هل يشبه «العشرون» الصيني نظيره السوفياتي؟

شي جينبينغ مفتتحاً المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني في بكين أمس (أ.ب)
شي جينبينغ مفتتحاً المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني في بكين أمس (أ.ب)
TT

هل يشبه «العشرون» الصيني نظيره السوفياتي؟

شي جينبينغ مفتتحاً المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني في بكين أمس (أ.ب)
شي جينبينغ مفتتحاً المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني في بكين أمس (أ.ب)

هل سيتذكر العالم المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، المنعقد حالياً في بكين، ويعتبره منعطفاً تاريخياً على غرار ما فعل مع المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي؟
للوهلة الأولى يبدو السؤال غريباً. بين المؤتمرين ما يزيد على ستة عقود تغير فيها العالم وتقلب أكثر من مرة. لكن الخيط الذي يربط بين الحدثين هو قصة الزعيم الأوحد الممسك بكل الصلاحيات والذي تترك قراراته بصماتها على مصير مواطنيه وبلاده والعالم.
حدث ذلك في فبراير (شباط) 1956. توافد أعضاء حزب لينين وكرادلته إلى قاعة المؤتمر العشرين ولم يخطر ببالهم أن الزعيم الحالي للحزب سيطلق زلزالاً يهز قناعاتهم. وعلى عادة الزعماء الشيوعيين، ألقى نيكيتا خروشوف خطاباً طويلاً حمل بين سطوره هجوماً حاداً على «عبادة الشخص» وديكتاتورية الزعيم الراحل جوزيف ستالين.

خروشوف مخاطباً المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي (أ.ف.ب)
انهال خروشوف بلا رحمة على جثة الزعيم الراحل الذي لم يجرؤ أحد على التشكيك في قراراته وقدسية نهجه يوم كان حياً. ولم يكن سهلاً على من صفقوا طويلاً لستالين وانحنوا أمام صوره وخافوا من وطأة أجهزته أن يعتادوا على تفكيك صورة البطل الذي دحر النازية وقاد عملية التصنيع. لكن حين يخسر زعيم مطلق سابق رصيده وهالته يخسر كل شيء ولا بد من طي صفحته.
ترددت في ذلك المؤتمر جملٌ قاومت النسيان وبينها ما يلفت إلى «العواقب الضارة لترقية رجل واحد إلى درجة أن يتولى صفات خارقة للطبيعة مشابهة لصفات الإله». ذهبت حملة تفكيك هالة ستالين أبعد من ذلك؟ تم توزيع وصية لينين والتي حذر فيها من «فظاظة» ستالين وكأنه يوصي بعدم تسليم المقاليد إلى الرجل الفظ. لكن الرياح سارت في اتجاه آخر فقد حكم ستالين وأقام طويلاً ممسكاً بكل الخيوط والمصائر.

جثة ستالين مسجاة في انتظار المودعين (غيتي)
على مدى عقود، تحولت صورة ستالين عبئاً على حزبه. وكان هناك بعد انهيار الاتحاد السوفياتي من يقترح طرد جثمانه من موسكو نفسها لإلقائه بعيداً. لكن الهجوم الحاد على ستالين تراخى بعدما صار القرار في يد فلاديمير بوتين الذي يحرص على قراءة التاريخ من زاوية الملاحم الوطنية وأولها معركة الدفاع عن ستالينغراد.
في المؤتمر العشرين الصيني، لا يواجه ماو تسي تونغ تهديداً من قماشة الذي واجهه ستالين. حزبه لا يزال حاكماً مكتفياً بتجميد العمل بوصفات كتابه الأحمر للحاق بركب التقدم الاقتصادي والتكنولوجي والتجاري. وعلى عكس خروشوف، لا يتطلع شي جينبينغ إلى التمثيل بجثة ماو، بل إلى حفظ هالته، طبعاً من دون أن يسمح له بإدارة البلاد من ضريحه.

صورة ماو أمام ضريحه في بكين (غيتي)
يمكن القول ان شي نجح في الولايتين الماضيتين في ترميم سيطرة الحزب على كل مناحي الحياة قاطعاً الطريق - ليس فقط على ولادة غورباتشوف صيني - بل أيضاً على تكرار تجربة دينغ هسياو بينغ الذي روّج للقادة الجماعية لتجنيب البلاد ولادة ماو آخر.
ترك المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي السوفياتي بصماته على سياسة روسيا في الخارج والداخل. وهذا ما يُتوقع أن يفعله المؤتمر العشرون الصيني خصوصاً حين يتوج شي جينبينغ لولاية ثالثة وعلى جدول أعماله إعادة تشكيل النظام الدولي، أي ما يفوق في أهميته مصير تايوان وكسب النزاعات في المحيط الآسيوي.



بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.