الحرب الأوكرانية تدفع «الناتو» للبحث عن حلّ لمشكلة المسيّرات

طائرات دون طيار إيرانية الصنع تظهر على شاحنة خلال عرض عسكري سنوي (أ.ب)
طائرات دون طيار إيرانية الصنع تظهر على شاحنة خلال عرض عسكري سنوي (أ.ب)
TT

الحرب الأوكرانية تدفع «الناتو» للبحث عن حلّ لمشكلة المسيّرات

طائرات دون طيار إيرانية الصنع تظهر على شاحنة خلال عرض عسكري سنوي (أ.ب)
طائرات دون طيار إيرانية الصنع تظهر على شاحنة خلال عرض عسكري سنوي (أ.ب)

لم تلبث أن حلّقت طائرة صغيرة دون طيار فوق حفرة، حتى أعقب ذلك انفجار ناتج عن إلقائها قذيفة على خندق أوكراني. تمّ عرض مقطع فيديو لذلك على شاشة عملاقة مخصّصة لجمع من الجنود من دول أوروبية عدة، ومسؤولين في حلف شمال الأطلسي وشركات دفاع، اجتمعوا هذا الأسبوع في «قاعدة فريديبيل» العسكرية في هولندا، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

يقول القائد السابق للقوات الجوية الهولندية وليام كويدام، الخبير لدى «الناتو» في الأنظمة المضادة للطائرات دون طيار (C-UAS)، إنّ هذه الطائرات المسيّرة «صغيرة وسريعة، وإيجاد وسيلة (للتصدي لها) مسألة معقّدة».

ولكن مثل هذا الحلّ المعقّد ليس مستحيلاً. فقد توجّهت 57 شركة على الأقل إلى فريديبيل لعرض منتجاتها التي من المفترض أن تكون قادرة على مواجهة جميع التهديدات تقريباً، بدءاً من الطائرات دون طيار المبيعة في الأسواق وصولاً إلى «شاهد 136» إيرانية الصنع التي يستخدمها الجيش الروسي في أوكرانيا.

وفي هذا الإطار، يقول لودفيغ فروهوف، رئيس شركة «دي دي تي إس» الألمانية المتخصّصة في الأنظمة المضادة للطائرات دون طيار، إنّ «أفضل طريقة لقتل (شاهد)، هي طائرة نفاثة (من دون طيار بالحجم ذاته)».

ويؤكد أنّ طائرته يمكنها أن تحلّق بسرعة تزيد على 500 كيلومتر في الساعة، بينما بالكاد يمكن أن تتجاوز سرعة طائرة «شاهد» 180 كيلومتراً في الساعة. كما يشير إلى أنّ تكلفتها أقل بكثير من تكلفة الصاروخ الذي تستخدمه وسائل الدفاع الكلاسيكية المضادة للطائرات.

ولكن التهديد يأتي أيضاً من مسيّرات أصغر بكثير. ويمكنها أن تقتل، كما يمكنها أن تتسبّب في أضرار جسيمة للبنية التحتية الأساسية، مثل محطات الطاقة الحرارية أو محطات الضخ، كما يوضح مات روبر، أحد مديري وكالة الاتصالات والمعلومات التابعة لحلف شمال الأطلسي (NCI)، التي تجمع خبراء في التكنولوجيا والأمن السيبراني في التحالف.

التقاط طائرة دون طيار بشبكة

غير أنّ أفضل طريقة لتحييد طائرة دون طيار لا تقتصر بالضرورة على تدميرها. ففي بعض الحالات، من الأفضل الاستيلاء عليها أو تحويل مسارها، إذا كان تدميرها سيعرّض القوات أو البنية التحتية للخطر.

ومن هذا المنطلق، قامت شركة ألمانية هي «أرغوس إنترسبشن (Argus Interception)»، بالتعاون مع آخرين، بتطوير نظام «للصيد الشبكي» لطائرة دون طيار معادية. ولكنّ ذلك يمكن أن يحصل بعد رصدها إما باستخدام الرادارات أو الكاميرات أو محطات مراقبة تردّد الاتصالات المستخدمة لتوجيه المسيّرات.

وفي هذا السياق، فإنّه بمجرّد تحديد موقع الطائرة الدخيلة، تُقلع طائرة اعتراضية دون طيار. ويتم توجيهها تلقائياً من المحطة الأرضية، لتقترب من مسيّرة العدو قبل إطلاق شبكة لاصطيادها. وبمجرد الاستيلاء عليها، يمكن نقلها إلى مكان آمن. ويقول رئيس شركة «أرغوس إنترسبشن» كريستيان سكونينغ: «إنها فعّالة بشكل خاص لحماية المطارات».

ولكن بالنسبة للكابتن إيونوت فلاد كوزموتا، من القوات الجوية الرومانية، فإنّ هذا ليس بالضرورة الحل للرد على تهديد الطائرات الروسية دون طيار.

عُثر على حطام طائرات دون طيار، مماثلة لتلك التي يستخدمها الجيش الروسي، مرّات عدة في الأسابيع الأخيرة في الأراضي الرومانية.

دخان أسود يتصاعد بعد غارات بطائرات دون طيار في مدينة لفيف غرب أوكرانيا (أ.ف.ب)

التشويش... وتعطيل الاتصالات

ومن ثم، تسعى بوخارست إلى ضمان حماية أفضل لأراضيها ضدّ الهجمات المحتملة بطائرات دون طيار. وبناء عليه، تابع كوزموتا عن كثب التدريبات واسعة النطاق التي جرت هذا الأسبوع في «قاعدة فريديبيل» الهولندية.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن بصدد تطوير قدراتنا المضادة للطائرات دون طيار، ونحن هنا لجمع المعلومات اللازمة». لذا، فإنّ «التشويش قد يكون حلاّ».

ولكن في هذا المجال، لا تتعلّق المسألة بالاستيلاء على الطائرة دون طيار، بل «التشويش عليها»؛ لأن هذا يؤدي إلى تعطيل الاتصالات مع مشغّلها، ثم تعود إلى قاعدتها تلقائياً؛ بسبب عدم وجود معلومات واضحة عن وجهتها.

والأفضل من ذلك، أنّ هناك تقنية أخرى تسمح بالتحكّم فيها وتوجيهها إلى حيث تريد.

ما زال من الضروري أن تتمكّن هذه الأنظمة جميعها من التواصل مع بعضها بعضاً. وقد سعى «الناتو» هذا الأسبوع إلى إيجاد معيار مشترك لذلك، الأمر الذي كان قد تمّ التوصّل إليه من خلال نظام «سابيينت (Sapient)»، الذي تم تطويره في بريطانيا.

وقال الجنرال الهولندي هانز فولمر، أحد كبار مسؤولي وكالة الاتصالات والمعلومات التابعة للناتو (NCI) للصحافة، إن هذا الأمر سيعود «بفوائد كبيرة» للحلف.

لم يكن هناك أيّ جنود أوكرانيين حاضرين هذا الأسبوع خلال هذه التدريبات الدفاعية ضد المسيّرات.

لكنّ «الناتو» يُجري «حواراً» مستمراً مع أوكرانيا بشأن هذه الموضوعات، حسبما يؤكد كلاوديو بالستيني، المستشار العلمي للحلف. ويقول إنّ الأوكرانيين «يبدعون باستمرار على أرض الواقع»، ممّا يجعل من السهل تحديد الاحتياجات.


مقالات ذات صلة

بوتين يُحذر الولايات المتحدة من نشر صواريخ بعيدة المدى في ألمانيا

أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (قناة الكرملين عبر «تلغرام»)

بوتين يُحذر الولايات المتحدة من نشر صواريخ بعيدة المدى في ألمانيا

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه إذا نشرت الولايات المتحدة صواريخ بعيدة المدى في ألمانيا، فإن روسيا ستنشر صواريخ في مناطق تُمكِّنها من الوصول إلى الغرب.

أوروبا سفينة تتبع حرس الحدود الفنلندي (صفحته على «فيسبوك»)

فنلندا تشتبه باختراق سفينة روسية مياهها الإقليمية

قالت فنلندا إنها تشتبه باختراق سفينة روسية مياهها الإقليمية، في خضم توترات متصاعدة بين البلدين الجارين على خلفية انضمام هلسنكي إلى حلف شمال الأطلسي.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
العالم كير ستارمر يصرّ على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة (أ. ف. ب)

رئيس وزراء بريطانيا: العالم لن يتغافل عن معاناة المدنيين في غزة

أصرّ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على ضرورة توقيع وقف فوري لإطلاق النار بغزة، وحذّر من أن «العالم لن يتغافل» عن المعاناة التي يواجهها «المدنيون الأبرياء».

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري صورة أرشيفية لترمب وستولتنبيرغ خلال قمة «الناتو» في واتفورد البريطانية ديسمبر 2019 (أ.ب)

تحليل إخباري ترمب وأوروبا: غموض حول مستقبل «الناتو»... و«سلام عادل» في أوكرانيا

يراقب قادة أوروبا الانتخابات الأميركية باهتمام كبير ممزوج بقدر من القلق، وسط مخاوف من تداعيات عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على حلف شمال الأطلسي.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا جنود في الجيش النرويجي (رويترز)

أوروبا تتجه للتجنيد الإجباري خوفاً من اتساع نطاق الحرب الروسية - الأوكرانية

تتجه الدول الأوروبية إلى التجنيد الإجباري مع ازدياد المخاوف من تحول الحرب الروسية على أوكرانيا إلى صراع أوسع يشمل عديداً من الدول الغربية الكبرى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
TT

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)

اتفقت دول مجموعة العشرين على العمل معاً لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء، لكن دون التوصل لاتفاق حول نظام ضريبي عالمي، وذلك وفقاً لإعلان تمّ تبنيه بعد اجتماع وزراء مالية دول المجموعة في ريو دي جانيرو.

وقال الإعلان الصادر عن البرازيل التي تتولى الرئاسة الدورية للمجموعة إنه «مع الاحترام الكامل للسيادة الضريبية، سنسعى إلى المشاركة متعاونين لضمان فرض ضرائب فعالة على صافي الثروات العالية للأفراد»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف الوزراء في إعلانهم أنّ «عدم المساواة في الثروة والدخل يقوّض النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي ويؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف الاجتماعية». ودعا الإعلان إلى «سياسات ضريبية فعّالة وعادلة وتصاعدية».

وقال وزير المالية البرازيلي فرناندو حداد إنّه «من المهمّ، من وجهة نظر أخلاقية، أن ترى أغنى عشرين دولة أنّ لدينا مشكلة تتمثّل في فرض ضرائب تصاعدية على الفقراء وليس على الأثرياء».

ورحّبت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الجمعة، بالإعلان الصادر عن مجموعة العشرين والمؤيّد «للعدالة المالية»، معتبرةً أنّه «جاء في الوقت المناسب ومرحّب به».

وقالت غورغييفا في بيان إنّ «الرؤية المشتركة لوزراء مجموعة العشرين بشأن الضرائب التصاعدية تأتي في الوقت المناسب وهي موضع ترحيب، لأنّ الحاجة إلى تجديد الاحتياطيات المالية مع تلبية الاحتياجات الاجتماعية والتنموية تنطوي على قرارات صعبة في العديد من البلدان». وأضافت أنّ «تعزيز العدالة الضريبية يساهم في القبول الاجتماعي لهذه القرارات».