محاولات صينية حثيثة للحفاظ على «السماء المظلمة»

محاولات صينية حثيثة للحفاظ على «السماء المظلمة»
TT

محاولات صينية حثيثة للحفاظ على «السماء المظلمة»

محاولات صينية حثيثة للحفاظ على «السماء المظلمة»

أصبح الابتعاد عن الصخب والضجيج للاستمتاع بالسماء المظلمة الهادئة ومجرة درب التبانة أخيرا وسيلة عصرية لسكان مدينة شنتشن جنوب الصين لقضاء عطلاتهم.

ومع إنشاء أول مجتمع دولي للسماء المظلمة في الصين بمدينة شنتشن الشهر الماضي، يهتم المزيد من الصينيين بالحفاظ على السماء المظلمة ومكافحة التلوث الضوئي.

وفي أبريل (نيسان) 2021، بدأت السلطات المحلية في شنتشن بذل جهود لبناء مجتمع السماء المظلمة في شيتشونغ، التي تقع على بعد حوالى 60 كيلومترا من وسط مدينة شنتشن. وفي غضون عامين، تمت ترقية مرافق الإضاءة في المجتمع لتقليل الإضاءة غير الضرورية والتلوث الضوئي، وتمت صياغة معايير بيئية لمجتمع السماء المظلمة.

وقال فان تشو نائب مدير مرصد شينغلونغ التابع للمراصد الفلكية الوطنية التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم (NAOC)، إنه في الماضي، اعتقد الناس أنه كلما كانت المدينة أكثر إشراقا كانت التنمية الاقتصادية أفضل. لكن الناس يدركون الآن تدريجيا الحاجة الماسة إلى حماية السماء المظلمة وبدأوا في جعل الإضاءة الحضرية أكثر كفاءة في استخدام الطاقة وأكثر صداقة للبيئة، وذلك وفق ما نشرت وكالة أنباء «شينخوا» الصينية، اليوم (الأربعاء).

ويتطلب بناء صين جميلة أيضا الحفاظ على سماء مرصعة بالنجوم الجميلة، حسبما قال شياو تشينغ نائب الأمين العام للمؤسسة الصينية للحفاظ على التنوع البيولوجي والتنمية الخضراء؛ الذي يبين «أنشأت المؤسسة العديد من محميات السماء المظلمة في مناطق وبيئات مختلفة مثل الهضاب والأراضي الرطبة الساحلية والجبال والبحيرات في جميع أنحاء الصين. فقد وجد علماء صينيون أن بلدة لنغهو في مقاطعة تشينغهاي شمال غربي الصين تتمتع بظروف عالمية المستوى للمراقبة الفلكية».

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي طرحت السلطات المحلية لوائح لحماية السماء المظلمة، والتي حددت المنطقة الواقعة على بعد 50 كيلومترا خارج بيئة المراقبة الفلكية في لنغهو باعتبارها المنطقة الأساسية لحماية السماء المظلمة.

علاوة على ذلك، حددت اللوائح بدقة نوع ودرجة سطوع مصادر الضوء واتجاه إضاءة جميع مرافق الإضاءة الليلية الخارجية داخل المنطقة الأساسية.

كما أشار الخبراء أيضا إلى أنه مع انجذاب المزيد من الناس إلى الليل المرصع بالنجوم، يمكن لحماية السماء المظلمة أيضا أن تعزز التنمية الاقتصادية. إذ أظهرت الإحصاءات أنه في الفترة من أبريل (نيسان) 2021 إلى مارس (آذار) 2023، تم إنشاء ستة مشاريع سياحية فلكية في شيتشونغ، حيث اجتذبت أكثر من 200 ألف شخص وحققت إيرادات تزيد على 18 مليون يوان (حوالى 2.6 مليون دولار أميركي).

ويخلص يه جيون الأمين العام لجمعية هانغتشو الفلكية الى القول «إن التنمية الاقتصادية والاجتماعية لا تتعارض مع الحفاظ على الليل المظلم».


مقالات ذات صلة

من التصميم إلى الإنشاء… ابتكارات مستدامة تُشكِّل معرضاً دولياً في السعودية

يوميات الشرق معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)

من التصميم إلى الإنشاء… ابتكارات مستدامة تُشكِّل معرضاً دولياً في السعودية

تبرز تقنية «الشجرة التفاعلية» وسط القاعة. فعندما يقترب الزائر تدبُّ الحياة في الشجرة ويُعرَض وجهٌ عليها لتبدأ بسرد قصتها ممثّلةً الأشجار المُعمِّرة في السعودية.

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)
بيئة شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

بات ما يزيد قليلاً على 75 في المائة من أراضي العالم «أكثر جفافاً بشكل دائم» على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة الاستفادة من التقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة واستعادة الأراضي المتدهورة من أهداف المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 00:55

السعودية تستهدف تحويل 60 % من مناطقها إلى «غابات مُنتجة»

يواصل «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» استقبال الحضور اللافت من الزوّار خلال نسخته الثانية في العاصمة السعودية الرياض، بتنظيم من المركز الوطني لتنمية…

غازي الحارثي (الرياض)

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
TT

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)

بات ما يزيد قليلاً على 75 في المائة من أراضي العالم «أكثر جفافاً بشكل دائم» على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، الاثنين، تزامناً مع مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) في السعودية.

وصارت الأراضي الجافة الآن تغطي 40 في المائة من مساحة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، حسبما خلصت دراسة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، محذرة من أن هذا التحول يمكن أن يؤثر فيما يصل إلى خمسة مليارات شخص بحلول عام 2100، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأظهر التقرير الذي يشير إلى «تهديد وجودي» تفرضه مسارات يتعذّر تغيير اتجاهها، أن الأراضي الجافة، المناطق التي تصعب زراعتها، زادت بمقدار 4.3 مليون كلم مربع بين عامي 1990 و2020، وهي مساحة تعادل ثلث مساحة الهند.

تحذيرات من «القحط»

وجاء التحذير خلال اجتماع مؤتمر «كوب 16» الذي بدأ الأسبوع الماضي في الرياض ويستمر 12 يوماً، بهدف حماية الأراضي واستعادتها والاستجابة إلى الجفاف في ظل تغير المناخ المستمر.

ويحذّر التقرير من أن القحط، وهو نقص مزمن في المياه، يمتد الآن على 40.6 في المائة من كتلة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، مقابل 37.5 في المائة قبل 30 عاماً.

أشخاص يسيرون عبر جزء من نهر الأمازون تظهر عليه علامات الجفاف في كولومبيا (أ.ب)

كما يحذّر من أن المناطق الأكثر تضرراً تشمل الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط وجنوب أفريقيا وجنوب أستراليا وبعض مناطق آسيا وأميركا اللاتينية.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو: «على عكس الجفاف -فترات مؤقتة من انخفاض هطول الأمطار- يمثّل القحط تحولاً دائماً لا هوادة فيه».

وأضاف أن «المناطق المناخية الأكثر جفافاً التي تؤثر الآن في أراضٍ شاسعة في جميع أنحاء العالم لن تعود إلى ما كانت عليه، وهذا التغيير يعيد تعريف الحياة على الأرض».

«أسوأ سيناريو»

وأضاف التقرير أن التغييرات تُعزى إلى حد كبير إلى الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تغيّر هطول الأمطار وتزيد من نسب التبخر.

وتشمل آثار نقص المياه المزمن تدهور التربة وانهيار النظام البيئي وانعدام الأمن الغذائي والهجرة القسرية، وفقاً للعلماء.

وحسب التقرير، يعيش بالفعل 2.3 مليار شخص في مناطق جافة تتوسع، مع توقعات تشير إلى أن «أسوأ سيناريو» يتمثّل في عيش 5 مليارات شخص في هذه الظروف مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

ولمواجهة هذا الاتجاه، حثّ العلماء الأعضاء على «دمج مقاييس القحط في أنظمة مراقبة الجفاف الحالية»، وتحسين إدارة التربة والمياه، و«بناء القدرة على الصمود في المجتمعات الأكثر ضعفاً».