نصف اليابسة على الأرض قد تتغير مناخيا بحلول 2100

نصف اليابسة على الأرض قد تتغير مناخيا بحلول 2100
TT

نصف اليابسة على الأرض قد تتغير مناخيا بحلول 2100

نصف اليابسة على الأرض قد تتغير مناخيا بحلول 2100

تظهر دراسة جديدة تحاكي مستقبل الأرض حتى عام 2100 كيف يمكن للتغيرات المتزايدة بشكل أساسي في درجة الحرارة وهطول الأمطار أن تغير المناخ على المستوى المحلي، لدرجة أننا سنضطر إلى إعادة رسم الخرائط التي تم تصورها لأول مرة في ثمانينيات القرن التاسع عشر.

وكتب فريق الباحثين بقيادة المؤلف الكبير بول ديرماير عالم المناخ بجورج ميسون بجامعة فيرجينيا «اعتمادًا على النماذج المناخية التي استخدمها الباحثون لتوليد توقعات للتغير العالمي في المستقبل، يمكن أن ترتفع هذه التقديرات إلى أبعد من ذلك، بحيث يمكن دفع ما يقرب من 50 في المائة من مساحة اليابسة إلى منطقة مناخية غير مألوفة. فقد أصبحت التحولات أكثر وضوحًا مع أحدث جيل من النماذج المناخية، والتي تعتبر أكثر حساسية للتغيرات في المناخ وتتنبأ بمعدلات أكثر حدة للاحترار العالمي»، وذلك وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص، نقلا عن Earth's Future.

ولتخطيط التغييرات المتوقعة، عاد دايرماير إلى خرائط كوبن-جيجر؛ وهو نظام يستخدم لتصنيف العالم إلى خمس مناطق مناخية بناءً على درجة الحرارة وهطول الأمطار والفصول.

تم تطوير خرائط تصنيف مناخ كوبن-جيجر من قبل عالم مناخ ألماني روسي هو فلاديمير كوبن عام 1884. كما تم تحديثها عدة مرات منذ ذلك الحين، وتستخدم على نطاق واسع لنمذجة توزيع الأنواع ونموها.

جدير بالذكر، ان التحولات في المناطق المناخية التي توقعها ديرماير وزملاؤه ليست سوى طيف من الاحتمالات، لأن محاكاة فيزياء بعض المتغيرات المناخية مثل هطول الأمطار يصعب القيام بها أكثر من غيرها، مثل درجة الحرارة. كما أنها تغطي فقط الكتل الأرضية، تاركة محيطات الأرض؛ التي دخلت أراضي مجهولة خاصة بها والقارة القطبية الجنوبية (بسبب الثغرات في البيانات). لكن ما هو واضح هو «أنه إذا لم نتحرك قريبًا لخفض الانبعاثات، فستستمر معدلات الاحتباس الحراري في التسارع مع مرور العقود؛ ما يشير إلى أن الأنواع المعرضة للخطر والممارسات الزراعية قد يكون لديها وقت أقل للتكيف مع التغيرات في المناخ»، وفق ما يحذر الباحثون بناءً على تحليلهم؛ متوقعين أن تتوسع المناخات المدارية، من 23 في المائة إلى 25 في المائة من كتلة اليابسة، بحلول عام 2100. وبالمثل، من المتوقع أن يصبح المزيد من سطح الأرض جافًا بنسبة تصل إلى 34 في المائة تقريبًا من 31 في المائة حاليًا.

وفي هذا الاطار، تظهر دراسات أخرى أن هذه الأنواع من التغييرات يمكن أن تهز أنظمة إنتاج الغذاء وتدفع الأمراض التي ينقلها البعوض إلى مناطق جديدة.

كما وجدت الدراسة أنه من المتوقع حدوث تحولات أكبر نحو المناخات الجديدة في المناطق المناخية الباردة في أوروبا وأميركا الشمالية. إذ يمكن أن ينزلق ما يصل إلى 89 في المائة من أوروبا وما يقرب من 66 في المائة من أميركا الشمالية إلى منطقة مناخية مختلفة بحلول عام 2100. حيث سيظل الأشخاص الذين يعيشون في مناطق أخرى مثل أفريقيا يشعرون بحرارة تغير المناخ (فقط داخل حدود منطقتهم المناخية الحالية). وفي شكل أحداث مناخية قاسية؛ إلى حد بعيد، سيكون التغيير الأكثر دراماتيكية في المنطقة القطبية التي غطت ما يقرب من 8 في المائة من مساحة اليابسة على كوكبنا بين عامي 1901 و 1930؛ فقد تقلصت بالفعل إلى 6.5 في المائة مع أقل بقليل من 1.2 درجة مئوية (2.2 درجة فهرنهايت) من العالم؛ حيث شهد ارتفاع درجة حرارة الأرض حتى الآن. وهذا من بين أكثر نتائج الدراسة تناقضًا، والتي توضح مدى تغير كوكبنا بالفعل، وفق ديرماير وزملاؤه، الذين خلصوا الى القول «منذ بداية القرن العشرين، شهدت الأرض بالفعل تغييرا بـ 14.77 في المائة من مساحة أراضيها على مستوى تصنيف مناخها، مع ملاحظة أكثر التغيرات شمولاً في أميركا الشمالية وأوروبا وأوقيانوسيا. حيث تعتمد هذه النتيجة على التقديرات السابقة التي تم استخلاصها عام 2015 باستخدام النماذج المناخية المتاحة في ذلك الوقت؛ والتي وجدت أنه بحلول عام 2010 تحول حوالى 5.7 في المائة من إجمالي مساحة اليابسة إلى أنواع مناخية أكثر دفئًا وجفافًا، مقارنةً بعام 1950. ومرة أخرى، يظهر فقط أنه بأي طريقة نقوم بها فإن كوكبنا يتغير بسرعة؛ لكن لم يفت الأوان بعد لإنقاذه».

«كوكبنا يتغير بسرعة لكن لم يفت الأوان بعد لإنقاذه»

بول ديرماير عالم المناخ بجامعة فيرجينيا


مقالات ذات صلة

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

الاقتصاد الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

بعد أسبوعين من النقاشات الحامية، انتهى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية (كوب 29)، باتفاق على مضاعفة التمويل المتاح لمساعدة الاقتصادات النامية.

«الشرق الأوسط» (باكو)
يوميات الشرق عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

حذر علماء من أن الأنشطة المنزلية اليومية مثل طي الملابس والجلوس على الأريكة قد تنبعث منها سحب من البلاستيك الدقيق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)
تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)
تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير، وفق صحيفة «لوموند» الفرنسية.

كيف تتكون الأعاصير؟

تتشكل الأعاصير فوق المحيط عندما تكون درجة حرارة الماء مرتفعة للغاية - فوق 26 درجة على عمق لا يقل عن 50 متراً. وهذا يسبب تبخراً شديداً، وبالتالي نقل الرطوبة من المحيط إلى الغلاف الجوي. وتكون نتيجة ذلك تشكُّل السحب العاصفة التي تتجمع معاً، وتدور معاً، وتكتسب القوة أثناء تحركها.

تحدث هذه الظواهر بشكل رئيسي بين مايو (أيار) وأكتوبر (تشرين الأول)، حول خط الاستواء.

يتم الحديث عن إعصار عندما تتجاوز سرعة الرياح 119 كم/ساعة، وعن عاصفة استوائية إذا كانت الرياح أقل عنفاً.

لماذا يصبح الإعصار أكثر شدة؟

بما أن المحيط أكثر دفئاً، فإنه يطلق المزيد من بخار الماء؛ مما يوفر طاقة إضافية للأعاصير. فالجو الأكثر دفئاً يحمل المزيد من الماء؛ مما يسبب هطول أمطار غزيرة. ويمكن أن يؤدي أيضاً إلى رياح أقوى. ومع ارتفاع حرارة المحيطات، نتيجة تغيّر المناخ، أصبحت هذه الظواهر تتمتع بمخزون أكبر من الطاقة المتاحة. وتنتج أحياناً بعنف شديد، على شكل رياح أو أمطار.

وليس من المؤكد أن ارتفاع درجة الحرارة يزيد من عدد الأعاصير، وفق «لوموند».

والأمر الواضح هو أن الأعاصير أصبحت أكثر شدة، مع المزيد من الدمار - كما حصل في الإعصارين القويين المتتاليين اللذين ضربا الولايات المتحدة في أكتوبر الحالي.

وفقاً لدراسة نُشرت بعد وقت قصير من ضرب إعصار «ميلتون» فلوريدا، كانت الأمطار أقوى بنسبة 20 في المائة إلى 30 في المائة بسبب تغيّر المناخ، وكانت الرياح أكثر شدة بنسبة 10 في المائة. وبشكل أكثر عمومية، وفقاً لمايكل مان، عالم المناخ، فإن «القدرات التدميرية للأعاصير ازدادت بنحو 40 في المائة بسبب ارتفاع درجات الحرارة الذي حدث بالفعل».