واشنطن تطعن في شرعية تصويت البرلمان السنغالي لتأجيل انتخابات الرئاسة

أشخاص يتفقدون شاحنة محترقة في ورشة لتصليح السيارات اشتعلت فيها النيران في داكار 6 فبراير 2024 (رويترز)
أشخاص يتفقدون شاحنة محترقة في ورشة لتصليح السيارات اشتعلت فيها النيران في داكار 6 فبراير 2024 (رويترز)
TT

واشنطن تطعن في شرعية تصويت البرلمان السنغالي لتأجيل انتخابات الرئاسة

أشخاص يتفقدون شاحنة محترقة في ورشة لتصليح السيارات اشتعلت فيها النيران في داكار 6 فبراير 2024 (رويترز)
أشخاص يتفقدون شاحنة محترقة في ورشة لتصليح السيارات اشتعلت فيها النيران في داكار 6 فبراير 2024 (رويترز)

عدّت الخارجية الأميركية أن التصويت لإرجاء موعد الانتخابات الرئاسية في السنغال إلى ديسمبر (كانون الأول) «لا يمكن أن يكون شرعياً»، بعدما أدخلت الخطوة الدولة غرب الأفريقية التي تنعم بالاستقرار عادة في أسوأ أزمة تشهدها منذ عقود، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويُعد رد الفعل الأميركي، الثلاثاء، الأهم حتى اللحظة، الذي يصدر عن واحدة من أبرز حلفاء السنغال الدوليين، بعدما أثار تأجيل الانتخابات المقررة في 25 فبراير (شباط) القلق في الداخل والخارج.

وصوّت النواب بالإجماع تقريباً لصالح تأجيل الانتخابات ليل الاثنين بعدما اقتحمت قوات الأمن المجلس وأخرجت بعض النواب المعارضين بالقوّة، وهو ما يعني بالتالي أنهم لم يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم.

وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، في بيان نشر الثلاثاء، إن «الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق حيال التحرّكات التي تم القيام بها لتأجيل انتخابات السنغال الرئاسية (التي كانت مقررة) في 25 فبراير، بما يتعارض مع تقليد السنغال الديمقراطي القوي».

وأضاف: «نشعر بالقلق خصوصاً من التقارير عن إخراج قوات الأمن بالقوّة نواباً عارضوا مشروع قانون لإرجاء الانتخابات، ما أدى إلى تصويت في الجمعية العامة لا يمكن عدّه شرعياً نظراً للظروف التي تم فيها».

يمهّد التصويت المثير للجدل الطريق للرئيس ماكي سال الذي كان من المفترض أن تنقضي مدة ولايته مطلع أبريل (نيسان) للبقاء في منصبه إلى حين تنصيب خلفه، على الأرجح عام 2025.

وأفادت المعارضة بأن البلاد احتجزت «رهينة» ونددت بالخطوة على اعتبارها «انقلاباً دستورياً».

وهذه المرة الأولى التي يتوجّه فيها الناخبون السنغاليون الذين كان من المقرر أن ينتخبوا خامس رئيس لهم في 25 فبراير إلى صناديق الاقتراع في موعد متأخر بنحو عشرة أشهر عن الموعد المحدد.

وقال ميلر إن «الولايات المتحدة تحض حكومة السنغال على المضي قدماً بانتخاباتها الرئاسية بما يتوافق مع الدستور والقوانين الانتخابية».

وأعلنت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، الثلاثاء، أنها «تشجّع» السنغال على إعادة الجدول الزمني للانتخابات بشكل عاجل إلى ما كان عليه، مضيفة أنها تتابع التطورات «بقلق».

يُنظر إلى السنغال عادة على أنها واحة للاستقرار في منطقة مضطربة ولم يسبق أن شهدت انقلاباً منذ نالت استقلالها عن فرنسا عام 1960.

ودعت الخارجية الأميركية الحكومة السنغالية أيضاً إلى احترام حرية التجمع والتعبير السلمي بما في ذلك للعاملين في مجال الإعلام.

قطعت السلطات الإنترنت عن الهواتف الذكية في داكار، الاثنين، مبررة الخطوة بانتشار «رسائل تحض على الكراهية والتخريب» على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعيد الخدمة صباح الأربعاء.


مقالات ذات صلة

بعد وفاة حاكمها منذ الاستقلال... ناميبيا تصوّت لاختيار رئيس جديد

أفريقيا الرئيس المؤقت نانجولو مبومبا يدلي بصوته (رويترز)

بعد وفاة حاكمها منذ الاستقلال... ناميبيا تصوّت لاختيار رئيس جديد

يتوجه قرابة مليون ونصف المليون ناخب في دولة ناميبيا إلى صناديق الاقتراع للتصويت على رئيس جديد للبلد الواقع في أقصى جنوب القارة الأفريقية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

قرر الاشتراكيون الديمقراطيون دعم أولاف شولتس رغم عدم تحسن حظوظ الحزب، الذي تظهر استطلاعات الرأي حصوله على نحو 15 في المائة فقط من نوايا التصويت.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.