ومع ذلك، لم تكشف الدراسة عن توقيت ومكان التدجين الأولي للقطط.

قال أوتوني: «تدجين القطط أمر معقد، وما يمكننا قوله حالياً هو توقيت دخول القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا. لا يمكننا أن نقول الكثير عما حدث قبل ذلك، وأين حدث».


إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
TT

إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)

أصدرت السلطات المحلية في إسطنبول، اليوم (الاثنين)، مرسوماً يقضي بحظر إطعام الكلاب الضالة داخل المدينة في المستقبل، وكذلك منع وجودها في الأماكن العامة بالمدينة.

وقالت السلطات إنه سيتم منع الكلاب الضالة من الوجود على الأرصفة، والمرافق الصحية والتعليمية، والمطارات، ودور العبادة، والمتنزهات، وذلك بهدف منع انتشار الآفات والتلوث البيئي.

ولم يتم تقديم أي تفاصيل حول العقوبات المحتملة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وتهدف الإجراءات الجديدة أيضاً إلى تسريع عملية الإمساك بالكلاب التي لا مالك لها وتعقيمها، وإيوائها في ملاجئ الحيوانات. وستكون البلديات مسؤولة عن تنفيذ القواعد الجديدة.

وأصبحت هذه القضية محل جدل كبيراً منذ صدور قانون العام الماضي، يسمح في حالات معينة بإعدام الكلاب الضالة. ويمكن الآن إلزام البلديات بإمساك الحيوانات الضالة وإيوائها في ملاجئ خاصة.

وتقوم هذه الملاجئ بالبحث عن مالكين جدد للاعتناء بهذه الحيوانات.