من هو جوليان أسانج؟ وماذا سيحدث إذا سلمته بريطانيا إلى الولايات المتحدة؟

بعد 12 عاماً من لجوئه إلى سفارة الإكوادور في لندن... هذه محاولته الأخيرة للاستئناف ضد ترحيله

جوليان أسانج مؤسس موقع «ويكيليكس» (أ.ب)
جوليان أسانج مؤسس موقع «ويكيليكس» (أ.ب)
TT

من هو جوليان أسانج؟ وماذا سيحدث إذا سلمته بريطانيا إلى الولايات المتحدة؟

جوليان أسانج مؤسس موقع «ويكيليكس» (أ.ب)
جوليان أسانج مؤسس موقع «ويكيليكس» (أ.ب)

يترقب جوليان أسانج هذا الأسبوع، الفرصة الأخيرة لمنع المسؤولين البريطانيين من تسليمه إلى الولايات المتحدة.

لقد مرّ ما يقرب من 12 عاماً منذ أن دخل مؤسس «ويكيليكس»، البالغ من العمر الآن 52 عاماً، إلى سفارة الإكوادور في لندن لتجنب الاعتقال، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

وخلال اليومين المقبلين، ستستمع المحكمة العليا إلى استئنافه الأخير ضد إرساله إلى الولايات المتحدة، حيث يواجه اتهامات بمساعدة المحللة العسكرية السابقة تشيلسي مانينغ، في سرقة ملفات استخباراتية سرية للغاية نشرها موقع «ويكيليكس» على الإنترنت.

وتقول زوجة أسانج إنه «سيموت» إذا تم تسليمه. كما وعد فريقه القانوني بتقديم استئناف نهائي أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إذا فشلت محاولته هذا الأسبوع.

ستيلا أسانج زوجة مؤسس «ويكيليكس» (أ.ف.ب)

من هو جوليان أسانج؟

أسانج هو ناشط وصحافي ومبرمج أسترالي، أسس موقع «ويكيليكس» الشهير.

ولد أسانج عام 1971 في كوينزلاند، بأستراليا. من خلال ممارسة ما سماه «الصحافة العلمية» - أي توفير المواد الأولية مع الحد الأدنى من التعليقات التحريرية - أصدر أسانج، من خلال «ويكيليكس»، آلاف الوثائق الداخلية أو السرية من مجموعة متنوعة من الكيانات الحكومية والشركات.

اكتسب أسانج سمعة طيبة في برمجة الكومبيوتر عندما كان مراهقاً. وفي عام 1995، تم تغريمه بتهمة جرائم القرصنة في محكمة ببلده الأصلي، أستراليا، ولم يتجنب عقوبة السجن إلا لأنه وعد بعدم القيام بذلك مرة أخرى.

وفي عام 2006، أسس موقع «ويكيليكس» الذي نشر كثيراً من الوثائق، بما في ذلك التقارير الرسمية السرية أو المقيدة المتعلقة بالحرب والتجسس والفساد.

جوليان أسانج يلوح بيده من نافذة سيارة أثناء إخراجه من محكمة في لندن (أ.ف.ب)

ماذا فعل موقع «ويكيليكس» بالضبط؟

في عامي 2010 و2011، نشر الموقع مئات الآلاف من الوثائق العسكرية والدبلوماسية الأميركية حول الحربين في العراق وأفغانستان.

وقد تم وصف العملية مراراً وتكراراً، بأنها «واحدة من كبرى عمليات تسريب المعلومات السرية في تاريخ الولايات المتحدة».

يقول المدعون العامون والسياسيون ومجتمع الاستخبارات إن الكشف عن المعلومات يعرض حياة العملاء العاملين في هذا المجال للخطر، لكن مؤيدي «ويكيليكس» يزعمون أنه ساعد في كشف المخالفات المزعومة من قبل الولايات المتحدة.

وجاءت الوثائق المسربة من تشيلسي مانينغ، التي كانت تعمل محللة للجيش الأميركي بالعراق في ذلك الوقت.

كانت تُعرف آنذاك باسم الجندية برادلي مانينغ، لكنها تُعرف الآن بأنها امرأة انتقلت إلى السجن.

وبحسب لائحة الاتهام، فإن مانينغ «قامت بتنزيل 4 قواعد بيانات شبه كاملة من الإدارات والوكالات الأميركية، تضمن ذلك ما يقرب من 90 ألف تقرير عن الأنشطة المهامة المتعلقة بالحرب الأفغانية، و400 ألف تقرير عن الأنشطة المهمة المتعلقة بحرب العراق، و800 ملخص تقييم لمعتقلي خليج غوانتانامو، و250 ألف برقية لوزارة الخارجية الأميركية».

ومن بين 750 ألف وثيقة نشرتها «ويكيليكس»، كان هناك مقطع فيديو من عام 2007 يظهر مروحية أميركية تطلق النار على مجموعة من المدنيين في بغداد. وأدى الهجوم إلى مقتل 12 شخصاً، من بينهم طفلان مصابان ومصوران من وكالة «رويترز».

وفقًا للائحة الاتهام، في نحو 7 مارس (آذار) 2010، ناقش أسانج ومانينغ أهمية ملخصات تقييم معتقلي غوانتانامو.

ويقول ممثلو الادعاء إن لديهم وثائق قضائية تثبت أن مانينغ قالت إنها «ترمي كل ما لديها - فيما يرتبط بخليج غوانتانامو، على أسانج الآن».

وتقول الصحف إنها أخبرت أسانج لاحقاً: «بعد هذا التحميل، هذا كل ما تبقى لي حقاً»، فأجاب أسانج: «العيون الفضولية لا تجف أبداً في تجربتي».

تشيلسي مانينغ كانت تعمل محللة للجيش الأميركي في العراق (رويترز)

في اليوم التالي، تزعم لائحة الاتهام أن أسانج «وافق على مساعدة مانينغ في كسر كلمة المرور المخزنة على أجهزة الكومبيوتر التابعة لوزارة الدفاع الأميركية... والمتصلة ببروتوكول الإنترنت السري».

وجاء في لائحة الاتهام: «كانت مانينغ قادرة على تسجيل الدخول إلى أجهزة الكومبيوتر تحت اسم مستخدم لا يخصها»، مضيفة أن أسانج قدّم برنامجاً خاصاً لاختراق النظام.

وخلصت لائحة الاتهام إلى أن «مانينغ استخدمت بعد ذلك جهاز الكومبيوتر لتنزيل كل ما نشرته (ويكيليكس) لاحقاً»، في الفترة ما بين 28 مارس (آذار) و9 أبريل (نيسان).

وألقي القبض على مانينغ وحوكمت أمام محكمة عسكرية، وأُدينت لاحقاً بجرائم تجسس مختلفة في عام 2013، وحُكم عليها بالسجن لمدة 35 عاماً.

وقبل أيام من مغادرته منصبه في عام 2017، خفف الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عقوبتها وأُطلق سراحها. لكنها سُجنت مرة أخرى في عام 2019 بعد رفضها الإدلاء بشهادتها في تحقيق هيئة المحلفين الكبرى بشأن «ويكيليكس»، وتورطها في الانتخابات الأميركية عام 2016.

وقال مسؤولون أميركيون إنه كان هناك تدخل روسي في التصويت، لكن لم يتم توجيه اتهامات لأسانج مطلقاً فيما يتعلق بهذا الادعاء.

ونشر موقع «ويكيليكس» رسائل بريد إلكتروني تم اختراقها من حملة هيلاري كلينتون الرئاسية، مما أدى إلى قيام الديمقراطيين بمقاضاة الموقع، إلى جانب الدولة الروسية، وفريق حملة دونالد ترمب لعام 2016.

جوليان أسانج يظهر وهو يضع جهازاً على كاحله في المنزل الذي طُلب منه الإقامة فيه بالقرب من بونغاي بإنجلترا عام 2011 (أ.ب)

ما التهم الموجهة لأسانج؟ وماذا يحدث حال ترحيله؟

عندما أُلقي القبض على أسانج داخل سفارة الإكوادور في مايو (أيار) 2019، تم الكشف عن لائحة الاتهام الأميركية ضده، وأُعلن عن تهمة واحدة هي «التآمر لارتكاب اختراق الكومبيوتر».

تم توسيع ذلك في وقت لاحق ليشمل 17 تهمة جديدة بموجب قانون التجسس الأميركي، بما في ذلك التآمر للحصول على معلومات الدفاع الوطني والكشف عنها، والتآمر لارتكاب عمليات خرق للكومبيوتر، والحصول على معلومات الدفاع الوطني، والكشف عن معلومات الدفاع الوطني.

صدرت لائحة الاتهام عن المنطقة الشرقية من ولاية فرجينيا، وستعني حكماً إجمالياً بالسجن لمدة 170 عاماً، إذا ثبتت إدانته بجميع التهم.

وفي يونيو (حزيران) 2020، قضت هيئة محلفين كبرى في الولايات المتحدة بـ«توسيع نطاق» عمليات خرق أسانج للكومبيوتر المزعومة لتشمل مزاعم بأنه عمل مع قراصنة للمساعدة في الحصول بشكل غير قانوني على معلومات لموقع «ويكيليكس».

لافتة مرفوعة بينما يقف أنصار مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانج خارج المحكمة العليا في لندن (رويترز)

كيف تجنب تسليمه حتى الآن؟

يعود تاريخ اللجوء السياسي الذي حصل عليه أسانج للندن، إلى مذكرة اعتقال سويدية صدرت عام 2010 بتهم الاغتصاب المزعومة.

ولجأ إلى السفارة بعد فشله في استئناف تسليمه إلى السويد، خوفاً من أن تكون الولايات المتحدة تخطط لتوجيه اتهامات ضده، ومن احتمال إرساله إلى هناك بعد قضاء عقوبة في الدولة الإسكندنافية.

وظل أسانج داخل السفارة لمدة 7 سنوات، وهي الفترة التي انتهت فيها القضية السويدية، لكن الولايات المتحدة بدأت في تجميع قضيتها الخاصة.

في نهاية المطاف، اتهمت وزارة الخارجية الإكوادور بمنع المسار الصحيح للعدالة، وسحبت الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية عرض اللجوء الخاص بها، مما مهد الطريق لإخراج أسانج من السفارة واعتقاله في عام 2019.

منذ ذلك الحين، تم احتجازه في سجن بيلمارش شديد الحراسة بجنوب لندن.

ناشطون يحملون لافتات خارج محكمة وستمنستر في لندن عام 2022 تطالب بالإفراج عن مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانج (أ.ف.ب)

وفي يناير (كانون الثاني) 2021، حكم أحد القضاة بأنه لا يمكن تسليمه بسبب خطر الانتحار في أحد السجون الأميركية. لكن القرار ألغي في وقت لاحق، بعد أن قدمت الولايات المتحدة ضمانات إضافية.

وهذا الأسبوع تجري المرحلة الأخيرة من عملية الاستئناف في المملكة المتحدة.

وقبيل جلسة الاستماع، قالت زوجته ستيلا أسانج، التي تزوجها أثناء وجوده ببيلمارش في مارس (آذار) 2022: «صحته تتدهور جسدياً وعقلياً. حياته معرضة للخطر في كل يوم يقضيه في السجن، وإذا تم تسليمه فسوف يموت».

وحاولت أستراليا التدخل في القضية، لكن دون جدوى حتى الآن.


مقالات ذات صلة

فضيحة «التنصت السياسي» تُدوي في العراق

المشرق العربي زعيمان في «الإطار التنسيقي» من ضحايا شبكة التنصت (إعلام حكومي)

فضيحة «التنصت السياسي» تُدوي في العراق

قالت مصادر متقاطعة إن التحقيقات العراقية في شبكة التنصت توصلت إلى «مجموعة كبيرة من الضحايا السياسيين»، بينهم زعيمان بارزان بـ«الإطار التنسيقي».

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية عامل في الدفاع المدني اللبناني يحاول إخماد النيران في مبنى أصابته غارة لطائرة مسيرة إسرائيلية في قرية شبعا الحدودية جنوب لبنان في 18 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

تقرير: حرب الاستخبارات في قلب المواجهة بين إسرائيل و«حزب الله»

تلعب حرب الاستخبارات دوراً كبيراً في المواجهة بين إسرائيل و«حزب الله»، ويزداد الحديث عنها بعد الاغتيالات الأخيرة التي نفّذتها إسرائيل ضد قادة من «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا العاصمة البولندية وارسو (أ.ف.ب)

بولندا توجّه اتهامات بالتجسس لأحد المُفرج عنهم في تبادل السجناء مع روسيا

أعلنت بولندا، اليوم (الأربعاء)، أن النيابة وجّهت تهمة التجسس لرجل روسي المولد، أُفرج عنه في إطار صفقة تبادل سجناء بين موسكو والغرب.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
شؤون إقليمية عناصر من الشرطة التركية تقتاد منفذ هجوم حديقة مسجد إسكي شهير إلى التحقيقات (إكس)

مخابرات تركيا تضبط خلية سيبرانية باعت معلومات لتنظيمات إرهابية

أعلنت المخابرات التركية عن تفكيك خلية تجسس سيبراني مؤلفة من 11 شخصاً استولت على بيانات شخصية لآلاف الأشخاص في تركيا وكثير من دول العالم، والقبض على أعضائها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جانب من العاصمة الروسية موسكو (أرشيفية - رويترز)

روسيا تحكم على أوكرانيين بتهمتي «الإرهاب والتجسس»

أصدرت محكمتان في روسيا والأراضي التي تحتلها موسكو في أوكرانيا، الخميس، حكمين بالسجن مدة طويلة بحق أوكرانيين اثنين لإدانتهما بـ«الإرهاب» و«التجسس» لصالح كييف.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

قادة جزر المحيط الهادئ يحذفون الإشارة إلى تايوان من بيانهم بعد شكوى الصين

جانب من منتدى جزر المحيط الهادئ في 30 أغسطس 2024 في نوكوالوفا بتونغا (أ.ف.ب)
جانب من منتدى جزر المحيط الهادئ في 30 أغسطس 2024 في نوكوالوفا بتونغا (أ.ف.ب)
TT

قادة جزر المحيط الهادئ يحذفون الإشارة إلى تايوان من بيانهم بعد شكوى الصين

جانب من منتدى جزر المحيط الهادئ في 30 أغسطس 2024 في نوكوالوفا بتونغا (أ.ف.ب)
جانب من منتدى جزر المحيط الهادئ في 30 أغسطس 2024 في نوكوالوفا بتونغا (أ.ف.ب)

حذف منتدى جزر المحيط الهادئ الإشارة إلى تايوان من بيان صدر بعد اجتماع زعماء دول المنطقة السنوي بعد تلقي شكاوى من مبعوث الصين.

ونددت حكومة تايبيه بتصرفات الصين بوصفها «تدخلاً وقحاً»، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

ويضم التكتل المؤلف من 18 دولة، ثلاثة أعضاء تربطهم علاقات دبلوماسية مع تايوان و15 عضواً يعترفون بالصين، وهي مقرض رئيسي لمشروعات البنية التحتية الأساسية في دول جزر المحيط الهادئ حيث تسعى بكين إلى زيادة وجودها الأمني.

وتعتبر الصين أن تايوان إقليم تابع لها ليس له حق في إقامة علاقات مع الدول، وهو موقف ترفضه بشدة تايوان التي تتمتع بحكم ديمقراطي.

وتضمن بيان صدر أمس (الجمعة) على موقع المنتدى قسماً بعنوان: «العلاقات مع تايوان/جمهورية الصين»، وجاء فيه أن «القادة أكدوا قرار القادة لعام 1992 بشأن العلاقات مع تايوان/جمهورية الصين».

وتم حذف البيان من الموقع الإلكتروني في وقت لاحق مساء أمس بعد رد فعل غاضب من الصين، ونُشرت وثيقة جديدة صباح اليوم (السبت) مع حذف الإشارات إلى تايوان.

وعبّرت وزارة الخارجية التايوانية عن غضبها إزاء تصرفات الصين.

وقالت في بيان: «تندد تايوان بالتدخل الصيني الفظ وغير المعقول والسلوك غير العقلاني الذي يقوض السلام والاستقرار الإقليميين، وتدعو جميع الدول ذات التفكير المماثل إلى الانتباه عن كثب إلى تصرفات الصين». بيد أن الوزارة أشارت إلى أن البيان المشترك كما نُشر لا يقوض موقف تايوان من المنتدى ولا يمنعها من المشاركة به في المستقبل.

وبوصفها شريكاً في المنتدى منذ عام 1993، أرسلت تايوان تيان تشونغ كوانغ نائب وزير خارجيتها إلى تونغا لعقد لقاءات مع حلفائها الثلاثة في المحيط الهادئ بالاو وتوفالو وجزر مارشال.

وذكرت هيئة الإذاعة الأسترالية وصحيفة «نيكي» أن المبعوث الصيني الخاص إلى جزر المحيط الهادئ تشيان بو رد بغضب أمس (الجمعة)، قائلاً للصحافيين في تونغا إن الإشارة إلى تايوان في البيان «كانت بالتأكيد خطأ».

وأظهر موقع السفارة الصينية على الإنترنت أن تشيان مارس ضغوطاً الأسبوع الماضي من أجل استبعاد تايوان من الفعاليات الرسمية للمنتدى.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان في إفادة صحافية دورية في بكين أمس: «أي محاولة من سلطات تايوان لتعزيز شعورها بالوجود، من خلال حضور المنتدى، ليست سوى خداع للذات».