الإمارات تأمل في إنقاذ المناخ بزراعة 100 مليون شجرة مانغروف

مشهد من أشجار المانغروف في أبوظبي (رويترز)
مشهد من أشجار المانغروف في أبوظبي (رويترز)
TT

الإمارات تأمل في إنقاذ المناخ بزراعة 100 مليون شجرة مانغروف

مشهد من أشجار المانغروف في أبوظبي (رويترز)
مشهد من أشجار المانغروف في أبوظبي (رويترز)

في مواجهة الحرارة والتوسع العمراني ورمال الصحراء... تعمل الإمارات على إصلاح وتجديد الممرات المائية الموحلة لغابات المانغروف الساحلية وزراعتها في خطة طموح لمكافحة تغير المناخ.

وغابات المانغروف المدارية هي نظم بيئية معقدة ترتكز على أشجار المانغروف التي تزدهر في ظروف قاسية من الحرارة والوحل والملوحة. وتشكل هذه الغابات درعاً تحمي المجتمعات الساحلية من العواصف والفيضانات، وتضم أنواعاً متنوعة ومهدَّدة ويمكنها أن تحدّ من تغير المناخ عبر امتصاص الكربون من الغلاف الجوي.

مشهد من أشجار المانغروف في أبوظبي (رويترز)

يقول حمد الجيلاني، الخبير في هيئة البيئة بالعاصمة الإماراتية أبوظبي: «ما يجعل هذه الأنواع من المانغروف، أفيسينيا مارينا (القرم البحري)، في أبوظبي، مميزة هو تحملها الشديد للظروف القاسية، إذ يمكنها تحمل الملوحة الشديدة ودرجات الحرارة المرتفعة».

وقال من داخل غابات المانغروف في أبوظبي، التي يُزرع أقل من 40 في المائة منها وينمو بقيتها تلقائياً «إنها مهمة جداً فيما يتعلق بتغير المناخ، إذ ترتفع درجات الحرارة بمختلف أنحاء العالم أو تصبح أقل استقراراً».

مشهد من أشجار المانغروف في أبوظبي (رويترز)

وتزرع الإمارات، التي تستضيف قمة المناخ (كوب28) في ديسمبر (كانون الأول)، أشجار المانغروف منذ تأسيسها في سبعينات القرن العشرين، وتعتزم زراعة 100 مليون شجرة مانغروف إضافية بحلول عام 2030 إلى جانب 60 مليون شجرة تنتشر حالياً في مساحة 183 كيلومتراً مربعاً. وتقول وزارة المناخ إنها تمتص 43 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.

ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، تقلّصت غابات المانغروف عالمياً في عام 2020 بنسبة 3.4 بالمئة مقارنةً مع 1996، لكنّ مساحاتها استقرت في السنوات الأخيرة.

وفي مركز «خور كلباء» لأشجار القرم على الساحل الشرقي لدولة الإمارات، توجد لافتة تخبر الزائرين بأن غابة المانغروف هذه يزيد عمرها على 300 عام وتسهم في مكافحة تغير المناخ.

مشهد من أشجار المانغروف في أبوظبي (رويترز)

وقال بريندان ويتنغتون جونز، خبير حماية الطبيعة في «خور كلباء»: «تعدُّد الأنواع رائع للغاية». وأشار إلى أن الغابة كانت مفتوحة عادةً للجمهور وبها سيارات وجِمال، لكن تم إغلاقها بعد ذلك.

ويزيد تخزين أشجار المانغروف للكربون كلما زاد عمرها، وتقول الأمم المتحدة إن معدل نجاح مشروعات تجديد غابات المانغروف يمكن أن يكون منخفضاً جداً.

ويرى ويتنغتون جونز أنه يجب التركيز على إنقاذ غابات المانغروف بدلاً من عدد الأشجار التي تتم زراعتها. وقال: «نعلم بالتأكيد أن هناك عدداً محدوداً من المناطق التي تكون فيها الملوحة أو درجات الحرارة أو الموارد المائية مناسبة لبقاء أشجار المانغروف».

حقائق

60 مليون شجرة

مانغروف في الإمارات حالياً


مقالات ذات صلة

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

يوميات الشرق أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست» ببريطانيا، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزيرة البيئة الأوكرانية تلقي كلمة في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 29) في أذربيجان 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

أوكرانيا تُقدّر الضرر البيئي نتيجة الحرب بـ71 مليار دولار

قالت وزيرة البيئة الأوكرانية إن الضرر البيئي بسبب العمليات العسكرية جراء الغزو الروسي لأوكرانيا منذ فبراير 2022 يقدّر بـ71 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
خاص قام أفراد المجتمع بزراعة أكثر من مليون شجيرة في متنزه ثادق السعودي لإصلاح الأراضي المتدهورة ومعالجة التصحر (برنامج الأمم المتحدة للبيئة)

خاص ثياو قبل «كوب 16»: العالم يحتاج 355 مليار دولار سنوياً لمكافحة التصحر

مع اقتراب انعقاد «كوب 16» يترقّب العالم خطوات حاسمة في معالجة أكبر التحديات البيئية التي تواجه كوكب الأرض.

آيات نور (الرياض)
بيئة ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية يُهدد خطط المناخ

أظهرت أوراق بحثية أن الأراضي الرطبة الاستوائية حول العالم بات نبعث منها كميات من غاز الميثان أكبر من أي وقت مضى.

«الشرق الأوسط» (باكو)

البراكين «مصدر خفي» لثاني أكسيد الكربون المسبِّب للاحترار المناخي

تُواصل البراكين إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بعد فترة طويلة من توقف نشاطها السطحي (رويترز)
تُواصل البراكين إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بعد فترة طويلة من توقف نشاطها السطحي (رويترز)
TT

البراكين «مصدر خفي» لثاني أكسيد الكربون المسبِّب للاحترار المناخي

تُواصل البراكين إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بعد فترة طويلة من توقف نشاطها السطحي (رويترز)
تُواصل البراكين إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بعد فترة طويلة من توقف نشاطها السطحي (رويترز)

واصلت مناطق بركانية ضخمة إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، بعد فترة طويلة من توقّف نشاطها السطحي، مما يفسّر مدة بعض موجات التغير المناخي، بحسب دراسة نُشرت الأربعاء.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول بنجامين بلاك، عالم البراكين في جامعة روتجرز - نيو برونسويك بالولايات المتحدة، وقائد الدراسة التي أجراها فريق من علماء الجيولوجيا من مختلف أنحاء العالم، إنّ «النتائج التي توصّلنا إليها مهمة؛ لأنها تحدّد مصدراً خفياً لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، خلال موجات احترار مفاجئ على الأرض استمرت لفترة أطول بكثير مما كنّا نتوقع».

ويضيف بلاك في بيان مصاحب للدراسة المنشورة بمجلة «نيتشر جيوساينس»: «نعتقد أننا وجدنا جزءاً مهماً من لغز متعلق بكيفية تعطّل المناخ على الأرض، وربما بمقدار الأهمية نفسه عن كيفية تعافيه».

وترتبط «مناطق بركانية واسعة النطاق» (LIPs)، وهي مناطق واسعة تشكّلت نتيجة انفجارات ضخمة للصهارة خلال فترة جيولوجية قصيرة، بـ4 من 5 موجات انقراض جماعي كبرى منذ ظهور الحياة المعقّدة على الأرض.

وأطلقت هذه الانفجارات كميات هائلة من الغازات في الغلاف الجوي، بينها ثاني أكسيد الكربون والميثان، مما تسبّب بظاهرتَي الاحترار المناخي وتحمّض المحيطات.

وقبل 252 مليون سنة، وفي نهاية العصر البرمي، أدى النشاط البركاني المكثّف في إحدى هذه المناطق، وهي مصاطب سيبيريا، إلى موجة خسارة في التنوع البيولوجي كانت الأشد في تاريخ الكوكب؛ إذ انقرض أكثر من 90 في المائة من الأنواع البحرية، و70 في المائة من الأنواع البرّية.

واستمرت ظاهرة الاحترار المناخي والمعدلات المرتفعة لثاني أكسيد الكربون، واضطرابات دورة الكربون لنحو 5 ملايين سنة، أي حوالي 3 ملايين سنة بعد فترة النشاط البركاني.

وهذا التعافي الأبطأ للمناخ مما توقعته النماذج الجيوكيميائية المناخية الحيوية، يثير اهتمام العلماء منذ فترة طويلة.

فهل ثمة عتبات في حال تخطّيها تتوقف أنظمة تنظيم المناخ الطبيعي عن العمل؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فكيف يمكن تفسير مدة هذه الموجات وهي أطول بكثير من النشاط البركاني الذي تسبّب بها؟

انبعاثات من الأنشطة البشرية

جمّع مُعِدّو الدراسة تحليلات كيميائية للحمم البركانية، ووضعوا نماذج حاسوبية تحاكي الذوبان داخل الأرض، وقارنوا النتائج مع السجلات المناخية المحفوظة في الصخور الرسوبية، قبل طرح الفرضية القائلة بأن مرحلة النشاط البركاني السطحي لن تكون الوحيدة التي تشهد إطلاق ثاني أكسيد الكربون.

وحتى عندما توقفت الانفجارات، استمر إنتاج الصهارة في عمق قشرة الأرض ووشاحها، واستمرت في إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون، مما أدى إلى احترار طويل الأمد.

وفي حال تأكيد فرضية هذا المصدر «الخفي» لثاني أكسيد الكربون، فقد يعني ذلك أن «منظم الحرارة» للأرض يعمل بشكل أفضل مما كان يعتقد العلماء، بحسب مُعِدِّي الدراسة.

لكن هذا النوع من البراكين «لا يمكنه بالتأكيد تفسير التغير المناخي الحالي»، على ما يوضح بلاك لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويشير إلى أن هذه «الظاهرة النادرة والاستثنائية جداً، قادرة على جمع ما يكفي من الصهارة لتغطية الولايات المتحدة القارّية أو أوروبا بطبقة من الحمم البركانية بعمق نصف كيلومتر»، وقد شهدتها الأرض آخر مرة قبل 16 مليون سنة.

وحالياً يمثّل الكربون المنبعث في الغلاف الجوي من مختلف براكين الأرض مجتمعةً «أقل من 1 في المائة» من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالأنشطة البشرية، بحسب بلاك.

ويقول: «تشير دراستنا إلى أن أنظمة التحكم في مناخ الأرض تستمر في العمل حتى في ظل ظروف قاسية»، مما يمنحه الأمل في أن «العمليات الجيولوجية ستكون قادرة على إزالة ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الأنشطة البشرية من الغلاف الجوي تدريجياً، لكن ذلك سيستغرق مئات الآلاف إلى ملايين السنين».