حاجة العالم إلى المُنظّرين الجيوسياسيّين!

لقطة من لقاء الرئيسين شي وجو بايدن في سان فرنسيسكو (أرشيفية - رويترز)
لقطة من لقاء الرئيسين شي وجو بايدن في سان فرنسيسكو (أرشيفية - رويترز)
TT

حاجة العالم إلى المُنظّرين الجيوسياسيّين!

لقطة من لقاء الرئيسين شي وجو بايدن في سان فرنسيسكو (أرشيفية - رويترز)
لقطة من لقاء الرئيسين شي وجو بايدن في سان فرنسيسكو (أرشيفية - رويترز)

إذا كانت الخريطة تُبسّط تعقيدات الجغرافيا، الطوبوغرافيا كما الديموغرافيا. فهي حتماً تُبسّط عملية اتخاذ القرار لبدء الحرب. تُحاكي الخريطة نرجسيّة القائد العسكريّ وتُعزّزها. تقول الخريطة للقائد ما يُحب أن يسمعه ويراه، وليس ما يجب عليه أن يعرف ويعي.

هكذا هي حال المُنظّرين الجيوسياسيّين والاستراتيجيّين. فهم ينطلقون من تجارب التاريخ، وعلاقة الصراعات والحروب بالجغرافيا وثوابتها. فقراءة التاريخ بالنسبة لهم هي أمر حيويّ، شرط أن يُربط بالتحوّلات الاجتماعية كما التطوّر التكنولوجيّ، خاصة وأن التكنولوجيا، والتي هي من صنع الإنسان، تساعد كثيراً على تبسيط تعقيدات الصراعات والحروب. يرى المُنظّر الجيوسياسيّ صراعات العالم وحروبها بعين ثاقبة. لكنه ينظر من فوق من المستوى المُجرّد (Abstract)، الأمر الذي يتجاوز ويُهمل فعلاً التعقيدات الطبيعية لجدليّة العلاقات والترابط بين أمور الحياة بشكل عام، وخاصة في الحرب. ألا ننظر للحياة بالعين المُجّردة، لكننا نعيشها بالتفاصيل؟ ألم يقُل المفكّر البروسي كارل فون كلوزفيتز، إن كل شيء في الحرب سهل، لكن أسهل شيء هو مُعقّد جداً؟

يقرأ المُفكّر الجيوسياسيّ التاريخ بنهم. هكذا فعل القادة والسياسييّن الكبار. حمل الإسكندر الكبير إلياذة هوميروس أثناء حملاته العسكريّة. وتتلمذ على يد فيلسوف العقل أرسطو، فهزم الامبراطوريّة الفارسيّة، وبنى أسرع إمبراطورية في التاريخ خلال 11 سنة فقط، وهو لم يتجاوز سن الثلاثين عاماً.

قرأت الملكة إليزابيث الأولى شيشرون. لكنها هزمت الأسطول الإسبانيّ الأرمادا، لتصبح بعدها بريطانيا أعتى قوّة بحريّة في العالم، فلم تغب الشمس عن أراضيها.

قرأ الرئيس الأميركي جون آدامز حرب البيلوبونيز بين أثينا وإسبارطة، والتي أرّخها توسيديدس. لكن آدامز قرأ شكسبير وميغيل دو وسرفانتس لفهم الطبيعة البشريّة. هكذا كتب المفّكر الأميركيّ تشارلز هيل في كتابه الشهير «الاستراتيجيات الكبرى».

حسب هنري كيسنجر الراحل، كان الزعيم الصيني ماو تسي تونغ قارئاً من الدرجة الأولى. فهو كان مُحاطاً بالكتب ومن كلّ الاتجاهات وعلى طريقة الجاحظ الذي قضى عندما سقطت عليه مكتبته.

المنظّرون والصراعات الجيوسيّاسيّة

نظّر عالم الجغرافيا الإنجليزي هالفورد ماكندر، حول أهميّة السهل الأوراسيّ (Heartland). فمن يسيطر عليه، يسيطر على مصير العالم. ما أقلق ماكندر آنذاك، هو انتشار سكك الحديد وبالتحديد، الخطّ الروسيّ في سيبيريا.

ردّ عليه المفكّر الأميركي نيكولا سبايكمان، بأن من يسيطر على منطقة الريملاند، أي الشواطئ التي تلامس منطقة الهارتلاند، هو الذي يسيطر على مصير العالم. وبالفعل، اعتمدت الولايات المتحدة الأميركيَة استراتيجيّة الاحتواء للاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة عبر السيطرة على منطقة الريملاند.

نظّر مستشار الأمن القومي الراحل، زبيغنيو بريجنسكي، حول إغراق الاتحاد السوفياتيّ في أفغانستان بهدف استنزافه، وذلك عقب اجتياحه لهذه الأخيرة العام 1979. سقط الاتحاد السوفياتي بعدها، كما أنتجت الحرب الأفغانيّة تنظيم «القاعدة» لاحقاً؛ الأمر الذي أدّى إلى 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

نظّر مستشار الأمني القومي الأميركي الراحل هنري كيسنجر حول تقسيم العالم الشيوعيّ، وذلك بفك الارتباط الصيني مع الاتحاد السوفياتيّ. نجح كيسنجر في مخطّطه، لكنه أيقظ في الوقت نفسه التنين النائم، والذي يهزّ العالم حالياً. ألم يقل نابليون العظيم: «عندما تستيقظ الصين سيهتز العالم».

نظّر رئيس الصين الحالي حول مشروعه الكونيّ والمتمثّل بمبادرة الحزام والطريق. والهدف هو حتماً تموضع الصين كمركز ثقل العالم. في الوقت نفسه، نظّر مفكّرو الجيش الصيني، ولهزيمة أميركا، في الاعتماد على الاستراتيجيّة العسكريّة تحت شعار: «حول اعتماد استراتيجيّة الحرب دون حدود وتقييدات»، (Unrestricted Warfare).

نظّر المفكّر الأميركي فرنسيس فوكوياما حول نهاية التاريخ، وانتصار الفكر الليبرالي، وذلك عقب سقوط الاتحاد السوفياتيّ. لكن نهاية التاريخ تعني توقّف جدلية الصراع التاريخيّة، وهذا أمر غير ممكن.

بعد سقوط الاتحاد السوفياتيّ، شهدت فترة التسعينات ظاهرة العولمة الكونيّة غير المحدودة (Total Globalization). لكن التاريخ استيقظ، واستردّ طبيعته الجدليّة. فعادت القوميّات، وبدأ الصراع الكوني من جديد بعد سقوط ظاهرة الأحاديّة. وبذلك، استمرّت العولمة، لكن تحت مسمّيات جديدة: «العولمة المُقيّدة».

في الختام، يعيش العالم اليوم حالة كلوستروفوبيا. فالأمكنة ضيّقة. وحريّة الحركة للقوى العظمى لم تعد كما كانت. فكيف، وأين ستكون الصدامات؟ ومن يفكّر ويُنظّر لعالم اليوم في ظلّ توفّر المعلومة لمن يشاء؟ وإذا أدخلنا مقولة رينيه ديكارت والتي تقول: «أنا أفكّر، إذن أنا موجود»، إلى عالم بدأ الذكاء الاصطناعيّ يأخذ مكاناً مهمّاً فيه لمنافسة الإنسان. وإذا كان الذكاء الاصطناعيّ هو الذي يُفكّر حالياً، فهو إذن موجود. وإذا كان موجوداً، فأين موقعي أنا كإنسان؟



إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)
إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)
TT

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)
إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مقترحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون 16 عاماً، وتغريم المنصات بما يصل إلى 49.5 مليون دولار أسترالي (32 مليون دولار) بسبب الخروقات النظامية.

وطرحت الحكومة الأسترالية المنتمية ليسار الوسط مشروع القانون في البرلمان، أمس (الخميس)، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وتخطط الحكومة لتجربة نظام للتحقق من العمر للسماح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في أحد أكثر الضوابط صرامة تفرضها دولة حتى الآن.

وقال ماسك، الذي يُعدّ نفسه مدافعاً عن حرية التعبير، رداً على منشور رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي على منصة «إكس»: «تبدو كأنها وسيلة غير مباشرة للتحكم في اتصال جميع الأستراليين بالإنترنت».

وتعهَّدت عدة دول بالفعل بالحد من استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي من خلال تشريعات، لكن سياسة أستراليا واحدة من أكثر السياسات صرامة، ولا تشمل استثناء بالحصول على موافقة الوالدين أو باستخدام حسابات موجودة سلفاً.

واصطدم ماسك سابقاً مع الحكومة الأسترالية بشأن سياساتها الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي ووصفها بأنها «فاشية» بسبب قانون المعلومات المضللة.