تعمل وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) على جمع معلومات عن كبار قادة «حماس» وموقع الرهائن في غزة، وتقدم تلك المعلومات إلى إسرائيل خلال قيامها بعملياتها الحربية في القطاع، وفقاً لمسؤولين أميركيين، بحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز».
كشفت فرقة عمل جديدة تم تشكيلها في الأيام التي أعقبت الهجمات التي قادتها «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل، التي قُتل فيها 1200 شخص واحتُجز نحو 240 رهينة في غزة، عن معلومات عن كبار قادة «حماس»، وفقاً لمسؤولين أميركيين تحدثوا، بشرط عدم الكشف عن هويتهم؛ لمناقشة تقييمات استخباراتية حساسة.
وقال مسؤولون إنه بعد هجوم 7 أكتوبر مباشرة، أرسل جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، مذكرة إلى وكالات الاستخبارات ووزارة الدفاع يأمر فيها بتشكيل فرقة العمل، وتوجيه زيادة جمع المعلومات الاستخبارية عن قيادة «حماس».
ولم ينشئ تشكيل قوة العمل أي سلطات قانونية جديدة، لكن البيت الأبيض رفع أولوية جمع المعلومات الاستخبارية عن «حماس».
وليس من الواضح مدى أهمية هذه المعلومات بالنسبة لإسرائيل، على الرغم من أنه لم يتم القبض على أي من كبار قادة «حماس» أو قتلهم. ولا تقوم الولايات المتحدة بتزويد إسرائيل بمعلومات استخباراتية عن نشطاء «حماس» من المستوى المنخفض أو المتوسط.
وكانت إسرائيل قد قدّرت قبل السابع من أكتوبر أن عدد مقاتلي «حماس» يتراوح بين 20 و25 ألف مقاتل. وبحلول نهاية عام 2023، أبلغت إسرائيل المسؤولين الأميركيين أنهم يعتقدون بأنهم قتلوا ما يقرب من ثُلث تلك القوة.
ويعتقد بعض المسؤولين الأميركيين بأن استهداف أعضاء «حماس» ذوي المستوى المنخفض أمر مضلل؛ لأنه يمكن استبدالهم بسهولة، وبسبب المخاطر غير المبررة التي يتعرض لها المدنيون. وقالوا أيضاً إن حملة القصف العسكري الإسرائيلي، (التي أدت وفقاً لوزارة الصحة في غزة إلى مقتل نحو 23 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين)، يمكن أن ينجم عنها في نهاية المطاف تجديد مقاعد مقاتلي «حماس».
لكن القضاء على القيادة العسكرية الاستراتيجية لـ«حماس» أمر آخر. ستحقق إسرائيل نصراً كبيراً إذا قتلت أو أسرت يحيى السنوار، الذي يعتقد بأنه مهندس هجوم 7 أكتوبر، أو محمد ضيف، قائد الجناح العسكري للحركة. ومن المرجح أن يمنح مثل هذا النجاح العملياتي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مزيداً من الحرية مع الجمهور الإسرائيلي لإنهاء الحملة العسكرية في غزة، بحسب التقرير.
واستهداف السنوار لا يقتصر على مجرد العثور عليه. ويعتقد بأن السنوار يختبئ في أعمق جزء من شبكة الأنفاق تحت خان يونس في جنوب غزة، وفقاً لمسؤولين أميركيين. لكن يُعتقد أيضاً بأنه محاصر بالرهائن ويستخدمهم دروعاً بشرية، مما يعقّد إلى حد كبير العملية العسكرية للقبض عليه أو قتله.
وقال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة لم تقدم أي معلومات استخباراتية عن الغارة التي شنّتها إسرائيل في الثاني من يناير (كانون الثاني) على إحدى ضواحي بيروت، وأدت إلى مقتل صالح العاروري، نائب زعيم «حماس». واعتمدت تلك الغارة على معلومات جمعتها إسرائيل حول موقع العاروري.
كما كثّفت الولايات المتحدة عمليات جمع المعلومات عن «حماس» من خلال زيادة رحلات الطائرات دون طيار فوق غزة، وزادت من جهودها لاعتراض الاتصالات بين مسؤولي الحركة.
قبل هجوم 7 أكتوبر، كانت «حماس» تحظى بالأولوية من المستوى الرابع، مما يعني أنه تم تخصيص قليل من الموارد لجمع المعلومات الاستخبارية عن الجماعة. ومنذ ذلك الحين، قام مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، الذي يساعد في الإشراف على أولويات الاستخبارات، برفع «حماس» إلى المستوى الثاني من الأولوية، وفقاً لمسؤولين أميركيين. المستوى الأول، الذي تنفق عليه الغالبية العظمى من الموارد الاستخباراتية، مخصصٌ للأعداء الدوليين الذين يمكن أن يشكلوا تهديداً مباشراً أكثر للولايات المتحدة، بما في ذلك الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران.
ورفع مستوى الأولوية يوفر تمويلاً إضافياً لجمع المعلومات الاستخبارية، وعلى الأرجح يزيد من نطاق وحجم المعلومات التي تحصل عليها وكالة المخابرات المركزية، ويحاول استهداف «حماس» التي صنفتها الولايات المتحدة «منظمة إرهابية».
كما أدى التحول في الأولويات إلى تخصيص أموال جديدة لوكالة المخابرات المركزية لتطوير الموارد البشرية، بحسب مسؤولين حاليين وسابقين. ولكن مع صعوبة الوصول المادي إلى غزة والتواصل المنتظم معها، فإن تطوير مصادر جديدة سيستغرق بعض الوقت.
ويضغط الجيش الأميركي على إسرائيل لإعادة تنظيم حملتها العسكرية للتركيز على قتل أو اعتقال كبار القادة، بدلاً من الضربات الأوسع التي أدت إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين في غزة. وقد زار الجنرال مايكل إريك كوريلا، رئيس القيادة المركزية الأميركية، إسرائيل مرتين على الأقل منذ 7 أكتوبر، كما ذهب جنرالات أميركيون آخرون إلى إسرائيل؛ لتقديم المشورة للمسؤولين هناك لتبني خطة أكثر استهدافاً تركز على قتل كبار القادة.
قبل 7 أكتوبر، اعتمدت الولايات المتحدة بشكل عام على إسرائيل لجمع معظم المعلومات الاستخبارية عن «حماس»، وفقاً لمسؤولين أميركيين.
بالنسبة لإسرائيل، كانت «حماس» تشكل تهديداً أكثر أهمية بكثير، وبالتالي كانت أولوية استخباراتية قصوى. لكن هجوم 7 أكتوبر أظهر أن جمع المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية عن «حماس» يعاني من نقاط ضعف كبيرة.
ويعد تحديد موقع الرهائن، والحصول على معلومات حول حالتهم الجسدية والعقلية، من أولويات فرقة العمل الجديدة أيضاً.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، تم إطلاق سراح 109 رهائن، مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين ووقف القتال بفضل الوساطة الأميركية والقطرية والمصرية. ويعتقد بأن نحو 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة. وتأمل الولايات المتحدة وإسرائيل في تبادل آخر للرهائن، لكن «حماس» تصرُّ على أن أي إطلاق سراح آخر للرهائن سيتم فقط في إطار وقف دائم لإطلاق النار.