لماذا الطحالب ضرورية لعالم النبات؟

الطحالب تمتص كل غذائها مثل الإسفنج (بريمافوتوس)
الطحالب تمتص كل غذائها مثل الإسفنج (بريمافوتوس)
TT

لماذا الطحالب ضرورية لعالم النبات؟

الطحالب تمتص كل غذائها مثل الإسفنج (بريمافوتوس)
الطحالب تمتص كل غذائها مثل الإسفنج (بريمافوتوس)

تعتبر الطحالب نباتات صغيرة غالباً ما يجرى تجاهلها أو التعامل معها بصفتها آفة الأعشاب، ومع ذلك فهي تشبه بـ»بطل خارق» لعالم النبات، حسب «صحيفة الغارديان» البريطانية. وتساعد الطحالب في مكافحة تلوث الهواء وأزمة المناخ، والحفاظ على صحة التربة، واستعمار الأرض الجرداء تمهيدا لنمو النباتات الأخرى، ويمكنها أن تعيش في بيئات قاسية تتراوح بين الصحارى والمناطق القطبية.

وتفتقر الطحالب إلى الجذور السليمة وتمتص كل غذائها مثل الإسفنج من خلال أوراقها، مما يجعلها جيدة بصفة خاصة في التغذي بالملوثات والجسيمات الدقيقة من الغبار في الهواء. وهي تمتص ما يصل إلى 20 مرة مثل وزنها في الماء، وعندما يتبخر ذلك فإنها تُبرد الهواء المحيط بها بما يصل إلى 2 درجة مئوية.

الطحالب تساعد في مكافحة تلوث الهواء (شايترستوك)

ووجدت دراسة استقصائية عالمية أجريت أخيراً أنه من المقدر أن تمتص الطحالب كمية من الكربون في طبقة التربة تزيد عن 6.43 بليون طن وتخزنها في بقع مكشوفة من التربة، وهو ما يمثل 6 أضعاف انبعاثات الكربون العالمية السنوية الناجمة عن التغيرات في استخدام الأراضي مثل الزراعة، وإزالة الغابات والتحضر والتعدين على الصعيد العالمي.

وتتسم التربة المغطاة بالطحالب بمستويات أعلى من العناصر المغذية الرئيسية، ومعدلات أسرع لتحلل المواد العضوية، وتربط جزيئات التربة معا لتجنب التآكل، وحالات أقل من الأمراض النباتية التي تنتقل عن طريق التربة في المتوسط مقارنة بالتربة الخالية من الطحالب.



اليونان تختبر زراعة الفواكه الاستوائية المقاوِمة للتغير المناخي

المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)
المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)
TT

اليونان تختبر زراعة الفواكه الاستوائية المقاوِمة للتغير المناخي

المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)
المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)

تُجرى في شبه جزيرة البيلوبونيز تجربة تتمثل في زرع أنواع من الفواكه غير مألوفة في اليونان، تنبت في آسيا أو سواها عادةً، وهي أكثر مقاومة للتغير المناخي الذي يؤثر بشدة على اليونان ومنطقة البحر الأبيض المتوسط.

ومن هذه الفاكهة المانجو والأفوكادو والليتشي والشيريمويا والمكاديميا.

بدا المُزارع بانوس أداموبولوس سعيداً وهو يتفحص ثمار المانجو التي دنا وقت قطافها في مزرعته في جنوب غرب اليونان، مع أنها من الفواكه التي لا تُزرع في اليونان الشهيرة بكروم الزيتون.

لكنّ هذه الفواكه الآسيوية المنشأ هي ثمرة تجربة علمية تُجرى في شبه جزيرة البيلوبونيز، التي تضم مساحات قاحلة.

وتتمثل هذه التجربة في زراعة أنواع من الفواكه لا تنبت عادةً في هذه المنطقة حيث تشتد درجات الحرارة في الصيف وتكون أقرب إلى الاعتدال في بقية أيام السنة.

ولاحظ بانوس أداموبولوس (38 عاماً)، المقيم في كيباريسيا، أن «الشتاء لم يعد موجوداً»، فالأمطار لم تهطل منذ مارس (آذار) الفائت على أرضه، و«لا نبات من دون ماء». علماً بأن معظم دخله يتأتى من خسّ الآيسبرغ الذي يحتاج إلى الكثير من مياه الري.

المزارع اليوناني ثيودوروس ديميتراكاكيس يتفقد محصوله من فاكهة ليتشي في اليونان (أ.ف.ب)

وتوقّع المزارع أن يضطر قريباً إلى التخلي عن بعض المزروعات، مثل البطيخ.

وأكّد أداموبولوس، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه مهتم بزراعة الفواكه الغريبة المنشأ «الأكثر مقاومة» للظروف الجوية المستجدة.

وقد نبتت في حقله بالفعل بضعة أشجار مانجو وأفوكادو لا تزال قليلة جداً نسبياً في أرضه الممتدة مساحتها على 80 هكتاراً. ويعتزم بانوس أداموبولوس زرعَ 300 شجرة أخرى، ويفتخر بأنه تلقى بالفعل طلبيات لشراء محاصيل حصاده الأول المتوقع خلال هذا الشهر.

«إنقاذ» الزراعة

وأوضحت الباحثة في منظمة «ديميتر» الزراعية اليونانية التي تُجري الدراسة، تيريزا تزاتزاني، أن الهدف منها «إيجاد طرق للتعامل مع التغير المناخي واستخدامه» لصالح الزراعة.

وشرحت الخبيرة أن «العام بأكمله أصبح أشد سخونة، وهو ما يناسب هذه النباتات». وتحتاج أشجار المانجو خصوصاً إلى كمية قليلة من الأمطار. وكان فصلا الشتاء الأخيران شديدَي الجفاف بالفعل، وفقاً لتيريزا تزاتزاني.

لقطة عامة لحقل يجري فيه تجربة زراعة أنواع من الفواكه غير مألوفة في اليونان (أ.ف.ب)

ومع أن أشجار الأفوكادو كانت أصلاً تنمو في كريت، وهي جزيرة كبيرة تقع إلى الجنوب، إلا أن العلماء لم يكونوا واثقين من قدرتها على التكيف مع ظروف البر الرئيسي لليونان.

وتمكّن بعض المنتجين من زراعتها بكميات صغيرة في البيلوبونيز، لكنّ البرنامج يهدف إلى معرفة ما إذا كانت هذه المزروعات قابلة للحياة وزراعتها مجدية على نطاق واسع، على ما أوضح مدير الاقتصاد الزراعي في منطقة تريفيليا أنتونيس، باراسكيفوبولوس.

ويعرب باراسكيفوبولوس عن خشيته من أن يكون هذا النوع من الابتكار ضرورياً «لإنقاذ» القطاع من «الكوارث المناخية» المستقبلية، داعياً إلى استثمارات أوروبية.

«مكمّل»

ومع ذلك، لا يستطيع الحلّ المتمثل في زرع الفواكه الاستوائية تحقيق المعجزات. ولا يضم البرنامج راهناً سوى نحو عشرة مزارعين، وتقتصر مساحته المزروعة على عشرة هكتارات.

وليس المقصود منه أن تكون هذه الفواكه بديلاً من المنتجات الرئيسية، مثل الزيتون أو البرتقال، ولكنها يمكن أن تكون بمثابة «مكمّل» لها، على ما شرحت تيريزا تزاتزاني التي تعتزم توسيع التجربة لتشمل مناطق يونانية جديدة.

المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)

وتعاني دول مجاورة المشكلة نفسها. ففي إيطاليا، بدأ المزارعون في صقلية مثلاً بإنتاج المانجو والموز والبابايا.

وتشير تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن حوض البحر الأبيض المتوسط، وهو أحد «البؤر الساخنة» للتغير المناخي، سيشهد المزيد من موجات الحر والجفاف المتكررة.

وشهدت اليونان هذه السنة شهر يوليو (تموز) الأكثر حراً على الإطلاق وفقاً لبيانات الطقس الأولية الصادرة عن المرصد الوطني، بعد أن سجل يونيو (حزيران) أيضاً رقماً قياسياً.

ربحية

ورأى ثيودوروس ديميتراكاكيس، وهو مزارع يوناني آخر مشارك في التجربة، أن الأمر سيستغرق «سنوات» حتى يصبح إنتاج الفاكهة الاستوائية مربحاً.

وقال المزارع البالغ (44 عاماً) رغم حماسته لهذه التجربة، إنه لا يملك الوسائل اللازمة لتكريس نفسه لها بشكل كامل لأن مصدر رزقه، وهي شجرة الزيتون، تتطلب كل اهتمامه. وأفاد بأن إنتاجه انخفض بنسبة 60 في المائة العام الفائت بسبب الجفاف والحرارة المبكرة.

فقريته، كالكثير من القرى الأخرى في اليونان، تُحرم في أكثر الأحيان لساعات عدة خلال النهار من المياه بسبب النقص. واعترف ثيودوروس ديميتراكاكيس، الذي كان ناشطاً بيئياً خلال سنوات دراسته الجامعية، بأنه لم يفهم إلا أخيراً أن ظاهرة الاحترار المناخي ستؤثر عليه «منذ الآن». وأمل في أن يتمكن من إقناع المزارعين الآخرين بذلك، إذ إن بعضهم يعدونها مجرّد «سنة سيئة».